{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيـهَا
اسْمُهُ يُسَبِّـحُ لَهُ فِيهَـا بِالْغُـدُوِّ
وَالآَصَـالِ*رِجَـالٌ لاَ تُلْهِيهِـمْ تِجَـارَةٌ
وَلاَ بَيْـعٌ عَـنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَـامِ
الصَّـلاةِ وَإِيـتَـاء ِالـزَّكَـاةِ يَخَافُونَ
يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ} سورة النور 36 ـ 37
قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره:
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ} وهي المساجد
التي جعلها الله مكاناً لعبادته، وأراد لخلقه أن
يرفعوها في العمران الذي تقوم بها أعمدتها ويرتفع
سقفها، وفي العبادة التي أراد الله أن ترتفع أرواحُ
عباده إليه، فتعرج إليه في مواقع العبودية، وفي آفاق
الصفاء والشروق والنقاء.
[من وحي القرآن
ج16 ص 326]
{وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} في ما يعنيه الذكر لاسم
الله من استحضار ذاته في نفوس عباده، ليكون ذلك
منطلقاً للشعور بحضوره الدائم في حياتهم.
{يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ}
عندما تشرق الشمس في بداية يوم جديد، وعندما تغرب في
نهايته، حيث يتحرك التسبيحُ ليوحي للنفس الإنسانية
بمعاني العظمة الإلهية، التي يُراد لها أن تنفعلَ
بتلك العظمة في عمليةِ انفتاحٍ على خطِّ عبوديَّتها
لله.
ويقول:
{رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ اللهِ} لأنَّ حضور الله في ذواتهم أقوى من
حضور أيِّ شيء غيره فيهم، من الأشخاص أو الأعمال التي
تشغل الناس وتُهيمن على حياتهم
[من
وحي القرآن ج16-237]
أقول: قبل الدخول في صلب الموضوع، أُحبُّ أن أسأل
السيد محمد حسين فضل الله، فأقول له: مَن الذي قال لك
بأنَّ المراد من البيوت هي المساجد دون غيرها؟!
ولماذا لا يكون المقصود بعض البيوت غير المساجد؟!
ولماذا لا يكون المقصود هو بعض البيوت مع المساجد؟!
ومهما يكن، فإنَّ الآيةَ الكريمة تتحدَّثُ عن بيوتٍ
صفة أصحابها ومَن فيها، أنهم أناسٌ ذاكرون له تعالى
ذكراً حقيقيَّاً تامَّاً.
أمَّا أنَّ ذكرهم له تعالى ذكرٌ حقيقيٌّ، فيُستفاد من
إطلاق الوصف في الآية، لأنَّ شهادتَه تعالى وإخبارَه
ليس مثل شهادةِ وإخبار غيره، وبما أنه تعالى أخبر عن
أولئك الأشخاص بأنهم ذاكرون الله تعالى، فهذا يعني
أنهم ذاكرون له بما يصحُّ معه أن يُطلَق الوصفُ عليهم
على نحو الإطلاق.
فلو أنَّ لذكرهم إياه تعالى أيَّ نحوٍ من أنحاء القصور
أو التقصير لَمَا صحَّ أن يُقال بأنهم ذاكرون لله،
نعم يصحُّ من أبناء البشر أن يُطلِقوا عليهم الوصف
بأنهم ذاكرون، وكلامنا في إطلاق المولى سبحانه عليهم
ذلك في الآية الكريمة.
والذكرُ الحقيقيُّ لله تعالى حاصلٌ بذكره في مملكة
الذات في القلب والعقل، فإنَّ العقل هو المُهيمِنُ
على المملكة، والذكر الحقيقيُّ حاصلٌ أيضاً بذكره
تعالى من خلال الأعمال والأفعال الخارجيَّة، وهذا لا
يكون إلا مع كون كلِّ عملٍ صادر من الشخص، يتضمَّنُ
ذكراً له تعالى، أو أنه مجسِّدٌ لذكر الله سبحانه.
وما لم يحصل الخلوصُ التامُّ له سبحانه، فإنَّ بطبيعة
الحال لن يكون الذكرُ ذكراً له تعالى، بل يكون عبارةً
عن لقلقةِ لسان، وتقلُّبِ حالاتٍ ليس إلا.
