ـ ليس للمرأة إلا ما يخرج عند بداية الشهوة.

ـ الذهنية الفقهية من خلال بعض النصوص ـ وجود ماء للمرأة.

ـ الذهنية الفقهية ـ من خلال النص تخالف بديهيات الطب.

ـ لا بد من تأويل الأخبار عن ماء المرأة، أو ردّ علمها إلى أهلها.

ـ يرد روايتين تدلان على حرمة الإستمناء للمرأة.

ـ الداعي لتحليل استمناء المرأة نساء سجن أزواجهن أو غابوا.

ـ الإستمناء للمرأة لا يؤدي إلى أضرار كبيرة توجب التحريم.

ـ بعض الروايات هي السبب في فهم هذا المعنى من الآية.

ـ الروايات لا تمثل سنداً قطعياً.

ـ الكشف عن أن المرأة لا ماء لها لا يفيد إلا الظن.

ـ قد يكشف العلم أن للمرأة ماءً.

ـ لعل الترائب لا تختص بالمرأة.

ـ تخصيص الترائب بالإضافة للمرأة ـ دليل عموم مفهومها.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"ربما بعض القضايا نحتاج فيها إلى الرجوع للخبراء، مثلاً هناك جدل في مسألة، وهذا الجدل ينطلق من فكرة أن الرجل إذا خرج منه المني فعليه أن يغتسل، كما أنه لا يجوز له الإستمناء، أي ممارسة العادة السرية لإخراج المني، هذا أمر لا شك فيه، هنا وقع نزاع:

هل حكم المرأة كحكم الرجل؟

هل المرأة إذا وصلت إلى قمة الشهوة من دون عملية جنسية كاملة، من دون دخول كما يقولون، عليها الإغتسال أم لا؟

وهل يحرم على المرأة العادة السرية، بقطع النظر عن النتائج السلبية النفسية وغيرها؟

هل يحرم هذا العمل في ذاته بقطع النظر عن النتائج السلبية التي تجعله حراماً بالعنوان الثانوي؟

هنا ينطلق البحث من حيث ما كان متوفراً لدى القدماء، ولكنهم لم يصلوا فيه إلى نتيجة:

هل للمرأة منيّ أم ليس للمرأة منيّ؟

هل يخرج من المرأة عند وصولها إلى قمة الشهوة ماء كماء الرجل، أم أن المسألة هي مسألة توترات وتشنجات نفسية من دون أن يكون هناك أي ماء عند وصولها إلى اللحظة الحاسمة؟ هناك ماء يخرج في بداية الشهوة، ولكن هذا الماء ليس هو المني، هو بمثابة المني، هو مظهر الشهوة وليس قمتها.

والسؤال عندما تصل إلى منتهى اللذة في شكل سطحي من دون دخول، هل يخرج منها شيء أم لا؟

كانت الذهنية الفقهية من خلال بعض النصوص أو غيرها تقول إن للمرأة ماء كما للرجل. كما أن الرجل إذا خرج منه الماء يحكم عليه بوجوب الغسل ويحرم عليه إخراجه بطريقة ذاتية، كذلك المرأة.

حاولت أن أرجع إلى أهل الخبرة في هذا المجال، لأننا لا نملك الوسائل التي تستطيع أن ننهي فيها هذا الجدل.

هل للمرأة ماء أم لا؟

لأن المسألة متصلة بالجانب التشريعي.

ولذلك حملت أسئلتي هذه إلى بعض المختصين من أصدقائنا في أميركا ليرجعوا فيها إلى أهل الاختصاص الكبار وجهت سؤالاً إلى عميد كلية الطب في الجامعة الأميركية سابقاً الدكتور عدنان مروة، وكانت النتيجة أن المرأة لا منيّ لها.

وأن هناك ماء يخرج في بداية الشهوة يعادل عملية الانتصاب للرجل، فهو مظهر الشهوة وليس نهايتها، وهذا ليس هو المنيّ.

