لقد حسم النبي
«صلى الله عليه وآله» الأمر مع أبي سفيان، وقطع عليه الطريق بسؤال واحد
وجهه إليه، ليجيب أبو سفيان بنحو يفرض القرار النبوي على نفسه، فلم يعد
يمكن لأبي سفيان أن يناقش، أو أن يراجع النبي «صلى الله عليه وآله» في
ذلك القرار، ولم يبق أي مبرر لطلب تجديد العهد.
فقد سأله «صلى الله عليه وآله»:
إن كان حدث من قبلهم أي شيء يوجب إعادة النظر في العهد والعقد، فجاء
جواب أبي سفيان بالنفي، لأنه مصمم على إنكار قتل الخزاعيين، لكي لا
يطالب بإعطاء ديتهم لأهلهم.. طمعاً بالمال، واستكباراً، وانقياداً مع
الأهواء والعصبيات الجاهلية..
فكان من
الطبيعي أن يأتي القرار النبوي ليقول، ما دام لم يحدث شيء، فالعهد باق
على حاله، ولا موجب لتجديده، كما لا موجب لتمديده مع بقاء مدته..
فلم يعد لأبي سفيان أي خيار سوى:
إما الإقرار بنقض العهد، وهذا ما لا يريده، أو القناعة بالقرار
الموجود، وإبقائه على حاله.. وهو الأمر الذي يحمل معه أيضاً خطر انكشاف
أكذوبته، والعودة إلى نقطة الصفر.. ومواجهة الخيارات التي فرّ منها،
وهي: إما إعطاء دية المقتولين، وتجديد العهد.. وهم ثلاثة وعشرون
قتيلاً، أو البراءة ممن نقض العهد ليتولى النبي «صلى الله عليه وآله»
تحصيل الحق منهم.. أو مواجهة الحرب التي يخشاها أبو سفيان..
|