في تساوي بعض حالات الزهراء مع رسول الله وأمير المؤمنين وأبنائها عليهم السلام

لقد ساوت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأبناءها المعصومين ( عليهم السلام ) في بعض الصفات الكريمة والأوصاف الخاصة بهم ، وسنقتصر على ذكر خمسين موردا منها في هذه الخصيصة ، وهي غالبا من الموارد التي يعترف بها جمهور أهل السنة : المورد الأول : مساواتها في الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأنها ( عليها السلام ) أخص وأقرب آله بالإتفاق .

ولأهل السنة في الصلوات ثلاث صور : الأولى : اللهم صل على محمد وسلم الثانية : صلى الله عليه وسلم الثالثة : صل على محمد وعلى آل محمد وغالبا ما يذكرون الصلوات بدون ذكر الآل ، وإذا ذكروهم فصلوهم ب‍ « وعلى » ، مع أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : لا تصلوا علي الصلاة البتراء .

قالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللهم صلى على محمد وتسكتون .

وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « من فصل بيني وبين آلي ب‍ « على » فقد جفاني » .

والغرض من الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) تعظيمه وتوقيره ، وفصل فاطمة والآل عنه ينافي قصد التعظيم ، بل فيه إساءة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) .

ولا أدري كيف يطمع بالشفاعة يوم القيامة أولئك الذين يؤدون الصلاة ويصلون على سيد الكائنات ولا يذكرون آله ؟ ! أو أنهم لا يعدون فاطمة ( عليها السلام ) في آله ؟ وكيف سيواجهون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ! أو كيف يزورونه ؟ ! قال الشافعي :

يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له

وروي أن أحمد بن حنبل وجماعة - عادوا أبا نعيم - وهو من أعاظم المشايخ وكبار علماء أهل السنة ، فاستوى أبو نعيم جالسا واعتذر قائلا : آجركم الله فإني محموم لا طاقة لي على الحديث .

فسأله أحدهم : ما تقول في من شهد الشهادتين وعمل بأحكام رب العالمين ولكنه مات ولم يعرف أبا بكر ، فهل يضر ذلك في دينه ؟ قال : لا ، قال : شهد الشهادتين ولم يعرف عمر ، فهل يضره ذلك ؟ قال : لا ، قال - ولم يسأل عن عثمان - : فما تقول في من لا يعرف علي بن أبي طالب ، فهل يضره ذلك ؟ قال : نعم ، فعلي من آل رسول الله ، وقبول الصلاة وكمالها بالصلاة على محمد وآله فلا بد من معرفته ليقصد دخوله في الآل .

وعليه فالولد أولى من الأقارب مهما قربوا ، سيما إذا كان الولد مثل فاطمة ( عليها السلام ) ، وهي أشرف وأفضل الآل ، وهل يجرؤ أحد أن يخرج فاطمة من آل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ! ! معاذ الله ! ! ثم إن الآل - إضافة إلى ملاحظة النسبة ومعنى الأهلية - تعني المآل والرجوع ، وأول من رجع إليه ( صلى الله عليه وآله ) وألحق به فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .

المورد الثاني : التسليم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في الصلاة ، حيث يقول المصلي « السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ساوت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قوله تعالى ( سلام على آل يس ) ويس اسم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وآله فاطمة والعترة الطاهرة ، وفي قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) التسليم يعود - كما في التفسير - إلى آل العصمة والطهارة ، وأمير المؤمنين أولهم وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) خاصتهم وخلاصتهم ولبهم ، ولها قرب معنوي واتصال روحاني وجسماني .

المورد الثالث : طه في القرآن الكريم اسم للرسول ، وفسر بالطاهرة ، وقوله تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) نزل في آل طه ، وأخبر عن طهارة ذواتهم المقدسة ، وأقرب أهل البيت ( عليهم السلام ) وأولهم فاطمة ( عليها السلام ) ، فهي من هذه الجهة تساوي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبعلها وبنيها بنص الذكر الحكيم .

المورد الرابع : في حرمة أكل الدقة - وهي أوساخ ما في أيدي الناس - حيث أنها حرمت على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وآله ، وفاطمة أقرب المقربين من الآل .

