يقول السيد محمد حسين فضل الله:

قبل سنة في هذا المسجد في مجتمع للجنة النسائية محدود جداً تحدثت عن الزهراء عليها السلام بما تستحقه من تعظيم وتقدير وتقديس وسألت عن مسألة كسر الضلع فقلت آن ذاك أن حسب إطلاعي أن الرواية واردة في هذا ضعيفة وقلت إن التحليل التاريخي يجعل الإنسان يتحفظ في هذا الموضوع بإعتبار أن الزهراء كانت تملك محبة وثقة وعاطفة لدى المسلمين لم يبلغها أحدا ، كنا نقول أن هناك تحفظاً  في الرواية الواردة لأنها ضعيفة في سندها وفي طبيعتها وأن التحليل دراسة موقع الزهراء في المسلمين يجعلنا نستبعد أنهم يجرئون على ذلك حتى لو كانوا في أشد حالات الانحراف والوحشية ، الشئ الثاني الذي أثير في هذا الموضوع هو قضية إسقاط الجنين في ذاك الوقت كنت أقول احتملت يحتمل أن يكون هذا إسقاطاً طبيعياً قضية محل جدل في بعض الجوانب ومحل إختلاف في بعض الروايات وإن كان الجمهور الشيعة على ذلك أيضاً كانت مجرد إحتمال وقد يقول إنسان لماذا إثارة هذه القضايا مثلاً لوما ها الناس الذين يصطادون في الماء العكر ويستغلون أيام وفاة الزهراء وولادة الزهراء في مخاطبة غرائز الناس وعواطف الناس وإيمان الناس ما حدا سمع شي لأنها ليست من الأمور التي تشكل عنصراً أهميةً إلنا في بعض حالات أعددها يسأل سؤال في بعض الناس يحول هذا السؤال. [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

1 ـ إن احترام الناس للصدّيقة الطاهرة ليس فوق احترامهم لرسول الله (ص)، ومكانتها لا تزيد على مكانته. وقد وجدنا أنهم يواجهون الرسول قبل وفاته بجرأة تفوق الوصف حين قالوا له: إن النبي ليهجر الإيضاح: ص 359 وتذكرة الخواص: ص 62 وسر العالمين: 21، وصحيح البخاري: ج 3 ص 60 و ج 4 ص 5 و 173 و ج 1 ص 21 و ج 2، ص 115، والمصنف للصنعاني: ج 6، ص 57 و ج 10، ص 361، وراجع ج 5 ص 438 والإرشاد المفيد: ص 107 ط النجف، والبحار: ج 22، ص 498. وراجع: الغيبة للنعماني: ص 81 و 82 وعمدة القاري: ج 14، ص 298 و ج 2 ص 170 و 171 و ج 25 ص 76 وفتح الباري: ج 8 ص 100 و 101 و 102 و 186 و 187 والبداية والنهاية: ج 5، ص 227 و 251 والبدء والتاريخ: ج 5 ص 59 والملل والنحل: ج 1، ص 22، والطبقات الكبرى: ج 2، ص 244، وتاريخ الأمم والملوك: ج 3، ص 192 ـ 193 ط ـ الاستقامة، والكامل في التاريخ: ج 2، ص 320، وأنساب الأشراف: ج 1، ص 562، وشرح النهج للمعتزلي: ج 6، ص 51، و ج 2 ص 55، وتاريخ الخميس: ج 2، ص 164 و 182 وصحيح مسلم: ج ص 75، ومسند أحمد: ج 1 ص 355 و 324 و 222 و 325 و 332 و 336 و 362 و 346 والسيرة الحلبية: ج 3، ص 344، ونهج الحق: ص 273، والعبر وديوان المبتدأ والخبر: ج 2 قسم 2 ص 62 وإثبات الهداة: ج 2 ص 344 و 348 و 399 و ج 1 ص 657 والجامع الصحيح للترمذي: ج 3 ص 55 ونهاية الإرب: ج 18 ص 375، وروضة المناظر لابن شحنة: ج 7 ص 808 (مطبوع هامش الكامل في التاريخ).. وراجع: حق اليقين: ج 1 ص 181 و 182، ودلائل الصدق: ج 3 قسم 1، ص 63 و 70، والصراط المستقيم: ج 3 ص 3 و 7 والمراجعات: 353 والنص والاجتهاد: ص 149 و 163. والمختصر في أخبار البشر: ج 1 ص 151 ومجموع الغرائب للكفعمي: ص 289 ومنهاج السنة ج 3 ص 135 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 292 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 383 و 384 وكشف المحجة ص 64 ط سنة 1370 ه‍. ط الحيدرية النجف، والطرائف ص 432 و 433، وراجع التراتيب الإدارية: ج 2 ص 241 وكنز العمال ط الهند سنة 1381 ه‍. ج 7 ص 170 ودلائل النبوة للبيهقي: ج 7 ص 181 / 184، ومسند أبي يعلى: ج 5 ص 393 و ج 3 ص 393 و 394 و ج 4 ص 299 ومجمع الزوائد: ج 4 ص 214، مسند أبي عوانة: ج 4 ص 394 و 400، ومسند أحمد: ج 5 ص 99 و 93 و 90 و 96 و 98، و 101، وسنن أبي داود: ج 4 ص 106، والغيبة للنعماني: ص 122 و 124 و 121 و 123، وإرشاد الساري: ج 10 ص 273، وصحيح مسلم: ج 6 ص 4 ط مشكول، والغيبة للشيخ الطوسي: ص 88 و 89، وفتح الباري: ج 13 ص 181 و 182 و 183 و 184، وأعلام الورى: ص 38، والبحار: ج 36 ص 239 و 235 و 240 و ج 63 ص 236، ومنتخب الأثر: ص 20، وإكمال الدين: ج 1 ص 272 و 273، وتاريخ الخلفاء: ص 10 و 11، والصواعق المحرقة: ص 18، وينابيع المودة: ص 444 و 445، والخصال أبواب الاثني عشر. وراجع ج 2 ص 474 و 470 و 472، وعن عيون أخبار الرضا، وعن كتاب مودة القربى، والمودة العاشرة، وإحقاق الحق (الملحقات): ج 13 ص 1، والعمدة لابن البطريق: ص 421. وراجع: النهاية في اللغة: ج 3 ص 54، ولسان العرب: ج 12 ص 343. وعن كتاب: القرب في محبة العرب: ص 129.