أما عندما تصل المرأة إلى قمة اللذة، فإنه لا يخرج منها شيء، وليست هناك غدة تفرز الماء وبعدما وصلت إلى هذه النتيجة، والتي رأيت أنها من الأمور البديهية لدى الأطباء، تقرّرت لدي الفتوى بأن المرأة إذا لم تدخل في عملية جنسية كاملة لا تحكم بالجنابة، حتى لو وصلت إلى قمة الشهوة فليس عليها الغسل.

وهكذا فإن العادة السرية بالنسبة إلى المرأة ليست محرّمة من هذه الجهة، لأن العادة السرية تحرّم مع حصول الإمناء كما يقول السيد الخوئي في بعض أجوبة استفتاءاته.

فإذا لم يكن هناك منيّ فليس هناك إمناء.

لكننا في الوقت نفسه لا نشجع على ممارسة هذه العادة، ليس من ناحية الحرمة الذاتية بل من ناحية الأضرار النفسية وغير النفسية التي قد تؤثر على الحياة الجنسية للمرأة في المستقبل، وقد تؤدي إلى أزمات نفسية في ذاتها.

لكننا كنا نعالج الأمر من خلال ذاتية العمل، لا من خلال العناوين السلبية الأخرى التي يمكن أن تنعكس على العمل، في الجانب النفسي من حياة المرأة أو في الجانب الجسدي الآخر الذي قد يؤدي إليه إدمان هذه العادة مثلاً" [حوارات  في الفكر والسياسة والإجتماع ص553-554] وراجع [فقه الحياة ص210] فما بعد

ويقول:

"أما مسألة جواز العادة السرية للمرأة فنلتقي فيه مع رأي كل الفقهاء الذين يربطون الحرمة للرجل والمرأة بالإستمناء الذي يتوقف على إخراج المني بالعادة السرية.

وهذا ما صرح به السيد الخوئي في كتابه: منية السائل منية السائل ص129 جواباً عن السؤال عن حرمة العادة السرية للمرأة فأجاب:

يحرم مع حصول الإمناء هذا مع ملاحظة: أن أهل الخبرة من الأطباء يقولون:

إن المرأة لا مني لها، مما يفرض تأويل الأخبار الواردة عن ماء المرأة، أو ردّ علمها إلى أهلها في الحرمة في مثل هذه الأمور على تقدير ثبوتها مطلقاً.

وهناك وجه للقول بالحرمة على تقدير عدم ثبوت نفي الماء عن المرأة، بقاعدة اشتراك المرأة والرجل" [فقه الحياة ص33-34]

ويقول:

"ولكننا في الوقت نفسه نرجح للمرأة أن لا تأخذ بهذه العادة، إذا صحّت فرضية عدم وجود مني لها، لأن ممارستها لهذه العادة القبيحة قد يُسيء إليها عند زواجها، ويسبب لها مضاعفات نفسية، وعصبية، وطبية جسدية ليست في مصلحة حياتها الطبيعية، أو وضعها الاجتماعي أو مستقبلها الزوجي.

وقد حاول بعض الفضلاء ـ ردّاً على رأينا من حلية العادة السرية للمرأة بقطع النظر عن الإمناء ـ أن يستدل بروايتين:

الأولى: رواية (عبيد بن زرارة) قال:

كان لنا جار شيخ له جارية فارهة، قد أُعطي بها ثلاثين ألف درهم، وكان لا يبلغ منها ما يريد، وكانت تقول: اجعل يدك بين شفريَّ فإني أجد لذلك لذة، وكان يكره أن يفعل ذلك.