المورد الخامس : في وجوب محبة النبي ( صلى الله عليه وآله ) على الخلق أجمعين ، والمحبة لازمها الإتباع ، قال تعالى : ( فاتبعوني يحببكم الله )  ولا اتباع بدون محبة ، وقال تعالى في آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) فالمحبة المفروضة على الأمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) مفروضة أيضا لفاطمة وبني فاطمة ، بل هي من أهم الفرائض وأعظمها .

ومن من ذوي القربى أقرب إلى سيد الأنبياء من فاطمة ( عليها السلام ) وبنيها ؟ هذه الموارد الخمسة ذكرها ابن حجر الهيثمي المتعصب في كتاب الصواعق المحرقة ، ولكنه ذكرها كموارد لمساواة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآله ( عليهم السلام ) ، وذكرتها هنا كخصائص لفاطمة ( عليها السلام ) باعتبار الأهمية والأولوية ، وباعتبار أنها محل الكلام .

ونذكر هنا الموارد التي شاركت فيها فاطمة ( عليها السلام ) أبيها وبعلها ( عليهما السلام ) .

المورد السادس : في قصة المباهلة : قال في تفسير الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ما ساوى الله قط امرأة برجل ، إلا ما كان من تسوية الله فاطمة بعلي وألحقها بأفضل رجال العالمين ، فألحق الله فاطمة بمحمد وعلي في الشهادة ، وألحق الحسن والحسين بهم في قوله تعالى ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) .

ولا خلاف في أن المراد من « نساءنا » فاطمة ( عليها السلام ) و « أبناءنا » الحسن والحسين « وأنفسنا » أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .

المورد السابع : في قوله تعالى ( مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) المراد بالبحرين الحضرة المقدسة النبوية والذات المقدسة العلوية ، ففي التفسير أن المراد بالبحرين بحر الولاية وبحر العصمة ، والمراد بالبرزخ فاطمة ( عليها السلام ) ، واللؤلؤ والمرجان الإمامان الحسن والحسين صلوات الله عليهما .

المورد الثامن : التساوي في العصمة وفق مذهب الإمامية الاثني عشرية ، فكما أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والحسنين معصومون ، ففاطمة ( عليها السلام ) أيضا معصومة - وقد مر بيان ذلك سابقا - والعصمة من أقوم وأعظم صفات النبوة والرسالة ، وكل الصفات الكمالية الإنسانية ترجع إليها ، ومنها قوله تعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض . . . ) .

المورد التاسع : قلنا سابقا أن نطف الأئمة المعصومين ورسول الله وأمير المؤمنين من فواكه الجنة والثمار الصافية من العوالم العلية العالية ، وكذلك كانت النطفة الزكية لفاطمة المرضية من تفاحة الخلد والفواكه السماوية النازلة من الجنة ، وقد ذكرنا ذلك سابقا .

المورد العاشر : امتاز النبي والولي والأئمة المعصومون الطاهرون بأن نموهم كان يختلف عن الآخرين منذ الولادة والرضاع والفطام ، وكذلك كانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مساوية لهم في هذا الفضل والشرف العظيم .

المورد الحادي عشر : ذكرنا فيما مضى أحاديث إبداع أنوار النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الأطهار واتحاد نور فاطمة ( عليها السلام ) معهم ، وأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبو الأنوار ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أم الأنوار ، فهي تشاركهم وتساويهم من هذه الجهة .

المورد الثاني عشر : قارنت ولادة فاطمة إكرامات رحمانية ، كما قارنت ولادة النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الطاهرين ، فجميعهم شهدوا الشهادتين ، وأقروا بوحدانية الله ونبوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد مر حديث المفضل الجعفي في تكلم فاطمة وإقرارها بالشهادتين وتسليمها على سيدات نساء الجنان وتسميتهن بأسمائهن .

المورد الثالث عشر : سيأتي في خصيصة مستقلة أن الملائكة كانت تحدث فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، فهي كالأئمة الطاهرين محدثة يلازمها ملك يحدثها وينكت في قلبها وينقر في أذنيها ، فهي شريكتهم في هذا الفضل .

