في أن فاطمة صلوات الله عليها أفضل من الحسنين عليهما السلام ، والاختلاف في ذلك

هل أن فاطمة الزهراء أفضل من الحسنين ، أو مساوية لهما ، أو أنهما والأئمة المعصومين أفضل منها ؟ ! ذهب إلى القول الأخير جماعة من المتأخرين وقليل من المحدثين المعاصرين ، فيهم الميرزا القمي صاحب القوانين في جوابه على سؤال سئل به ضمن عدة مسائل ; والسؤال هو : لقد اختلف العوام فيما بينهم ، فمنهم من قال أن فاطمة أفضل من الحسنين ، ومنهم من قال أن الحسنين أفضل من فاطمة ، فما هو قولكم في المسألة ؟

الجواب : إن ظواهر الآيات والأخبار والقواعد العامة لدى الإمامية تفيد أن الحسنين أفضل ، وذلك لأنهما يشاركانها في العصمة ويفضلانها بالإمامة ، فهما إمامان لهما الرئاسة العامة على كافة الخلائق ; والإمامة - وحدها - كافية للقول بأفضليتهما ، إضافة إلى أنهما كانا أطول عمرا ، وبالتالي أكثر عملا وعبادة بسبب طول العمر ، وطول العمر يلزم تحمل الشدائد والمحن والإبتلاءات أكثر ، سيما ثاني سيدي شباب أهل الجنة .

وقصر عمر البضعة الأحمدية يعني قصر مدة العبادة والمعاناة ! !

والأفضلية تتبع كثرة العمل وصعوبته ! ! !

والمقام لا يقتضي أكثر من هذا البيان والوقت لا يسع .

وصرح المحدث الأوحد الشيخ أحمد الإحسائي في عدة مواضع من شرح الزيارة الجامعة بأفضلية الحسنين والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) .

وكذا قال شارح خطبة الزهراء ( عليها السلام ) .

وعبارة الشيخ الإحسائي في ذيل قوله ( عليه السلام ) : « حيث لا يلحقه لاحق ، ولا يفوقه فائق ، ولا يسبقه سابق ، ولا يطمع في إداركه طامع » قريبة من بيان المرحوم المجلسي الأول حيث قال : من كان دون الأئمة لا يلحقهم بحال ، ومن كان أفضل فهو أفضل من غيرهم وليس أفضل منهم ، والنبي وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما أفضل منهم لأنهما مستثنيان بالأخبار ، فلا يسبقهم سابق ، ولا يطمع في إدراكهم طامع ، لأنه يعلم أنهم مخصوصون بمواهب إلهية خاصة لا تنال بالسعي والاجتهاد .

ثم تعرض إلى كلام المجلسي فقال : قوله ( رحمه الله ) « والنبي وأمير المؤمنين مستثنيان بالأخبار ، غير جيد » ; لأنهم ( عليهم السلام ) لهم حالتان :

الحالة الأولى : من حيث احتياج الخلق إليهم ، فالمعصومون الأربعة عشر في ذلك سواء ، ولا تفاضل بينهم .

الحالة الثانية : من حيث لحاظ كل واحد منهم على انفراد ، فهو موجب للتفاضل ، ولا يستثنى منهم أحد ، ولا اختصاص فيه للنبي والولي ، فمقاماتهم متفاوتة ، والنبي سابق ، ومن ثم أمير المؤمنين ، ومن ثم الحسنان واحدا بعد واحد ، ومن ثم تسعة من الأئمة الطاهرين تاسعهم قائمهم ، ثم الصديقة الطاهرة صلوات الله عليها .

كان هذا تقرير المرحوم المجلسي والشيخ طاب ثراهما .

وقد تبين أن الشيخ قائل بالتفصيل ; فهم متحدون بلحاظ ، وكلهم في درجة واحدة ، ومتفاوتون بلحاظ آخر ، ولكن تأخير رتبة فاطمة العالية عن الأئمة الأبرار يحتاج إلى دليل .

نعم لا كلام في أفضلية الخمسة الطاهرة ، أما تفضيل الحسنين على الزهراء ( عليها السلام ) فظاهر من كلام الميرزا .

وقال السيد عبد الله شبر في شرحه على المفاتيح على حاشية شرح السيد نعمة الله الجزائري على تهذيب شيخ الطائفة عليه الرحمة ، في باب تفضيل بعض الأئمة على بعض : لم لم يتعرض لأفضلية فاطمة ( عليها السلام ) على الحسنين أو تساويها أو تفضيلهما عليها ؟ لعله لم يطلع على النص الصريح الوارد في الباب ، وقد أخرجه المجلسي في البحار في تفضيل فاطمة على أبنائها ، وهو حديث صريح لا يقبل التأويل : سأل سلمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : من أفضل خلق الله ؟ فأشار النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الحسنين وقال : جد هذين .

