ـ الخطأ غير المقصود للنبي (ص).

ويتحدث السيد فضل الله عن الخطأ غير المقصود لنبينا محمد(ص)، فيورد احتمالا يقول:

"{عفا الله عنك} سورة التوبة الآية 43 وهذا أسلوب في العتاب لا يعنف في المواجهة، بل يرق ليخفف من وقع الخطأ، انطلاقا من عدم الإطلاع على مواقفهم الحقيقية، مما يؤدي إلى تصديقهم فيما يقولون" [ من وحي القرآن ج11ص124ط2]

ونقول:

إن من المعلوم: أنه ليس ثمة من خطأ على الإطلاق، وأن النبي (ص) كان مطلعا على حالهم، ولا يصح احتمال الخطأ، وغيره مما ذكره في حق النبي (ص)، بل المتعين أن يقال: إن النبي (ص) كان عالما بحقيقة نواياهم، ولكنه كان يظهر تصديقهم لأن عليه أن يعاملهم وفق الأمارات الظاهرية، لا وفق علمه الخاص بحالهم، كما أشارت إليه الآيات، فإذا كان يعرف ذلك، ثم يعاملهم بمنتهى الإحسان والرفق، فانه يكون غاية في الخلق النبوي الكريم..

وقوله: {عفا الله عنك} تعبير يستعمل عادة في مقام إظهار استحقاق الطرف الذي يجري الحديث عنه إلى العقوبة، ولكن استعمال هذا التعبير لا يعني أن العفو عنه كان خطأ، فهو كقولك: سامحك الله لم عفوت عن فلان، فان العفو عنه حسن، لكن المطلوب هو إبراز استحقاقه للعقوبة، وهنا قد جاء التعبير الإلهي عنهم بذلك من أجل فضحهم، وإظهار نواياهم، بل إننا إذا رجعنا إلى ما هو المتعارف عند الناس في مجال التعامل، فإننا نجدهم لا يتسامحون مع هذا النوع من الناس، بل يعاملونهم بصرامة وحزم، حين يدركون خبث باطنهم وسوء نواياهم، ومكرهم، واحتيالهم، ويرون أن معاملتهم بهذا المستوى من الصفح واللين خطيئة وذنب، فيكون قوله: {عفا الله عنك} أيضا مشيرا إلى ما بلغته معاملة رسول الله (ص) لهم من نبل وكرامة وصفاء، مع وجود هذا الحجم الهائل من خبثهم، ومن إجرامهم الكبير، ولا ينبغي إغفال حقيقة كون نسبة الخطأ إلى النبي (ص) منافية لعصمته في مذهب الشيعة الإمامية، لأنهم قائلون بعصمة الأنبياء(ع) عن الخطأ والخطيئة والسهو والنسيان قبل البعثة وبعدها في التبليغ والإعتقاد والأفعال والأحكام.

العودة