المورد الرابع عشر : مر سابقا أن العرش خلق من نور النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأن الملائكة خلقوا من نور أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأن الشمس والقمر من نور الحسن ( عليه السلام ) ، وأن الجنة من نور خامس أصحاب الكسا ، وأن السماوات والأرض من نور فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ففاطمة ( عليها السلام ) ساوت أبيها وبعلها وبنيها في شرف العلية بالنسبة للمخلوقات ؟ ؟

المورد الخامس عشر : كما أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والأوصياء المرضيين لهم أولوية على جميع النفوس البشرية وتمام الأفلاك العلوية والأرضين السفلية ، فإن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فاقت الجميع أيضا ، ونفسها القدسية أشرف وأفضل النفوس ، وقد جعل الله لوجودها المقدس حرمة خاصة ، ولو وزنت بجميع المخلوقات لرجحت عليها ، حيث وجعل الله لكل النفوس البشرية - من آدم ( عليه السلام ) إلى يوم القيامة - ارتباطا واتصالا خاصا بنقطة الكمال وكعبة الجلال فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، فهم يحتاجونها ويتمسكون بأذيالها ، ولم يكن ذلك للأنبياء والمرسلين والأولياء الكاملين .

المورد السادس عشر : في علم فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بما كان وما يكون وما هو كائن ، وإحاطتها الكاملة بذلك كأبيها وبعلها وبنيها ، ومحال أن تسأل فاطمة عن العلويات والسفليات والمجرات والماديات - فضلا عن الأحكام - فلا تجيب ، فهي عالمة بكل شئ مما دون العرش كما ورد في الحديث الصحيح .

المورد السابع عشر : لكل واحد من الأئمة المعصومين تكليف خاص في الصحائف السماوية المذخورة ، وكان يزاد في علمهم ، وكانوا ينظرون في الجفر والجامع ونظائرها .

ولفاطمة ( عليها السلام ) - فضلا عن الإفاضات التي كانت تصلها من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين - مصحف كريم أكبر من المصحف ( القرآن ) ثلاث مرات ، كان جبرئيل يميله عليها وهي تملي على أمير المؤمنين وهو الآن موجود بإملاء فاطمة ( عليها السلام ) وخط علي ( عليه السلام ) بيد صاحب الزمان ( عج ) ، وفيه أخبار السماء وملك الملوك والسلاطين وغيرها من العلوم ، وهو مصدر من مصادر علوم آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ونحن الشيعة نفتخر بهذا الفخر والشرف الثابت لفاطمة وذريتها ، ونشكر الله على هذه الألطاف وهذا التشريف الخاص الذي يعد امتيازا في الخصائص الفاطمية والمزايا الزهرائية ، وسيأتي الكلام في المصحف .

المورد الثامن عشر : كان جبرئيل الروح الأمين ينزل على سلطان العالمين بالكسوة البشرية فيراه صاحب المقام الأقدس النبوي والسيد المقدس المرتضوي بالحس الظاهري ويحدثونه ، وكذلك - كما في حديث المصحف - كان جبرئيل والملائكة المقربين يحدثون السيدة فاطمة الزهراء وتحدثهم ، فهي وهم سواء في هذه المشاهدة .

المورد التاسع عشر : واتفق الفريقان على أنها ساوت الأنوار الأربعة من حيث اقتداء الخلق بأنوارهم ، وقد أمر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كافة البرايا بالاقتداء بفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، والأمر بالاقتداء عام إلا ما خصص ، ولا يخصصه إلا أولياء الدين وأولي الأمر .

المورد العشرون : روي أن المراد من « أهل الذكر » هم علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، و « الذكر » هو النبي ( صلى الله عليه وآله ) والقرآن ، ففاطمة الزهراء من آل الرسول ومن أهل القرآن ، ومنه يعلم أن تلك المخدرة كانت عالمة بالعلوم التي تفاض على أبيها وبعلها ، وإلا فكيف يكن أن يسأل الجاهل بالأحكام ؟ ! وفي ذلك كمال الشرف ، وهو أقوى دليل على مطاعية فاطمة ( عليها السلام ) ، وخير برهان على وجوب الإقتداء بها .

