يقول السيد محمد حسين فضل الله:

وهنا نلاحظ أن المسألة إذا كانت خير للمرأة أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل كيف انطلقت الزهراء وكانت تلتقي بالرجال في الأزمة وحتى في غير الأزمة كانت تتحدث مع الرجال. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

1 ـ إن السيد فضل الله قد ذكر في الصفحة المقابلة للصفحة التي جاء فيها هذا النص: أن الزهراء عليها السلام قد خطبت المهاجرين والأنصار خطبتها المعروفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاء في النص ما يلي:

(فلاثت خمارها على رأسها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله).

حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، (يعني ستاراً)فجلست ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء فارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه.. الخ) [الزهراء القدوة ص227]

2 ـ إن السيد فضل الله نفسه يوثق هذه الخطبة، فهو يقول:

"الظاهر أنه يمكن حصول الوثوق بصدور هذه الخطبة عن سيدتنا فاطمة الزهراء (ع)، لأنها مشهورة ومعروفة، وذكرها المؤرخون القدامى، وقد كان أهل البيت والعلويون يتناقلونها كابراً عن كابر، ويعلمونها ويحفظونها لصبيانهم، ما يدل على أنها من المسلمات عندنا، هذا مضافاً إلى أن متنها قوي ومتناسب مع المضمون الفكري الإسلامي" [الزهراء القدوة ص 238]  و [الندوة ج1 ص 429]

3 ـ والسؤال هو: إذا كانت الزهراء ترى الرجال وتحادثهم، كما كان الرجال يرونها ويحادثونها، فلماذا؟

ألف: نيطت دونها هذه الملاءة يا ترى؟! وقد كان ذلك بأمرها هي!! مع أنه قد كان بإمكانها أن تلتف بعباءتها، وتقف بينهم وتلقي خطبتها.

وكيف يمكنه بعد هذا أن يثبت لنا: أنها (عليها السلام) كانت ترى الرجال، ويراها الرجال؟!

وبقية الكلام حول كلام السيد فضل الله في كتاب مأساة الزهراء ج1 ص 258 فما بعدها..

ب: ويوم وصل السبايا إلى الكوفة:

(خطبت أم كلثوم بنت علي (عليه السلام) في ذلك اليوم، و من وراء كلتها الكلة: الستار رافعة صوتها بالبكاء) البحار45/112 عن اللهوف ص 65

ج: وعندما حمل السبايا ورأس الحسين (عليه السلام) إلى الشام يقول الراوي: (فلقد حدثني جماعة كانوا خرجوا في تلك الصحبة أنهم كانوا يسمعون بالليالي نوح الجن على الحسين (عليه السلام) إلى الصباح. وقالوا: (فلما دخلنا دمشق ادخل بالنساء والسبايا بالنهار مكشفات الوجوه) البحار45/155 عن أمالي الصدوق مجلس 33 رقم 3

د: و يقول ابن طاووس: (و حمل نساؤه على اطلاس اقتاب بغير وطاء، مكشفات الوجوه بين الأعداء) البحار45/107 عن اللهوف عن أهل الطفوف ص 60

هـ: عن علي (عليه السلام) أن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأذن عليها أعمى فحجبته فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله) لما حجبته وهو لا يراك ؟

فقالت: إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح فقال النبي (ص) (اشهد انك بضعة مني) مسند فاطمة ص 337 مناقب ابن المغازلي 381 البحار 43/91 عن نوادر الراوندي ص 13 فاطمة بهجت قلب المصطفى ص 258 عوالم ج 11 ص 123 إحقاق الحق10/258 و مستدرك الوسائل ج 14 ص 289 و 182 و في هامشه عن الجعفريات ص 95 و دعائم الإسلام ج 2 ص 214 و البحار ج 43 ص 91 و 92 ج 100 ص 250

و: استأذن ابن أم مكتوم على النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده حفصة فقال (صلى الله عليه وآله): قوما فادخلا البيت فقالتا إنه أعمى فقال إن لم يكن يراكما فإنكما تريانه وسائل الشيعة ج 20 ص 232 الكافي ج 5 ص 534

وعن أم سلمة: كنت عند رسول الله، و عنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، و ذلك بعد أن أمر بالحجاب.

فقال: احتجبا.

فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى؟!

