ـ بعض المراجع يعطون الرأي فيما لا يملكون معرفته.

ـ بعض المراجع يعطون آراءهم اعتماداً على نظرات سريعة.

ـ بعض المراجع يعطون الرأي اعتماداً على غير الثقات.

ـ بعض المراجع يعطون الرأي اعتماداً على من لا يملك دقّة المعرفة.

ويقول السيد محمد حسين فضل الله.

"ونحن نلاحظ أن بعض المراجع قد يعطون الرأي في كثير من المواقف أو المواقع أو الأشخاص فيما لا يملكون معرفته اعتماداً على نظرات سريعة، أو على نقل بعض الأشخاص الذين لا يملكون الثقة أو دقّة المعرفة" [الندوة ج6ص513]

ونقول:

1 ـ إن من يراجع الفقرات التي ذكرناها في هذا الفصل؛ بالإضافة إلى نصوص أخرى منثورة في ثنايا هذا البحث يجد أن من حقه أن يخرج بالنتيجة التالية:

إن السيد محمد حسين فضل الله حين يرمي الطائفة وعلماءها بما يرميهم به نجده يطلق أوصافاً أخرى تخالفها، مثل التجديد والانفتاح والمعاصرة وما إلى ذلك، ملمّحاً أو مصرّحاً بأنه هو الوحيد ـ تقريبا ـ الذي يتحلى بها ـ فيرسم بذلك لنفسه شخصية ذات مواصفات معينة، ثم يسقطها على الأدلة الشرعية، ثم يقدمها إلى القارئ والمستمع على أساس أنها هي الأدلة، وهي الشرع.. حتى ليجد الإنسان العادي نفسه أمام خيار وحيد هو هذا الرجل دون سواه.

2 ـ إننا نريد للقارئ أن يسأل السيد محمد حسين فضل الله عن المصلحة وعن السبب في طرحه لتساؤلات، واحتمالات ترتبط بواقع طائفة الشيعة الإمامية دون غيرها.. حتى تكون النتيجة هي إظهار هذه الطائفة على أن من الممكن أن تكون هي قد عزلت نفسها عن حركة الحياة، وأن الواقع الشيعي خارج حركة التاريخ، وأنه تقليدي. وأنه ضد مصلحة التشيع. وأن الشيعة لا يفكرون بالانفتاح والمعاصرة.. وما إلى ذلك!!.

3 ـ ثم نريد للقارئ أيضاً أن يسأله عن السبب والسر في مهاجمته للحوزات العلمية للشيعة بهذه الحدّة والشدّة..

4 ـ ويسأله كذلك عن السر في وصف المراجع بهذه الأوصاف المهينة والمشينة.

5 ـ ثم نريد من القارئ الكريم أن يقف ليتأمل بتجرّد، ومقارنة، ليعرف من خلال ذلك من هو ذلك الذي لا يملك معرفة كافية في أمور العقيدة.. هل هم المراجع.. الذين تصدّوا لمقولات هذا البعض، التي طالت مختلف شؤون العقيدة، ومفرداتها. والدين وحقائقه، وشعائره ومسلماته..

أم هو الذي أطلق هذه المقولات التي يتعذّر على الإنسان العادي حصرها، وكثير منها تخالف أبده البديهيات فضلاً عن الكثير الآخر الذي هو داء ليس له دواء؟!

ومن هو ذلك الجدير بالثقة، هل هو الحوزات العلمية التي هبّت بعلمائها ومراجعها للدفاع عن حقائق الدين؟ أم هو الذي لا يكل ولا يمل ولا يرتدع عن محاولات التشكيك بهذه الحقيقة وبتلك في مختلف قضايا الدين والإيمان؟!

ومن هو المتسرّع، هل هو الذي يجيب بالمتناقضات في أكثر الأمور حساسية كمسألة العصمة وغيرها؟!

أم هو الذي يشكل لجنة من العلماء الموثوقين ليدرسوا مقولات غريبة، أطلقها البعض ولا يزال يؤكدها ويرسخها بمختلف ما يملك من وسائل؟

ومن الذي لا يملك الدقّة في المعرفة؟ ويعيش هاجس العمل السياسي، وتستهلكه النشاطات الاجتماعية..

هل هو هذا البعض؟ أم هم علماء الحوزات العلمية ومراجعها، الذين يقضون عمرهم في التحقيق والتدقيق في أمور الدين ويحملون هَمّ الحفاظ على الإسلام وحفظ ورفعة شأن المسلمين، ولا همّ لهم، ولا عمل سوى ذلك؟!.

إن الحوزات العلمية هي التي خرّجت أساطين العلم وأفذاذ الرجال، ممن لم يزل هو وغيره يفخرون بهم ويحاول اكتساب الثقة والمقام الرفيع بربط اسمه باسمهم، وأن يحكي للناس ما يقول عنه: إنه تاريخ له معهم..

بل إنه هو نفسه لم يزل يلهج بانتسابه لهذه الحوزات، ويتغنّى باستمرار بالتلمُّذ على أيدي علمائها، خصوصاً السيد الخوئي رحمه الله وغيره.

مع أن الذين عاشوا في النجف يعرفون: أن تلمُّذه عليه إنما كان لفترة وجيزة، لا تقاس بتلمّذ الآخرين. من علماء الأمة ومراجعها على يدي ذلك العالم الجليل والبارع.. خصوصاً إذا أخذنا بنظر الإعتبار الفرق الشاسع بين من يحضر الدرس لمجرد الحضور، فلا يهتم بالقيام بأي نشاط سوى هذا الحضور، وبين من يقضي الساعات ويسهر الليالي للتحقيق في ما سمعه من أستاذه. والتدقيق في النصوص المؤيّدة أو المفنّدة.

العودة