المورد الحادي والعشرون : من الواضح جدا تساويها ( عليها السلام ) في أخبار توسل آدم أبي البشر ( عليه السلام ) - وغيره من الأنبياء - بالخمسة الطيبة ، بل لهم توسلات خاصة بفاطمة الصديقة الطاهرة .

المورد الثاني والعشرون : ورد في حديث المناقب أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : إن الله خلق الجنة من نور وجهه ، ثم قسم ذلك النور أثلاثا ثلاثة : فثلث لي ، وثلث لفاطمة ، وثلث لعلي وأهل بيته .

فمن انتفع بذلك النور فقد هدي إلى ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ومن لم ينتفع ضل وهوى . . . وقد أثبت هذا الحديث شيئا أكثر من التساوي لفاطمة ( عليها السلام ) ، حيث جعل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأولاده المعصومين في جزء ، وفاطمة الزهراء لوحدها في جزء آخر .

المورد الثالث والعشرون : جمعت عشرة أحاديث في أن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) والأنوار الأربعة تحضر ساعة الإحتضار عند جميع الموتى .

المورد الرابع والعشرون : روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يتقلب - بعد وفاته - يمينا وشمالا على المغتسل ، وكانت له معاجز أخرى روتها كتب السير مفصلا ، وكذا روي في الصحيح المعتبر لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد وفاته ، من قبيل حمل مقدم السرير ووجود القبر المطهر جاهزا وغيرها ; وكذلك كانت لفاطمة الزهراء صلوات الله عليها معاجز بعد وفاتها ، كاحتضانها الحسنان وغيرها ، وفي رواية ورقة بن عبد الله دليل على أنها كانت في مماتها كما كانت في حياتها ، فهي وأبوها وحيدر الكرار متساوون في هذا الشرف العظيم والفضل الجسيم .

المورد الخامس والعشرون : كان كل واحد من الأئمة الطاهرين - من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الإمام العسكري - يرى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل وفاته في المنام فيخبره بقدومه عليه ، حتى صار هذا الأمر من علائم الإمامة عند البعض ، وكذا كانت الصديقة الطاهرة ، حيث رأت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قبيل وفاتها وبشرها بقرب اللقاء . وستأتي أخبار ذلك .

المورد السادس والعشرون : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والأئمة المعصومون يعلمون بشهادتهم وزمان وفاتهم ويخبرون بذلك ، وكذا كانت فاطمة الزهراء - كما في الخبر المعتبر - حيث أخبرت الأمير ( عليه السلام ) بوفاتها وبدا عليها السرور والإستبشار .

المورد السابع والعشرون : أنها ساوت بعلها وأمها خديجة في الإيمان بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) واتباعه ، فسبقت ( عليها السلام ) نساء العالمين وسادتهن في كمال الإيمان .

المورد الثامن والعشرون : أن فاطمة الزهراء الجنة تدخل مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأمير والحسنين ( عليهم السلام ) سوية ، وسيأتي الحديث عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إن أول من يدخل الجنة فاطمة ( عليها السلام ) .

وروى ابن حجر في الصواعق المحرقة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : « يا علي ! أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا » .

وهو حديث صحيح عند أهل السنة ، ففاطمة ( عليها السلام ) وفق الرواية السابقة تساوي الأنوار الأربعة في دخول الجنة .

المورد التاسع والعشرون : روى في البحار عن عمر بن الخطاب عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : « فاطمة وعلي والحسن والحسين في حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن » ففاطمة في حظيرة القدس مساوية لأمير المؤمنين والحسنين ( عليهم السلام ) .

المورد الثلاثون : لقد اشتق اسم السيد فاطمة الزهراء من الاسم المبارك للحق جل وعلا ، فالله فاطر السماوات والأرض وهي فاطمة ، وأبوها محمد والله المحمود ، وبعلها العلي والله العالي ، وابناها الحسن والحسين والله المحسن .

