وقد ذكرت الروايات السابقة:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» طلب من علي «عليه السلام» أن يجلس ليصعد
هو على ظهر علي.. ففعل ذلك، وإذ به ينوء بثقل النبوة..
فهنا سؤالان:
أحدهما:
ألم يكن «صلى الله عليه وآله» يعلم بأن للنبوة ثقلاً ينوء به علي «عليه
السلام»؟! فإن كان يعلم، فما هي الحكمة في أن يطلب ذلك من علي «عليه
السلام»؟!
الثاني:
هل للنبوة ثقل؟! وهل هو ثقل مادي؟! أم ماذا؟!
ونجيب بما
يلي:
بالنسبة
للسؤال الأول نقول:
لا ريب في
معرفة النبي «صلى الله عليه وآله» بأن للنبوة ثقلاً ينوء به علي «عليه
السلام».. ولذلك فنحن نرجح الروايات الأخرى التي تقول: إن علياً «عليه
السلام» هو الذي طلب من النبي أن يصعد على ظهره، إجلالاً منه للنبي
«صلى الله عليه وآله»، فأخبره «صلى الله عليه وآله» بأن للنبوة ثقلاً
يمنع من ذلك، لأنه ينوء به «عليه السلام»..
بل نحن لا نستطيع أن نقول:
إن علياً «عليه السلام» كان يجهل هذا الأمر أيضاً، ولكنه أراد هو
والنبي «صلى الله عليه وآله» التصريح بذلك، ليعلم الناس: أن صعوده على
ظهر رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يتنافى مع التكريم والإجلال
والتعظيم، إذ لولا هذا البيان لدخل في وهم بعض الناس، ما لا يجوز توهمه
في حق علي «عليه السلام»..
أو لعله نظر
إلى قانون البداء، فلعله اقتضى إظهار معنى في علي «عليه السلام» اقتضى
تمكينه «عليه السلام» من النهوض بثقل النبوة..
وبالنسبة
للسؤال الثاني نقول:
ليس بإمكاننا تحديد ماهية هذا الثقل، ولكننا نعلم:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يركب الراحلة والفرس، وغيرهما،
ويراه الناس..
ثم هو يعلن لهم:
أنه لو اجتمعت ربيعة ومضر على أن يحملوا بضعة منه وهو حي لما قدروا على
ذلك.. مما يعني: أن للنبوة في مضمونها المعنوي خصوصية تحتم التدخل
الإلهي لتعجيز البشر عن حمل النبي «صلى الله عليه وآله» وهو حي، ربما
لأن هذا قد يثير خطرات تسيء إلى معنى النبوة.
ونحن وإن كنا
ننزه علياً «عليه السلام» عن مثل تلك الخطرات، لأنه هو نفس النبي «صلى
الله عليه وآله» في طهره وسائر صفاته، ولكننا لا ننزه غيره عنها ممن
يرى ويسمع.
|