ولكن لماذا أودع علماؤنا أمثال هذه الروايات التي
لا تثبت أمام النقد في مصنفاتهم؟!
ونجيب بما يلي:
1 ـ إن
الأحاديث في أن النبي وأهل البيت «عليهم السلام» أنوار، متواترة من حيث
المعنى بلا ريب. ونحن نقرأ في الزيارة:
«أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، والأرحام
المطهرة. لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها»([1]).
وهو يدل على أن الحمل كان في الأرحام، لا في غيرها.
2 ـ
إن هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث السند، فإنها من رواية الحسين بن
حمدان، وهو من رؤساء الغلاة([2]).
لكن ذلك لا يعني كذب كل ما يرويه غير الثقة، ولا
يمكن نفي مضمونه بصورة قاطعة. ولكن لا يمكن أيضاً الحكم بثبوت المضمون
الذي يرويه غير الثقة استناداً إلى خصوص قوله.
والمضمون هنا وإن كان مما يمكن حصوله في نفسه،
رعاية لبعض المصالح.. لكن الدليل لا يكفي لإثبات هذا الحصول، بل
الشواهد والمؤيدات تشير إلى خلافه كما تقدم.
3 ـ
لعل المقصود بالحمل في الجنوب هو: أن الحمل لا يظهر على نسائهم «عليهم
السلام»، لأنه يتحرك إلى الجنب، في داخل الرحم، ولا يتحرك إلى مقدم
البطن، حتى لا يسبب ظهوره أي إحراج للأم الطاهرة أمام أولادها،
ومعارفها، فيكون هذا من صنع الله تعالى لها ولهم، كرامة منه، واحتفاءً،
وفضلاً، ولذلك خفي الحمل بالحجة «صلوات الله وسلامه عليه» على أعدائه،
لطفاً منه تعالى، وتأييداً وتسديداً..
4 ـ
ولو أغمضنا النظر عن كل ما ذكرناه، فلا بد أن نقول:
لو صح أن الولادة كانت من الفخذ الأيمن، ولم يكن من
زيادات الغلاة، فلا بد من رد علمه إلى أهله..
([1])
مصباح المتهجد للطوسي ص721 و 789 وتهذيب الأحكام للطوسي ج6
ص114 والمزار لابن المشهدي ص422 و 431 و 515 وإقبال الأعمال
لابن طاووس ج3 ص103 و 129 والمزار للشهيد الأول ص124 و 157 و
187 والمصباح للكفعمي ص490 و 502 وبحار الأنوار ج97 ص187 وج98
ص200 و 260 و 332 و 353 وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص430 واللهوف
في قتلى الطفوف لابن طاووس ص7.
([2])
وقد تحدثنا عن بعض ما يتصل بهذا الرجل في كتابنا «ربائب الرسول
«صلى الله عليه وآله».. قل: هاتوا برهانكم» فراجع.
|