ففاطمة ( عليها السلام ) مساوية لهم من حيث الإشتقاق الإسمي ، ولم تكن هذه الدرجة العظمى من الشرف لأحد من الأنبياء والأولياء إلا ما كان لهؤلاء الخمسة ( عليهم السلام ) .

المورد الحادي والثلاثون : يحشر يوم القيامة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) والنبي صالح ( عليه السلام ) ركبانا ورابعهم الصديقة الكبرى ( عليها السلام ) ، وفي حديث آخر : الركبان يوم القيامة أربعة : رسول الله وأمير المؤمنين ( عليهما السلام ) وصالح وحمزة ( عليهما السلام ) .

وسنذكر الحديث مفصلا في الكلام عن مواقف القيامة .

المورد الثاني والثلاثون : إن منزل فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في جنات عدن مساو لمنازل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، ومقامها في أعالي الجنان مساو لمقامهم .

المورد الثالث والثلاثون : ساوت فاطمة ( عليها السلام ) رسول الله وأمير المؤمنين وأبنائها المعصومين ( عليهم السلام ) في نيل درجة الشهادة وثوابها ، حيث مات رسول الله شهيدا مسموما ، كما في الأخبار الصحيحة ، وكذا فارقت فاطمة ( عليها السلام ) الدنيا شهيدة . وستأتي الإشارة إلى أحاديثها إن شاء الله .

المورد الرابع والثلاثون : ساوت النبي ( صلى الله عليه وآله ) والولي والسبطين في الحضور تحت الكساء ، فشاركت الأنوار الأربعة في هذه السعادة الباهرة الزاهرة ، ودخلت في عداد الزبدة المجتباة من رجال عالم المعمورة .

المورد الخامس والثلاثون : لقد ساوى العلي الأعلى - عز وجل - بين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ووعدهما بالثواب معا في قوله تعالى : ( إن الله لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) .

وكذلك ساوى بينهما في قوله تعالى : ( هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) فقدم فاطمة ( عليها السلام ) لأنها النسب وهي أقرب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ومن ثم ذكر الصهر وهو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

المورد السادس والثلاثون : إنها شارت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في كل مائدة من الموائد أو موهبة من المواهب التي نزل بها جبرئيل على النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى في حديث القدح وغيره ، وليس ثمة مكرمة أو مرحمة إلهية فاضت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا وكانت تلك المخدرة العظمى هي الركن الأعظم المميز فيها .

المورد السابع والثلاثون : روى في إرشاد القلوب والبحار : إن ثواب تسبيح الملائكة وتقديسهم إلى يوم القيامة يكتب لمحبي فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها .

يعني أن فاطمة تساوي الرسول الأكرم وبعلها المكرم وأبنائها الطاهرين في هذا الفضل العظيم ، فكل ما يكتب لمحبيهم يكتب لمحبيها .

المورد الثامن والثلاثون : ورد في الحديث أن « خير أهل الأرض محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين » ففاطمة مساوية للأنوار الأربعة من حيث أنها « خير أهل الأرض » .

المورد التاسع والثلاثون : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دعا لفاطمة ( عليها السلام ) في كل موطن وموضع دعا فيه لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أو أنه دعا لهما معا في موضع واحد كما في قوله « ألف بينهما واجمع شملهما واجعلهما وذريتهما ورثة جنة النعيم » .

ولما نزل جبرئيل بالتفاحة والسفرجلة من الجنة ، قسمها بينهما بالمناصفة وقال للأمير : أطع فاطمة ، ثم قال لفاطمة : أطيعي عليا .

ولما جاؤوا بقدح اللبن قال لفاطمة : « إشربي فداك أبوك » ثم قال للأمير : « اشرب فداك ابن عمك » .

وفي حديث النكاح أن الملك المقرب قال لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « زوج النور بالنور » كما في كتب الفريقين .

وكل هذه الأخبار تدل على مساواتها ( عليها السلام ) مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض المراتب .

المورد الأربعون : ساوت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسيف الله المسلول في الحنوط الذي نزل به جبرئيل من الجنة .

