{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ}‏ سورة الرحمن الآية 19 ـ 20‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره:

{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}والمراد بالبحر الماء الكثير عذباً كان أو غيره، ‏والظاهر أن المراد بالبحرين العذب الفرات والملح الأجاج،

{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} أي لا يطغى ‏المالح على الحلو ليحوِّله إلى مالح تبطل الحياة به، ولا يطغى الحلو على المالح ليحوِّله إلى حلو ‏فتبطل بذلك مصلحة ملوحته، [من وحي القرآن ج21 ص 310]
أقول: نحن لا نُنازِعُهُ في صحة ما ذكره اعتماداً على ظاهر اللفظ، ولكننا نأخذ عليه ونتساءل عن ‏عدم إشارته إلى ما ورد في تفسير الآية عن أئمة العترة الطاهرة وعن جمع من كبار الصحابة.‏
وأنت إذا ما تفطَّنتَ إلى أنَّ القرآن له ظاهرٌ أنيقٌ، وباطنٌ عميقٌ، وهو مما ورد عن السنة ‏والشيعة،

فمن مصادر الشيعة أيدهم الله تعالى: نهج البلاغة ج 1 ص 55 ؛ بصائر الدرجات ص 53 و213و216و223 و551 ؛ الكافي ج ‏‏1 ص 228 و374 وج 2 ص 599.
ومن مصادر أبناء السُّنة: مجمع الزوائد ج 7 ص 152؛ المصنف للصنعاني ج 3 ص 358 ؛ مسند أبي يعلى ج 9 ص 80 و278 ؛ ‏صحيح ابن حبان ج 1 ص 276 ؛ المعجم الأوسط للطبراني ج 1 ص 236 ؛ المعجم الكبير للطبراني ج 10 ص 105؛ البرهان ‏للزركشي ج 2 ص 169 ؛ الكامل لابن عدي ج 4 ص 327 ؛ تاريخ مدينة دمشق ج 30 ص 235 وج 42 ص 400.‏
 فإنه وبعد أن ورد أنَّ المراد من البطن في الآية وفي كتب أبناء السُّنة ومن طرقهم، ‏وأنه يخص آل محمد (صلى الله عليه وآله)، فلماذا أحجم هذا المعاصر عن الإشارة إلى ما ورد ‏في تفسير الآية مما يُقال عنه: أنه من البطون؟!!‏
وهل كان تغنِّي مجنون ليلى بجدارن الدار إلا تعبيراً منه عن حبِّه، فما لنا لا نرى من هذا ‏المعاصر ـ إلا في موارد قليلة ـ أيَّ نحو من أنحاء ذكر مَن يزعم أنه يُحبُّهم؟!‏
أَوَ ليس الحبيبُ أبداً يكون حاضراً في ذهنِ وعقلِ وفكرِ ووجدانِ المُحبِّ؟!‏
أَوَ ليس كلُّ مُحبٍّ لأمرٍ تراه على الأقل مُشيِراً في كلِّ مناسبة إليه، ذاكراً إياه؟!‏
وهل هناك من مناسبة لتجسيد هذا المعاصر حبَّه لآل محمد (صلى الله عليه وآله)، وهل هناك من ‏موقع يُعرِبُ فيه السيد محمد حسين عن تولِّيه لآل محمد (صلى الله عليه وآله)، أولى وأنسب من أن ‏يُشير في كتابه المطبوع إلى نزول هذه الآية في آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وإلى دلالة تلك ‏الآية على عقيدة حقَّة ـ وكل عقائد أبناء الفرقة الناجية حق ـ في مذهب آل محمد (صلى الله ‏عليه وآله)، وأن يتعرَّض إلى ما رواه أبناء السُّنة على الأقل مما يَثبت به فضيلةٌ لآل محمد (صلى ‏الله عليه وآله) هنا، ومنقبة لسادة الورى هناك؟!!‏
هذا وقد قال السيوطي ـ من أبناء السُّنة ـ في الدر المنثور: وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏في قوله {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قال: عليٌّ وفاطمة (عليهما السلام) {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} قال: ‏النبي (صلى الله عليه وآله) {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال: الحسن والحسين(عليهما ‏السلام).‏
وقال أيضاً: وأخرج ابن مردويه ـ من أبناء السُّنة ـ عن أنس بن مالك في قوله {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ‏يَلْتَقِيَانِ}قال عليٌّ وفاطمة (عليهما السلام) {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال الحسن والحسين ‏‏(عليهما السلام).‏
وقال القندوزي ـ من أبناء السُّنة ـ في ينابيع المودة: أخرج أبو نعيم الحافظ والثعلبي والمالكي ـ ‏من أبناء السُّنة ـ بأسانيدهم عن أبي سعيد الخدري وابن عباس وأنس بن مالك، وكذا روى عنهم ‏سفيان الثوري، وروى سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق (عليه السلام)، في تفسير هذه الآية ‏قالوا: عليٌّ وفاطمة (عليهما السلام) بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه، وبينهما برزخ ‏هو رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان هما الحسن والحسين (عليهما ‏السلام)