فقال لزرارة: سل أبا عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) عن هذا، فسأله فقال:

لا بأس أن يستعين بكل شيء من جسده عليها، ولكن لا يستعين بغير جسده عليها" وسائل الشيعة ج14 ص77ـ78

الثانية: روايته الأخرى: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):

الرجل يكون عنده جواري فلا يقدر على أن يطأهن، يعمل لهن شيئاً يلذذهن به؟؟

قال: أما ما كان من جسده فلا بأس وسائل الشيعة ج14 ص77ـ78

ولكنّ الروايتين ظاهرتان في عدم جواز استعمال وسيلٍة خارجيةٍ من قبل الرجل لتلبية حاجات زوجته الجنسية، لأنها طلبت منه الممارسة بيده، أو بشيء من جسده، وليس له أن يفعل ذلك بغيره، ولا إشارة فيها إلى مسألة ممارستها لذلك بيدها من قريب أو من بعيد.

سؤال: طالما أن هذه الفتوى لا تمثل في موضوعها أية ضرورة عملية، بل ربما تؤدي إلى بعض الفساد والانحلال الخلقي، عندما تأخذ النساء بهذه الفتوى فيقعن في السلبيات الأخلاقية، لذلك فإن البعض قد يتساءل لماذا لا تكون هناك فتوى بالإحتياط عليها؟، أو لماذا هذه الإثارة بشكل عام؟..

جواب: إن هذا البعض الذي يتحدث بهذه الطريقة لا يعيشٍ المشاكل الحادّة التي تتحرك في الواقع النسائي، أمام بعض الأوضاع القاسية الملحّة التي تدفع المرأة إلى معرفة الحكم الشرعي الذي يعمل على أن يجد الحل لهذه المشاكل من خلال الأدلة الشرعية.

ونحن عشنا، في نطاق دراسة الواقع والإستفتاءات الموجهة إلينا، عمق هذه المشكلة في عدّة حالات، الحالة التي يكون زوج المرأة في السجن، ولا تعرف حياته أو موته، أو أنه يقضي فيه مدة طويلة من دون أن تكون لها ظروف شرعية أو اجتماعية للطلاق، أو الحالة التي غاب فيها الزوج غيبة منقطعة، والحكم المشهور أنها تصبر أربع سنين، ليطلقها الحاكم الشرعي بعد ذلك، فإذا كان وليه ينفق عليها فتبقى ـ على حالها ـ إلى الأبد، أو الحالة التي يغيب فيها الزوج في بلاد الإغتراب لمدة طويلة جداً لا تحتمل عادة، وليس بوسعه أو وسعها الإلتقاء لأسباب مادية أو غيرها.

إن هذه الحالات التي تتحول إلى مشاكل جنسية خانقة تفرض على الفقيه التفكير في الحل إذا كان له في الأدلة الشرعية ما يحقق النتائج الإيجابية، ومن الطبيعي أن للعادة السرية مشاكلها، ولكن يبقى للتحريم أو للإهمال الشرعي مشاكله الأكثر تأثيراً على حياة المرأة، لا سيّما المتزوجة التي لا تملك فرصة شرعية للحل من الناحية الجنسية.. هذه هي الأمور التي دفعتني إلى دراسة المسألة بطريقٍة مسؤولةٍ شرعاً.

سؤال: ألا يمكن اعتبار هذه الأضرار التي تذكرونها سبباً لتحريم هذه العادة؟

جواب: لا أتصور أنها تؤدي إلى إضرار بحيث يمكن من خلاله الحكم بالحرمة" [فقه الحياة ص211-212]

ونقول:

إن التقرير الذي استند إليه في الحكم بعدم وجود ماء للمرأة قد ذكره هو نفسه في آخر كتابه: فقه الحياة.. حيث ذكر هناك: أنه وجّه أسئلة إلى أهل الاختصاص، وإلى الدكتور عدنان مروة، فأجابه هذا بما يلي:

السلام عليكم، هذه أجوبة مقتضبة للمسائل التي طرحتموها في رسالتكم:

ـ المسألة الأولى: هل للمرأة مني كمني الرجل، بحيث يكون من فصيلته، أو مشابهاً له، وذلك عند بلوغ اللذة؟

