ـ أدلة الرجعة لم يأت بها القرآن.

ـ أدلة الرجعة ليست قطعية.

ـ أدلة الرجعة هي الأحاديث المتواترة.

ـ أدلة المعاد قطعية لأنها من القرآن.

وسئل السيد محمد حسين فضل الله:

السؤال: هل تؤمنون بما يقوله الشهيد مطهري من أن أدلة الرجعة ليست كأدلة المعاد قطعية؟

فأجاب:

"صحيح ذلك، لأن أدلة المعاد جاء بها القرآن، وهي مما تسالم عليه المسلمون. أما الرجعة فقد دلت عليها الأحاديث وهي متواترة، وإن اختلفت [الندوة ج6ص453]

ونقول:

1 ـ إذا كانت أدلة المعاد قرآنية، فأدلة الرجعة أيضاً كذلك، فإن هناك آيات كثيرة تدل على الرجعة.. وتتحدث عنها.

وقد ذكرها العلماء في كتبهم التي تتحدث عن هذا الموضوع، حتى إن الحر العاملي ـ رحمه الله ـ قد أورد في كتابه: (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) أربعاً وستين آية قرآنية تدل على هذه القضية، وأن الأئمة المعصومين قد فسروها بها..

ومن هذه الآيات قوله تعالى {يوم نحشر من كل أمة فوجاً ممن يكذب بآيات الله}.. وهي ظاهرة الدلالة على هذا الأمر، وقد فسرتها الرواية عن الأئمة (ع) بذلك أيضاً.

وأما تفسير السيد محمد حسين فضل الله لهذه الآية بقوله:

"وذلك هو يوم القيامة الذي يحشر الله فيه الناس كلهم المؤمنين منهم والمكذبين بآيات الله"

فلا مجال لقبوله، لأن كلامه هذا يناقض تصريح الآية بأن الحشر هو لفوج ممن يكذب، وليس لكل من يكذب ولا يكون ذلك إلا في الرجعة قبل يوم القيامة..

2 ـ إن أحاديث الرجعة تعد بالمئات، وقد ذكر العالم الجليل السيد عبد الله شبر: أنها قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقات العظام، والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم، كالكليني، والصدوق، والطوسي، والمرتضى، والكشي، والنجاشي، والعياشي، والقمي، وسليم، والمفيد, والكراجكي والنعماني.. إلى أن قال:

(وإذا لم يكن هذا متواتراً، ففي أي شيء دعوى التواتر، مع ما روته كافة الشيعة خلفاً عن سلف، وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين، ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين.

فيحتال في تخريب الملة القويمة، بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين، من استبعادات المتفلسفين، وتشكيكات الملحدين، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون..) حق اليقين ص2و3

3 ـ وقول السيد محمد حسين فضل الله: صحيح ذلك لأن أدلة المعاد جاء بها القرآن، وهي مما تسالم عليه المسلمون.

يظهر منه: أن أدلة الرجعة ليست قطعية.. مع أن آيات القرآن قد دلت عليها..

كما أن الحديث المتواتر باعترافه قد دلّ عليها أيضاً، فهل يكون ما دل عليه الحديث المتواتر ليس قطعياً؟.

إنه لأمر عجيب وغريب، فإن المتواتر يفيد القطع واليقين بلا ريب، وهذا هو الفرق بين المتواتر، وبين غيره..

4 ـ إن البديهيات تختلف وتتفاوت، فالبديهيات الدينية، قد تكون عقلية كوجود الله وتوحيده وصفاته.. وقد تكون سمعية وهي التي جاء النص الصريح والقطعي فيها بحيث إن أي مراجع لذلك الدليل بعيدا عن الهوى والعصبية سيكون مضطراً للإنقياد للحق، والإنصياع له، كما أن البديهي قد يكون بديهياً عند فئة من الناس ولا يكون بديهياً عند فئة أخرى، فهناك بديهيات لدى الفقهاء، وبديهيات لدى علماء الكلام. وبديهيات لدى أهل الحديث وعلوم القرآن.. وهكذا، وهناك بديهيات في كل علم كعلم الفلسفة والنحو والطب وما إلى ذلك. فإذا لم تكن مسألة الرجة من البديهيات العقلية، فلا يدل ذلك على أنها ليست من بديهيات الدين.

فإذا اختلف علماء الكلام مع علماء الفقه في أمر فقهي، فلا يعني ذلك أن الأمر ليس من البديهيات.

