تمهيد

     

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، إلى قيام يوم الدّين.

وبعد..

فإن الحديث عن الأئمة، وعن حياتهم، ومواقفهم وممارساتهم ليس حديثاً عن أشخاص لهم ميزات وخصائص محدودة، ذات طابع فردي، تمتاز بها شخصية مّا على حد ما عرفناه وألفناه.

وإنما هو حديث عن الإسلام بشتى مجالاته، ومختلف أبعاده، وأروع خصائصه، وبكل ما فيه من شمولية، وأصالة وعمق.

إنه حديث عن الحياة بحلوها ومرها، وبكل ما لها من اتساع وامتداد، وغموض ووضوح. وهو أيضاً حديث عن هذا الكون المديد والهائل، وعن كل ما فيه من عجائب وغرائب، وآيات بينات.

حديث عن الدنيا والآخرة بآفاقهما الرحبة، وبجميع ما فيهما وكل ما لهما من ميزات، وسمات.

وإذن.. فليس بوسع أي باحث أو مؤرخ أن يستوعب حياتهم «عليهم الصلاة والسلام». ولا أن يعكس لنا الصورة الدقيقة والطافحة بكل النبضات الحية في شخصيتهم، وفي مواقفهم ومجمل سلوكهم، إلا إذا استطاع أن يدرك بعمق كل أسرار الحياة، وحقائق التكوين، ومرامي وأهداف حقائق الإسلام، ويقف على واقع تاثيراته في كل حياتهم، وفي كنه شخصياتهم، ومن ثم انعكاساته على كل المفردات، والحركات، والسلوك، والتعامل مع كل ما ومن يحيط بهم.

ولا نظن احداً يستطيع أن يدعي أنه قد بلغ هذا المستوى أو وُفِّق لمثل هذا المقام الرفيع، إلا إن كان واحداً منهم «عليهم السلام»، أو من نهل من نمير علمهم، وتربى في مدرستهم، وطبع كل حياته ووجوده بطابعهم فكراً وعلماً، وفضيلة وخلوصاً، وصفاءً، كسلمان الفارسي وأبي ذر، واضرابهما. وأين وأنّى لنا بأمثال هؤلاء، أو بمن هم دونهم بمراتب.

ولكن ذلك لا يعني أن نقف هكذا عاجزين، ولا أن نرتد خائبين، بل لابد من خوض غمار البحث، واقتحام هذا العباب الزاخر بالخير والبركات، والعبر والعظات، ليستفيد كل منا حسب ما تؤهله له قدراته، وتسمح له به إمكاناته، فإن ذلك نور على نور، وهو محض الخير الذي يؤهلنا لخير أوفى وأوفر وأكبر، ولبركات أعم وأتم وأكثر.

     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان