علي
عليه السلام
في رسالة
النبي صلى الله عليه وآله للمكيين:
قالوا:
لما فتح الله مكة أمَّر عتاب بن أسيد عليها، وكتب له عهداً، وهو
التالي:
«من محمد رسول
الله «صلى الله عليه وآله» إلى جيران بيت الله الحرام، وسكان حرم الله.
أما بعد..
فمن كان منكم
بالله مؤمناً، وبمحمد رسوله في أقواله مصدقاً، وفي أفعاله مصوباً،
ولعلي أخي محمد رسوله، ونبيه، وصفيه، ووصيه، وخير خلق الله بعده
موالياً، فهو منا وإلينا. ومن كان لذلك أو لشيء منه مخالفاً، فسحقاً
وبعداً لأصحاب السعير، لا يقبل الله شيئاً من أعماله، وإن عظم وكبر،
يصليه نار جهنم خالداً مخلداً أبداً.
وقد قلد محمد
رسول الله عتاب بن أسيد أحكامكم ومصالحكم، وقد فوض إليه تنبيه غافلكم،
وتعليم جاهلكم، وتقويم أَوَدَ مضطربكم، وتأديب من زال عن أدب الله
منكم، لما علم من فضله عليكم، من موالاة محمد رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، ومن رجحانه في التعصب لعلي ولي الله، فهو لنا خادم، وفي الله
أخ، ولأوليائنا موال، ولأعدائنا معاد، وهو لكم سماء ظليلة، وأرض زكية،
وشمس مضيئة، قد فضله الله على كافتكم، بفضل موالاته ومحبته لمحمد وعلي،
والطيبين من آلهما، وحكَّمه عليكم، يعمل بما يريد الله، فلن يخليه من
توفيقه.
كما أكمل من
موالاة محمد وعلي «عليه السلام» شرفه وحظه، لا يؤامر رسول الله ولا
يطالعه، بل هو السديد الأمين.
فليطمع المطيع
منكم بحسن معاملته شريف الجزاء، وعظيم الحباء.
وليتوق
المخالف له شديد العذاب، وغضب الملك العزيز الغلاب.
ولا يحتج محتج
منكم في مخالفته بصغر سنه، فليس الأكبر هو الأفضل، بل الأفضل هو
الأكبر. وهو الأكبر في موالاتنا، وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا،
فلذلك جعلناه الأمير عليكم، والرئيس عليكم، فمن أطاعه فمرحباً به. ومن
خالفه فلا يبعد الله غيره».
قال:
فلما وصل
إليهم عتاب وقرأ عهده، ووقف فيهم موقفاً ظاهراً، ونادى في جماعتهم حتى
حضروه، وقال لهم:
معاشر أهل مكة، إن رسول الله «صلى الله عليه وآله»
رماني بكم([1])
شهاباً محرقاً لمنافقكم، ورحمة وبركة على مؤمنكم، وإني أعلم الناس بكم
وبمنافقكم، وسوف آمركم بالصلاة فيقام بها، ثم أتخلف أراعي الناس، فمن
وجدته قد لزم الجماعة التزمت له حق المؤمن على المؤمن، ومن وجدته قد
بعد عنها فتشته، فإن وجدت له عذراً عذرته، وإن لم أجد له عذراً ضربت
عنقه، حكماً من الله مقضياً على كافتكم، لأطهر حرم الله من المنافقين.
أما بعد..
فإن الصدق
أمانة، والفجور خيانة، ولن تشيع الفاحشة في قوم إلا ضربهم الله بالذل،
قويكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، وضعيفكم عندي قوي حتى آخذ الحق له.
اتقو الله،
وشرفوا بطاعة الله أنفسكم، ولا تذلوها بمخالفة ربكم.
ففعل والله كما قال، وعدل، وأنصف، وأنفذ الأحكام،
مهتدياً بهدى الله، غير محتاج إلى مؤامرة ولا مراجعة([2]).
ونقول:
إننا نشك في
صحة هذا الكتاب لأسباب كثيرة، نذكر منها ما يلي:
([1])
لعل الصحيح: رماكم بي.
([2])
بحار الأنوار ج21 ص122 ـ 124 والتفسير المنسوب للإمام العسكري
«عليه السلام» ص555 و 557 وراجع: الإقبال ص318 ومدينة البلاغة
ج2 ص292.
|