ـ الجواب: لا مني عند المرأة مشابهاً لمني الرجل، والسائل الذي تفرزه المرأة مع الإثارة الجنسية هو رشح من جدران المهبل، ويستمر مع الإثارة الجنسية، سواء تصاحبت هذه الإثارة مع جماع، أو عادة سرية، أو قراءة كتاب، أو حتى تفكير في أمور مدعاة للإثارة، وبذلك فهو مشابه للإنتصاب عند الرجل. بلوغ اللذة أو الرعشة عند الرجل يتزامن مع قذف المني، بينما عند المرأة فبلوغ الرعشة يتزامن مع تغييرات فسيولوجية أبرزها التشنج في العضلات، وازدياد في خفقان القلب، وازدياد في سريان الدم في الجلد، مما يحدث احمراراً وسخونة [ فقه الحياة ص281]

ويذكر السيد محمد حسين فضل الله نفسه عن الدكتور كرم كرم أنه أجاب:

"عند المرأة السائل يرشح كالعرق، دونما دفع إلى مسافة، وهذا يحصل في كل مراحل الإستجابة، سواء في البداية عند الإثارة، أو في الهضبة، أو الإيغاف أي النشوة.

أي أنه ليست هنالك حالة خاصة تتميز برمي سائل، أو تقيؤه، أو قذفه من عضو إلى مكان آخر..

هو عرق ترشح به أغشية المهبل، منذ بداية الإثارة الجنسية ليزداد، ويتصبب في المراحل اللاحقة، عند الهضبة، أو الإيغاف في النشوة" [فقه الحياة ص285]

 

ونقول:

ونلاحظ على ما تقدم ما يلي:

1 ـ إن هناك روايات تعدّ بالعشرات ـ وعدد وفير منها صحيح سنداً ـ قد ذكرت أن للمرأة ماء..

ولا يعني ذلك: أن ماء المرأة هو مني ـ كمني الرجل بحيث يكون من فصيلته، كما يريد السيد محمد حسين فضل الله أن يدعي.

فإن مني الرجل يشتمل على حيوانات منوية تهاجم البويضة ويتم التلقيح، فهل يريد السيد محمد حسين فضل الله أن يشتمل ماء المرأة على حوين منوي مذكر، من شأنه أن يلقح البويضة ويكون الحمل؟!..

حتى إذا ساحقت المرأة لزم أن تحمل المرأتان معاً!!!

وإذا لم يكن هذا هو المقصود، فماذا يريد إذن بقوله:

"كمني الرجل، بحيث يكون من فصيلته"؟!

وإذا كان هذا هو السؤال، فهل يتوقع عاقل أن يكون الجواب بنعم؟!.

وإذا كان الجواب هو (نعم)، ألا يسقط المجيب عن مقامه، ويصير مهزأة الناس، ومسخرة للعالم وللجاهل على حد سواء.؟!.

فإذا كانت الفتوى قد ارتكزت على هذا الجواب لذلك السؤال فلا نملك إلا أن نقول:

إنا الله وإنا إليه راجعون..

2 ـ إن الروايات التي تتحدث عن ماء المرأة ـ وهي تعدّ بالعشرات ـ ومنها عدد وفير صحيح السند، أو معتبر.. لم يرد التعبير فيها بكلمة مني إلا في أربع منها فقط، وبعضها لم يرد فيه ذلك على لسان الإمام (عليه السلام) وإنما على لسان السائل.

وإذا كان الأمر كذلك فإن من الواضح: أن التعبير في هذه الروايات بكلمة (مني) إنما هو لمشابهته للمني في أنه يترشح حين الشهوة ويحدث الفتور.

