41 ـ علي يحسن لعائشة

   

صفحة :66   

41 ـ علي يحسن لعائشة:

وكما أحسن يوشع أسار صفيراء، إكراماً منه لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، وحفظاً منه لحرمته، كما تقدم في الحديث رقم (19)، فإن علياً «عليه السلام» قد أحسن أسار عائشة، وحفظ حرمة رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيها، وجهزها إلى المدينة، «وبعث معها بالنساء»([1]).

وفي رواية أخرى: إنه «عليه السلام» «جهزها وأرسلها، وأرسل معها أربعين امرأة من عبد القيس»([2]).

وفي نص آخر: «أنفذ معها أربعين امرأة، ألبسهن العمائم والقلانس، وقلدهن السيوف، وأمرهن أن يحفظنها، ويكن عن يمينها وشمالها ومن ورائها.

فجعلت عائشة تقول في الطريق: اللهم افعل بعلي بن أبي طالب وافعل، بعث معي الرجال، ولم يحفظ بي حرمة رسول الله.

فلما قدمن المدينة معها، ألقين العمائم والسيوف، ودخلن معها.

فلما رأتهن ندمت على ما فرطت بذم أمير المؤمنين «عليه السلام» وسبه، وقالت: جزى الله ابن أبي طالب خيراً، فلقد حفظ فيّ حرمة رسول الله «صلى الله عليه وآله»..»([3]).

وفي رواية أخرى: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أخبرها بما يكون منها في حرب الجمل مع علي «عليه السلام»، وقال: «وإنه لك خير منك له»([4]).

وقال «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: «يا أبا الحسن، إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها»([5]).

وقد أوكل «عليه السلام» أمرها إلى أخيها محمد بن أبي بكر([6]) رضوان الله تعالى عليه، وقال له: «شأنك بأختك فلا يدنو أحد منها سواك»([7]). ويتوقع من الأخ أن يولي أخته كامل الرعاية، وأن يكون أرفق بها من كل أحد.

وقالوا: إن علياً «عليه السلام» جهز عائشة بكل شيء ينبغي لها من مركب، وزاد، ومتاع، وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها، إلا من أحب المقام، وأمر لها باثني عشر ألفاً من المال([8]).

وشيعها علي «عليه السلام» أميالاً، وسرَّح بنيه معها يوماً([9]).

وقرر «عليه السلام» في هذا الظرف بالذات: أن لها حرمتها الأولى، والحساب على الله تعالى الخ.. ([10]).

وهذه الحرمة لها من أجل أنها كانت زوجة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في حال حياته.

وقد تفقد علي «عليه السلام» حالها بنفسه، لئلا يكون قد نالها شيء من السلاح([11]).

وقد اعترف نفر من أعدائه «عليه السلام» في حرب الجمل بما فيهم مروان بن الحكم بأنهم قد ظلموا علياً «عليه السلام»، فقالوا: «والله لقد ظلمنا هذا الرجل، ونكثنا بيعته على غير حدث كان منه، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلاً كان أكرم سيرة، ولا أحسن عفواً بعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» منه، فتعالوا فندخل عليه، ولنعتذر مما صنعنا»([12]).

ثم إن عائشة نفسها تقول عن أسرها: «وإني عند قوم ما يقصرون في ضيافتي، وإن الخبز في منازلهم لكثير»([13]).


 

([1]) البحار ج32 ص275 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص183.

([2]) البحار ج32 ص275.

([3]) الجمل للمفيد ص415 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية:

الإمامة والسياسة ج1 ص78 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص183 والفتوح لابن أعثم ج1 ص494 ومروج الذهب ج2 ص379 وتذكرة الخواص ص81.

وقارن بتاريخ الأمم والملوك ج4 ص544 وتجارب الأمم ج1 ص331 والكامل في التاريخ ج3 ص258 ونهاية الأرب ج20 ص83.

وفي المصادر في عدد النساء اللواتي أنفذهن أمير المؤمنين «عليه السلام» مع عائشة اختلاف.

([4]) البحار ج32 ص278 وج38 ص 350 عن الإحتجاج ج1 ص198.

([5]) البحار ج32 ص284 عن مناقب آل أبي طالب ج2 ص334.

([6]) البحار ج32 ص182 و 213 عن مناقب آل أبي طالب (ط النجف) ج2 ص339 وعن شرح النهج للمعتزلي ج2 ص416 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص528.

([7]) راجع: البحار ج32 ص182 عن مناقب آل أبي طالب (ط النجف) ج2 ص339 فما بعدها.

([8]) عائشة والسياسة ص231.

([9]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص547.

([10]) البحار ج32 ص223 و 240 وراجع ص269 عن الإحتجاج (ط بيروت) ج1 ص168 وعن جمع الجوامع ج2 ص129 وكنز العمال (ط 1) ج8 ص215 وكتاب المواعظ من منتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج6 ص315 ونهج السعادة (ط2) ج1 ص372 ونهج البلاغة في المختار رقم 154.

([11]) البحار ج32 ص269 عن أمالي المفيد ص22.

([12]) البحار ج32 ص262 عن أمالي الطوسي ص323 و (ط دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع ـ قم) ص507 ونهج السعادة ج1 ص337 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص48 والجمل للشيخ المفيد (مكتبة الداوري ـ قم ـ إيران) ص222 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» في الكتاب والسنة= = والتاريخ للريشهري ج5 ص256 وغاية المرام للبحراني ج6 ص15.

([13]) الجمل للشيخ المفيد (مكتبة الداوري ـ قم ـ إيران) ص202 و (ط سنة 1413 هـ) ص380 والجمل لابن شدقم المدني ص51.

 
   
 
 

موقع الميزان