نتابع معكم موالينا ...
الأثر الأول:
احتضان فاطمة للقيادة، من الذي احتضن القيادة ؟
منذ أول يوم منذ النبي محمد (
) إلى الإمام علياً (ع) ؟
الذي احتضن القيادة فاطمة ، قيادة النبي (
) كان محمل بأعظم مسؤولية لم يحمل شخصٌ مسؤوليةً كما حمل النبي (
) و حُصر في شعب أبي طالب، وحُرب، وكسرت رباعيته يوم أحد ، و أثخن بالجراح و أوذي من قبل المنافقين بجميع أنواع الإيذاء ( ما أؤذي نبيٌ مثلما أوذيت ) هذا الشخص الذي يتحمل الآلام كل يوم هذا الشخص الذي يتجرع الآلام و المصاعب و الغصص كل يوم ، هذا الشخص و هو النبي كان يحتاج إلى عضد ويد تمتد إليه ، كان يحتاج حاجة ماسة إلى من يقف إلى جانبه حتى يواجه هذه الآلام الصعبة و المواقف الخطيرة ، كان يحتاج إلى مدد روحي يملؤه روحانيةٍ ، يملؤه قرباً و إقداماً ، وذلك المدد فاطمة.
النبي كان يحتاج إلى فاطمة النبي سيد الخلق و أشرف الخلق لكنه كان محتاج إلى فاطمة ، كان محتاجاً إلى حنان فاطمة ، دفء فاطمة ، عطف فاطمة ، رحمة فاطمة ، إلى ما تغدقه فاطمة لذلك أن كان يحتاج إليها كان يرى فيها ذات الله ، كان يراها مرآة لذات الله ، كان يرى عطفها عطف الله وحنانها حنان الله ورحمتها رحمة الله ، كان يرى فيها الرحمة الإلهية بتمام صورها ، لذلك كان يحتاج إليها كما هو محتاج لرحمة الله ، آخر من يودع فاطمة و أول من يستقبل فاطمة وإذا أقبلت قام إليها وقبل مابين عينيها وأجلسها مجلسه وصار يصغي إليها ( فاطمة بضعة مني ) بضعة !! البضعة هي القلب .
لاحظوا النبي عبر عن أهل البيت قال ( إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ) عبر عنهم بالثقل ، عبر عن الإمام علي و الحسين بـ ( من ) ، ( حسين مني وأنا من حسين ) ، ( علي مني وأنا منه) لكن عبر عن فاطمة بتعبير أقوى ( فاطمة بضعة مني ) أنا احتاج إليها كما أحتاج إلى قلبي ، الإنسان يحتاج إلى بضعته يحتاج إلى قلبه ، فاطمة أم أبيها.
إذن ، النبي كان مسئولاً عن إصلاح الأمة و فاطمة كانت مسئولة عن رعاية النبي و احتضان القيادة و احتوائها ، فكان أول عضد للقيادة امرأة ، نحن نستغفل المرأة !! نحن نحتقر من شأن المرأة !!
و نستصغر من مقام المرأة!!
و الرسول يبين لنا أن أول من وقف إلى جانب القيادة و احتضنها هو المرآة ( خديجة وفاطمة )، فاطمة أم أبيها ، واستمر هذا الاحتضان ، فاطمة نهرٌ من العواطف و المشاعر و المدد والعطاء و التضحية ، فاطمة يد القيادة عضد القيادة مظلة القيادة ، الفيء الذي تلتجئ إليه القيادة لتأخذ شحنتها الروحية وعطائها الروحي ، فاطمة استمرت على ذلك إلى عصر الإمام أمير المؤمنين.
عليٌ غصب حقه، عليٌ أبعد عن منصبه ، عليٌ تعرض لأعظم مظلومية في التاريخ، عليٌ (ع) مع هذه الآلام كلها لولا فاطمة لما صار هذا ، فاطمة هي عضده، فاطمة هي يده ، فاطمة هي مظلته ، وكنت إذا نظرت إلى وجهها انجلت عني الهموم و الغموم ، فهي لعلياً كما كانت لرسول الله ، وهذا كاشفٌ عن مرآتية ذاتها لذات الله تبارك وتعالى.
