ذكر المؤرخون:
أن المنافقين حاولوا قتل رسول الله «صلى الله عليه وآله» بواسطة تنفير
ناقته به لتطرحه إلى الوادي، وذلك حين عودته من تبوك إلى المدينة..
وذكرت بعض الروايات: أن هذه القضية قد حصلت بعد حادثة الغدير، وذلك في
طريق عودته من حجة الوداع إلى المدينة.. ونرجح نحن هذا، غير أننا نورد
القضية هنا وفق ما جرى عليه المؤرخون.
ويذكرون هنا أيضاً أمراً آخر، وهو:
أن محاولة بذلت لقتل علي «عليه السلام» في المدينة حين كان النبي «صلى
الله عليه وآله» في تبوك..
وملخص ما ذكروه هنا:
أن بعض الروايات تقول:
إن المنافقين كانوا قد دبروا لقتل علي «عليه السلام» في
تبوك كما دبروا لقتل النبي «صلى الله عليه وآله» في العقبة، وذلك بأن
حفروا في طريق علي «عليه السلام» في المدينة حفيرة طويلة بقدر خمسين
ذراعاً، وقد عمقوها، ثم غطوها بحصر، ثم وضعوا فوقها يسيراً من التراب،
فإذا وقع فيها كبسوه بالأحجار حتى يقتلوه.
وقد أنجاه الله تعالى من كيدهم بكرامة منه، وعرَّفه
أسماء تلك الجماعة التي فعلت ذلك، وأعلنها له، وهم عشرة، كانوا قد
تواطأوا مع الأربعة والعشرين، الذين دبروا لقتل رسول الله «صلى الله
عليه وآله» في العقبة.
ثم تذكر الرواية حديث العقبة، وأن النبي «صلى الله
عليه وآله» نزل بإزائها، وأخبر الناس بما جرى على علي «عليه السلام»..
ثم أمرهم بالرحيل، وأمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله «صلى
الله عليه وآله» أحد على العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله «صلى
الله عليه وآله».
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر من يمر به،
وأمره أن يتشبه بحجر، الخ..
ونقول:
لا بأس بملاحظة ما يلي:
1 ـ
كانت المدينة بلداً صغيراً قليل السكان، وبيوتها متلاصقة، وحفر حفرة في
أي طريق في بلد كهذا، لا بد أن يكون بمرأى ومسمع من الناس، ولا سيما
الذين يسكنون في ذلك المحيط، فضلاً عن أنه سيرى ذلك الرجال والنساء
والأطفال.
2 ـ
إن حفرة مداها خمسون ذراعاً تحتاج إلى أن يعمل العشرات فيها، وإلى وقت
طويل لإنجازها.. كما أن التراب المستخرج منها يحتاج إلى مكان يرمى فيه،
وأن يتناسب مع حجمه..
3 ـ
هل لم يكن أحد من أهل الإيمان قد رأى ما يجري في تلك المحلة، وبادر إلى
إخبار علي «عليه السلام»؟!
وهل لم يتساءلوا عن المقصود بهذا العمل الكبير
والخطير؟!
4 ـ
هل كان علي «عليه السلام» يتجول في طرقات المدينة التي يتولاها ومنها
ذلك الطريق؟! وكيف تأكد لديهم حتمية مروره من نفس ذلك المكان، لكي يحل
به ما خططوا له، فإن كان يمر في كل يوم، فلماذا لم يرهم يحفرون
ويشتغلون؟! ولماذا لا يسألهم عما يفعلونه؟!
وإن كانوا قد حفروا هذه الحفرة في
يوم واحد، فالسؤال هو:
هل يكفي يوم واحد، خمسين ذراعاً؟!
5 ـ
وإن كان يمر فيها مرة خلال عدة أيام، وبصورة منتظمة، فهل لم يكن يمر
أحد في ذلك الطريق أحد سواه ليقع في تلك الحفرة؟!
أم أنهم كانوا يمنعون الناس من المرور في ذلك الطريق؟!
ولو لم يمر فيها علي «عليه السلام» هل كانوا سيلجئونه إلى ذلك؟! وكيف؟!
6 ـ
وكيف تسقف تلك الحفرة وتموه، ولا يتناقل الناس أخبارها؟!
7 ـ
هل كان «عليه السلام» يمر من هناك في الليل أو في النهار؟! فإن كان يمر
عليها ليلاً فلا بد أن تسقف وتموه في النهار، ويرى أهل المحلة ذلك، وإن
كان يمر نهاراً فلا بد أن يلتفت إلى التمويه، وإلى التغييرات الحاصلة،
ويتساءل عن السبب إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة.
|