- يقول السيد محمد حسين فضل الله:

وانتهت قصة إبليس مع آدم.. واستطاع آدم بعد نزوله إلى الأرض أن يعي ـ تماما ـ معنى الدور الشيطاني لإبليس في الإضلال والإغواء، من موقع العقدة المستحكمة في نفسه ضدّه.. وأن يحفظ نفسه منه فلم يحدّثنا الله عن خطأ آخر في مخالفة أوامر الله ونواهيه.. بل الظاهر، أنه استمر في الخط المستقيم الذي ترتبط فيه كل ممارسات حياته وتطلعاته بالله، بعيداً عن وساوس الشيطان وأضاليله000[من وحي القرآن ج10ص71ط2]

ونقول:

1 ـ لا ندري كيف نعتذر عن السيد فضل الله في نسبة الخطأ في مخالفة أوامر الله ونواهيه إلى النبي آدم عليه السـلام. وقد تحدثنا عن المراد من الآيات فيما تقدم من الفصل، فنذكره..

2 ـ كما أننا لا ندري كيف لم يجزم بعصمة آدم عليه السلام عن الخطأ في مخالفة أمر الله ونهيه، بل احتاط، وحمله على الأحسن!! فاعتبر أن الظاهر من أمر آدم أنه استمر على الخط، ولم يقطع بذلك وأبقى باب احتمال المعصية، والانحراف عن خط الرشد مفتوحاً، مع أنه يقول: إن العصمة عن الخطأ في الأنبياء تكوينية!! إلا أن يريد: أن ذلك في خصوص العصمة عن الذنوب، أما الخطأ فلا عصمة عنه و هو الظاهر من كلماته التي نقلناها و ننقلها.

3 ـ والذي لفت نظرنا أنه اعتبر عدم حديث الله سبحانه عن خطأ آخر لآدم عليه السلام دليلاً على عدم وقوع أي خطأ منه.. فهل هذا الدليل يصلح للإعتماد عليه في ذلك يا ترى.!؟.

 

وفي رواية عن الإمام الرضا عليه السلام:

لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات فلم يقم أحد إلا وقد ألزم حجته كان قد ألقم حجراً ، فقام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء ؟ قال : بلى ، قال فما تعمل في قول الله عز وجل :  { وعصى آدم ربه فعوى } وقوله عز وجل { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه } وقوله في يوسف { ولقد همت به وهم بها } وقوله عز وجل في داوود { وظن داوود أنما فتناه} وقوله في نبيه محمد صلى الله عليه وآله { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} ؟ فقال مولانا الرضا عليه السلام : ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل يقول : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام : { وعصى آدم ربه فغوى} فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في الأرض ، وخليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت معصية آدم عليه السلام في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما اهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل  { إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} وأما قوله عز وجل : { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه} إنما ظن أن الله عز وجل ر يضيق على أحد رزقه ألا تسمع قوله عز وجل { وأما إذا ابتلاه فقدر عليه رزقه}؟ أ يضيق عليه ، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان كفر. وأما قوله عز وجل في يوسف: { ولقد همت به وهم بها } فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله : { كذلك لنصرف عنه السوء } يعني القتل ، والفحشاء يعني الزنا. وأما داود فما يقول من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن الجهم : يقولون أن داود كان في محرابه يصلي إذا تصور له إبليس على صورة  طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ،وكان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن أقدم أوريا أمام الحرب ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب ثانية أن قدمه أمام التابوت ، فقتل أوريا رحمه الله ، وتزوج داود بامرأته ، فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ، فقال يابن رسول الله فما كانت خطيئة ؟ فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا الحراب فقالا: خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * فجعل داود عليه السلام في المدعى عليه فقال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، فلم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة حكمه ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع قول الله عز وجل يقول : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} إلى آخر الآية ، فقلت يابن رسول الله فما قصة أوريا ؟ فقال الرضا عليه السلام إن المرأة في أيام داود إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً ، وأول من أباح الله عز وجل أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود فذلك الذي شق على أوريا ، وأما محمد نبيه صلى الله عليه واله وقوله عز وجل له: { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } فإن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في الآخرة ، وأنهن أمهات المؤمنين ، وأحد من سمي له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة ، فأخفى صلى الله عليه واله اسمها في نفسه ولم يبد له لكيلا يقول أحد من المنافقين ، إنه قال في امرأة رجل : إنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين ، وخشى قول المنافقين ، قال الله عز وجل { والله أحق أن تخشاه في نفسك} وأن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج آدم وحواء ، وزينب من رسول الله صلى الله عليه واله ، وفاطمة من علي عليه السلام ، قال فبكى علي بن الجهم وقال : يابن رسول الله أنا تائب إلى الله عز وجل أن أنطق في أنبياء الله عز وجل بعد يومي هذا إلا بما ذكرته.

عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج-2 ص170 /الأمالي للشيخ الصدوق ص150/الفصول المهمة في الأصول ج-1 ص 442/بحار الأنوار ج- 11 ص 72 وج 49 ص179/مستند الإمام الرضا (ع) ج-2 ص 93 /تفسير نور الثقلين ج-3 ص 404 /تفسير الميزان ج-1 ص 145 و11 ص 166/قصص الأنبياء للجزائري ص 13 .

 

فلماذا لم يمتثل إلى أمر الإمام الرضا عليه السلام وينسب الفواحش إلى الأنبياء عليهم السلام  وعدم الامتثال لهم عليهم السلام  كالراد عليهم والراد عليهم كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رد على الله جل وعلا .

العودة