وإذا كان «عبد مناف» لقباً لحقه، فَعُرفَ به. واسمه
الحقيقي هو: المغيرة، لم يعد هناك إشكال حول إيمان أو عدم إيمان هؤلاء
الصفوة، ولم يعد مجال للقول: بأن التسمية بعبد مناف تشير إلى أن من سمى
ولده بهذا الاسم لم يكن موحداً، بل كان من عباد الأصنام، فقد قالوا: إن
«منافاً» صنم.. وبه سمّي عبد مناف([1]).
فإذا كبر صاحب هذا الإسم، ورضي باسمه، فإن ذلك أيضاً يشير إلى نفس هذا
الأمر، وهو: أنه لم يكن من أهل التوحيد..
ويمكن أن يجاب بما يلي:
أولاً:
قالوا: إنه سمي بذلك، لأنه أناف على الناس وعلا([2]).
قال الزبيدي: «جبل عالي المناف» أي مرتفع. قيل: ومنه عبد مناف.
نقله الزمخشري([3]).
فلا دليل على أن عبد مناف، وقد سمي بهذا الاسم، نسبة إلى ذلك الصنم.
ثانياً:
إن نفس النص المتقدم يشير إلى: أن اسم عبد مناف بن قصي هو لقب لحقه في
كبره، فقد أضاف الزبيدي قوله: «وبه سمي عبد مناف. وكانت أمه قد أخدمته
هذا الصنم..».
إلى أن قال: «واسم عبد مناف المغيرة»([4]).
وهذا يدل على: أن أباه لم يسمه بهذا الإسم.
ولعل المراد بأمه في كلام الزبيدي التي أخدمته
الصنم هي مرضعته، لأن أمه التي ولدته، يفترض أن تكون موحدة، ولا تقدِّس
الأصنام.
غير أننا نقول: إن مرضعته أيضاً لا تكون عابدة صنم.
وقد تقدم: أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «واسم عبد
مناف المغيرة. فغلب اللقب على الإسم»([5]).
([1])
تاج العروس ج6 ص263 وراجع: القاموس المحيط ج3 ص209 ومعجم
البلدان ج5 ص203 ومواهب الجليل للحطاب الرعيني ج3 ص224 وعمدة
الطالب لابن عنبة ص25 وبحار الأنوار ج15 ص124 وتفسير القمي ج2
ص448 والتفسير الأصفى ج2 ص1487 وج5 ص389 والتفسير الصافي ج7
ص576 ونور الثقلين ج5 ص699 والكامل في التاريخ ج2 ص18 والبداية
والنهاية ج2 ص312 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص187 وخزانة
الأدب للبغدادي ج7 ص213.
([2])
إثبات الوصية ص40 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج1 ص271 ومجمع
البحرين للطريحي ج4 ص393.
([3])
تاج العروس ج6 ص263 و (ط دار الفكر ـ سنة 1414هـ) ج12 ص517.
([4])
تاج العروس ج6 ص263 و (ط دار الفكر ـ سنة 1994م) ج12 ص515.
|