تقديم:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد
وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، من الأولين
والآخرين، إلى قيام يوم الدين..
وبعد..
فلعل هذه هي المحاولة الأولى التي تبذل لتقديم
مقارنة لأحداث جرت في حقبتين تفصل بينهما المئات من السنين.. ولذلك
كان علينا أن نقدم بعض الإيضاحات، ونشير إلى بعض اللفتات واللمحات،
التي تفيد في وضع الأمور في نصابها، وإبعاد شبح بعض التصورات غير
الدقيقة، التي قد يتعرض لها هذا الجهد، فنقول:
إننا قبل الدخول في البحث نود لفت نظر القارئ
الكريم إلى الأمور التالية:
1 ـ
إن النصوص التي تتحدث عن الأحداث في العصور الخالية شحيحة جداً، لا
تكاد تفي بملامح شبح تصح الإشارة إليه، فضلاً عن أن تشير إلى ملامح
صورة، مهما كانت هزيلة وباهتة.
2 ـ
إن ما وصلنا من نصوص لا يملك في معظمه أسانيد تعطيه القدرة على أن
يفرض نفسه في مجال استكناه الحقائق. باستثناء الحقائق تلك التي
سجلها القرآن الكريم، وكشفت عنها النصوص المروية عن النبي العظيم
«صلى الله عليه وآله»، وعن أهل بيته المعصومين «صلوات الله وسلامه
عليهم أجمعين»، والتي قد يجد قسم منه من حيث السند، وتوفر قرائن
الصحة ما يرقى به إلى درجة الإعتبار، ويصحح الإعتماد عليه بنحو أو
بآخر..
3 ـ
إننا نعلم: أن الأحداث التي وقعت في عهد الرسول الأعظم «صلى الله
عليه وآله» وبعده قد جاءت مرهونة بأسبابها، من دون أن يكون هناك أي
التفات من أحد إلى ما جرى في الأمم السالفة، بحيث يتوهم أن يكون
صانعوها قد تعمدوا أن تأتي متوافقة مع ما جرى في حقبة أصبحت منسية،
ولا يعلم الناس ـ عدا الأنبياء وأوصياؤهم ـ عنها شيئاً.
4 ـ
من أجل ذلك نرى أنفسنا ملزمين بأن نعتبر: أن نفس التوافق الواسع
بين الأحداث التي وقعت وفق أسبابها المختلفة، التي فرضتها الظروف،
مع أحداث منسية وقعت قبل مئات السنين، يصلح قرينة تؤكد على سلامة
النقل وصحته، لا سيما أن اكتشاف هذا التوافق قد جاء متأخراً مئات
السنين، ولم تبذل أية محاولة للإستفادة منه طيلة هذه الفترة
المتطاولة، في أي اتجاه يمكن أن يثير شبهة من نوع ما مهما كانت..
5 ـ
إن ما نرمي إليه من تقديمنا
هذا العرض إلى القراء الكرام هو ترسيخ اليقين، وتأكيد حالة السكينة
والطمأنينة، والخضوع والبخوع للنصوص الثابتة عن الرسول الأعظم «صلى
الله عليه وآله»، وعن الأئمة من بيته أهل بيته الطاهرين المعصومين
«عليهم السلام»، التي تؤكد على أنه سيكون في هذه الأمة من الأحداث
الكبرى ما كان في الأمم السالفة، وصدق رسول الله «صلى الله عليه
وآله» حين قال للناس: «لتركبن سنن من كان قبلكم، شبراً بشبر،
وذراعاً بذراع، حتى لو أن أحدكم دخل جحر ضب لتبعتموهم (لدخلتم)..»([1]).
أو نحو ذلك.
وأخيراً..
فإن رجائي الأكيد من كل من يطلع على ما نعرضه في هذا البحث
المقتضب، هو أن يغض الطرف عن التقصير، وأن يتحفني بملاحظاته.. وله
مني جزيل الشكر، والمحبة، والتقدير..
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين
اصطفى، محمد وآله الطاهرين..
حرر في بيروت بتاريخ 5 ربيع الأول 1428 ﻫ.ق.
الموافق 25 آذار 2007م.
جعفر مرتضى الحسيني العاملي
عامله الله بلطفه وإحسانه
([1])
راجع: مسند أحمد (ط دار صادر) ج2 ص325 و 511 وج3 ص84 و 89 وسنن
ابن ماجة ج2 ص1322 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص144 و (ط
دار إحياء التراث العربي) ج7 ص170 وج15 ص235 وصحيح مسلم (ط دار
الفكر) ج8 ص57 و (ط دار الكتب العلمية) ج16 ص189 وصحيح ابن
حبان (ط دار الفكر) ج6 ص192 و (ط مؤسسة الرسالة) ج15 ص95
والمستدرك للحاكم النيسابوري ج4 ص455 ومجمع الزوائد ج7 ص261
والدرر لابن عبد البر ص225 والجامع الصغير ج2 ص401 وكنز العمال
ج11 ص134. والدر المنثور (ط دار الفكر) ج7 ص466 وجامع البيان
(ط المعرفة) ج10 ص121 والجامع لأحكام القرآن (ط دار الكتب
العلمية) ج8 ص200 وتفسير القرآن العظيم (ط دار إحياء التراث
العربي) ج4 ص152 وجامع المسانيد والمراسيل (ط دار الفكر) ج6
ص23 وج8 ص179 واللؤلؤ والمرجان (ط دار الفكر) ج1 ص827 والفتح
الكبير (ط دار الفكر) ج3 ص8 و 334 والمصنف للصنعاني (ط دار
الفكـر) ج11 = = ص369 وراجع: كتاب سليم بن قيس (تحقيق
الأنصاري) ص163 والإفصاح للمفيد ص50 والتعجب للكراجكي ص88
والطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس ص380 والبحار ج31
ص144 و ج53 ص140.