{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}‏ سورة البيِّنة الآية 7‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} لأنهم كانوا في ‏موقع الجدِّية في مواجهة الحقيقة في ما هو الفكر والسلوك، كما كانوا في موضع الشكر لله في ‏نعمه فكان الإيمانُ مظهرَ خضوعٍ وشكرٍ لله، وكان العملُ بالصالحات تجسيداً دليلَ روحيَّة الخير ‏في نفوسهم، باعتبار ما يُمثِّلُه ذلك من الانسجام مع الخطِّ المستقيم في الحياة المنفتحة على مواقع ‏أمر الله ونهيه، ولذلك كانوا خير البرية [من وحي القرآن ج 24 ص 363-364]
أقول: لا يمكن أن نعتقد بأنه تعالى يُعطي الأحكام جزافاً، فإنه سبحانه الحكيم العليم، ولن نُصدِّق ‏مَن يدَّعي بأنه تعالى جرى في كتابه العزيز في بعض الموارد فيما يخصُّ بابَ المدح أو الذمِّ على ‏ما يجري عليه أبناءُ العرف العام من المبالغة في المدح والذم.‏
وأيضاً فإننا لن نعتقد به جلَّت كلمتُهُ إلا أنه الحكيم اللطيف العليم، لن نعتقد بالله ربنا أنه ـ والعياذ ‏بالله تعالى ـ يلهو ويلعب، ويقع في التهافت والتناقض.‏
وهل يُراد منا أن نُصدِّق بما يقوله السيد محمد حسين فضل الله في بيان وتفسير آية خير البرية؟!‏
أَوَ يتجاهل المفسِّر المعاصر، بأنَّ كلمة خير هنا بمعنى أخير ولكنها لا تأتي إلا بلفظ خير؟!‏
أَوَ لا يعلم بأنه سبحانه ما كان ليرضى بقولٍ مطلقٍ عن غير المعصوم، لأنه سبحانه لا يرضى ‏الباطل ولا يُحبُّه، وغيرُ المعصوم لا يخلو عن باطلٍ في قولٍ أو عملٍ؟!‏
أَوَ يجهل بأنَّ الآية لا يُمكن أن تنطبِّقَ أولاً إلا على المعصومين، وببركةِ أنفاسهم تنطبِقُ فيما بعد ‏على مَن تولَّاهم بحقٍّ فإنهم المؤمنون حقاً؟!‏
فلماذا لم يُشِر أولاً إلى اختصاص خير البريَّة بالصفوة من الخلق أعني سيدنا محمد وآله الأطهار ‏‏(عليهم السلام)، ومِن ثَمَّ فيعمد إلى استيحائه!!‏
وكيف يكون سيدُنا محمد وآلُهُ الأطهار (عليهم السلام) وغيرُهم أيضاً خيرَ البريَّة؟!!‏
فهل هناك مَن يجهل باختصاصهم (عليهم السلام) بذلك، وأنَّ سوى آل محمد (صلى الله عليه وآله) ‏من أنبياء وملائكة وأوصياء وأولياء، ليسوا إلا أَتَباعاً لهم؟!‏
وواللهِ لولا أنَّ المجالَ ضاق علينا، لما بخلنا عليك بِنَقْلِ تحقيقات أعلامنا وما سَطَرَه محققوا أبناء ‏الفرقة الناجية، ولكننا سنكتفي بنقل بعض الأخبار.‏
أقول: قال ابن طاووس: إنَّ محمد بن العباس بن مروان في تفسير قوله تعالى {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ ‏الْبَرِيَّةِ} وأنها في مولانا عليٍّ وشيعتِهِ، رواه مُصنِّفُ الكتاب من نحو ستة وعشرين طريقاً أكثرها ‏رجال الجمهور، أي من رجال أبناء السُّنَّة.‏
هذا وقد أخرج ابن عساكر في تاريخه، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، والخوارزمي في ‏مناقبه، والحمويني في فرائد السمطين، والكنجي في كفاية الطالب ـ وهم من أبناء السُّنَّة ـ ‏والشيخ الطوسي في أماليه، وفرات الكوفي في تفسيره، ومحمد بن علي الطبري في بشارة ‏المصطفى بإسنادهم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كنا عند النبي (صلى الله ‏عليه وآله) فأقبل عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قد أتاكم ‏أخي.. قال: ونزلت {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} قال: فكان أصحابُ ‏محمد (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل عليٌّ (عليه السلام)، قالوا: قد جاء خيرُ البريَّة.‏
وأخرج أبو نعيم، والحاكم الحسكاني ـ وهما من أبناء السُّنَّة ـ بإسنادهما عن محمد بن علي ‏وتميم بن حذلم عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الاية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ ‏هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليٍّ (عليه السلام): هم أنت وشيعتُك.‏
أقول: ومثله أخرج الحسكاني، وابن مردويه، ومحمد بن العباس بإسنادهم عن عليٍّ (عليه ‏السلام)، وأيضاً أخرجه الحاكم بإسناده عن أبي داود عن أبي برزة عن رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله)، وأيضاً أخرجه الحاكم بإسناده عن بريدة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).‏