إذن، فالآيةُ تتحدثُ عن قومٍ خلصوا وأخلصوا له تعالى
في الذكر والعبادة، وهذا المعنى لا ينطبِقُ على أهل
المساجد.
فإنَّ المسجدَ لا يخلو القائمون فيه عن التلبُّس
بالمعصية، فضلاً عن أنَّ أكثرَ بل جلَّ أهل المساجد،
ذاكرون للشيطان في العمق والواقع، قضاءً لواقع عدم
الإخلاص الذي يعيشونه، وهذا أمرٌ لا يجهلُ به أبسطُ
الجُهَّال.
والآيةُ تتحدثُ عن قوم لا يشغلُهم عن ذكر ربِّهم ولا
يُلهيهم أيُّ شأنٍ من شؤون الدنيا، وليس للتجارة أو
البيع المذكورين في الآية خصوصيةٌ، بقدر ما أنَّ
الحديث عن التجارة والبيع تعبيرٌ عن شأنٍ من شؤون
الدنيا.
وإلا فمَن يشغلُه ويلهيه شأنٌ دنيوىٌّ آخر غير التجارة
والبيع عن ذكر الله تعالى ولا يشغلُه خصوصُ التجارة
والبيع، فإننا لا نتصور أن يقعَ المدحُ له منه سبحانه،
بأنه رجلٌ ذاكرٌ له تعالى، ولا تلهيه تجارة أو بيع.
بل مَن يشغله ويلهيه أيُّ شأنٍ من شؤون الدنيا عن ذكره
سبحانه، لهو في الحقيقة لا يستحقُّ المدحَ أصلاً وهذا
واضح جداً.
وعلى هذا فصفة أولئك الأشخاص، أنهم ذاكرون له تعالى في
كلِّ مواقع الذكر.
وإذا كان لا بُدَّ من التجارة والبيع ومن ممارسة كثير
من التقلُّبات الدنيويَّة، فأولئك الرجال الذاكرون
المشار إليهم في الآية، إما أنهم تاركون لجميع شؤون
الدنيا مما ينتسب إلى الدنيا، أو أنهم يمارسون كلَّ
ما لا بُدَّ من ممارسته، ولكنهم يمارسونه من موقع
الإخلاص له تعالى في القول والعمل، أي يمارسونه في
الله تعالى ومع الله سبحانه، فتكون تجارتُهم وبيعُهم
ذكراً له تعالى، ويكون أكلُهم ونومُهم كذلك، من حيث
إنهم لا يأتون بأيِّ أمرٍ إلا متقرِّبين به إليه
سبحانه.
فهم إما لا يمارسون أيَّ أمر من الأمور إلا من خلال
إضافتهم له إلى المولى إضافةً بحقٍّ، وإما أنهم في
مواقع الذكر الواجب والمستحب تراهم معرِضِين عن
الاشتغال بغير الذكر لله تعالى، وعلى كلا الفرضين فلا
ينطبِقُ هذا المعنى على أهل المساجد، بل لا ينطبِقُ
إلا على الراسخين في حبِّهِ تعالى، والمخلِصين له
حقاً قولاً وعملاً.
وإذا ما كان شأنُ أولئك كذلك، فإنه يتضِحُ لك بأنه لا
ينطبِقُ إلا على المعصومين، وإن كان التفاوتُ بين أهل
الكمال والعصمة حاصلاً وواقعاً.
ثم إننا وجدنا الآيةَ تُخبِرُ عن البيوت، وأنها أَذِن
المولى أن تُرفع وأَذِن أن يُذكر فيها اسمُه.
وأنت تعلم بأنه إذا ما أراد الله سبحانه شيئاً فلا
رادَّ لأمره، ولا محالةَ فإنَّ ما تعلَّقت المشيئةُ
الإلهيَّةُ به لا بُدَّ وأن يحصل، وليس في أيِّ مسجد
من مساجد الدنيا ومن اليوم الأول، أيُّ وجودٍ لمسجد لا
يُذكر فيه إلا اسمه تعالى.
ولا نعرف أنَّ مسجداً من المساجد قد ارتفع بالله
تعالى، وفي الله سبحانه.
بل في كلِّ مساجد الدنيا يُذكَر فيها المولى ويُذكَر
فيها غيرُه، وهل خلا مسجدٌ عن مُرَاءٍ هنا ومنافِقٍ
هناك؟!