قال سلمان : فمن بعد جدهما ؟ قال : أبو هذين .

قال سلمان : فمن بعد أبيهما ؟ قال : أم هذين . قال سلمان : فمن بعد أمهما ؟ قال : هذان . وفي إكمال الدين في نص النبي ( صلى الله عليه وآله ) على القائم ( عليه السلام ) في حديث طويل « قالت [ أي فاطمة ( عليها السلام ) ] : وأي هؤلاء الذين سميتهم أفضل ؟ قال : علي بعدي أفضل أمتي ، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد ابني وسبطي حسين وحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا - وأشار إلى الحسين - منهم المهدي » .

ورأيت في عوالم العلوم : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « خير هذه الأمة من بعدي علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ، من قال غير هذا فعليه لعنة الله »  .

والذي استفدته من سياق الأخبار سيما الخبرين الأخيرين - بدلالتهما الصريحة - أفضلية فاطمة على الحسنين ، وبطريق أولى تكون أفضل من الأئمة الآخرين ، ويمكن إثبات ذلك بعدة وجوه :

أولا : قالت الفرقة الإمامية الناجية بتفضيل النبي ( صلى الله عليه وآله ) على جميع خيار خلق الله من الأنبياء والملائكة كافة ، وجعلت هذا القول في صميم عقيدتها وجزء من مذهبها ، ويتلوه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فهو أفضل حتى من أولي العزم ، وخالفهم في ذلك المخالفون وشرذمة من الإمامية كما حكى ذلك السيد المرتضى .

والصحيح الذي وردت فيه أحاديث متواترة وأخبار متكاثرة في الكتب المعتبرة ما ذكرناه من أفضلية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

وفي البحار : « إن أفضل الأئمة أمير المؤمنين ، وإن أفضل الأئمة بعد أمير المؤمنين الحسن والحسين ، وأفضل الباقين بعد الحسين ( عليه السلام ) إمام الزمان المهدي ( عليه السلام ) ثم بقية الأئمة من بعده على ما جاء به الأثر وثبت به النظر »  .

وحديث محمد بن سنان عن المفضل الجعفي ، عن الثمالي ، عن الباقر ( عليه السلام ) يفيد تساويهم في الفضل « عند الله » .

والأخبار كثيرة في تفضيل الحجة ( عج ) « تاسعهم أفضلهم » وتساوي الآخرين في المنزلة منها قوله ( عليه السلام ) : « علم آخرهم عند أولهم ، ولا يكون آخرهم أعلم من أولهم » .

وبعد ثبوت أفضلية سلطان الولاية ، وورود الأخبار الصريحة الناصة على أفضلية فاطمة ( عليها السلام ) على الحسنين ، فإن تأخيرها وتنزيل مرتبتها ومقامها خارج عن الصواب والسداد ، وكيف يقدم عليها من لا يرضى بالتقدم والتفضيل عليها ؟ ! وهذا هو ما ذهب إليه السيد عبد الله شبر ، ولكن شارح التهذيب لم ير هذا الحديث « وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، ولعمري إنهم ما أحاطوا بصفاتها ، وما اهتدوا بحقيقة معرفتها وذاتها ، وما ذلك إلا من قصور عقولهم وفتور أصولهم » .

وقال علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة : « ولولا أن فاطمة سرا إلهيا ومعنى لاهوتيا ، لكان لها أسوة بسائر أولادها ( عليهم السلام ) ، ولقاربوا منزلتها ، ولكن الله يصطفي من يشاء » .

وروى في المناقب أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « . . . وإن عليا ختني ، ولو وجدت خيرا من علي لم أزوجها منه »  .

وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مفتخرا : ولي الفضل على الناس بفاطم وبنيها * ثم فخري برسول الله إذ زوجنيها .

ثانيا : إن المرحوم الميرزا القمي تمسك بظواهر الآيات والقواعد الكلية والأخبار المروية والرئاسة العامة وطول العمر وكثرة العمل والعبادة والعصمة المشتركة ، وجعل هذه الأمور دليلا على التفضيل .

أما ظواهر الآيات القرآنية - التي أعرفها - فلا دلالة فيها على التفضيل ، ولا أدري أي آية كريمة تدل بظاهرها على أفضلية الحسنين ( عليهما السلام ) على فاطمة ، وليته ذكر الآيات الظاهرة الدالات لإسكات العوام ؟ نعم ظاهر الآية الكريمة يدل على تفضيل الرجال على النساء ، وقد مر الكلام في ذلك ، وقوله تعالى ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) يفيد إطاعة أولي الأمر ، وهم الأئمة واحدا بعد واحد ، والمطاع أفضل من المطيع ، والمتبوع أفضل من التابع ، فأمير المؤمنين أفضل من فاطمة ( عليها السلام ) بلا كلام ، لكن الآية غير ظاهرة في أفضلية الحسنين ( عليهما السلام ) ، ونظائر هذه الآية كثير .

