يقول السيد محمد حسين فضل الله:

ثم ننطلق مع الزهراء عليها السلام في مسؤوليتها الثقافية التربوية في المجتمع كانت تجمع نساء المهاجرين والأنصار وتلقي عليهم الدروس وكانت أول مؤلفة وكاتبة في الإسلام ، مصحف الزهراء كانت تكتب فيه ما تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله من أحكام شرعية ومن وصايا ومواعظ ونصائح ، كانت تكتب ما تسمع ، وكانت تلقي ما تكتب وما تسمع ، كانت تتحمل مسؤولية العلم في حياتها وهذا ما نستوحيه من الزهراء عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام ، وهذه من الأمور التي قد لا يعرفها الكثيرون من الناس. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

إن القول:

(بأن الزهراء ـ عليها السلام ـ كانت تكتب ما تسمعه من رسول الله (ص))،

أو القول:

(بأنها عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام..)

أو القول بأنها:

(أول كاتبة من النساء والرجال..)

أو القول:

(إن التسمية بمصحف فاطمة تدل على أن لها دورا في تأليفه..)

إن كل ذلك ينتهي إلى نتيجة واحدة، وهي التشكيك في أن يكون هذا المصحف بخط علي مما كان الملك يحدث به الزهراء، بعد وفاة أبيها، أو أنه على قسمين:

قسم بإملاء رسول الله (ص) وخط علي (عليه السلام).

وقسم آخر بإملاء الملك وخط علي (عليه السلام)..

فلا تكون هاتان الروايتان متعارضتين، كما يقوله السيد محمد حسين فضل الله.

2 ـ إن قوله:

"إن مصحف فاطمة هو نفس كتاب فاطمة الوارد في رواية حبيب الخثعمي"

ليس له شاهدٌ يؤيده بل هو محض ادعاء، يؤدي إلى تكثير روايات المصحف التي يسعى السيد محمد حسين فضل الله إلى تكثيرها لكي تظهر عليها بوادر التعارض، وهو ما يضعف أمر مصحف فاطمة من الأساس.. وإن كان سيأتي أنها محاولة فاشلة أيضاً.

3 ـ إن رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله، والتي تقول: (أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام..)

لا تعارض رواية الحسين بن أبي العلاء عن الإمام الصادق أيضاً، وفيها: (.. وعندي الجفر الأبيض، قال: قلت: فأي شيء فيه؟! قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم ـ عليهم السلام ـ، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا، ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة وأرش الخدش).

نعم ـ إن الروايتين غير متعارضتين، فإن الضمير في كلمة (وفيه ما يحتاج الناس إلينا) يرجع إلى كلمة (الجفر الأبيض)، ولا يرجع إلى مصحف فاطمة. إذ لو كان راجعاً إلى مصحف فاطمة (عليها السلام) لم يكن لعطفه بالواو أي مبرر.. بل كان ينبغي الإضراب فيه بكلمة بل.

فيقال: ما أزعم أن فيه قرآنا، بل فيه ما يحتاج الناس إلينا الخ..

لكن هذا البعض تخيل: أنه من متعلقات مصحف فاطمة (عليها السلام)، فحكم بتعارض الروايتين، وهو كما ترى.

4 ـ إنه لا معنى للتشكيك بمحتوى مصحف فاطمة (عليها السلام)، فإن محتواه معلوم، وهو وصيتها، وعلم ما يكون.. فمن أين جاء الحديث عن اشتماله على المواعظ والتعاليم الإسلامية؟! وأين هي الرواية التي أشارت إلى ذلك؟! وهل هي من الأدلة القطعية حسبما اشترطه السيد محمد حسين فضل الله نفسه؟!..

5 ـ إن من الواضح: أن تسلية غمها برسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما هو بالحديث عما يكون في المستقبل، وذلك معناه أن تسمع منه ما يجري على ذريتها من الطواغيت، ومن الطبيعي أن تهتم وتغتم بذلك. وإن كان ذلك يسليها عن مصابها برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليس في هذا الأمر أي محذور، فإنه ضريبة المعرفة بهذا الأمر الخطير الذي أكرمها الله تعالى به.

6 ـ وعن شكواها لأمير المؤمنين (عليه السلام)، فهي إنما شكت له ما عرفته من مصائب وبلايا تجري على الأمة عامة، وعلى ذريتها خاصة، وهي شكوى طبيعية، تنشأ عن أنها تهتم لأمور المسلمين.

7 ـ وأما أن ذلك يدل على أن المسألة كانت سماعه صوت الملك لا رؤيته.. فما هو الضير في ذلك، فإن المهم هو أن الملك هو الذي يحدثها، ويسليها، ولعل ذلك كان في الأكثر حين غياب أمير المؤمنين، أو حين انشغاله.

