حكيم بن حزام لم يولد في الكعبة:

وبعد جميع ما تقدم نقول:

قال السيد الحميري، المتوفى في سنة 173 ه‍:

ولـدتـه في حــرم الإلـــه وأَمنِـــهِ          والـبـيـت حـيـث فِنـاؤه والمسجدُ

بـيـضـاء طـاهـرة الثياب كـريمـة               طـابـت وطــاب وليـدهـا والمولد

في لـيـلـة غـابت نحوس نجومهـا        وبـدا مـع الـقـمـر المنـير الأسـعد

مـا لـف في خـرق الـقـوابل مثلــه             إلا ابــن آمـنـــة الـنـبـي محـمــد

ويقول عبد الباقي العمري:

أنـت الـعـلي الذى فوق العلى رُفعا          بـبـطن مكة وسط البيت إذ وُضعا

ولكن نفوس شانئي علي «عليه السلام» قد نفست عليه هذه الفضيلة التي اختصه الله بها، فحاولت تجاهل كل أقوال العلماء والمؤرخين، ورواة الحديث والأثر، والضرب بها عرض الجدار، حيث نجدهم يسعون ـ وبكل جرأة ولا مبالاة ـ ليثبتوا ذلك لرجل آخر غير علي «عليه السلام»، بل ويحاولون التشكيك في ما ثبت لعلي أيضاً، حتى لقد قال في كتاب النور:

«حكيم بن حزام ولد في جوف الكعبة، ولا يعرف ذلك لغيره. وأما ما روي من أن علياً ولد فيها فضعيف عند العلماء»([1]).

وقال المعتزلي: «كثير من الشيعة يزعمون: أنه ولد في الكعبة، والمحدّثون لا يعترفون بذلك، ويزعمون: أن المولود في الكعبة حكيم بن حزام»([2]).

ثم حاول الحلبي والدياربكري الجمع والصلح بين الفريقين، باحتمال ولادة كليهما فيها([3]).

ولكن كيف يصح هذا الجمع، ونحن نجد عدداً ممن قدمنا أسماءهم، وغيرهم ممن ذكرهم العلامة الأميني في كتاب الغدير، وغيره، يصرون على أنه لم يولد في جوف الكعبة سوى علي، لا قبله ولا بعده؟! وأن تلك فضيلة اختصه الله بها دون غيره من العالمين؟!

وكيف يقبل هذا الجمع بين الروايتين، ونحن نجد الحاكم يصرح بتواتر الأخبار في ولادة أمير المؤمنين «عليه السلام» في جوف الكعبة، وبأنه لم يولد فيها أحد سواه، ليدل بذلك على كذب ما يدعونه لغير علي «عليه السلام»؟!

فهل الحاكم بنظر المعتزلي جاهل بالحديث؟!

أم أنه يعده من الشيعة؟!

ومن أين لحديث ولادة حكيم بن حزام حتى خصوصية صحة سنده، فضلاً عن أن يكون متواتراً ومقطوعاً به؟!.


 

([1]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص139 و (ط دار المعرفة) ج1 ص227 وذكر ولادته فيها في: أسد الغابة ج2 ص40 والإصابة ج1 ص349 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص320.

([2]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص14.

([3]) تاريخ الخميس ج1 ص279 والسيرة الحلبية ج1 ص129.

 
     

فهــرس الكتــاب

     

موقع الميزان