ولم نجدهم حركوا ساكناً، ولا ثار الرأي العام ضد هذا القائل ـ وهو شخص واحد ـ بل وجدنا الكثيرين منهم يقفون إلى جانبه، ويقولون: القول ما قال فلان. كما أن مكانة الرسول لم تمنع هذا القائل من إطلاق هذا القول الشنيع.

ثم إنه (صلى الله عليه وآله) قد أمرهم بالالتحاق بجيش أسامة فلم يطيعوه رغم إصراره (صلى الله عليه وآله) الشديد حتى لقد لعن من تخلف عن جيش أسامة البحار ج 27 ص324 والاستغاثة ص21 وشرح نهج البلاغة، وبقية المصادر في مأساة الزهراء ج1 ص227و228 وغير ذلك وحتى هذا لم ينفع!!

2 ـ لقد قتل أناس يدّعون الإسلام سبط الرسول، وسيد شباب أهل الجنة، ورميت الكعبة بالمنجنيق، وبالعذرة، وبغيرها.. واستبيحت مدينة الرسول وسبيت العيال والأطفال لسبط الرسول، ورمى خليفة المسلمين ـ وهو الوليد الأموي ـ القرآن بالنشاب. و و و الخ..

ولم نجد الرأي العام يتحرك، أو يستفيق من سباته. وإن كان قد أفاق أحياناً ؛ فبعد فوات الأوان.. رغم أن الإسلام كان قد ضرب بجرانه، وقوي سلطانه، وشب الناس وشابوا عليه..

3 ـ لقد كان أهل المدينة أكثر من فريق، وهم كما يلي:

الأول: ذلك الفريق الذي لا يتورع عن مواجهة الرسول بالقول حتى بمثل: إنه ليهجر، ولا يبالي بشيء، بل هو على استعداد لضرب الزهراء، وهتك حرمة بيتها، وإسقاط جنينها، وكسر ضلعها، وإحراق بيتها على من فيه، وحتى قتلها إن أمكنه ذلك، من أجل الحصول على ما يريد..

