ـ الجزم بأن الله لم يخلق في الانبياء طاقة تكشف الغيب بشكل مطلق.

ـ الجزم بأن الله يفيض عليهم ما يحتاجون إليه في رسالتهم ومواجهة التحديات.

ـ إعطاء الغيب المحدد للأنبياء يبطل الولاية التكوينية لهم.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} وتلك هي قصة الخالق في علمه غير المحدود بالنسبة إلى المخلوق المحدود في وجوده المستمد من وجود الله، وعلمه المستمد من علم الله، فيما أعطاه وفتح له من مجالاته وهيأ له أسبابه، فليس للمخلوق أن يحيط بشيء من علم الله في عالم الشهود، وفي عالم الغيب إلا بما شاء الله، حتى الأنبياء، فإنهم لا يملكون علم الغيب في تكوينهم الذاتي، بحيث أن الله خلق فيهم الطاقة التي تكشف لهم عالم الغيب بشكل مطلق، فينفتحون عليه باستقلالهم بعد ذلك بل إن الله هو الذي يفيض عليهم من هذا العلم بما يحتاجون إليه من ذلك في شؤونهم الرسالية من خلال طبيعة الدور الذي يقومون به والتحديات التي تواجههم، وهذا هو ما نستوحيه من قوله تعالى في الحكاية عن النبي نوح في خطابه لقومه على ما قصه الله من ذلك في سورة يونس {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب} (الأنعام ـ 50).

وقوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً، إلاّ من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً، ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم، وأحصى كل شيء عدداً} (الجن: 26 ـ 28).

فإنها ظاهرة في أن الله يمنحهم علم الغيب بما يهيء لهم السبيل لاستقامة أمرهم وسلامة دورهم وحمايتهم من كل ما بين أيديهم وما خلفهم مما هو حاضر عندهم أو غائب عنهم، تأكيداً لبقاء الإشراف الإلهي والسيطرة الربوبية عليهم، بحيث يحتاجونه في كل شيء مما يحدث لهم أو يطرأ عليهم، وهذا ما قد يوحي ببطلان نظرة الولاية التكوينية التي يراها بعض العلماء للأنبياء وللأئمة (عليهم السلام) [من وحي القرآن ج5ص38ط2]

ونقول:

ونعود فنكرّر القول، لأن السيد فضل الله ما فتئ يكرّر مقولاته هذه، ويؤكّدها ونقول:

1 ـ من الذي قال للسيد فضل الله:

"إن الله سبحانه لم يخلق في نبيه طاقة تمكنه من معرفة ما هو غائب.. "

وكيف يرفع الله للوصي والولي عموداً من نور فيرى فيه أعمال الخلائق، كما ورد في الرويات.

وكيف يمكن تكذيب ما يدل على أن النبي كان يرى من خلفه كما يرى الذي أمامه..

2 ـ وكيف جزم بأمر دون أن يقدم دليلاً يفيد اليقين حسب شروطه هو نفسه في مثل هذه الأمور. أليس النفي يحتاج إلى دليل حسبما قرره السيد فضل الله نفسه؟

3 ـ وهل ثبت لديه بشكل قاطع:

"أن الله سبحانه لم يطلع أحداً على غيبه حتى من ارتضاه من رسول"

ولعله أطلعه على ذلك بواسطة خلق قوة فيه تعرفه الغيب وتوصله إليه، لينفتح عليه باستقلاله في عين أنه بإذن منه، وبإعطاء إلهي كريم.

4 ـ من الذي حدد له مقدار الغيب الذي يعطيه الله لمن ارتضاه من الرسل، حتى جاز له القول: يفيض عليهم من العلم ما يحتاجون إليه، من ذلك في شؤونهم الرسالية، من خلال طبيعة الدور الذي يقومون به.

5 ـ ومن الذي قال للسيد فضل الله:

"إن دور النبي والوصي لا يحتاج إلى الإطلاع على مختلف حالات الغيب وشؤونه.. "

وكيف يفسر لنا أن طبيعة دور الرسول والتحديات التي تواجهه قد اقتضت المعراج، والاطلاع على كل تلك الآيات بتفاصيلها حتى بلغ (صلى الله عليه وآله) إلى سدرة المنتهى..

6 ـ وكيف استوحى من الآية الكريمة بطلان الولاية التكوينية للأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وما هو ربط الآية بالولاية التكوينية..

بل إن اطلاع النبي على الغيب، إذا كان له مساس بدوره وبالتحديات التي تواجهه فإنما يكون من أجل أن يحرك الغيب في مواجهة التحديات وللقيام بذلك الدور، وإلا فليس ثمة من فائدة كبيرة في علم الغيب هذا..

وإذا نفى النبي نوح عن نفسه علم الغيب فإنما نفى أن يكون علماً له بالاستقلال عن الله سبحانه ولم ينفه مطلقاً ولو بتعليم منه تعالى. 

 

العودة