8 ـ أما بالنسبة لرواية أبي عبيدة فلا دلالة لها على حصر العلم بما يكون في ذريتها فقط.. بل غاية ما فيها: أنها أشارت إلى أمر اهتمت له سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليها، وهو ما يجري على ذريتها، وأشارت الرواية الأخرى إلى علوم أخرى تضمنها المصحف.

والقاعدة تقول: إنه لا تعارض بين المثبتات، ما دام لم يدل دليل على أنها في مقام التحديد، أي إثبات مضمونها، ونفي ما عداه، وليست رواية أبي عبيدة في هذا السياق. ولا أقل من الشك في ذلك.

9 ـ وأما بالنسبة لتعارض أحاديث مصحف فاطمة (عليها السلام)، فإننا لم نستطع أن نتحقق منه، فإن ما ذكره لا يصلح أن يكون من موارد التعارض..

فإن مجرد أن تقول رواية: إنه من إملاء رسول الله (ص)، وخط علي (عليه السلام)، ثم تقول رواية إن الملك بعد وفاة أبيها حدثها فكتب علي (عليه السلام) ذلك أيضاً...

إن مجرد ذلك لا يحقق التكاذب بين الروايات، إذ يمكن أن تكون الروايتان معا صحيحتين، فيكون بعض المصحف من إملاء النبي، وبعضه من إملاء الملك.

أما عن الحديث حول ما يشتمل عليه المصحف فقد عرفت أن منشأ الحكم بالتعارض هو الخطأ في إرجاع الضمير..

وحتى لو صح الحديثان معاً، فإنه يكون كل حديث مثبتا لخصوصية لا يأباها الحديث الآخر.. إذ لا تعارض بين المثبتات، إلا في بعض الصور التي ليس هذا المورد منها..

10 ـ وبعد ما تقدم نعرف: أنه لا معنى لقوله:

"لكن الروايات الأخرى لا تدل على ذلك، وهي المشتملة على الحلال والحرام، ووصية فاطمة، فلا بد من الترجيح بينها؟! "

فهل إذا دلت رواية على شيء، ولم تدل الأخرى عليه تصبح الروايات متعارضة، ولا بد من الترجيح بينهما؟!

11 ـ ما معنى قوله أخيراً:

"الأرجح أنه كتاب يشتمل على الحلال والحرام ".

فإن رواية حماد بن عثمان تنفي ذلك صراحة..

ورواية الحسين بن أبى العلاء قد أخطأ السيد محمد حسين فضل الله في فهمها، لخطئه في مرجع الضمير.. فهل هذا بهدف استبعاد معرفتها بما يكون، واستبعاد أن يكون الملك قد حدثها؟!..

12 ـ وأخيرا فإن لنا الحق في أن نتساءل عن سبب إيراده رواية الحسين بن أبي العلاء في كتاب (الزهراء القدوة) مبتورة من أولها، فهل أراد بذلك تضييع القارئ فيما يرتبط بمرجع الضمير في الرواية؟.

عن أبي عبيدة قال سألت أبا عبدالله عليه السلام بعض اصحابنا عن الجفر فقال هو جلد ثور مملو علماً فقال له ما الجامعة فقال تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في لبعرض الاديم ميل فخذ الفالج فيها كلما يحتاج الناس إليه وليس من قضية إلا  وفيها ارش الخدش قال له فمصحف فاطمة فسكت طويلاً ثم قال انكم تبحثون عما تريدون وعما لا تريدون ان فاطمة نطثت بعد رسول الله صل الله عليه واله خمس وسبعين يوماً وقد كان دخلها حزن شديد على ابيها وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي  يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة . صراط النجاة ج-3 ص441 ،  الكافي ج-1 ص239 – 241 ، الخصال للصدوق ج-4 ص419 و ص528 ، الايضاح لفضل ابن شاذان ص 461-462 ، الارشاد للمفيد ج-2 ص1 ، 86 الاحتجاج للطبرسي ج-2 ص134 و 231 مناقب ال ابي طالب لابن شهر آشوب ج-3 ص 374 بحار الانوار ج22 ص546 وج-26 ص 18-48و ج-30 ص 322 وج37 ص 176 وج 43 ص 79 وج 47 ص 271 ، تفسير الصافي ج-5 ص 224 ، ونور الثقلين ج-2 ص 531 ،  اعلام الورى ج-1 ص 536 ، اللمعة البيضاء ص 197-221 بيت الاحزان 32ص- 33 بصائر الدرجات ص 173

 وهذا قليل من كثير يدل على تواتر هذا الحديث بالله عليكم لماذا نترك هذا الكم الهائل من المصادر المعتبرة والصحيحة السند ونذهب الى تفاهات لا معنا لها ولا اصل ، لكن يبقى السؤال ذاته ما هي المصلحة من تشكيكه للعوام بعقائدهم .

العودة