فكيف تكون المساجدُ هي البيوت التي أراد سبحانه أن
تُرفعَ، وأن ترتفع بذكره الحق، ولا نرى مصداقاً
لهذا.
ومتى كان العقلاءُ ينظرون إلى ارتفاع مسجد هنا
ارتفاعاً ماديَّاً، ومتى كانوا ينظرون إلى ضخامةِ
عمرانه وبديعِ هندسته وإتقانِه؟! فكيف نظن بربِّ
العقلاء أن يكون ناظراً إلى ذلك.
فأبداً لا ينظر سبحانه إلى البناء الفخم والعظيم
لمسجد، وإنما نظرُهُ تعالى إلى القائمين في هذا
المكان أو ذاك، فإن كان فيه أشخاصٌ مخلِصون له تعالى،
فإننا نعلم بأنه مكانٌ أَذِن الله تعالى أن يُرفَع أي
أن يَرفعَ أهلَه، ومعنى ذلك أنه مهما حاول مَن حاول أن
يهدم بنيانَ وأساسَ ذاك البنيان، بالتعرُّض لأهله
قتلاً وتشريداً واضطهاداً، فإنَّ أهلَه سيبقَون
الآمنين السالمين المنصورين المؤيدين منه تعالى.
إذن فليس معنى أنَّ الله أَذِن أن يرفَع البيتَ هو أن
يرفع حيطانَه في عنان السماء كما ذكر صاحب تفسير من
وحي القرآن، وإنما المقصود وبلا أدنى ريب أنَّ الله
أراد أن يرفع أهلَه، وهل يجهل
أحدٌ
بأنَّ التعبيرَ برفع البيت كناية عن رفْعِ أهلِه؟
ومتى رفعَ الله أهلَ المساجد؟!!
وهل يمكن أن نتصور بأنه تعالى أراد أن يرفع أهلَ
المساجد، وفي المساجد الفُسَّاق، وفيهم مَن فيهم من
أهل الضلال والبدع والانحراف؟!
وهل غيرُ بيوت الأنبياء قد أَذِن للهُ تعالى برفعها،
وها هو التاريخ ومن اليوم الأول، هل ترى أنه سبحانه
رفع إلا أهلَ الحقِّ والصلاحِ بحقٍّ؟
وكم حاول أهلُ الضلال أن يضعوا وأن يهدموا بيوتَ آل
محمد (صلى الله عليه وآله)، فهل رأيت بيتاً لهم إلا
مرفوعاً مرتفعاً آمناً، مأموناً عن عبث كلِّ العابثين
والساعين في الأرضِ أرضِ الحقِّ فساداً؟!
وهل تعرَّضَ في أمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله)
بيتٌ كما تعرض بيتُ النبوةِ ومهبطِ الوحي والتنزيل،
ومن اليوم الأول وإلى يومنا هذا، ظلماً وقتلاً
وتشريداً وقهراً؟
هل تعرَّض إلا بيتُ الطاهرين الصادقين ومن أمة سيدنا
محمد (صلى الله عليه وآله) تشكيكاً بفضائلهم، وإخفاءً
لمناقبهم، وهضماً لحقوقهم، وإبعاداً وإزالةً لهم عن
مراتبهم التي رتبهم الله تعالى فيها، وقهراً وظلماً
لمحبيهم؟
وأنت ترى والحمد لله وحده، أنهم الحاضرون وفي القلوب
والعقول وغيرهم الغائب، وأنهم الأقوياء بالحق وغيرهم
الضعيف بالباطل، وأنهم المنزَّهون عن كلِّ عيب ونقصٍ
وغيرهم ليس متلبِّساً إلا بثوبِ النقص والعيب والعار،
وأنهم العالِمون وغيرهم الجاهل، وأنَّ الأمة ومن اليوم
الأول وما تزال الفقيرة إليهم، وهم الأغنياء عن سواه
سبحانه.
فصلوات الله وسلامه على تلك البيوت الشامخة في سماء
الحقِّ والعدل، المرتفعةِ بالحقِّ إلى الحق، ما نكست
أعلامُها ولن، وما افتقر أهلُها ولن.
