- تفضيل نبي على نبي مبعث خصام وانقسام.

- تفضيل الأنبياء على بعضهم هو في مواقع العمل.

- تفضيل الله لبعض الأنبياء لا يمثل مسؤوليةً لأتباعهم.

- التفضيل هو في نوعية الكتب.

- التفضيل في طبيعة المعجزة.

- لا تستغرقوا في الأنبياء كأشخاص (كلام تكرر عشرات أو مئات المرات في خطبه وفي كتبه).

- لا فائدة في الوقوف عند تفضيل نبي على نبي.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

{ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض..} فيما ميزناهم به من مواقع العمل، وطبيعة المعجزة، ونوعية الكـتب، من قـاعدة الحكمة التي أقـام الله الحياة عليها.." [ من وحي القرآن ج14ص149ط2]

ويقول في موضع آخر:

".. وربما كان لنا أن نستوحي من ذلك.. أن الله يريد أن يعلمنا ويقول لنا.. لا تستغرقوا في الأنبياء كأشخاص، بل استغرقوا فيهم، كخط وكهدى وكرسالة.. ولا تقولوا إن هذا النبي أفضل من ذاك، ليكون ذلك مبعث خصام وخلاف وانقسام فيما بينكم، لأنهم لا يعيشون في حياتهم هذا الهاجس، ولا يتحركون من أجل تأكيده، وإن كان الله قد فضّل بعضهم على بعض، لكن ذلك لا يمثل مسؤولية أتباعهم، ولا يباعد بين خطواتهم.. بل كل ما هناك هو السير على الخط الذي ساروا عليه، في اتجاه الهدف الذي استهدفوه، لأن الله هو الذي يفاضل بينهم، في الدرجات عنده، بعد أن فاضل بينهم في المسؤوليات في الحياة، وليس لنا في ذلك دخل من قريب أو من بعيد، فلنقف حيث يريد الله لنا أن نقف، ولنوفّر على أنفسنا جهد البحث فيما لا سبيل لنا إلى الإحاطة به ولا فائدة لنا في الوقوف عنده، ولندّخر تفكيرنا لما أرادنا الله من الخوض في معرفته، والجهاد في سبيله، وهو الرسالة من خلال قيادة الرسول، في الفكر والحركة والعمل [ من وحي القرآن ج9 ص207-208ط2]

 

ونقول:

 

أما بالنسبة للحديث عن تفضيل نبي على نبي، فإننا نقول:

أولاً: قد ادعى السيد فضل الله أن الحديث عن تفضيل نبي على نبي يوجب الخلاف والخصام والإنقسام.

مع أننا لم نجد في كل الحقب التاريخية أي مفردة تشير إلى أي نزاع نشأ عن الحديث عن تفضيل نبي على نبي، فضلا عن أن يكون، هناك خصام أو انقسام بسبب ذلك.

ثانياً: إننا لم نعرف كيف تكون نوعية الكتب من أسباب تفاضل الأنبياء، فأيهما أفضل إبراهيم (ع) الذي جاء بالصحف فقط؟! أم موسى (ع) الذي جاء بالتوراة والألواح والصحف أيضا؟! وأيهما أفضل موسى (ع) صاحب التوراة أم عيسى (ع) صاحب الإنجيل؟!

ثالثاً: قوله إن الأنبياء يتفاضلون بحسب طبيعة المعجزة أيضا، يثير لدينا السؤال، كيف نفهم أن التفاضل بين إبراهيم (ع) وعيسى (ع) وموسى (ع) عن طريق المعجزة؟‍ وهل أنزال التوراة والألواح زيادة على الصحف، يعني أن موسى (ع) كان أفضل من إبراهيم (ع)؟‍ إن ذلك لا يقبل به أحد.

رابعاً: قوله إن التفاضل بين الأنبياء إنما هو فيما ميزهم به من مواقع العمل، فإن ذلك يطرح أمامنا أسئلة كثيرة؛ فهل كان موقع العمل من الأنبياء مختلفاً، فيشتغل أحدهما بتبليغ الدين، ويشتغل الآخر بأمر آخر غير ذلك؟!.

أم أن المقصود بمواقع العمل، هو أن يكون شغل هذا مع بني إسرائيل، وشغل ذاك مع آخرين، وهذا مع عاد، وذاك مع ثمود.. وهكذا؟!..

ثم إننا لا ندري لماذا يصر هذا الرجل على كون المفاضلة هي في المسؤولية في الحياة، ولا ربط لها بمقاماتهم الغيبية سلام الله عليهم. مع انه لا يملك دليلا على دعواه هذه.. سوى الادعاء والاستحسان!.