3 ـ إن كلمة (مني) لا تختص ـ في اللغة بما يقذفه الرجل حين الجماع، بل معناه الإراقة، حيث يقال: أمنى الدماء: أراقها راجع: اقرب الموارد، ج2 مادة منى وهو قوله تعالى: {ألم يك نطفةً من مني يمنى} أي يراق على حد تعبير السيد محمد حسين فضل الله نفسه[من وحي القرآن ج23ص254ط2]

4 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله نفسه يصرح بوجود ماء دافق للمرأة، فهو يقول في تفسير قوله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق} يندفع ويسيل بدفع وسرعة، وهو المني. يخرج من بين الصلب والترائب. أي صلب الرجل، وهو عظام ظهره الفقارية، ومن ترائب المرأة، وهي عظام صدرها العلوية [من وحي القرآن ج24ص182ط2]

وفي تفسير قوله تعالى: {خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب}، يقول السيد محمد حسين فضل الله تحت عنوان: الآية والاكتشافات العلمية، ما يلي:

"وقد تحدث بعض المختصين بأن الاكتشافات العلمية لا توافق أن يكون نشوء هذا الماء الدافق من الصلب في الرجل، والترائب في المرأة، لأنَّ هناك من ينكر وجود منيِّ للمرأة، فضلاً عن انطلاقه من ترائبها، وإذا كان المراد بذلك بويضة المرأة التي يفرزها جـسدهـا لتلقحهـا النطفة، فإن التعبير لا يلائمها ـ أوّلاً ـ ثم إن مصدرها ليس الترائب ـ ثـانياً ـ فكيف نفسّر ذلك؟

وإذا كنا لا نملك اختصاصاً في هذا المجال، فلا نستطيع أن نخوض في حديثٍ علميٍّ تحليليٍّ لهذا الموضوع سلباً أو إيجاباً، ولكننا قد نلاحظ بأن الحديث عن إرادة الماء الممتزج من ماء الرجل والمرأة، من كلمة الماء الدافق، ناشىءٌ من بعض الروايات التي لا تمثل سنداً قطعياً، في ما هي الحقيقة الشرعية.

كما أنّ هذا الكشف العلمي الناشيء من تأملات تجريبيّةٍ، لا يفيد إلاّ الظنّ، فلا يمكن لنا أن نتوقف هنا أو هناك، لنتحفظ في الحقيقة القرآنية التي لا تصدر من تجربٍة ظنيّة، بل هي وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد يكتشف الإنسان نظريةً علميةً جديدةً تقلب موازين هذا الإكتشاف رأساً على عقب، فتثبت بأن للمرأة ماءً كما هو للرجل، كما تتحدث عن مصدره بما لا يتنافى مع القرآن.

ومن المحتمل أن يكون المراد من الماء ماء الرجل الذي يخرج من الصلب والترائب، إذا كانت كلمة الترائب تتسع لعظام الصدر العلوية للرجل، كما هي للمرأة، والظاهر أن الأمر كذلك، ولذا احتاج التخصيص بها إلى الإضافة؛ والله العالم" [من وحي القرآن ج24ص184ط2]

5 ـ إن السيد محمد حسين فضل الله يقول:

"ليس هناك ماء للمرأة إلا ما يحصل في بداية الشهوة ـ أما عندما تصل المرأة إلى قمة الشهوة فانه لا يخرج منها شيء.."

مع أن كلام الذين استند إليهم في فتواه يعارض ذلك، فهم يقولون: إن الماء يبقى يترشح من بداية الشهوة إلى نهايتها.. فراجع كلام الدكتور كرم كرم الذي نقلناه آنفاً. وكلام الدكتور عدنان مروة أيضاً. فإنهما قد صرحا بأن هذا الترشُّح يستمر مع الإثارة الجنسية، وأنه يتزايد ويتصبب في المراحل اللاحقة.