وأما الأخبار : فما ذكره خلاف المشهور .

وأما القاعدة الكلية في تفضيل الرجل على المرأة فصحيحة ، ولكن لا على وجه الإطلاق ; لأنها بعيدة عن القانون الكلي الإلهي ، فكم من رجل أدون درجة من آلاف النساء ؟ ! وكم من مرأة أقرب إلى الله - جل شأنه - لطهارة ذاتها وامتياز حالاتها وصفاتها ؟ !

ولعل المراد من القواعد الكلية مطالبا أخرى لا ألتفت إليها في هذه العجالة .

أما العمل والرئاسة العامة والإمامة فهو مطلب عظيم وطريق وعر ، ففي صورة انحصار الإمام في شخص وتفويض الرئاسة الإلهية للوجود المبارك بالإنفراد دون الاشتراك ، فيكون الإمام الناطق هو الحجة الإلهية الظاهرة الباهرة على الخلق ، وهو الغوث والقطب الذي تدور عليه رحى الإمكان ، فإذا رحل عن الدنيا حل محله حجة أخرى ونصب إمام آخر ، وإذا اجتمع إمامان فلا بد أن يكون أحدهما صامتا لا يتصرف في العالم بدون إذن الإمام الناطق .

أما فاطمة الزهراء والحسنان فإنهم عاشوا بعد النبي خمسة وسبعين يوما كانت الإمامة فيها لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

وكان هؤلاء الثلاثة هم أقرب المقربين وأكمل المكملين من رعايا أمير المؤمنين ، كانوا مأمورين بطاعته وامتثال أمره ، فكيف يكون الحسنان أفضل من أمهما في هذه الفترة التي كان فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جليس داره والحسنان صغيران ؟ !

والأفضل أن نتكلم عن هذه الفترة بالخصوص ونترك الكلام عن فترة إمامتهما ( عليهما السلام ) ، لأننا لا ندري ما هو التكليف الإلهي لو كانت فاطمة في عهد إمامة الحسنين ( عليهما السلام ) ؟ !

أما في الفترة المذكورة ، فهل من قائل بأفضليتهما عليها ؟ ! وكيف يمكن أن يتحدث أحد عن الحال فيجاب بالمستقبل والمآل ؟ !

وظاهر الحديث الإشارة إلى زمان ترتب إنشاء وجودهم منذ اليوم الأول بلحاظ الإخبار عن الحال والاستقبال ، يعني أن فاطمة تلي أمير المؤمنين في الفضل ، وهي أفضل من الحسنين ، ويليها الحسن ثم الحسين ( عليهما السلام ) .

وقد روى الفريقان حديث التمسك بالقمر بعد الشمس ، وبالزهرة بعد القمر وبالفرقدين بعد الزهرة ، وهو صريح في تفضيل العصمة الكبرى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .

وقد عاشت ( عليها السلام ) في زمن فقد فيه الناس الشمس ووجدوا القمر ولو أنها عاشت بعد أمير المؤمنين لكان لها فضيلة ومزية خاصة ، ولكنها لا تكون نبيا ولا إماما .

إذن ففي تلك الفترة المشتركة كانت فاطمة ( عليها السلام ) أكبر سنا من الحسنين ، وهذا يعني أنها عمرت أكثر منهما وكانت عبادتها أكثر ، وكان جهادها ونصرها - حسب معرفتها - لأمير المؤمنين خارج عن حد الوصف والحصر ، أضف إلى ذلك كل ما تحملته مخدرة الزمان وسيدة النسوان - في تلك الفترة القليلة - من النوائب العظيمة والمصائب الفادحة ، وما تجرعته من مرارة الشدائد والمحن الدنيوية وما « لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا » .

وبعبارة أخرى : إن هؤلاء الأربعة كانوا حججا إلهية بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان على الثلاثة اتباع الحجة الأعظم أمير المؤمنين في أوامره ونواهيه ، وكانت فاطمة ( عليها السلام ) مطيعة مخلصة في الطاعة ، ولكن هذا لا يعني أنها لم تكن حجة ، فإن كل واحد منهم كان - في نفسه - حجة إلهية كبرى بلحاظ العصمة ، وقد أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أمير المؤمنين بإطاعة فاطمة ، فقال :

يا علي ! أطع فاطمة ( عليها السلام ) ، وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليس مقصورا على زمان حياته ، وإنما أمره بذلك في حياته وبعد وفاته . وإنما أمره بطاعتها باعتبار أنها معصومة ، ومن كان معصوما كان وجوده المبارك حجة ، والمعصوم لا يؤمر بإطاعة غير المعصوم ، سيما إذا كان المأمور معصوما والمطاع امرأة ! ! هذا ; وقد وردت أخبار كثيرة - لا تسعها هذه الخصيصة - في تفضيل فاطمة الطاهرة ، وأن مقامها بعد مقام النبوة ومقام الإمامة وفوق مقام سائر الأئمة ( عليهم السلام ) ، ولكن أكثرها على سبيل التلويح لا التصريح ، فهي ليست صريحة كالحديثين المذكورين .

ومنها : ما رواه الصدوق عليه الرحمة في إكمال الدين عن الباقر ( عليه السلام ) عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهم السلام ) قال : « دخلت أنا وأخي على جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأجلسني على فخده ، وأجلس أخي الحسن على فخذه الأخرى ، ثم قبلنا وقال : بأبي أنتما من إمامين صالحين اختاركما الله مني ومن أبيكما وأمكما ، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة ، تاسعهم قائمهم ، وكلكم في الفضل والمنزلة عند الله تعالى سواء » .

والكلام في قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « اختاركما الله مني ومن أبيكما وأمكما » ; والاختيار - كما في الأخبار المعتبرة - يعني أن نوركما من نوري ونور علي وفاطمة ( عليهم السلام ) ، وهذا الإختيار دليل على سبق نور فاطمة منذ اليوم الأول على نور الحسنين ، والسبق دليل الأفضلية .

وفي رواية الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) المارة الذكر أن نور الإمام الحسن والإمام الحسين ( عليهما السلام ) خلقا من نور فاطمة .

فنورها السعيد مقدم في أول الإيجاد ، فكيف يؤخر في ما بعد ويخرج من هذه المنزلة الحقة ، أو يزحزح عن موضعه في السلسلة .

ففاطمة الزهراء ( عليها السلام ) - إذن - ثابتة في منزلتها وحالتها الأولى ، مستقرة في مرتبتها حسب ترتيب الإيجاد الأول ، وليست في مقامها دون مقامات الأئمة المعصومين ، بل تبقى كما كانت ، وقد تحقق وانجلى واتضح لكل ذي عينين عصمتها الموهوبة ، وعلومها المبذولة ، وطهارتها الذاتية ، وسيادتها على رجال العالم ونساء العالمين ، وقد روي بطرق معتبرة توسل الأنبياء العظام والملائكة الكرام بذيل عناياتها ، وإن لم تدخل دائرة الإمامة والرئاسة العامة ، وكلف بها أبناؤها بلحاظ الذكورة ، إلا أنها كانت أما للأئمة العظام ووعاء للمعصومين الكرام ، وقد أدركت الصحبة ، ولازمت النبي ( صلى الله عليه وآله ) في المدينة ومكة ، ونشأت في ظله ، وعاشت في حماه وسمعت الوحي ، وفي ذلك كله من الفضل والشرف ما اختصت به دون الآخرين .

فضلا عن ارتوائها من حقيقة الولاية ، وما حازته جراء صبرها على المحن والصعاب في وقوفها إلى جانب أبيها وبعلها . « وإني أقول : إن كل شجرة ومدرة على وجه الأرض بذكر مناقبها ناطقة .

وأيم الله ; إنها الطاهرة المطهرة ، والصديقة الصادقة ، وإنها أجل من أن تحيط بها الأفكار ، وتصل إليها الأنظار ، وقد ملئت من مفاخرها المشهورة صحائف الإمكان ، وزينت من مآثرها المشكورة أوراق كتب الإيجاد ، من الكمالات النفسانية والملكات العقلانية .

وإن فضائلها المروية يرويها الجميع كابرا عن كابر ، وفواضلها الرحمانية يهديها الأول إلى الآخر ; فلها العز الأعلى عند أهل الآخرة والأولى ، لعلم الله تعالى من شرف محلها وعلو قدرها قضى ما قضى ، وقدر ما قدر ، مما لا تناله العقول والفكر ، ولها كرائم ليست لأحد من النسوة ، وشرائف قد اكتنفتها قبل الفطرة ، فحازت قصبات السبق ، واستولت على عرائش الفضل ، فاختارها الله تعالى من الأنبياء والمرسلين ، وجعلها ولية الله وآيته الكبرى على العالمين ، فعجز الخائضون في كنه معرفتها ، وأبعد الناس كلهم عن أقطارها وإدراك مقدارها ، وإنها نور على نور من ربها ، وزاد على طيب فرعها طيب أصلها » .

العودة إلى الصفحة الرئيسية