وصلواتُ الله وسلامُه على بنت الرسالة العالِمة غيرِ
المعلَّمة، الصادعِة بالحقِّ، وهي القائلة «فوالله
الذي شرفنا بالوحي والكتاب، والنبوة والانتخاب، فكِد
كيدك، واسعَ سعيَك، وانصب جهدك، فوالله لا تمحو
ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا
الإحتجاج ج2 ص 37 ؛ بحار الأنوار ج45 ص 135».
وها هو بيتُ آل محمد (صلى الله عليه وآله) الشامخ
عُلاً ورفعةً، فليقاتل مَن شاء هذا البيت الرفيع،
وكيف شاء وبما شاء، فإنه بيتٌ أَذِن الله تعالى أن
يُرفع.
وإذا ما كان يظن ظانٌّ أنَّ بمقدوره هدم بيت آل محمد
(صلى الله عليه وآله)، إذا كان كذلك، فإنَّ لسانَ
الحق قائلٌ مردِّدٌ، كِد كيدَك، واسعَ جهدَك، فواللهِ
لبيتُ آل محمد (صلى الله عليه وآله) لا يموتُ وحيُه،
ولا يُمحى ذكرُه،
ولَإن أوحى الشيطانُ إلى أوليائه ما أوحى وآزره على
ذلك الإنس والجن، فإنَّ ذكرَ آل محمد (صلى الله عليه
وآله)، وإنَّ مناقبَهم وإنَّ فضائلَهم، ستبقى آمنةً
محفوظةً في قلوبِ وصدورِ وكتب وصفحات أوليائهم.
ومتى استطاعت سحابةُ اللؤم، أن تحجب نورَ الشمس، ومتى
كان مدادُ النصب ـ العداء لآلِ محمد (صلى الله عليه
وآله) ـ معكِّراً لبحر الولاء، فهيهات وهيهات.
قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره وقد نقلناه
فيما سبق: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ} هي
المساجدُ.
وقال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): هي بيوتُ
الانبياء وبيتُ عليٍّ وفاطمة (صلى الله عليه وآله) من
أفاضلها.
وقد أخرج الحاكم الحسكاني والثعلبي وابن مردويه ـ وهم
من أبناء السنة ـ ومحمد بن العباس الماهيار بإسنادهم
عن أنس بن مالك وبريدة قالا: قرأ رسول الله (صلى الله
عليه وآله) هذه الآية {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن
تُرْفَعَ} فقام رجل فقال: أيُّ بيوت هذه يا رسول الله؟
فقال: بيوتُ الانبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا
رسول الله هذا البيت منها؟ ـ بيتُ عليٍّ وفاطمة ـ قال:
نعم من أفضلها.
وأخرج الحاكم أيضاً بإسناده عن أبي برزة قال: قرأ رسول
الله (صلى الله عليه وآله) {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ
أن تُرْفَعَ} قال: هي بيوتُ النبي (صلى الله عليه
وآله)، قيل: يا رسول الله أَبيتُ عليٍّ وفاطمة (صلى
الله عليه وآله) منها؟ قال: من أفضلها.
وأخرج علي بن إبراهيم القمي في تفسيره بإسناده عن جابر
عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله {فِي بُيُوتٍ
أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}
قال: هي بيوتُ الانبياء، وبيت عليٍّ (عليه السلام)
منها.
وأخرج الكليني في الكافي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي
قال: كنتُ جالساً في مسجد الرسول (صلى الله عليه
وآله)، إذا أقبل رجلٌ فسلَّم فقال: مَن أنت يا عبد
الله؟ قلتُ: رجلٌ من أهل الكوفة،
فقلتُ:
ما حاجتك؟ فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي (عليه
السلام)؟... إلى أن قال أبو حمزة: فجلستُ حيث أسمع
الكلام وحوله عالَم من الناس، فلما قضى ـالإمام (عليه
السلام) ـ حوائجهم وانصرفوا التفتَ إلى الرجل فقال
له: مَن أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري... قال:
فسكتَ قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله، واللهِ لقد
جلستُ بين يدى الفقهاء وقدام ابن عباس ـ الصحابي
المشهور ـ فما اضطربَ قلبي قدامَ واحدٍ منهم ما اضطربَ
قدامَك! قال له أبو جعفر (عليه السلام): ويحك، أتدرى
أين أنت؟ أنت بين يدى {بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن
تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ...}.