ومع غض النظر عن ذلك، فإن هناك من يصرح بحدوث قذف للمرأة، وتقول:

"بينما تقوم رعشة الرجل على القذف، ترى رعشة المرأة تقوم على امتصاص المني. وعندها أيضاً تحدث الإحتكاكات هياجاً في الأعصاب والعضلات والغدد يصل إلى أعلى درجاته ويضيّق مدخل المهبل ليمنع خروج المني، فيفرز الرحم حينئذ سائلاً لزجاً ينحدر إلى المهبل ليجذب المني ويدعوه للإستيطان في جوفه، وحال ما تحصل الرعشة الحاسمة ينقبض الرحم بكامل قواه العضلية، وينتصب ماداً عنقه نحو الأسفل وتغوص فوهته الخارجية بالمني، فيأخذ بامتصاصه كما يلثم السمك الشبوط طعامه، واعتباراً بهذه الوظيفة دعا علماء التشريح الرحم ب "آكل المني" SPERMIVORE وامتصاص المني يجري على طريقة (القطارة)، فكما يوضع أنبوب القطارة في الماء بعد إفراغها من الهواء فيمتلئ، كذلك يفرغ الرحم من الهواء عند الإنقباض وبعد الرعشة الكبرى يتراخى ويمتص المني.

والمهبل يكرر انقباضاته كالرحم عند الرعشة الكبرى وتفرز غدده سائلاً مخاطياً يعتبر (قذف) المرأة.

وهذا القذف الذي لا يلاحظه الرجل إلا عند المرأة الشهوانية يؤذن بحدوث الرعشة الكبرى وانقباضات الجهاز الجنسي عندها كما عند الرجل تتصل بعضلات الحوض فيكون هذا بانتفاضات موزونة ويشتد التصاقه بحوض الرجل ويبتلع ـ إذا صح التعبيرـ قضيبه وهذا الإلتصاق في الجهازين يمنع إراقة المني في الخارج.

وتماماً كالرجل تفرغ المرأة غددها من الدم وتكف انقباضات عضلاتها فيمتلكها شعور خفيف لطيف وأحياناً تجعلها الرعشة الكبرى بحالة الإغماء، ويخيل أن عينيها قد انطفأتا. وفي هذه اللحظات تضفي عليها الطبيعة فيضاً من اللذة والجمال راجع حياتنا الجنسية، مشكلاتها وحلولها ص 97 الطبعة الخامسة عشرة منشورات المكتب التجاري ترجمة الدكتور جان يالزلي

وراجع ما قاله الدكتور كليفورد أدامز المعرفة الجنسية عند الرجل والمرأة ص 73 و 74

فضلاً عما قاله آخرون..

6 ـ إن تعبير الفقهاء بكلمة الإمناء والاستمناء ـ لا يعني: أنهم يقصدون خروج مني من المرأة يشبه مني الرجل بحيث يكون من فصيلته ـ على حد تعبير السيد محمد حسين فضل الله ـ لكي نحتاج إلى تأويل الأخبار التي تتحدث عن ماء المرأة ـ كما يقول أيضاً.

بل يقصدون خروج الماء المصاحب للشهوة، سواء أكان من فصيلة ماء الرجل أو من غير فصيلته ـ كما أن عشرات الروايات إنما تحدثت عن إنزال المرأة، وعن ماء المرأة، ولم يرد التعبير الآخر إلا في عدد يسير منها. وقد قلنا: إن ذلك قد جاء على سبيل المجاز والعناية من حيث الفتور وخروج ماء حين الإثارة والشهوة، من المرأة، كما هو الحال في الرجل.. فصح التعبير بهذا عن ذاك.. كما يصح التعبير بالخسوفين والكسوفين، واستعمال كلمة خسوف وكسوف بالنسبة لكل من الشمس والقمر على حد سواء.

7 ـ بقي أن نشير إلى أن السيد محمد حسين فضل الله قد ردّ الإستدلال بالرواية التي تقول: ولكن لا يستعين بغير جسده عليها..

والرواية التي تقول: (أما ما كان من جسده، فلا بأس..)

