ـ موسى (ع) ينكث العهد.

ـ موسى (ع) غير منضبط.

ـ خطأ موسى (ع) في موقفه.

ـ موسى (ع) لا يستفيد من التجربة الخاطئة الأولى.

ـ موسى (ع) لم يفهم الحدث ولم يفكر.

ـ علم الأنبياء والأئمة (ع) محدود بحدود مسؤولياتهم.

ـ نسيان موسى عليه السلام.

ـ النسيان حالة اضطرارية.

ـ موسى (ع) في دورة تدريبية.

ـ عدم أهلية موسى لمرافقة الخضـر.

ويقول عن موسى (ع) والخضر (ع):

".. وأحس موسى بالحرج الشديد لمخالفته للمرة الثانية، ونكثه بالعهد، قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني لأنني لن أكون أهلا لمرافقتك فيما يمثله ذلك من عدم الإنضباط أمام الكلمة المسؤولة التي التزمت بها أمامك" [ من  حي القرآن ج14ص372ط2]

وقال عنه:

"وها هو يعود إلى الإخلال بكلمته من جديد" [ من  حي القرآن ج14ص372-373ط2]

ويقول حكاية لقول العبد الصالح لموسى عليه السلام:

{ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا} ولماذا لم تستفد من التجربة الأولى التي عرفت فيها خطأ موقفك في اهتزاز مشاعرك أمام الحدث الذي لم تفهمه، ولم تفكر بأن من الممكن أن يكون له وجه آخر" [ من وحي القرآن ج14ص371ط2]

"ففي قصة الخضر هو العبد الصالح، هي أن الله أراد أن يدخل موسى في دورة تدريبية، حتى يفهم الجانب الثاني من الصورة"  فكر وثقافة عدد3بتاريخ السبت 29-6-1996

وعن علم الأنبياء (ع) والأئمة (ع) ببعض مفردات علوم الحياة والإنسان، أو ببعض خفايا الأمور البعيدة عن عالم المسؤولية يقول:

"أما هذه الجوانب فلا دليل على ضرورة إحاطته بها، ولا يمنع العقل أن يكون لشخص حق الطاعة في بعض الأمور التي يحيط بـهـا على الناس الذين يملكون إحاطة في أشياء أخرى لا يحيط بها، ولا تتعلق بحركة المسؤولية وربما كانت هذه القصة دليلا على صحة هذا الرأي الذي نميل إليه" [ من وحي القرآن ج14ص364ط2]

ويقول:

".. قال لا تؤاخذني بما نسيت، من عهدي لك، هذا موقف ثان للنسيان يعيشه موسى في ذاته، لأن النسيان حالة اضطرارية، لا يملك الإنسان معها عنصر الاختيار" [ من وحي القرآن ج14ص369ط2]

ونقول:

قال الله تعالى حكاية لما جرى بين موسى عليه السلام والعبد الصالح:

{قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا، قال إنك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا، قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها، قال أخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا. قال ألم أقل: إنك لن تستطيع معي صبرا، قال لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسرا. فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله، قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها، فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه، قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال هذا فراق بيني وبينك، سأنبّئـُك بما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر }  سورة الكهف الآيات 66ص79

تفسير الآيات:

قد قلنا: إنه إذا كان ثمة وجه صحيح ومعقول، ومنسجم مع دلالات الآيات القرآنية، فلماذا اللجوء إلى تفسير الآيات بطريقة توجب الشبهة، وتوقع في المحذور.

ونحن نذكر فيما يلي عرضا موجزا لما ترمي إليه الآيات، دون أن يكون ثمة أي محذور عقائدي، فنقول:

إن المراد بالقصة المشار إليها في كلام السيد فضل الله هي قصة الـعبد الصالح وموسى(ع)، ومن الواضح أن نسبة النسيان ـ بهذا المعنى ـ إلى موسى تعني نفي العصمة عنه من هذه الجهة، كما أن موسى لم ينكث العهد، لأنه لم يكن قد عاهد الخضر (ع) على السكوت على ما يراه مخالفا لأحكام الشريعة، وحقائق الدين، وقد كان تكليفه الإلهي أن يعترض وأن يسأل.. وأن يظهر حساسية بالغة لصالح الإلزام بالحكم الشرعي، ولو لم يعترض (عليه السلام) لم يكن أهلا لمقام النبوة والرسالة.

إن قول موسى عليه السلام: لا تؤاخذني بما نسيت، لايعني: أن المبرر لاعتراضه على الخضر هو النسيان وأنه يعتذر له منه، ولأجل ذلك لم يقل له: لا تؤاخذني بنسياني، بل قال: بما نسيت، أي: بتركي العمل في المورد الذي كان علي أن أهمل الوعد فيه، وأزيحه عن ذاكرتي، لكي أبادر لمواجهة ما أراه من مخالفة للشرع، إذ لا يجوز لي في هذا الموقف إلاّ أن أبادر للردع عن المنكر الظاهر، فالمراد بالآية الإعتذار بالإنشغال بالأهم عن غيره..

وحين أكّد له الخضر (ع) بصورة ضمنية على أن عمله ليس فيه مخالفة للحكم الشرعي، وأنه سيعرف باطن الأمر في الوقت المناسب، قبل منه ذلك، فلما تكرر ما ظاهره المخالفة كان لا بد من تكرار الإعتراض، عملا بالتكليف الإلهي، ولم يستعجل الحكم، ولا نكث العهد، ولا كان ذا فضول كما يقوله البعض.. ولا هو يعاني من عدم الإنضباط أمام الكلمة المسؤولة..

وأما بالنسبة للمرة الثالثة، فلم تكن امتدادا لما سبقها، بل كانت نتيجة اتفاق جديد بين العبد الصالح وبين موسى عليه السلام، حيث توافقا على الإلتزام بمضمون قوله تعالى: {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا}  سورة الكهف الآية76

حيث قد أصبح بإمكان موسى عليه السلام أن يعترض على العبد الصالح إن شاء، فتكون المفارقة بينهما، وبإمكانه أن يستمر معه.

فاختار موسى الإنفصال، لا عن نسيان للوعد، بل عن معرفة به، والتفات إليه..

والمراد بالنسيان في الآية هو: الترك والإهمال، ولو ظهر بصورة العمل الذي يصفه الناس ـ عادة ـ بأنه نسيان، ولم يكن في واقعه وحقيقته كذلك، وهذا العمل هو وضع هذا الوعد جانبا، والمبادرة لإنجاز التكليف الشرعي الحاضر، الذي هو الأهم.

فالتعبير بالنسيان لا يراد به الإخبار عن حدوثه، بل الإخبار عن العمل الذي يراه الناس كذلك، وإن لم يكن في واقعه كذلك.

ولعل نجاح موسى (ع) الباهر في هذا الإمتحان هو الذي أظهر أهليته لمقام النبوة والرسالة، وعرّفنا على سر اصطفاء الله له من بين سائر قومه ليكون نبيا من أولي العزم.

كما انه لا ربط لهذه الآية بموضوع علم الأنبياء والأئمة، وإنما هي ترتبط بموضوع تنجز التكليف في ما يرتبط بالمعذرية أمام الله سبحانه، لكي يكون العمل عن حجة ظاهرة لكي لا يصبح ذريعة للجبارين والظالمين.

العودة