ـ النصارى واليهود موحدون كالمسلمين.

ـ لا شرك عند اليهود والنصارى، لا في العبادة ولا في العقيدة.

ـ يمكن اكتشاف قناعات مشتركة ومشاعر قريبة مع اليهود.

يقول السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}:

".. إنها تطرح مع فكرة اللقاء على قاعدة مشتركة.. ليمكن لنا من خلال ذلك أن نكتشف وجود لغة مشتركة، وقناعات مشتركة.. ومشاعر قريبة إلى بعضها مما يوحي بوجود أساس واقعي للتفاهم.. لأن القضايا المسلمة لدى كل فريق يمكن أن تتدخل لتحسم الخلاف في القضايا المتنازع فيها.. فهي تدعوهم إلى كلمة سواء بيننا وبينكم فنحن نؤمن بالوحدانية كما تؤمنون، وبذلك فإننا نلتقي معاً في نطاق عبادة الله الواحد فلا نشرك في العقيدة ولا نشرك في العبادة.. وعلى ضوء ذلك فإننا نلتقي في فكرة أن لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، لأن ذلك يعني الشرك بالله في خلقه.. فلا مجال لأن نحل ما حرمه الله علينا، إذا أمرنا هؤلاء بذلك ولأن نحرم ما أحل الله لنا، إذا أمرنا هؤلاء بذلك.. فإن ذلك يعني الخضوع والعبادة اللذين يؤديان إلى الشرك في نهاية المطاف.. وهذا هو ما استوحاه أحد أئمة أهل البيت (ع) في هذه الفقرة فيما يروى عنه، في الجواب عن سؤال قدم إليه، وخلاصته، أن اليهود لا يتخذون بعضهم أرباباً من دون الله فكيف يطرح عليهم هذه الصيغة التي تشعر بوجود شيء لديهم من هذا القبيل فيريد الله أن يخلصهم منه ويفرض عليهم منهجه الحق؟.. وكان الجواب يتلخص في التأكيد على هذا الجانب، فإنهم أحلو لهم حراما وحرموا حلالاً فاتبعوهم في ذلك فكانت تلك ربوبية عملية، وهذا ما نواجهه، في ساحة العمل المنحرف، في التزامنا بما تصدره بعض المؤسسات أو الحكومات من قوانين تتنافى مع قوانين الإسلام ومفاهيمه، فإن ذلك يمثل إشراكاً في جانب العمل وإن لم يكن إشراكاً في خط العقيدة [من وحي القرآن ج6ص78ط2]

ونقول:      

إن ما يستوقفنا هنا بالإضافة إلى إطلاقه مقولة: "إن الأئمة يستوحون من الآيات القرآنية"، التي ناقشناها في المقصد الأول: (المنهج الفكري والاستنباطي) و قلنا إنها تنافي حقيقة: أن ما عندهم هو علم من ذي علم نعم، إن الذي يستوقفنا هنا هو ما يلي:

1 ـ حكمه على النصارى بأنهم يؤمنون بالوحدانية كالمسلمين، ويلتقون معهم في عبادة الله الواحد، فلا يشركون في العقيدة ولا في العبادة، مع أن الله قد تحدث عنهم بخلاف ذلك كما أوضحنا فيما تقدم من هذا الفصل، وقد قال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا اله واحد} سورة المائدة الآية73

وقال تعالى مخاطباً النصارى: {قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضراً ولا نفعاً وهو السميع العليم} سورة المائدة الآية76

وقال عز وجل: {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} سورة المائدة الآية116

وثمة آيات أخرى تفيد هذا المعنى يمكن مراجعتها لمن أراد التوسع والاستقصاء.

ويشير إلى ذلك أيضا أنه لما نزل قوله تعالى {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} قال ابن الزبعرى: فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيراً، والنصارى تعبد عيسى؛ فأُخبر النبي (ص)، فقال: يا ويل أمه، أما علم أن (ما) لما لا يعقل، و (من) لمن يعقل؟ الخ.. راجع الكنى والألقاب ج1ص294 حيث أقرّه(ص) على أنهم يعبدون عيسى (ع) وأنكر عليه استفادة عموم قوله {ما تعبدون} للإنسان، مع أنها في لغة العرب مختصة بغيره.

2 ـ قوله: يمكن اكتشاف لغة، أو قناعات مشتركة، أو مشاعر قريبة إلى بعضها بيننا وبين اليهود.. هو أمر لا يمكن قبوله؛ بعد أن قال الله عز وجل: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود}.

كما أننا لا ندري كيف يمكن أن نكتشف قناعات مشتركة بين التوحيد والتثليث المسيحي؟.

العودة