بـدايـة:

العلماء والحوزات العلمية، وكذلك الصفوة من المؤمنين الملتزمين، هم المنارة التي تبعث نور المعرفة في كل اتجاه، وهم الحصون المنيعة التي تحفظ هذا الدين، وتذود عن حياضه، وترفع أعلامه وبيارقه خفّاقة في سماء العز والعظمة والسؤدد، فأي إضعاف لها ولهم أو تشويه لصورتها وصورتهم، سيؤثّر سلباً على ثقة الناس بها، وبهم، وسيحوّل سكون نفوسهم إليهم و إليها إلى قلق وتشويش، ثم إلى فراغ يجد فيه أعداء الدين فرصتهم الذهبية لاقتحام حصون الإيمان، ونسف قواعده، وإسقاط بنائه الشامخ العتيد، وليهينوا ـ من ثَمّ ـ ما عزّ وغلا بلؤمهم الرخيص، وحقدهم البغيض..

أمّا بالنسبة للتشهير بالحوزات العلميّة، وبعلماء الأمة، ومراجع الدّين، ثم نعتهم بأوصاف لا تليق بهم فحدّث عن ذلك ولا حرج، ونحن نكتفي هنا بذكر نموذج ضئيل جدّا من مقولات البعض في هذا المجال، فلاحظ ما يلي:

 

ـ ليس في الحوزات العلمية حريّة فكر.

ـ لا يستطيع الطالب مناقشة العقائديات والفقه والإجتماعيّات.

ـ تغيير الحوزات يحتاج إلى ما يشبه الثورة.

ـ هناك تجربة (تغييرية) تمشي بين الألغام.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"ولقد أطلق العصر تحدّيات في العقائد بالنسبة للمفاهيم الإسلامية وفي الإتجاهات الفكريّة التي لا تنطلق من الجانب الفلسفي فقط، وإنما تنطلق في الجانب الحركي الذي يتصل بقضايا الناس وحركة الناس وواقع الناس وقضايا التقنين والتشريع. لذلك فنحن لحدّ الآن لم نحصل للأسف على نقلة نوعيّة في الحوزات. وإن مسألة تغيير الحوزات تحتاج إلى ما يشبه الثورة، وأظن أن ظروف الثورة لحد الآن ليست متوفرة، لأننا نعرف أنه ليست في الحوزات حرية فكر، فلا يستطيع الطالب أن يناقش فيها حتى بعض القضايا التاريخية في الهواء الطلق. فكيف يمكن أن يناقش فيها قضايا عقيدية أو اجتماعية أو فقهية، وما إلى ذلك؟! علما أن هناك محاولة تجربة تمشي بين الألغام وإن شاء الله تتكلل بالنجاح" [الندوة ج1ص523]

العودة