وكذلك لو اختلف الناس العاديون أو الفقهاء مع علماء الحديث أو الكلام في أمر يختص بالحديث أو بالإعتقادات، فإن ذلك لا يخرج البديهي عن بداهته.

إذن.. ليس كل ما اختلف فيه المسلمون يكون ظنياً، فإن الإختلاف في البديهي لأجل الشبهة لا يجعل البديهي نظرياً وإلا، لكان من ينكر وجود الله ليس منكراً للبديهي.. وذلك ظاهر وما عليه إلا أن يرجع إلى كتاب المنطق للشيخ محمد رضا المظفر ج1، ص 22و 23، ليعرف صحة هذا الأمر..

وحول رأيه أن الشيخ المفيد في كتابه في (أوائل المقالات)، عن اختلاف علماء الإمامية في تفسير معنى الرجعة التي اتفقوا عليها من ناحية المبدأ، فقد كان جماعة من الشيعة يؤولون الأخبار الواردة في الرجعة على طريق الإستفاضة إلى رجوع الدولة ورجوع الأمر والنهي إلى الأئمة (ع) وإلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص كما نقل ذلك السيد المرتضى عن جماعة من الشيعة تأوّلوا الرجعة بذلك.

وإذا كان محققو الشيعة قد رفضوا هذا التأويل لعدم لزوم محال عقلي في هذا الموضوع، فإننا نتصور أن هؤلاء القوم لم ينطلقوا في تأويلهم من الإستحالة العقلية لأن الرجعة ليست أشد صعوبة من البعث ولكنهم انطلقوا من الفكرة التي تثير التساؤل حول ضرورة ذلك فإذا كان المقصود الإنتصاف للمظلومين من الظالمين وغلبة المحقين على المبطلين، فإن ذلك حاصل في يوم القيامة، وإذا كانت القضية هي إظهار الحق على الباطل، وبسط العدل في الكون فإن وجود الدولة المهديّة الشاملة كفيل بذلك، وإذا كانت المسألة تحقيق الأمنيات في دولة الحق للمؤمنين وشفاء غيظهم من معاصريهم من المبطلين فيما يمكن أن تحققه الرجعة من حصول الأماني وشفاء الغيظ، فإن يوم القيامة يحقق ذلك بأعظم مما يحدث من خلال الرجعة لأنه يتصل بالمصير الأبدي في النعيم والشقاء.

إن المسألة ليست مرتبطة بالإمكان والإستحالة، بل هي مرتبطة بالمبررات العملية الواقعية في ضرورة ذلك، مما يجعل التأويل أكثر قربا للالتزام بالأحاديث من إبقائها على ظاهرها، لا سيّما عند مواجهة التحدّيات الفكريّة في هذه المسألة التي لا تمثل ـ في طبيعتها ـ أصلا من أصول العقيدة

مع أن عدم التمكن من فهم مبررات الرجعة، وعدم قدرة البعض على مواجهة التحديات المعاصرة، لا يخوّله تأويل الأحاديث التي قد تصل إلى مائتين وعشرين حديثا، بالإضافة إلى أدلة وشواهد عديدة أخرى..

نقول:

الرجعة المثال الآخر: ويشبه ما نحن فيه، ما يقوله السيد محمد حسين فضل الله عن موضوع الرجعة أيضا وذلك لأن من الواضح أن هناك أمورا تثبت الإجماع أو بالدليل العقلي، وهما دليلان لبيان ولا مجال للتأويل في الدليل اللبي، كما ذكره السيد المرتضى (قدس سره) ردا على من قال بلزوم تأويل أحاديث الرجعة برجوع الدولة، والأمر والنهي، حيث قال ما لفظه: "إن قوما من الشيعة لما عجزوا عن نصرة الرجعة، وبيان جوازها وأنها تنافي التكليف عولوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.

وهذا منهم غير صحيح، لأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة، فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم؟

وإنما المعول في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها، بأن الله تعالى يحيي أمواتا عند قيام القائم(ع)، من أوليائه وأعدائه على ما بيناه، فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم " رسائل الشريف المرتضى ج 1 ص 126.

فالسيد المرتضى رحمه الله يقول إذن:

1 ـ إن الرجعة ثابتة بإجماع الإمامية.

2 ـ إن الإجماع دليل لبي، والدليل اللبي غير قابل للتأويل، لأنه ليس من النصوص ليمكن تأويله.

3 ـ إن الذين خالفوا، إنما خالفوا بعد القطع بتحقق إجماع الإمامية على هذا الأمر، فلا تضر مخالفتهم الإجماع، بل هو يحتج عليهم به، ويلزمهم بموافقته، وباعتماده.

