وإذ قد عرفنا: أن الحديث عن الأئمة «عليهم الصلاة والسلام» ليس تاريخاً لأشخاص، فيما نعرفه من مفردات التاريخ لهم.

وإنما هو تاريخ الرعاية الإلهية لهذا الإنسان، الذي أراد الله له أن تتجسد فيه كل آمال الأنبياء وجهودهم، على امتداد التاريخ البشري، فإنهم «عليهم السلام» هم النموذج الفذ للخلافة الإلهية على الأرض، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وما تحمله من مداليل.

نعم لقد تجسد في شخصيتهم الإنسان الإلهي الكامل الذي واجه الحياة، بالإرادة والعلم والوعي والحكمة، والحزم، وواجهته الحياة بكل ما تملك من سلبيات، وما تختزنه من مصاعب ومشكلات، وما انطوت عليه من مهالك، وآفات. فقهرتها إرادته، التي هي امتداد لإرادة الله سبحانه، واحبط مكرها وعيه، لأنه ينظر بعين الله، وانتصرت عليها حكمته، وأناف على جبروتها حزمه، لأن ذلك منه كان بتعليم الله وتسديده، وتوفيقه وتأييده.

ومن هنا.. فإنه يصبح من الوضوح بمكان حاجتنا إلى فهم حياة الأئمة «عليهم السلام» من خلال فهم الظروف، والأحوال التي ساهمت في فرض واقع معين، كان لابد لهم من أن يعايشوه، وأن يتعاملوا معه.

سواء في ذلك ما ربما يرى البعض أنه يقع في الدائرة الخاصة من حياتهم الشخصية «عليهم السلام» أو ما يفترض أنه الدائرة الأوسع من الحياة العامة في ظروف العمل السياسي والاجتماعي، والتربوي العام، وما يرتبط بذلك أو ينتهي إليه، بسبيل، أو بآخر.

وكل ما تقدم يدلل على حقيقة واحدة، ويؤكدها، وهي الصعوبة البالغة، وحجم المشاق التي لابد أن تواجه أي باحث يريد أن يفتح نافذة على الآفاق الرحبة في حياتهم صلوات الله وسلامه عليهم، ويؤرخ لها ولو في أبسط المستويات، مهما أراد أن يقتصد ويقتصر على الضروري من الشواهد والدلائل.

     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان