ـ أراد لعباده أن يدعوه بشكل مباشر ليستجيب لهم.

ـ لا حاجة في الحديث مع الله إلى الوسائط من البشر أو من غيرهم.

إن من يراجع السيد محمد حسين فضل الله يجد أنه في كثير من كتبه يؤكد على عدم الحاجة إلى توسيط أحد في الطلب من الله سبحانه، بل هو يصرح هنا: بأن استجابة الله لعباده مرهونة بأن يدعوه بشكل مباشر، فهو يقول:

لا واسطة بين العبد وربه

وقد نلاحظ في التوجه الإنساني بوحدانية العبادة والاستعانة.. في خطاب العبد لربه في هذه الآية الكريمة {إياك نعبد وإياك نستعين}.. أن الإنسان لا يحتاج في حديثه مع الله وفي طلبه منه إلى أية واسطة من بشر أو غيره، لأن الله لا يبتعد عن عبده ولا يضع أي فاصل بينه وبينه.. إلا ما يضعه العبد من فواصل تبعده عن مواقع رحمته، وتحبس دعاءه عن الصعود إلى درجات القرب من الله.. بل أراد لعباده أن يدعوه بشكل مباشر ليستجيب لهم، وحدثهم عن قربه منهم بحيث يسمع كلامهم حتى لو كان يمثل الهمس أو في مثل وسوسة الصدور، وذلك قوله تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة 186) وقوله تعالى {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب إليه من حبل الوريد} (سورة ق16)" [من وحي القرآن ج1ص72-73ط2]

ونقول:

ولنا هنا ملاحظات:

1 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله لم يقدم أي دليل على مدّعاه في أن استجابة الله مرهونة بالتوجه إليه تعالى مباشرة.

2 ـ وأما القول بأنه لا حاجة في الحديث إلى الوسائط من البشر أومن غيرهم، فلا مجال لقبوله، ونحن نرى روايات كثيرة تتحدث عن التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والأولياء عليهم السلام. وذلك يدل على وجود حاجة إلى ذلك لا سيما بالنسبة إلى الخاطئين، ولولا حاجتهم إلى ذلك تربويا وإيمانيا لما وجّههم الله إليه.

ومما يدل على توسيط الوسائط ما رواه ابن شهر آشوب، عن علي عليه السلام في قوله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} قال: أنا وسيلته  تفسير البرهان ج 1 ص 469

وفي حديث آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرتبط بالأئمة من ولد الحسين قال (ص): هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله تعالى تفسير نور الثقلين ج 1 ص 519

وعن علي بن إبراهيم في تفسيره للآية قال: فقال، تقربوا إليه بالإمام تفسير البرهان ج1 ص469 . وتفسير نور الثقلين ج 1 ص 520

وعن عثمان بن حنيف: إن رجلاً ضريراً أتى إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ادعُ الله أن يعافيني.

فقال: إن شئت دعوتُ وإن شئتَ صَبَرْتَ،وهو خير.

قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء:

اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في.. سنن ابن ماجة ج 1 ص 441 والجامع الصحيح للترمذي :أبواب الأدعية ومستدرك الحاكم ج 1 ص 313 وتلخيص المستدرك (مطبوع بهامش المستدرك) نفس الجزء والصفحة والجامع الصغير ص 59 والتاج الجامع للأصول ج 1 ص 286 ومسند احمد

هذا مضافاً إلى دعاء القرآن الذي نقرأه جميعا ـ وربما كان السيد محمد حسين فضل الله يقرؤه ـ في ليالي القدر ـ والذي هو عبارة عن توسل بالله تعالى وبأهل البيت (ع) واحداً تلو الآخر من نبيهم إلى قائمهم (ع). إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة والمتنوعة في هذا المجال.

3 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله يناقض نفسه في كثير من موارد مخالفاته، ومن جملتها هذا المورد، حيث يقول حول الفرق بين ما يفعله الوثنيون في عبادة الأصنام وما يفعله المسلمون في احترام الأولياء:

".. وهذا هو الفرق بين ما يفعلونه وبين ما يفعله الوثنيون وما يفعله المسلمون الذين يؤكدون شرعية الشفاعة والتوسل بالأنبياء والأولياء ، باعتبار أن المسلمين يفعلون ذلك من موقع التوجه إلى الله بان يجعلهم الشفعاء لهم، وأن يقضي حاجاتهم بحق هؤلاء فيما جعله لهم من حق، مع الوعي الدقيق للمسألة الفكرية في ذلك كله، وهو الاعتراف بأنهم عباد الله المكرمون المطيعون له الخاضعون لألوهيته {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} وأنهم البشر الذين منحهم الله رسالته فيما ألقاه إليهم من وحيه، ومنحهم ولايته فيما قربهم إليه في خطهم العملي فكيف يقاس هذا بذاك" [من وحي القرآن ج1ص62-63ط2]

ومن يمعن النظر في أقوال وكتب هذا الرجل يجد له الكثير من التناقضات المماثلة، نعرض عن ذكرها هنا خوف ملالة االباحث الكريم، ولكي لا نخرج عما رسمناه في بحثنا هذا الرامي إلى ذكر بعض أقواله وآرائه التي يخالف فيها ما جرى عليه علماء المذهب بصورة عامة.وربما وفقنا الله تعالى لإبراز تناقضاته هذه في فصل خاص من هذا البحث.

العودة