{أن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإن كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}‏ سورة الزمر الآية 56‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {أن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} أي لئلا تقول نفس لم تلتزم ‏بالخط الإيماني المرتبط بالله، كلمات الحسرة على التفريط والتقصير في جانب الله، في ما يفرضه ‏أمره ونهيه من السلوك المستقيم الذي يؤدي إلى الله [من وحي القرآن ج 19 ص 353]
أقول: لا نكاد نُنكر بأنَّ المعنى الذي ذكره السيد محمد حسين فضل الله صحيح في نفسه، ولكن الذي يريب أنه يتكلم ‏بالعموم وبالمفاهيم العامة في جلِّ كلماته، ولا يُشير إلى المصداق وإلى أفراد أو بعض أفراد هذا ‏العنوان هنا أو هناك، ومثل هذا الأسلوب فيه من تضييع الحقِّ، والتضليل عن أهله، وتجهيل الناس ‏بهم، ما لا يجهله أحدٌ.‏
هذا وقد وردت نصوص كثيرة عن أئمة العترة الطاهرة (عليهم السلام)، مفادها أنهم (عليهم ‏السلام) هم جنب الله تعالى، ونحن على ما جرينا عليه من أول الكتاب من الاقتصار على إيراد ‏بعض الأخبار في كل مقام، سنورد هنا بعضاً منها.‏
فقد أخرج الصفار في البصائر، والكليني في الكافي، بإسنادهما عن هاشم بن أبي عمارة الجنبي ‏قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:... وأنا جنب الله.‏
أقول: وأخرجه الصَّدوق في التوحيد، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه ‏السلام)، وأخرجه الصفار بإسناده عن عبد المزاحم عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين (عليه ‏السلام).‏
وأخرج الصفار، والكليني، ومحمد بن العباس في تفسيره، بإسنادهم عن علي بن سويد عن أبي ‏الحسن موسى (عليه السلام) في قول الله تعالى {أن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ ‏اللهِ} قال: جنبُ الله أميرُ المؤمنين (عليه السلام)، وكذلك ما كان بعده مِن الأوصياء بالمكان الرفيع ‏إلى أن ينتهي الأمر إلى آخرهم.‏
وأخرج الصفار في البصائر، والصَّدوق في كمال الدين، والطوسي في الأمالي، بإسنادهم عن ‏خيثمه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: نحن جنب الله.... (الحديث).‏
وأخرج الصَّدوق في التوحيد وفي معاني الأخبار، والمفيد في الاختصاص، بإسنادهما عن أبي ‏بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته:.... وأنا ‏جنب الله الذي يقول {أن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}.‏
وأخرج فرات في تفسيره، بإسناده عن أبي ذر الغفاري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه ‏وآله) يقول: ونحن جنب الله الذي ينادي مَن فرَّط فينا يوم القيامة بالحسرة والندامة.‏
وأخرج النعماني في الغيبة، بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) (في حديث) فقالوا: يا رسول الله مَن وصيُّك؟ فقال: هو الذي أنزل الله فيه {أن تَقُولَ ‏نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال (صلى ‏الله عليه وآله): هو الذي يقول الله فيه {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ ‏الرَّسُولِ سَبِيلاً}
سورة الفرقان الآية 27 هو وصيي، والسبيل إلى مَن بعدي.‏
وأخرج محمد بن العباس في تفسيره، بإسناده عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد (عليهما ‏السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في قول الله عزَّ وجل {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا ‏فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} قال: خلقنا الله من نور جنب الله وذلك قوله عزَّ وجل {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا ‏فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} يعني ولاية عليٍّ (عليه السلام).‏
وبإسناده عن عطاء الهمداني عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عزَّ وجل {يَا حَسْرَتَا عَلَى ‏مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} قال: قال عليٌّ (عليه السلام): أنا جنبُ الله، وأنا حسرةُ الناس يوم القيامة.‏
وبإسناده عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وقد سأله رجل عن ‏قول الله عزَّ وجل {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ}؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): نحن ‏واللهِ، خُلقنا من نور جنب الله تعالى، وذلك قول الكافر إذا استقرَّت به الدار {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا ‏فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} يعني: ولاية محمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله)
بصائر الدرجات ص 81 ـ 84 ؛ الكافي ج1 ص 145 ؛ من لايحضره الفقيه ج 2 ص 590؛ التوحيد ص 164ـ 165 ؛ كمال ‏الدين وتمام النعمة ص 205 ـ 206 ؛ معاني الأخبار ص 17 ؛ كتاب الغيبة للنعماني ص 39 ـ 40 ؛ الاختصاص ص 248 ؛ ‏الأمالي للشيخ الطوسي ص 654 ؛ عيون المعجزات ص 67 ؛ الاحتجاج ج 1 ص 75 و375 ـ 376 ؛ مناقب آل ابي طالب ج 2 ‏ص 205 ـ 207 وج 3 ص 64 ـ 65 و314 و336 و403 و406؛ المزار لابن المشهدى ص 219 ؛ الفضائل ص 83 و174 ـ ‏‏175 ؛ المزار للشهيد الأول ص 104 ـ 105 ؛ الصراط المستقيم ج 2 ص 75 وج 3 ص 58 ‏‎–‎‏ 59 ؛ بحار الأنوار ج 2 ص 30 ‏وج 4 ص 8 - 9 وج 7 ص 159 و200 و211 وج 24 ص 191 ‏‎–‎‏ 199و202 وج 25 ص 22 و174 وج 26 ص 248 و258 ‏وج 27 ص 198 وج 36 ص 17 و112 و150 وج 37 ص 209 وج 39 ص 89 ؛ تفسير القمي ج 2 ص 251 ؛ تفسير فرات ص ‏‏258 ـ 371 ؛ تفسير مجمع البيان ج 8 ص 410 ؛ التفسير الصافي ج 4 ص 326‏ـ 327 ؛ التفسير الأصفى ج 2 ص 1089 ؛ ‏تفسير نور الثقلين ج 4 ص 494 -ـ 496 ؛ تفسير الميزان ج 17 ص 286؛ نهج الايمان ص 568 ؛ تأويل الآيات ج 2 ص 519 ـ ‏‏521 و871 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 77 وج 3 ص 359 و401 .‏


أقول: فهل أنَّ ـ في الإشارة إلى بعضٍ من هذه الأخبار أو في الإشارة إلى وجود هذا المعنى من ‏تطبيق الآية على أئمة الهدى (عليهم السلام) ـ شيئاً من الباطل، لذا احتاط السيد محمد حسين فضل الله عن ‏الإشارة حذراً مِن أن يذكر في كتابه شيئاً من الباطل؟!!‏

العودة