خامساً: إن كان يريد: أن التفاضل في المسؤولية هو الموجب للتفاضل في الآخرة وعلو الدرجات ؛ بسبب كثرة العمل الناشئ عن حجم المسؤولية، فمعنى ذلك:هو أن لا يبقى ثمة من فرق في ذات الأنبياء بين نبي ونبي، وذلك يعني، أن ما جوّزه هذا البعض على يونس (ع) وآدم (ع)، ونوح (ع)، وموسى (ع) والخ.. لا بد أن يجوّز صدوره من نبينا الأكرم (ص)، فيمكن أن يكون نبينا (ص) ساذجاً وأن يرتكب معاصي، تشبه معصية إبليس، ثم يتوب كما جرى لآدم (ع)، وأن يرتكب جرائم دينية، ويقتل انفساً بريئة، وأن لا يعرف تكليفه الشرعي فيما يرتبط بهداية الناس، كما يزعم البعض جريانه في حق موسى (ع) وهارون (ع)، وأن.. إلى آخر القائمة التي سنذكرها قريباً.

فان كان مراده غير ذلك، فعليه أن يشرح لنا كيف ومن أين جاء ارتفاع الدرجات وتدانيها في الآخرة.

سادساً: ليت هذا البعض يدلنا على وجه التفاضل بين مسؤولية إبراهيم (ع) ومسؤولية نبينا الأكرم (ص)، أو مسؤولية عيسى، ومسؤولية سليمان عليهم السلام.

سابعاً: إن قول هذا البعض: إن تفضيل الله تعالى بعض الأنبياء على بعض لا يمثل مسؤولية أتباعهم..غير سديد،فقد حدثنا النبي والأئمة عليهم السلام عن أفضلية السيدة الزهراء، عليها السلام على مريم بنت عمران، وعن أفضلية الأمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) على بقية التسعة من ذرية الأمام الحسين عليه السلام. وعن أفضلية الأمام أمير المؤمنين على الحسن والحسين عليهم السلام: (وأبوهما خير منهما).

وحدثونا أيضاً عن أفضلية سلمان إلى غير ذلك مما لا مجال لاستقصائه، أضف إلى ما تقدم أن على الإنسان المؤمن أن يلتزم خط القرآن، ونهج أهل البيت عليهم السلام في كل تفاصيله وحيثياته،فلا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه الآخر. بل عليه أن يؤمن بكل ما جاء به، ولا حرج عليه من الجهر بحقائقه، رضي الناس لأجل ذلك أم غضبوا، وكذا الحال فيما جاء به الرسول الكريم، والعظيم، لا بد من الالتزام به ولا حرج من التصريح به ونشره وإشاعته.

ثامناً: لو سلمنا حصول نزاع بسبب الجهر ببعض الحقائق الدينية؛ فإن ذلك لا يمنع من نشرها وبلورتها في أذهان وعقول الناس على نحو لا توجب التنازع، لا أن تلغى هذه المعاني من أساسها واللازم على المتنازعين الذين يخالفون أمر الله أن يكفّوا عن نزاعهم الذي لا يرضاه الله، وان يلتزموا بحقائق الدين مهما كانت، ولولا ذلك للزم الكف عن تبيان أية حقيقة دينية اختلف عليها المسلمون، فلا نتحدث عن الإمامة والإمام، ولا عن غير ذلك من التعاليم والأحكام، لأن ذلك يغضب فريقا من الناس وهو من أسباب انقسام الناس قطعا إلى فريقين.

ولنفرض جدلا، صحة ما يدّعى من نزاع أو خصام ؛ وصحة لزوم التحاشي عن ذكر مثل هذه الأمور، فإنما تقدّر الضرورات بقدرها، وبالتالي يكفّ عن ذلك حيث ينشأ عنه خصام وحيث يلزم منه تضييع الدين الواجب حفظه والعمل به، ولا يكفّ عنه حيث لا يلزم ذلك.

تاسعاً: قوله: إنه لا فائدة من هذا الأمر فلا داعي للوقوف عنده. لا يصح: لأن الله سبحانه لا يتحدث عن شيء بلا فائدة، وكذلك النبي (ص) الذي لا ينطق عن الهوى، وفي حكمه (ص) الأئمة الأطهار (ع).

عاشراّ: لا ندري كيف عرف هذا البعض أن تفضيل الله سبحانه نبياً على آخر إنما هو فيما ميزهم من مواقع العمل، وطبيعة المعجزة ونوعية الكتب، وأين هي القرينة التي اعتمد عليها في حكمه هذا.

 
 

العودة