وخرج رسول الله «صلى الله
عليه وآله» من خيبر إلى وادي القرى، وتهيأ يهودها ومن انضوى إليهم من
العرب للقتال، قالوا: وعبأ رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصحابه
للقتال، وصفهم، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن
المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر، ثم دعاهم إلى
الإسلام وأخبرهم: إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم
على الله.
فبرز رجل منهم، فبرز له
الزبير فقتله، ثم برز آخر فقتله الزبير، ثم برز آخر، فبرز إليه علي
«عليه السلام» فقتله، وبرز آخر، فقتله أبو دجانة، ثم قتل أبو دجانة
مبارزاً آخر، حتى قتل منهم «صلى الله عليه وآله» أحد عشر رجلاً([1]).
ونقول:
إننا نكتفي هنا بالإلماح إلى
ما يلي:
1 ـ
إن اعطاء اللواء لسعد، واعطاء الرايات لمن ذكروا آنفاً لا يصح، فإن
علياً «عليه السلام» كان هو صاحب الراية واللواء معاً في كل مشهد..
والظاهر:
أن اللواء الذي أعطاه لعلي «عليه السلام» هو اللواء الأعظم، وهو لواء
الجيش كله.. ثم أعطى رايات كل فريق لرجل فيهم.. فراية الخزرج لسعد،
وراية الأوس لفلان. وهكذا..
2 ـ
إننا لا نكاد نطمئن إلى ما زعمته الرواية المتقدمة من وقوع القتال في
وادي القرى، فإن ما جرى في خيبر، وفتح حصونها، وقلع بابها، وقتل مرحب،
واستسلام أهل فدك، يجعل أهل وادي القرى يجبنون عن القتال.. بل هو
يميتهم رعباً.. ولا سيما مع عدم التكافؤ بينهم وبين المسلمين في العدة
وفي العدد..
3 ـ
اللافت هنا: التواضع الذي أظهرته الرواية في نصيب علي «عليه السلام» من
القتلى، مقابل نصيب أبي دجانة والزبير، فإنهما قتلا ضعف ما قتل علي
«عليه السلام»؟!
وفي جميع الأحوال نقول:
إننا نلمح درجة من التزوير
المتعمد في هذا الموضع.. كما في غيره.. والله هو العالم بالحقائق..
([1])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص148 و 149 والسيرة الحلبية ج3 ص59
وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص442 وإمتاع الأسماع ج1 ص325
والبداية والنهاية ج4 ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص412.
|