الثاني: الناس الضعفاء والبسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة، وقد كانوا أو أكثرهم يكنون شيئاً من الحب لأهل البيت، ولكن ليس بيدهم حيلة، ولا يجرؤون على فعل أي شي للدفع..

الثالث: ذلك الفريق الذي كان يكنّ لأهل البيت بعض الحب والتقدير، وليس ضعيفاً إلى درجة تقعده عن النصر، ولكنه لا يجد في نفسه الدافع للتضحية، أو للمبادرة لبذل أي شيء في سبيل إحقاق الحق.. لأنه يرى مصلحته هي في الابتعاد عن هذه الأجواء..

الرابع: ذلك الفريق المخلص والمستعد للتضحية بكل شيء من أمثال أبي ذر، والمقداد، وعمار وسلمان. وهؤلاء هم أقل القليل..

وهناك فريق خامس، يلتقي مع الفريق الأول في الأهداف والطموحات.. قد يبذل محاولات لزجّ أهل البيت في صراع خاسر لهم، مربح له. فما دام ذلك الصراع يخدم مصالحه، فانه ينميه ويذكيه.. فإذا لم يعد يرى فيه فائدة تركه ليبحث عن مصالحه في غيره، فإذا وجدها في مناهضته عدا عليه بالقتال، ورفع لواء الغدر.. وذلك من أمثال أبي سفيان حين عاد من سفره، وحاول أن يثير علياً وبني هاشم..

فمن أين؟ وما دليل السيد فضل الله على أن قلوب المهاجمين كانت مملوءة: بحب الزهراء (ع)؟!..

ولماذا لا يكون المهاجمون هم الفريق الأول المبغض لعلي والزهراء والشانئ لهم، والحاقد عليهم؟!.

4 ـ إن مراجعة سريعة لأسماء المهاجمين، وقراءة لبعض تاريخهم تكفي لإظهار مدى بعدهم عن أهل البيت عليهم السلام. وانحرافهم عن خطهم، ومناوأتهم لهم. ويكفي أن نذكر أن منهم:

1 ـ المغيرة بن شعبة.

2 ـ خالد بن الوليد.

3 ـ أسيد بن حضير.

4 ـ محمد بن مسلمة.

5 ـ أبا عبيدة بن الجراح.

6 ـ عثمان بن عفان.

7 ـ زيد بن اسلم.

8 ـ قنفذ.

9 ـ عبد الرحمان بن عوف.

10 ـ معاذ بن جبل.

11 ـ عمر بن الخطاب.

12 ـ عياش بن ربيعة.

13 ـ سالم مولى أبي حذيفة.. وغيرهم...  كنز العمال: ج 5 ص 597، ومستدرك الحاكم: ج 3 ص 66. وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي: وحياة الصحابة: ج 2 ص 18 والشافي لابن حمزة ج 4 ص 171 و 173، والاختصاص: ص 186 وتفسير العياشي: ج 2 ص 66 و 67. والرياض النضرة: المجلد الثاني ص 241.

وتكفي ممارساتهم حين الهجوم على بيت الزهراء وبعده للدلالة على حقيقة موقفهم منها، ومن أمير المؤمنين علي عليه السلام.. حيث جمعوا الحطب، وهددوا، وأحرقوا، وضربوا، وأسقطوا الجنين، وضربوا بالسوط ولطموا الخد، واقتحموا البيت، وكسروا الضلع، بل لقد منعوها حتى من البكاء إلى جانب قبر أبيها رسول الله، حتى اضطرت لاتخاذ بيت الأحزان في البقيع..

على أن من الضروري الالتفات إلى أن أحداً لا يستطيع الجهر بالانحراف عن أهل البيت عليهم السلام، حتى وهو يمارس ضدهم أبشع أنواع الجرائم، لأنه يكون بذلك قد وقف موقفاً مناقضاً للقرآن بصورة صريحة ويعرضه للرمي بالكفر والخروج من الدين، ولأن ذلك يعرف الناس بحقيقة ومدى مظلومية أهل البيت عليهم السلام..

5 ـ لو كان المهاجمون يحبون الزهراء، ويقدرونها، فلماذا يهددونها ويظلمونها ولماذا احتاج علي إلى أن يدور بها على بيوت المهاجرين والأنصار لطلب نصرتهم.. بل كان يكفيها أن تواجه المهاجمين أنفسهم، وتستخدم نفوذها عندهم، ولترجع الحق إلى أهله من أيسر طريق.