قال: افعمياوان أنتما؟! الستما تبصرانه ؟ الوسائل ج 20 ص 232 عن مكارم الأخلاق ص 233 و مسند احمد ج 6 ص 296 و الجامع الصحيح للترمذي ج 15 ص 102

ز: و تذكر رواية أخرى أنها أرادت أن تأتي إلى أبيها فتبرقعت ببرقعها، ووضعت خمارها على رأسها، تريد النبي راجع بحار الأنوار ج 39 ص 207 عن بشارة المصطفى ص 122 و 123

والرواية: وان كان فيها إشكال من جهة أخرى لكن هذه الفقرة سليمة عن الإشكال.. فان كان ثمة تصرف في الرواية فإنه في غير هذا المورد.

ح: في حديث زواج الزهراء (عليها السلام) بأمير المؤمنين (عليه السلام): أن أم سلمة أتت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي. ثم اخذ بيدها فوضعها في يدي علي) مسند فاطمة الزهراء ص 200إلى 205 عن أمالي الطوسي ج 1ص39 بحار الأنوار ج43 ص-94 96

ط: قد خطبت السيدة زينب أمام يزيد لعنه الله، فكان مما قالته: (أمن العدل يابن الطلقاء، تخديرك حرائرك و اماءك، و سوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، و يستشرفهن أهل المناقل، و يبرزن لأهل المناهل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد، و الغائب والشاهد والشهيد.. الخ) الاحتجاج ج 2 ص 125 و البحار ج 45 ص 158 و بلاغلات النساء ص 21 و الملهوف ص 127 و مثير الأحزان ص 101 و اعلام النساء ج 2 ص 504 و غير ذلك

إشارة و تذكير:

بقي أن نشير إلى أن قول السيد محمد حسين فضل الله بأن الزهراء كانت ترى الرجال، و يراها الرجال، ثم استشهاده له بمجيء الشيخين إليها لاسترضائها..

لا يمكن قبوله لسببين:

الأول: أن النص التاريخي يصرح بأنها حين جاءا لاسترضائها (شدت قناعها، وحولت وجهها إلى الحائط، فدخلا) بحار الأنوار ج 43 ص 198 ـ 199 عن كتاب سليم بن قيس ص 249 و العوالم [حياة الزهراء (عليها السلام)] ص222

الثاني: النصوص المتقدمة الصريحة بأنها كانت تتبرقع، و في أنها تضرب بينها و بين الرجال ستائر، و تخاطبهم من خلفها.. و غير ذلك من نصوص.

4 ـ وأما فيما يرتبط بخروج النساء في الحرب فإنما كن يخرجن ليسقين العطشى، ويداوين المرضى، فلا دليل على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يسمح للشابات بذلك في غير حالات الضرورة.

5 ـ والغريب في الأمر هنا: أن السيد محمد حسين فضل الله كلاماً ما يوحي بأن السيدة الزهراء عليها السلام كانت تخرج مع النساء لتقوم بشؤون الحرب أيضاً.. ولا ندري من أين جاءنا بهذا الخبر.. إذ لا نجد بين أيدينا سوى قصة مداواتها لجرح أبيها في واقعة أحد.

فلماذا يحاول إيهام القارئ بما هو أبعد من ذلك؟!

وهل يمكنه أن يقول لنا: أي شأن من شؤون الحرب تولته السيدة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؟!

نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه (عليهم السلام ) قال: استأذن أعمى على فاطمة (عليها السلام) فحجبته فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها: لم حجبته وهو لا يراك؟ فقالت (عليها السلام): إن لم يكن يراني فأنا أراه وهو يشم الريح فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أشهد أنك بضعة مني. مسند فاطمة ص 337 ، مناقب ابن المغازلي 381 ، بحار الأنوار – المجلسي ج43ص91وج100ص250 وج101ص38 ، فاطمة بهجت النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ص258 ، العوالم ج11ص123 ، إحقاق الحق ج10ص258 ، مستدرك الوسائل ج14ص182و289 ، دعائم الإسلام ج2ص214 ، العدد القوية ص292

وعن علي عليه السلام أنه قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : أي شيء خير للمرأة ؟ فلم يجبه أحد منا ، فذكرت ذلك لفاطمة عليها السلام  فقالت : ما من شيء خير للمرأة من أن لا ترى رجلاً ولا يراها ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه واله فقال: صدقت ، إنها بضعة مني. مناقب أمير المؤمنين ج-2 ص 210 ،  مناقب آل أبي طالب ج-3 ص ، 119 بحار الأنوار ج-43 ص 84 ،  مجمع الزوائد ج-4 ص 255 ، كنز العمال ج16 ص 601-602 ، مجمع النورين ص 65 ،  صحيفة الزهراء (ع) ص 290.

العودة