ونسأل السيد محمد حسين فضل الله: هل يجوز لها أن تمارس هي العادة السرية بوسائل أخرى غير يدها أيضاً؟!.. أم أنه يشترط في جواز العادة السرية لها أن تكون بيدها.. إنه لم يشترط ذلك في كل أحاديثه المكتوبة التي اطلعنا عليها..

كما أن أدلته التي استند إليها للحكم بجواز العادة السرية، وهي أنه ليس للمرأة ماء تقتضي الجواز مطلقاً، أي سواء أكان ذلك بيدها، هي أم بيد غيرها، أم بأية وسيلة تقع تحت اختيارها، حتى الآلات المشبهة لإحليل الإنسان.. فان المانع عنده من استعمال العادة السرية هو خروج المني، ولا مني للمرأة، فلا يبقى مانع يمنع من ذلك..

ويصبح تقييد الإمام (عليه السلام) بأن يستعين عليها زوجها بجسده، ولا يستعين عليها بغير جسده ـ في غير محله ـ نعوذ بالله من الزلل في الفكر والقول والعمل..

8 ـ أما بالنسبة لحجم الأضرار النفسية التي تنشأ من ممارستها للعادة السرية.. حيث قال:

"لا أتصور أنها تؤدي إلى أضرار بحيث يمكن من خلاله الحكم بالحرمة".

فلا ندري كيف يمكن قبوله منه.. وهو ليس مطّلعاً على الغيب لكي يملك تقدير حجم الضرر هنا، فيحكم بأنه لا يوجب الحرمة.. وتقدير حجمه في شرب الدخان ليحكم بالحرمة فيه..

فكيف عرف أن شرب الدخان يكون ضرره أكبر من نفعه.. ولكن استعمال العادة السرية نفعه أكبر من ضرره؟!..

وأين هو الدليل القطعي الذي يشترطه هو في أمثال هذه الأمور؟!.

وأي مقياس حدّد له هذه الأحجام التي هي موضوعات واقعية للأحكام.

9 ـ وأما قوله إن التحريم له مشاكله الأكثر تأثيراً على حياة المرأة.. ولا سيما المتزوجة التي لا تملك فرصة شرعية من الناحية الجنسية..

فذلك غير مقبول أيضاً، فإن في صورة التحريم يمكن للعزباء اللجوء إلى الزواج الموقت ويمكن للمتزوجة التي تتعرض للإنقطاع عن زوجها مدة طويلة أن تلجأ إلى طلاق الحاكم الشرعي، حيث يخاف عليها الوقوع في الحرام.. إن لم يمكن التحمل والصبر أبداً.

10 ـ وإلا، فهل يمكن أن يجيز السيد محمد حسين فضل الله اللواط للمسجونين الذين يعانون من الجوع إلى الجنس المماثل، وهل يجيز السحاق أيضاً للواتي تعانين من شذوذ جنسي أو اللواتي في السجن.. حتى لا يقع هؤلاء وأولئك بأضرار خطيرة وكبيرة؟!..

11 ـ ثم إن السيد محمد حسين فضل الله لم يكن موفقاً، حتى حين تحدث عن وجود ماء للمرأة، وهو يفسر قوله تعالى: {خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب}.

وذلك لأنه وإن اعترف بأنه لا يملك اختصاصاً في هذا المجال.. لكنه عاد، واعتبر أن إرادة الماء الممتزج من ماء الرجل والمرأة من كلمة {الماء الدافق}. ناشئ من بعض الروايات التي لا تمثل سنداً قطعياً..

ونقول:

أولاً: إن ذلك لم ينشأ من الروايات، بل هو ناشئ من أن أهل اللغة يصرّحون باختصاص الترائب بالنساء.. وشذ منهم من اعتبرها عامة فيهم وفي الرجال.. ويظهر ذلك من طبيعة تفسيرهم لكلمة الترائب حيث: يذكرون أنها معلق الحلي على الصدر وموضع القلادة، ونحو ذلك من تعبيرات تناسب حال المرأة.

