علي
عليه السلام
فاتح بني النضير
:
وكان من الطبيعي:
أن
يكون لهذه الضربة تأثير كبير على معنويات بني النضير ، وأن يضج الرعب
في قلوبهم. فإن تصدي رجل واحد من المسلمين لعشرة منهم، ثم قتل العشرة
جميعاً، يؤذن بأن المسلمين قادرون على إبادتهم، واستئصال شأفتهم بسهولة
ويسر.
وإذا كان يمكن
اعتبار حرق الأشجار وقطعها تهديداً،
وممارسة لمستوى من الضغط، قد يتم التراجع عنه، حين يؤول الأمر إلى
مواجهة خيار سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، فإن هذا التراجع قد أصبح الآن
غير محتمل على الإطلاق، بعد أن باشر المسلمون عملاً
عسكرياً
بهذا المستوى، وبهذه الشدة والصلابة والتصميم.
ولقد باشر هذا
الأمر رجل هو أقرب الناس إلى رسول الله، وأعرفهم بنواياه وآرائه،
وأشدهم اتباعاً
له. رجل عرفوا بعض مواقفه المرعبة في بدر
، وفي
أحد.. وهو علي بن أبي طالب «عليه الصلاة والسلام».
إذاً..
وبعد
أن تخلى عنهم حلفاؤهم، ولم يفِ
لهم المنافقون بما وعدوهم به، فإنهم لم يبقَ
لهم إلا هذه الأحجار التي يختبئوون
خلفها كالفئران. ولكن إلى أي حد يمكن لهذه الحجارة أن تدفع عنهم، وكيف
وأنى لهم برد هجوم الجيش الإسلامي عنها حين يصمم على تدميرها؟!
فقد جاءهم ما لم يكن بالحسبان
،
﴿فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ
لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾([1])
و
«كان
ذلك سبب فتح حصون بني النضير XE "بنو
النضير"
»
كما تقدم في النص السابق.
هذا كله
بالنسبة لبني النضير ، وأما بالنسبة للمسلمين أنفسهم، فإن هذه الضربة
الموفقة لا بد أن تقوي من معنوياتهم، وقد حصنتهم من أن الضعف والوهن
لدى المواجهة الأولى مع عدو لا يرون سبيلاً
إليه، ما دام بالحصون المنيعة، بالإضافة إلى إعتقاد الكثيرين أن لديه
قدرات قتالية عالية.
ومما ذكرناه:
يتضح معنى العبارة المنقولة عن النبي «صلى الله عليه وآله» هنا، حينما
سئل عن علي «عليه السلام» حيث يقول:
«أراه
في بعض ما يصلح شأنكم».
فإن هذه
العملية كان لها أثر كبير في إصلاح شأن المسلمين ـ كل المسلمين ـ
وإفساد أمر أعدائهم، ودحرهم وكسر شوكتهم، حيث أتاهم الله من
حيث
لم يحتسبوا.
([1])
الآية 2 من سورة الحشر.
|