منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - سوء الخلق
الموضوع: سوء الخلق
عرض مشاركة واحدة

الروح المجرد
عضو نشيط

رقم العضوية : 190
الإنتساب : Jun 2007
المشاركات : 173
بمعدل : 0.03 يوميا
النقاط : 224
المستوى : الروح المجرد is on a distinguished road

الروح المجرد غير متواجد حالياً عرض البوم صور الروح المجرد



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان المنبر الحر
افتراضي سوء الخلق
قديم بتاريخ : 12-Jun-2007 الساعة : 04:43 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


سوء الخلق



قال لي معلمي :
في مدينة مشهد كنت احرص على ان اكون اول من يدخل مرقد الامام الرضا ويحيه تحية الزيارة ؛ ولذا كنت اقف في الاسحار عند باب الصحن لاكون اول الداخلين . ومع هذا كان هناك من يأتي معي او يسبقني في الحضور ، وكان هذا الرجل سرعان ما يستغرق في الصلاة والعبادة ، ولذا وددت ان اتعرف عليه ؛ ذلك اني فكرت ان يكون من اولياء الله .
عبادته كانت عجيبة لم يغفل عن العبادة لحظة ، ولم يكن يمنحني فرصة التعرف عليه والسؤال عن حاله .
ذات ليلة وفيما كان الرجل مشغولا بالعبادة داس احد الزوار على سجادته دون قصد ، وراح يتمتم بكلمات الزيارة .
الرجل اراد ان ينبه الزائر الى ذلك ، فرفع صوته بالصلاة ، ولكن دون جدوى .
وبعد ان انفتل من صلاته صاح بصوت خشن على الزائر وخاطبه قائلا : ارفع قدمك عن سجادتي يا ولد الزنا .
قال لي معلمي :
ذات يوم وبعد اغفاءة العصر استغرقت في التفكير في هؤلاء ، اعني ذوي الخلق السيء ..
فجأة غمرتني حالة المكاشفة ، فرأيتهم في صورة حيوانات مفترسة تمضغ لحوم وجلود الآخرين ، وكانت روائحهم النتنة تُزكم الانوف .. قلت لاحدهم : لماذا لا تعالج نفسك ؟ ولماذا تظلم نفسك هكذا ولا تخرج من حالتك هذه ؟


قال : وكيف لي ان افعل ذلك واخلص من هذه السيرة ؟
قلت له : تأمل وجهك كل يوم في المرآة وانظر اليه في حالة تكون حسن الخلق ، ثم في حالة سوء الخلق ، وراجع وجدانك اي الهيئتين اسر .
عندما يراك الناس في هيئة سوء الخلق فانهم ينفرون منك ، وان رأوك في هيئة حسن الخلق فانهم يحبونك ويهفون اليك .
الانسان نفسه يتكدر عندما يرى شخصا سيء الخلق ، وعلى العكس لو رأى انسانا حسن الخُلق ؛ ولهذا عندما رأيت ذلك الرجل في الحرم المطهر وبذلك الخلق السيء شعرت بالكدر رغم اني كنت قد احببته ، ولقد انتبهت الى ان الانسان اذا لم يصقل ذاته فانه لن يوفق الى اكتساب الصفات الحسنة ، ولن يعرف الله سبحانه ، ولن يتخلق باخلاق الله ، ولن تنفعه العبادة الكثيرة ، ولن تكسبه فضيلة ، وسيبقى في درجة الحيوانية بعيدا عن الله .
واليك هذه الرواية عن الامام الباقر : «كان يرى موسى بن عمران رجلا من بني اسرائيل يطول سجوده ، ويطول سكوته ، فلا يكاد يذهب الى موضع الا هو معه ، فبينا هو يوما من الايام في بعض حوائجه اذ مر على ارض معتشبة تزهو ، فتأوه الرجل فقال موسى : على ماذا تأوهت ؟ قال : تمنيت ان يكون لربي حمارا ارعاه . فاكب موسى طويلا ببصره على الارض اغتماما بما سمعه منه . فانحط عليه الوحي فقال له : ما الذي اكبرت من مقالة عبدي ؟ انا اؤاخذ عبادي على قدر ما اعطيتهم من العقل» (1) .
اجل ان العقل الذي هو انعكاس الصفات الحسنة لاهل البيت في الروح الانسانية ، فكلما كمل العقل تكامل الانسان . من هنا فان الانسان كلما تكامل عقليا ، وتسامى اخلاقيا ، وكانت علاقاته مع الناس طيبة كان اقرب للنبي صلى الله عليه وسلم وآله الاطهار ؛ ذلك انهم كانوا على خلق عظيم ، وكانوا يواجهون المشكلات بالمقاومة والصبر ، ويعاملون الناس بالمحبة والود ، والاعداء بالمداراة ، فاسعوا الى اكتساب هذه الصفات (2) .
---------------
(1) بحار الانوار 1 / 91 ، الحديث 21 .
(2) يحيل المؤلف القراء الى مراجعة كتابه «الاتحاد والحب» .


رد مع اقتباس