وأخرج الحاكم الحسكاني، ومحمد بن العباس بإسنادهما عن عاصم بن ضمرة عن جابر بن عبد ‏الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: آلُ محمد (صلى الله عليه وآله) خيرُ ‏البريَّة.‏
وأخرج الكليني في الكافي، ووالد الشيخ الصَّدوق في الإمامة والتبصرة، بإسنادهما عن طاهر قال: ‏كنتُ قاعداً عند أبي جعفر (عليه السلام)،
فأقبل جعفر (عليه السلام) فقال: هذا خيرُ البريَّة.‏
وأخرج الكليني بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: ‏في كلِّ جناحِ هُدْهُدٍ مكتوبٌ بالسريانيَّة: آلُ محمد (صلى الله عليه وآله) خيرُ البريَّة.‏
وأخرجه أيضاً الشيخ الطوسي في الأمالي بإسناده عن أمير المومنين عن رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله).‏
أقول: ويُؤيِّد هذا ما أخرجه خيثمةُ في حديثه، وابن عدي في الكامل ـ وهؤلاء من أبناء السُّنَّة ـ ‏ومحمد بن سليمان في المناقب، بإسنادهم عن حذيفة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: عليٌّ ‏خيرُ البشر، فمَن أبى فقد كفر.‏
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، ومحمد بن سليمان في المناقب، بإسنادهما عن محمد ‏بن المنكدر عن جابر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأخرجه أيضاً ابن حبان في الثقات ‏بإسناده عن سالم بن أبي الجعد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأخرجه ابن عساكر بإسناده ‏عن عطاء عن عائشة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).‏
أقول: وورد الكثير والكثير جداً في هذا المعنى، فراجع
 بحار الأنوار ج 22 ص 279 و458 و498 وج23 ص 369 و390 وج24 ص264 وج25 ص 384 وج26 ص 318 ـ ‏‏319 ؛ المحاسن ج 1 ص 171 ؛ الامامة والتبصرة ص 65 ؛ الكافي ج 1 ص 306 ـ 307 وج 6 ص 224 ؛ المسترشد ص 271 ‏إلى283و353 ـ 354 ؛ شرح الأخبار ج 1ص 143ـ 144 و195 و202 و210 و212 وج 2 ص 62 و465 وج 3 ص 469 ؛ ‏الارشاد ج 2 ص 181 الأمالي للشيخ المفيد ص 61 ـ 62 ؛ الأمالي للشيخ الطوسي ص251 ـ 252 و335 و405 ـ 406 و671 ‏؛ مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 266 ـ 267 و291 وج 3 ص170 ؛ سعد السعود ص 108؛ مناقب أهل البيت للشيرواني ص 77 ‏ـ 78 و177 ؛ تفسير العياشي ج 1 ص 280 ؛ تفسير القمي ج 2 ص432 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 583 ـ 584 ـ 587؛ تفسير ‏مجمع البيان ج 6 ص 266 وج 10 ص 415 ؛ خصائص الوحي المبين ص 224 ـ 225 ؛ التفسير الصافي ج 5 ص 355 ؛ ‏التفسير الأصفى ج 2 ص 1465 ؛ تفسير نور الثقلين ج 1 ص 563 وج 4 ص 85 ؛ بشارة المصطفى ص 149و196 ‏‎–‎‏197و293 ‏و296 و378 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 281 ـ 282 وج 2 ص 629 ـ 630 و831 ـ 833 ؛ من لا يحضره الفقيه ج 3 ص ‏‏493 ؛ علل الشرائع ج 1 ص 142 ؛ عيون أخبار الرضا ج 1 ص 64 ؛ الأمالي للشيخ الصَّدوق ص 135ـ 136 ؛ شرح الأخبار ‏ج 1 ص 141 ـ 144؛ مائة منقبة ص 128ـ 131 ؛ العمدة ص 216 و264 ؛ الفضائل ص 162.‏
وأما مصادر أبناء السُّنة فنذكر منها: تفسير جامع البيان ج 30 ص 335 ؛ شواهد التنزيل ج 2 ص 458 إلى473 ؛ الدر المنثور ج 6 ‏ص 379 ؛ فتح القدير ج 5 ص 477؛ الكامل ج 1 ص 170 وج 4 ص 10و67 ؛ تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 371 إلى374 ؛ ‏مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي ج 2 ص 521 ـ 523 ؛ ذخائر العقبى ص 96 ؛ المصنف لابن أبي شيبة ج 7 ص ‏‏504 ؛ حديث خيثمة ص 200 ـ 201 ؛ الثقات لابن حبان ج 9 ص 281 ؛ تاريخ بغداد ج 7 ص 433 ؛ أنساب الاشراف ص 103 ‏و113 ؛ جواهر المطالب ج 1 ص 257 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 196 و223 وج 2 ص 78 و186 و273 و274 و277 و357 ‏و452 ؛ شرح نهج البلاغة ج 2 ص 188 ؛ نظم درر السمطين ص 92.‏

العودة