ـ الكثيرون من المسلمين اليوم يقولون لعلي: كم شعرة في رأسي.

ـ نحن المسلمين نريد دخول الحياة من الزوايا المغلقة.

ـ نحن المسلمين نريد أن نجر ذكرى أهل البيت إلى جو التخلّف.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"إنّ الكثيرين منا في ما يتحدثون وفي ما يتناقشون به ومما يثيرونه من أشياء هامشية، قد يقولون لعلي (ع) وللزهراء (ع) وللأئمة (ع) كم شعرة في رأسي، لأن ضيق الفكرة هنا هو ضيق الفكرة نفسه هناك، ولقد أراد علي (ع) من خلال رسول الله (ص)، وكذلك أراد لنا ابناؤه وزوجته الطاهرة (ع)، أن ندخل الحياة من الباب الواسع، ولكننا نريد أن ندخلها من الزوايا المنغلقة، فمشكلة أهل البيت (ع) أنهم أرادوا أن يفتحوا لنا أبواب الوعي، ونحن نريد أن نجرّ ذكراهم إلى جوّ التخلّف لأن المتخلفين لا يحبّون إلاّ أن يعيش الآخرون معهم في أجواء التخلّف"  [الزهراء القدوة ص348]

فيلاحظ: أنه قد تحدث أولاً عن "الكثيرين منا" ثم استطرد في حديثه ليتحدث "عنا" بصورة التعميم، ويدخلنا من ثم في أجواء التخلف، خصوصاً في ما يرتبط بالمناسبات المرتبطة بأهل البيت، مثل عاشوراء، وعيد الغدير وغيرهما.

 

ـ ندرس الكثير من التاريخ ومن القرآن على أساس مشاعرنا لا عقولنا.

ـ الكثيرون منا موقفهم هو تأويل ما لا ينسجم مع الموروث.

ـ أصبح استظهار النصوص خاضعاً للذهنيات المسبقة لدينا.

ـ صار القرآن صوراً لما نفكر به بدل العكس.

ـ التاريخ صورة لما نفكر به بدل العكس.

ـ عواطفنا تحكم الكثير من حركة البحث عندنا.

ـ لسنا عقلانيين ولا موضوعيين.

ـ لا ندرس القرآن والسنة على أساس القواعد التي يتلاقى عليها الناس في فهم النص.

ـ التضليل والتفسيق يطال من يقول إن القرآن ظاهر فيما لا يتفق مع المتوارث.

ـ نحن ضعفاء في الثقافة وفي الحجّة.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"مشكلتنا أننا ندرس الكثير من نصوص التاريخ أو نصوص القرآن الكريم على أساس مشاعرنا لا على أساس عقولنا، ولهذا ترى الكثيرين قد يأخذون موقفاً مسبقاً من مختلف القضايا، فإذا كان النص يتفق مع موقفهم أخذوا به، وأما إذا كان لا ينسجم مع ما توارثوه فإنهم يعملون على تأويله وإبعاده عن ظاهره وعن سياقه، ولذا فقد أصبحت عملية استظهار النصوص خاضعة للذهنيات المسبّقة التي نحملها. وغدونا نفرض الكثير من هذه الذهنيات على القرآن نفسه، حتى صار القرآن صورة لما نفكر به، بدل أن يكون ما نفكر به صورة قرآن، والأمر نفسه حصل بالنسبة للمسائل التاريخية التي تتصل ببعض الخطوط الفكرية والثقافية والعقيدية، فإن البعض يختار من النصوص التاريخية ما يناسبه ويرفض منها ما لا يروق له، أو أنه يحاول أن يرتب التاريخ على حسب مزاجه ومذاقه الفكري، لا أن يجعل مزاجه الفكري خاضعاً لنتائج البحث العلمي التاريخي.

تحكّم العاطفة في حركة البحث

إن مشكلتنا أننا عاطفيون، وعواطفنا هي التي تحكم الكثير من حركة البحث عندنا، ولسنا عقلانيين موضوعيين ندرس الأمور على أساس الكتاب والسنة انطلاقاً من القواعد التي يتلاقى عليها الناس في فهم النص العربي، ولا نخضع تفكيرنا للنتائج المستفادة من الكتاب والسنة، حتى إذا جاءنا شخص وقال إنّ الكتاب ظاهر في أمر ما، أو السنّة ظاهرة في حكم ما مما لا يتفق مع المألوف والمتوارث، نادينا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وتحركت حملات التكفير والتضليل والتفسيق.

إن الذين يتّبعون هذه الأساليب فيتهمون من خالفهم في اجتهاداتهم بالكفر والضلال والفسق والانحراف، ضعفاء في ثقافتهم كما هم ضعفاء في حجّتهم، لأن من يملك الحجة لا يشتم، ومن يملك البرهان الساطع لا ينطق بالكلمات غير المسؤولة" [الزهراء القدوة ص42-43]

ونقول:

1 ـ إن كلام السيد محمد حسين فضل الله موجّه إلى أهل الإسلام.. كما هو ظاهر. فهو يتهمهم بتلك التهم الباطلة، ويسجل للتاريخ هذه الشهادة عليهم.. وسوف تكون شهادة مقبولة عند الأعداء، لأنها تمثل اعترافاً طوعياً. يفرح به الأعداء، ويحزن له الأصدقاء، الذين يعرفون أنه غير صحيح، أو لا أقل هو غير دقيق.

ولا نريد أن نقول هنا أكثر من ذلك.

2 _ إن الظاهر من كلام السيد محمد حسين فضل الله: أنه بصدد التجريح بعلماء الإسلام وبمراجع الدين الذين وقفوا من مقولاته المخالفة لحقائق الدين والتاريخ والعقيدة وغيرها موقفاً صريحاً، وقوياً وحازماً..

وقد وصفهم بأنهم "أيدهم الله" ضعفاء في ثقافتهم، كما هم ضعفاء في حجتهم، فأين هو دليله المفيد لليقين في هذا الأمر، فإن هذا النفي يحتاج إلى دليل، ولا بد أن يكون يقينياً حسب مقرراته.

3 ـ إنه يصور الأمر فيما بينه وبين غيره على أنه اختلاف في الاجتهاد مع أن الأمر ليس كذلك، إذ ليس من حق أحد أن يجتهد في الحقائق اليقينية الثابتة والذي يفعل ذلك، فإنه يتحمل مسؤولية ما قدم عليه، فإن خالف أمور العقيدة وحقائق الدين، فإنه تترتب عليه آثار ذلك، ويحكم عليه بما يحكم على كل مخالف، ولا يصح له أن يعتذر بالاجتهاد، ولا يمنع اجتهاده هذا ترتب تلك الآثار والأحكام عليه، وإلا لصح للمسيحي واليهودي والملحد أن يعتذر بالاجتهاد.. فإن اجتهاد المسيحي والملحد لا يمنع من الحكم عليه بالكفر وبعدم جواز تزويجه، وبحرمانه من الإرث، وعدم قبول شهادته، وحرمة أكل ذبيحته وما إلى ذلك..

العودة