وقالوا:
إن المراد بقوله «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام» أنت مني
بمنزلة هارون من موسى: أنه بمنزلته في أهل بيته، لا في الأمة كلها..
ونجيب:
أولاً:
إن أكثر نصوص حديث المنزلة لم تخص المنزلة بكونها في الأهل، بل
أطلقتها، فمن أين جاءت هذه الإضافة..
ثانياً:
لو كانت هذه الإضافة موجودة، وكان «صلى الله عليه وآله» يريد بها أن
يرد على ما روجه المنافقون في سبب إبقائه علياً
«عليه السلام»
في المدينة، فهي لا تكفي لذلك، ولا توجب تطييب خاطر علي
«عليه السلام»..
ثالثاً:
إن حديث المنزلة قد صدر عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» في مناسبات
كثيرة، فما المبرر لتكراره، إذا كان المقصود هو خلافته في أهله؟! فإن
ذلك لا يستحق هذا التأكيد، وهذا الحديث إنما يشير إلى أن المطلوب هو
إفهام الناس أن علياً «عليه السلام» شبيه بهارون في جميع مزاياه.
وأظهرها وأشهرها أخوته، وكونه من أهله، وشراكته في الأمر، وشد أزره،
ووزارته، وإمامته للناس في غياب أخيه موسى.
وقال تعالى: ﴿وَاجْعَلْ لِّي
وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي،
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾([1]).
ولو كان المراد خصوص الخلافة في الأهل لم يكن هناك داع لجعله بمنزلة
هارون من موسى، بل يكون كأي إنسان آخر يوصيه مسافر برعاية شؤون أهله
أيام سفره.
رابعاً:
لو كانت خلافة علي «عليه السلام» لرسول الله «صلى الله عليه وآله»
منحصرة في أهله لوقعت المنافاة بين صدر الكلام وذيله، لأن صدرها يقول:
إنه يستخلفه في أهله، وذيلها يجعله كهارون من موسى، الذي كان خليفة
لموسى في قومه لا في أهله.
وقد صرحت الآيات المباركة بأن موسى «عليه السلام» طلب
من الله تعالى أن يشرك هارون في أمره، وأن يجعله وزيراً له.
([1])
الآيات 29 ـ 32 من سورة طه.
|