وأخرج الكليني في الكافي عن أبي بصير قال: سألت أبا
عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجل{فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ} قال: هي بيوتُ
النبي (صلى الله عليه وآله).
وأخرج الكليني في الكافي والصَّدوق في كمال الدين
بإسنادهما عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ
في حديث ـ قال: فالحُجَّةُ الأنبياءُ (عليهم السلام)
وأهلُ بيوتات الأنبياء (عليهم السلام) حتى تقوم
الساعةُ، لأنَّ كتابَ الله ينطق بذلك،
وصية
الله بعضها من بعض التي وضعها على الناس فقال عزَّ
وجل {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرْفَعَ} وهي:
بيوتاتُ الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدى.
أقول: وورد عن أكثر من إمام وبطرق مختلفة فلاحظ
الكافي ج 4 ص 559 وج 6 ص 256 وج 8 ص 113إلى 119و331 ؛
كامل الزيارات ص 119؛ كمال الدين وتمام النعمة ص 218
؛ عيون أخبار الرضا ج 1 ص 305 إلى307 ؛ بحار الأنوار ج
10 ص 154 و ج 11 ص 49 ـ 50 وج 32 ص 325 ؛ مناقب أهل
البيت للشيرواني ص 93 ؛ تفسير القمي ج 2 ص 103 ؛ تفسير
فرات الكوفي ص 281 إلى287 ؛ تفسير مجمع البيان ج 7 ص
253؛ جوامع الجامع ج 2 ص623 ـ 624 ؛ العمدة ص 291 ؛
خصائص الوحي المبين ص 106 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 362
ـ 363 ؛ التفسير الصافي ج 3 ص 436 ؛ تفسير نور الثقلين
ج 3 ص 608؛
من مصادر أبناء السُّنة: شواهد التنزيل ج 1 ص 531 إلى534 ؛ تفسير القرطبي ج 12 ص 265 ؛ الدر المنثور ج
5 ص 50.
وأخيراً، ألا يجوز منا أن نسأل السيد محمد حسين فضل
الله عن السبب الذي دعاه إلى اختيار تفسير الآية
بمعنى يخالف المعنى الوارد الثابت عن الرسول الأكرم
(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)؟!
لعلك تقول: إنَّ الأخبار الواردة تحدثت عن أنَّ
المقصود هو بيوت الأنبياء كأحد المصاديق لمعنى البيوت
الوارد في الآية.
فنجيب: أولاً: إنك إذا ما تأملتَ ما نقلناه لك من
أخبار، تخرج بنتيجة حاصلها: بأنَّ المساجدَ لا يشملها
لفظ البيوت الوارد في الآية.
ثانياً: إنَّ الألفاظ الواردة في الأخبار كمثل «هي
بيوت الأنبياء» تفيد الاختصاص في لغة العرب.
ثالثاً: لو قلنا بأنَّ الأخبار لا تُفيد تخصيص البيوت
ببيوت الأنبياء ومن أفضلها بيت عليٍّ وفاطمة (صلى
الله عليه وآله)، غير أنه لا يوجد في الأخبار ما يفيد
أنَّ المساجد منها.
رابعاً: لو قلنا بأنَّ المقصود من البيوت هي المساجد
مع بيوت الأنبياء، فلماذا اقتصر السيد محمد حسين على
تفسير البيوت بالمساجد، ولم يذكر بيوت الأنبياء وبيت
عليٍّ وفاطمة (عليهما السلام).
فهل أنَّ تفسير البيوت بما يشمل بيتهما (عليهما
السلام) تفسير مخالف لآية قرآنيَّة، أو لحديث ثبت
صدوره عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)؟!
وهل أنَّ ما ورد ـ في بعض كتب أبناء السنة من روايتهم
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من أنَّ بيت
عليٍّ وفاطمة (عليهما السلام) هو من البيوت المقصودة
في كلامه سبحانه ـ هو بِدعةٌ محرمة، أو أنَّ تلك
الأخبار قد دسَّها الموساد الصهيوني والمخابرات لتغذية
النزاع بين السُّنة والشيعة؟!!
هذه أسئلة نتمنَّى أن يُجاب عنها بعبارة واضحة صريحة.