4 ـ إن الرجعة ليست من المدركات العقلية، ليحتكم فيها إلى العقل، أو لكي يسأل العقل عنها، بل هي أمر غيبي لا يعرف إلا بالنقل أو الإجماع الكاشف عن إبلاغ المعصوم لهذا الأمر للناس، وإجماع المجمعين ـ كما يقول السيد المرتضى ـ قد كشف لنا عن معرفتهم بهذا الأمر التوقيفي، الذي أخذوه عن المعصومين(ع).

وإذا كانت الرجعة ثابتة بالأخبار المتواترة، فإن ما ذكرناه من عدم جواز الالتجاء إلى تأويل أخبارها، إلا إذا صادمت الحكم العقلي الفطري، وهي لا تصادمه، قطعا، غاية ما هناك عجز بعضهم عن إدراك مغزاها، وذلك لا يبرر تأويل أخبارها كما قلنا.

إن هذا الذي ذكرناه جار هنا ولا مجال لإنكاره. وللتدليل على ما ذكرناه من ثبوت الرجعة بالدليل القطعي، نذكر هنا كلام بعض الأعلام.

فنقول:

قال ابن البراج في كتابه جواهر الفقه ص 250، وهو يعدد العقائد الجعفرية: يرجع نبينا وأئمتنا المعصومون في زمان المهدي مع جماعة من الأمم السابقة واللاحقة، لإظهار دولتهم وحقهم، وبه قطعت المتواترات من الروايات والآيات.

ويقول: السيد عبد الله شبر في كتابه حق اليقين ص 2 و 3: إعلم أن ثبوت الرجعة مما اجتمعت عليه السنة الحقة والفرقة المحقة، بل هي من ضروريات مذهبهم، وقال العلامة المجلسي رحمه الله: أجمعت الشيعة على ثبوت الرجعة في جميع الأعصار واشتهرت بهم كالشمس في رابعة النهار حتى نظمتها في أشعارهم واحتجوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع أعداءهم عليهم في ذلك وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم منهم الرازي والنيشابوري؟؟؟ غيرهما. وكيف يشك مؤمن بأحقية الأئمة الأطهار فيما تواترت عنهم في قريب من مائتي حديث صريح رواها نيف وأربعون من الثقاة العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم كثقة الإسلام الكليني والصدوق محمد بن بابويه والشيخ أبي جعفر الطوسي والسيد المرتضى والنجاشي والكشي والعياشي وعلي ابن إبراهيم وسليم الهلالي والشيخ المفيد والكراجكي والنعماني والصفار وسعد بن عبد الله وابن قولويه وعلي بن عبد الحميد والسيد علي بن طاوس وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد ومحمد بن علي بن إبراهيم وفرات بن إبراهيم ومؤلف كتاب التنزيل والتحريف وأبي الفضل الطبرسي وأبي طالب الطبرسي وإبراهيم بن محمد الثقفي ومحمد بن العباس بن مروان والبرقي وابن شهرآشوب والحسن بن سليمان والقطب الراوندي والعلامة الحلي والسيد بهاء الدين علي بن عبد الكريم وأحمد بن داود بن سعيد والحسن بن علي بن أبي حمزة والفضل بن شاذان والشيخ الشهيد محمد بن مكي والحسين بن حمدان والحسن بن محمد بن جمهور والحسن بن محبوب وجعفر بن محمد بن مالك الكوفي وطهر بن عبد الله وشاذان بن جبرئيل وصاحب كتاب الفضائل ومؤلف الكتاب العتيق ومؤلف كتاب الخطب وغيرهم من مؤلفي الكتب التي عندنا ولم نعرف مؤلفه على التعيين.

وإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شئ دعوى التواتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمة الدين ولا يمكنه إظهار ذلك من بين المؤمنين فيحتال في تخريب الملة القويمة بإلقاء ما يتسارع إليه عقول المستضعفين من استبعادات المتفلسفين وتشكيكات الملحدين {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} وقد صنف جماعة من القدماء كتبا في حقية الرجعة فمنهم أحمد بن داود بن سعيد الجرجاني قال الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة والرجعة ومنهم الحسن بن علي بن أبي حمزة البطايني وعد النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة. ومنهم الفضل بن شاذان النيشابوري ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي أن له كتابا في إثبات الرجعة ومنهم الصدوق محمد بن علي ابن بابويه فإنه عد النجاشي من كتبه كتاب الرجعة. ومنهم محمد بن مسعود

العودة