الأثر الثاني:
عبادتها إن عبادة فاطمة كانت عبادة متميزة ، ليست متميزة بالصلاة أو الصوم ( الكثير يصلي و الكثير يصوم و الكثير يطيل الوقوف بين يدي لله تبارك وتعالى ) ، إذن ما هي الميزة لعبادة فاطمة التي جعلت فاطمة مرآة لذات الله ( يرضى الله لرضاها و يغضب لغضبها )؟؟
الميزة في عبادة فاطمة إحساسها بالمسؤولية ، فاطمة إذا وقفت غمرها الإحساس بالمسؤولية ، عبادتها هي إحساسها بالمسؤولية الاجتماعية ، فاطمة لم تكن كمريم امرأة متبتلة في محرابها لا، فاطمة محرابها يربطها بالمسؤولية الاجتماعية و القيادية ، الإمام الحسن الزكي (ع) يقول :
( ما رأيت أعبد من أمي فاطمة ) هذا أقرب شخص إلى فاطمة ابنها الحسن ، لأنه هو أول ولد وعاصرها وعاصر آلامها وشجونها وحياتها وكل شيء فيها ، فهو أقرب راوي يعكس لنا فاطمة (ما رأيت أعبد من أمي فاطمة ، كانت إذا قامت إلى صلاتها لا تنفتل حتى تتورم قدماها من طول الوقوف بين يدي ربها و ما رأيتها دعت لنفسها قط وإنما تدعوا للمؤمنين و المؤمنات فأقول لها أماه فاطمة لما لا تدعين لنفسكِ فتقول بني حسن الجار ثم الدار ) إحساس بالمسؤولية ، وهي في محرابها يغمرها الإحساس بالمسؤولية ، هي مسؤولة عن إصلاح هذا المجتمع ، ومن طرق إصلاحه الدعاء له بالتوفيق بالمدد ، بالغفران ، بالعفو هذا من طرق الإصلاح ، فاطمة تشعر بالمسؤولية وهي في محرابها و هي في آخر لحظات عمرها تخرج يديها من تحت سترها وتقول :
( اللهم نجي شيعتي و محبيا من النار ) ، ما رأيتها دعت لنفسها قط وإنما تدعوا للمؤمنين و المؤمنات ، فاطمة هذا هو تميز عبادتها الذي يدلنا على أن ذاتها مرآة لذات الله إحساسها بالمسؤولية عندما تقف بين يدي الله تبارك وتعالى ، فاطمة نهرٌ من البذل و بحرٌ من العطاء و التضحية ، ما خلقت فاطمة لتعيش!! وتبني دنيا !! وقصوراً و تجمع ثروة ، ما خلقت فاطمة إلا للتضحية و لتعلم الأجيال معنى التضحية و البذل والعطاء ، هذا الذي خلقت له فاطمة ، فكانت كما خلقت له صلوات الله وسلامه عليها.
حنان البنت على أبيها ، من منا يمتلك ابنةً ترحمه وتعطف عليه كما يعطف عليها ( عادة الأب أكثر عطفاً و حناناً على ابنته منها) ، أما فاطمة فهي تكافئه في الرحمة و العطف ، تحتاج إليه ويحتاج إليها ، حنان فاطمة على أبيها لا حد له و حنان الزوجة على زوجها مثلته فاطمة ( زوجاتنا في هذا الزمان سَبُع على زوجها ، لا يفر لا يميناً ولا شمالاً إلا و تحت أمرها و نهيها تحاسبه على كل صغيرة وكبيرة ولا تغرف له زلة و لا تقبل من عتاباً و لا ترحمه في أي فعلاً من الأفعال ) فلتتعلم زوجاتنا و نساءنا و بناتنا من فاطمة كيف حنان الزوجة على زوجها ن كيف تبذل كل ما عندها في سبيل زوجها.
بعض الناس يضن أن فاطمة لأنه لما حصل لها هذا الحادث المأساوي في هجوم الدار صارت لا تتكلم و كئيبة و حزينة و لا تبتسم و صار الإمام علي يعيش مع امرأة حزينة كئيبة باكية لا يرى منها أي بسمة ، لا، الرواية تقول ( فاطمة إذا خرج علي بكت وأنّت وبمجرد أن يعود استقبلته بالابتسامة ) ما رآها إلا وهي مبتسمة ، إلا وهي تبتسم في وجهة وتقبل عليه ، كانت تخفف عنه هذه الآلام كلها ، كانت ترفع منه هذا الألم كله ببسمتها، أتدرون ما هي ابتسامة فاطمة ؟
ابتسامة فاطمة ابتسامة الجنة ، لأنها تفاحة من الجنة ، كما كان الرسول يشتاق إليها و يقول إذا شممتها شممت رائحة الجنة، كانت بسمتها ابتسامة الجنة ، إذا ابتسمت لعلياً أحس كأن الجنة أمامه بأفيائها و ألوانها و مفاتنها ، ابتسامة فاطمة لعلي كان له أثر كبير على نفس علي (ع) ، ( ما فارقتها الابتسامة ).
من شدة حنان الزوجة على زوجها ما فارقتها الابتسامة أبداً ، وهذا يؤكد لنا مرآتية ذاتها لذات الله ، وحنان الأم على أولادها ، حنان البت على أبيها ( حنان فاطمة ) ، حنان الزوج على زوجها ( حنان فاطمة ) ، حنان الأم على أولادها ( حنان فاطمة ) ، أي حنان أغدقت به حسناً وحسيناً و زينباً و أم كلثوم، ما كان حناناً مادياً ولا حناناً دنيوياً ، وإنما كان حناناً روحياً ربت هؤلاء الأربعة على أن يكونوا أبطال التاريخ لم تكتفي أن تربيهم على الصلاة أو الصوم أو النافلة ربتهم على أن يكونوا أبطال التاريخ و كوكبة التاريخ يقودون مسيرة التاريخ ( حسنٌ وحسين و زينب و أم كلثوم ) نساءً و رجالاً قادوا مسيرة التاريخ كما ربتهم فاطمة ، ربتهم على العطاء أن لا شيء في الكون اسمه أنانية أو احتكار و استقلال هناك عطاء و بذل و تضحية ، منذ صغرهم ينذرون ثلاثة أيام صوماً وعندما ينتهي يوم الصوم أطفال صغار صائمون يعشقون قرصاً من الرغيف حتى يسدوا به جوعتهم لكن بمجرد أن يقبل المسكين ثم اليتيم ثم الأسير ( ما تحتاج الزهراء تقول لأولادها تصدقوا بأقراصكم ) لا ، هم يبادرون بأنفسهم و يتسابقون الأربعة الصغار يتسابقون إلى الصدقة ( يوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً{7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً ).
أعزاءنا الموالين ..
فلنربي أطفالنا على العطاء و الصدقة و البذل ليأخذوا شيئاً من نور فاطمة و يأخذوا شيئاً من وميض فاطمة صلوات الله عليها ..
و الحمد لله رب العالمين