وقال الفراء: (يعني صلب الرجل. والترائب المرأة..) لسان العرب ج1 ص230

وعدا ذلك كله، فإن الزبيدي قال: بأن الترائب خاصة بالنساء، وشذّ من قال غير ذلك من علماء غريب اللغة. فاستمع إليه يقول:

(.. قال شيخنا: والترائب عام في الذكور والإناث وجزم أكثر أهل الغريب أنه خاص بالنساء، وهو ظاهر البيضاوي، والزمخشري) تاج العروس ج1 ص158

ثانياً: قوله عن الروايات إنها:

"لا تمثل سنداً قطعياً في ما هي الحقيقة الشرعية"

غير مقبول:

وذلك لأن الروايات ربما تزيد على الثلاثين رواية تصرّح كلها بوجود ماء للمرأة، وهذا العدد يجعلها متواترة، فكيف إذا عرفنا: أن عدداً وفيراً منها صحيح السند؟!.

ثالثاً: إن السيد محمد حسين فضل الله لا يشترط في (ما هي الحقيقة الشرعية) ـ على حد تعبيره ـ قطعية السند، بل يكفي عنده كونه معتبراً وحجة شرعية..

رابعاً: إنه يعترف بأن:

"هذا الكشف العلمي الناشىء من تأملات تجريبية لا يفيد إلا الظن".

فكيف جعله مستنداً لحكمه بجواز العادة السرية للمرأة؟! مؤكداً على أنها لا ماء لها سوى ما يظهر في أول الشهوة، وأن ذلك بمثابة الإنتصاب لدى الرجل.

خامساً: إنه يقول: إن الحقيقة القرآنية لا تصدر من تجربة ظنية.. بل هي وحي الله.. وقد يكتشف الإنسان نظرية علمية جديدة تقلب موازين هذا الإكتشاف رأساً على عقب. فتثبت بأن للمرأة ماءً كما هو للرجل. كما تتحدث عن مصدره بما لا يتنافى مع القرآن..

ونحن نقول له بالنسبة لفتواه بجواز العادة السرية للمرأة واعتماده على أقوال الدكتور عدنان مروه.. نفس هذا الكلام..

رغم أننا قد عرفنا أن عدنان مروه لم ينفِ وجود ماءٍ للمرأة، بل أكّد ذلك وأيّده..

سادساً: بالنسبة لما ذكره أخيراً من أن الظاهر هو أن الترائب اسم لمجمع عظام الصدر العلوية، سواء أكانت في الرجل أو في المرأة. قد عرفت الجواب عنه مما أسلفناه، فإن علماء غريب اللغة، وهم أعرف يؤكدون ويجزمون ـ إلا شاذاً منهم ـ بأن الترائب تختص بالنساء، ولا تطلق على الرجل لا من قريب ولا من بعيد.

فلماذا يأخذ بقول شاذ، ويترك قول كل من عداه من علماء غريب اللغة..

أليست اللغة توقيفية سماعية، وليست اجتهادية؟!.

سابعاً: أما بالنسبة لاحتياج تخصيص كلمة ترائب بالمرأة إلى الإضافة.. فهو غريب وعجيب وذلك لما يلي:

1 ـ إن التخصيص لم يرد في الآية القرآنية..

2 ـ إن القيد قد يكون احترازياً، وقد يكون توضيحياً، أو تأكيدياً.

ومن الواضح: أنه هنا قيد توضيحي، فهو من قبيل قولك: سنام الجمل ـ صوف الأنعام ـ ريش الطير ـ ترائب المرأة ـ وما إلى ذلك..

3 ـ إن الدليل على أنه قيد توضيحي أو للتأكيد ـ تصريح أهل اللغة باختصاص الترائب بالمرأة حسبما أشرنا إليه فيما سبق.

العودة