6 ـ ولا أدري كيف تستنصر الزهراء بالناس لمجابهة الذين يحبونها ويحترمونها، وتكون سبباً في زرع بذور الشقاق بين محبيها، وضرب بعضهم ببعض؟!!

7 ـ ولا أدري لماذا أوصت الزهراء بأن لا يحضر أحد ممن ظلمها جنازتها؟!!. فإنهم إذا كانوا يحبونها ويحترمونها، فلماذا تحرمهم من هذا الأجر وتحجزهم عن نيل هذا الشرف؟!..

8 ـ وبعد، فإن هذا البعض لا يستطيع أن يدعي أن الله قد أطلعه على غيبه ؛ فاشرف على قلوب الناس في عهد رسول الله ؛ وقاس مقدار محبتهم للرسول(ص) وللحسنين ولعلي، ولفاطمة صلوات الله وسلامه عليهم، فعرف مقدار التفاوت بين حبهم لهذا وحبهم لذاك. فكيف استطاع هذا البعض أن يعرف أن حبهم للزهراء أكثر من حبهم للحسن والحسين ودون ذلك حبهم لعلي عليه السلام؟!!.

9 ـ ثم أن هناك احتراماً يظهر في الرخاء، وفي الظروف العادية، ولا أثر له في النصرة عند البلاء، وقد كان احترام كثير من الناس لها عليها السلام من هذا القبيل.

10 ـ وقد روي عن الإمام الصادق (ع) قوله في جملة حديث له: (.. وأما قذف المحصنات، فقد قذفوا فاطمة على منابرهم الخ..) تهذيب الأحكام م ج4 ص149 ومعادن الحكمة ج2 ص122 و123 عنه وعن من لا يحضره الفقيه (ط النجف) ج2 ص366.

11 ـ ليته حين حلل (!!) قضية الزهراء لينفي ما جرى عليها.. قد حلل أيضاً قضية تحريك النبي (ص) للزهراء برجله.. ليعلمها حكما شرعياً، لعلها بزعم السيد فضل الله ـ كانت تجهله، وهو لزوم الاستيقاظ لصلاة الصبح.. فراجع.. ما ذكر، حول هذه القضية في أوائل هذا القسم.

12 ـ أما بالنسبة لضعف سند حديث كسر ضلع الزهراء فننصح بقرأة كتاب (مأساة الزهراء) للسيد جعفر مرتضى العاملي بجزأيه.

ولا تنسَ أخيراً أن السيد فضل الله لم يقتصر في نفيه لمظالم الزهراء على إنكار حديث كسر ضلعها بل تعدى ذلك إلى التشكيك في جميع ما جرى عليها. ولم يعترف إلا بالتهديد بالإحراق، مع تأكيده على أن المهددين كانوا يحبون الزهراء بل كانت قلوبهم مملوءة بحبها، مما يعني أن التهديد كان صورياً وليس حقيقياً.

13 ـ وأما قوله:

"إنه سئل عن موضوع كسر الضلع في مجتمع نسائي صغير، فأجاب بأن الرواية ضعيفة الخ.."

فهو غريب، إذ إنه قد ذكر ذلك في نفس الخطبة الطويلة التي أوردها في مسجد بئر العبد، أمام كاميرات الفيديو وقبل أن يوجه إليه أي سؤال..

14 ـ إن ما ذكره السيد فضل الله من أن المسألة محل خلاف في روايتها التاريخية، لا يصح، لأن الخلاف إنما هو في التفصيل والإجمال، وفي الاقتصار على ذكر بعض الحوادث من هذا الراوي، وتعرض الراوي الآخر لذكر التفاصيل، ولرواية الأحداث التي يراد التعتيم عليها، وتجاهلها..

15 ـ وأخيراً.. ألا يعتبر قول السيد محمد حسين فضل الله:

"إن أشد الناس انحرافاً ووحشية لا يجرؤ على ضرب الزهراء"

ألا يعتبر دليلاً قاطعاً على نفي تعرضها عليها السلام للضرب؟!

فكيف يقول:

"إنني لم أنفِ، بل طرحت علامات استفهام، لأن النفي يحتاج إلى دليل"؟؟! 

 

العودة