المورد الحادي والأربعون : كان للنبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) مكاشفات عند الإحتضار ، من قبيل رفع الحجب ورؤية مواكب الملائكة ونزول جبرئيل وميكائيل ، وكذا كانت فاطمة ( عليها السلام ) ، وسيأتي حديث مصباح الأنوار ورواية عبد الله بن الحسن .

المورد الثاني والأربعون : لقد دفن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين وسيد الشهداء ( عليهما السلام ) ليلا ، وكذا دفنت السيدة فاطمة الزهراء ليلا .

وفي ذلك أسرار وحكم .

المورد الثالث والأربعون : يقول الحق تعالى يوم القيامة في حديث طويل : « جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة » فهي مساوية للأنوار الأربعة من جهة الكرامة .

المورد الرابع والأربعون : ساوت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) نبي الرحمة وسلطان الولاية وآله الطاهرين في حديث « من فرح لفرحنا وحزن لحزننا »  لعموم الحديث .

المورد الخامس والأربعون : أن الصلوات الخمسة تتعلق - بناء على الخبر المشهور - بالخمسة الطاهرة ، فصلاة الظهر باسم النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والعصر باسم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والعشاء باسم الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وفريضة الصبح باسم الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، والمغرب باسم فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، وهي برزخ بين الأربع ركعات والركعتين ، ومساواتها للأربعة في هذا الشرف العظيم بديهي وواضح .

المورد السادس والأربعون : أن ثواب زيارة السيدة فاطمة ( عليها السلام ) يساوي ثواب زيارة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وثواب زيارة الأمير ( عليه السلام ) يساوي ثواب زيارة فاطمة ( عليها السلام ) ; فزيارة فاطمة الطاهرة تساوي زيارة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

المورد السابع والأربعون : لقد تكلمت فاطمة الزهراء وهي في بطن أمها وبعد ولادتها مباشرة ، كما تكلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبعض الأئمة وهم في أرحام أمهاتهم وبعد الولادة مباشرة .

فهم متساوون من هذه الجهة .

المورد الثامن والأربعون : أن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وأمير المؤمنين متساويان من حيث فخامة النسب ، فأمير المؤمنين ابن أبي طالب ، وأبو طالب ابن عبد المطلب ، وفاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ورسول الله بن عبد الله ، وعبد الله بن عبد المطلب ، غير أن نسب فاطمة أعلى من جهت الإتصال بالرسالة .

المورد التاسع والأربعون : تساويها ( عليها السلام ) مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) في الشفاعة ، بل لها زيادة .

المورد الخمسون : تساويها ( عليها السلام ) مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في رأفتها بهذه الأمة ، وتساويها مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسائر أبنائها الميامين ( عليهم السلام ) في رأفتهم بشيعتهم .

كان هذا مختصرا فيما ساوت به فاطمة الطاهرة خاتم النبيين وسلطان الولاية أمير المؤمنين في بعض حالاتهم وصفاتهم .

والغرض من ذكر ذلك ; أن نقول : لا يمكن إخراج الزهراء ( عليها السلام ) من كنف النبوة وحمى الولاية ; فرجال الأسرة ونساؤها وصغارها وكبارها - وهم الأطهرون من عباد الله - لا يقاسون بأحد ، إلا أن يقاس بعضهم ببعض لاتحاد أصولهم العظيمة وأرومتهم الكريمة ، وهل يقاس الأصل بما سواه ؟ ! كيف والأوهام والأفهام قاصرة بل عاجزة عن إدراك مقامهم ، سيما مريم الكبرى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) التي يدخل رجال العالمين تحت لواء محبتها وولايتها يوم القيامة ، فتنجي من حظي بشئ من محبتها وهدي إلى ولايتها ، فتفيض عليهم الفيض الكامل والفضل العاجل ، فهي ملكة عالم القيامة ، والحاكمة في محكمة العدل .

اللهم بحقها وبحق مقاماتها وبينات آياتها ، وبحق ذاتها وصفاتها أن لا تردنا عن بابها وأعتابها خائبين ، ولا عن حضرتها وساحتها آيسين ولا محرومين يا أرحم الراحمين .

العودة إلى الصفحة الرئيسية