من مصادر أبناء السُّنة: الدر المنثور ج 6 ص142 ـ 143 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 354 ـ 355 و ج 3 ص 211.‏
وقد أخرج الحاكم الحسكاني في شواهده ـ من أبناء السُّنة ـ ومحمد بن العباس في تفسيره ‏بإسنادهما عن ابن عباس في قوله عزَّ وجل {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قال: عليٌّ وفاطمة (عليهما ‏السلام) {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} النبي (صلى الله عليه وآله) {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ‏الحسن والحسين (عليهما السلام).‏
وأخرج الثعلبي، وأبو محمد القطان، وعلي الطائي في تفاسيرهم ـ وهم من أبناء السُّنة ـ ‏بإسنادهم عن سفيان الثوري في قول الله عزَّ وجل {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} ‏قال: فاطمةٌ وعليٌّ (عليهما السلام) {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال: الحسن والحسين (عليهما ‏السلام).‏
قال الثعلبي: ورُويَ هذا القول أيضاً عن سعيد بن جبير وقال {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} محمد ‏‏(صلى الله عليه وآله).‏
وأخرجه الحاكم الحسكاني في شواهده، والخركوشي في كتابيه اللوامع وشرف المصطفى، ‏بإسنادهما عن سلمان، وأيضاً أخرجه أبو بكر الشيرازي في كتابه عن أبي صالح عن ابن عباس، ‏وأخرجه أيضاً الحاكم الحسكاني بإسناده عن جويبر عن الضحاك، وأخرجه أيضاً ابن المغازلي في ‏مناقبه ـ وجميعهم من أبناء السُّنة ـ ومحمد بن العباس في تفسيره بإسنادهما عن أبي هارون ‏العبدي عن أبي سعيد الخدري.‏
وأخرج القمي في تفسيره، والصَّدوق في الخصال، بإسنادهما عن يحيى بن سعيد القطان قال: ‏سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في قوله عزَّ وجل {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ ‏يَبْغِيَانِ} قال: عليٌّ وفاطمة (عليهما السلام) بحران من العلم عميقان، لا يبغي أحدهما على ‏صاحبه، {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} الحسن والحسين (عليهما السلام).‏
وأخرج الطبري في دلائل الإمامة بإسناده عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: ورد عبد ‏الرحمن بن عوف الزهري وعثمان بن عفان إلى النبي (صلى الله عليه وآله).... فغضب النبي ‏‏(صلى الله عليه وآله) من مقالتيهما.... وهبط جبرئيل (عليه السلام) في تلك الساعة فقال: يا أحمد ‏‏(صلى الله عليه وآله)، إنَّ الله تعالى يُقرؤك السلام، ويقول: قم إلى عليِّ بن أبي طالب (عليه ‏السلام)،.. وقد أمرك الله أن تُزوِّجه بفاطمة في الأرض، وأن تقول لعثمان بن عفان: أما سمعتَ ‏قولي في القرآن {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ}.‏
وأخرج فرات ومحمد بن العباس في تفسيريهما بإسنادهما عن أبي السليل (ضريب بن نقير ‏الجريري) عن أبي ذر الغفاري في قوله تعالى {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قال: أميرُ المؤمنين عليُّ ‏بن أبي طالب وفاطمة (عليهما السلام) {يَخْرُجُ مِنهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} الحسن والحسين (عليهما ‏السلام).‏
وأخرج فرات في تفسيره عن عبد الله بن مسعود وقد سُئِل يوماً في محفل من المهاجرين ‏والأنصار في قوله عزَّ وجل {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ} قال: لا يبغي عليٌّ (عليه السلام) على ‏فاطمةَ (عليها السلام)، ولا تبغي فاطمةٌ (عليها السلام) على عليٍّ (عليه السلام)
الخصال ص 65 ؛ روضة الواعظين ص 148 ؛ نوادر المعجزات ص 85 ـ 86 ؛ دلائل الامامة ص 82 ‏‎ ‎ـ83 ؛ مناقب آل ابي ‏طالب ج 3 ص 101 ـ 102؛ العمدة ص 399 ـ 400 ؛ بحار الأنوار ج 24 ص 97 ـ 100 وج 37 ص 64 و73 و95 ـ 97 ‏وج 43 ص 31 ـ 32 ؛ مناقب أهل البيت للشيرواني ص 98 ـ 99 ؛ تفسير القمي ج 2 ص 344 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 459 ‏إلى462 ؛ تفسير مجمع البيان ج 9 ص 336 ؛ خصائص الوحى المبين ص 212 ـ 213 ؛ تفسير نور الثقلين ج 5 ص 191 ؛ ‏تفسير الميزان ج 19 ص103 ؛ تأويل الآيات ج 2 ص 635 ـ 637 ؛ كشف اليقين ص 399 ؛ شواهد التنزيل ج 2 ص 284 ‏إلى290 ؛ مناقب ابن المغازلي ح393 ص 339 ط1 ؛ نور الابصار للشبلنجي ص 101و400. ‏

العودة