ـ الزهراء (ع) عوضت النبي (ص) ما فقده من حنان.

ـ جوع النبي (ص) وهو في القمة إلى الحنان.

إن السيد فضل الله يقول:

وإذا كانت كلمة "أم أبيها" تعني الإحساس القوي باستعادة عاطفة الأم التي فقدها في طفولتـه فعاش فراغها في مشاعره من خلال ابنته فاطمة.. إلى أن يقول: إن النبي استعاد أمه في ابنته، ومعنى ذلك، أنـه عاش الإمتلاء الروحي العاطفي الشعوري الذي يحتاجه في بشريته حتى وهو في قمة الفعلية لأن الـرسول بشر، يتألم ويفرح، ويحزن ويتعب، ويتحسس كل الأجواء التي تثبت موقفه وتثبت موقعه، وتطلق آفاقه.." مقابلة مع إذاعة النور بتاريخ 22 ـ 11 ـ 1997. موجود في فقرة الصوتيات

 

إن السيد فضل الله يقول:

"بدأ النبي حياته وهو يشكو فقد حنان الأم، لأن حنان الأم ليس شيئا يمكن أن تتكفله مرضعة أو مربية، إنه شيء من عمق الروح، من عمق القلب، لأن الولد جزء من الأم، ولذلك فإن إحساسه كإحساس الإنسان بنفسه، ليس شيئا خارجا عن حياته، ولكنه شيء داخل في حياته وكانت هي جزءا من الرسول، والجزء يتفاعل مع الأجزاء الأخرى، ولذلك أعطته أمومتها باحتضانها له، وقالها رسول الله وهو يشعر أن ذاك الفراغ الذي فقده بفقدان أمه استطاع أن يملأَه من خلال ابنته، فابنته هي أمه بالروح وابنته بالجسد، ولذلك قال عنها إنها (أم أبيها)، كم تحمل هذه الكلمة من دلالات.. ألخ" [ الندوة ج1ص58]

 

ونقول:

إنه ليس في كلام النبي (ص)، ما يشير إلى وجود هذا الجوع إلى الحنان في داخل نفسه كما ينسبه إليه السيد فضل الله. وإذا صح قياس الجوع إلى الحنان على الجوع للطعام، صح أيضا قياسه على الجوع الجنسي أيضا. فهل يصح أن يقال: إن عزوبة النبي التي استمرت سنوات، قد أوجدت عنده جوعا جنسيا يحتاج إلى تعويض؟‌! ثم يفسّر تعدد زوجاته (ص) على هذا الأساس؟! وهل إن النبي (ص) قد بقي جائعا إلى الحنان ما يقرب من خمسين سنة، حتى أصبح جوعا (مزمنا) يكتوي (ص) بناره، وفراغا مستمرا، لا يجد ما يدفع غائلته، أو يدفع عنه؟

إننا نقول:

إنه لا يصح قياس الجوع إلى الحنان على الجوع إلى الطعام. فلو افترضنا أن النبي (ص) قد احتاج في طفولته إلى العطف، فذلك لا يعني أن تستمر حاجته إليه إلى ما بعد خمسين سنة، ولا أن يكون لديه فراغ عاطفي يحتاج إلى ملء وتعويض، وذلك لأن بعض الأمور تفقد مبرراتها ومواقعها ومقتضياتها، ولا يبقى لها مجال، فتزول وتتلاشى.فمن حرم في طفولته من الرضاعة فإنه لا يعوض عنها برضاعه بعد خمسين سنة بحيث يحتاج إلى أم يلتقم ثديها، ويرتضع من لبنها.

ولا ندري لماذا يقيس السيد فضل الله الحاجة إلى الحنان في الطفولة على الـحاجة للأكل والشرب، ولا يقيسها على الحاجة إلى الرضاعة، فإنها بها أنسب وإليها أقرب. فإن الكلام هو عن حاجات الطفولة، وليس الكلام عن وسائل بقاء الحياة واستمرارها. وهل إذا كان الطفل يحتاج في حال طفولته إلى ثوب يلبسه ولم يحصل له ذلك، فهل يبقى بعد خمسين سنة بحاجة إلى لبس نفس الثوب؟. واستبعاد كلمة عقدة نقص لا يدفع الإشكال ولا يحل العقدة.

فإن القول بوجود فراغ نفسي في الشخصية الإنسانية للنبي (ص)، أمر مرفـوض.. تمامـا كرفضنا لمقولة معاناتـه (ص) من عقـدة نقص.. ونحن نعتقد: أنه (ص) هو الإنسان الكامل في عقله، وفي مشاعره، وفي تكوينه النفسي والعاطفي.

ونعتقد: أنه (ص) حتى حين تعطف ابنته عليه، فإنها إنما تقوم بمسؤولياتها وتؤدي واجباتها، وتعبر عن رفيع أدبها تجاهه (ص). والزهراء هي الأسوة والقدوة في ذلك كله..

ويمكن تقريب هذا المعنى إذا لاحظنا حال أي إنسان يكرم والديه أو يحترم معلمه، أو يعبد الله تعالى فإنه إذا فعل ذلك وقبل يد والده أو معلمه، أو صلّى لربّه لا يكون قد ملأَ فراغا في نفس والده أو لدى ذلك العالم، كما أن الله ليس بحاجة إلى صلاته، ولا هي تملأ له فراغا، أو تحل له عقدةً تعالى الله وأنبياؤه عن ذلك علوّا كبيرا.

وأما معنى قوله (ص) في حقّها سلام الله عليها أنها أمّ أبيها فلا يعني أن أباها كان بحاجة إلى عاطفتها، بل معناه أنها على صِغَرِ سنّها قد ظهر منها من العطف والحنوّ والتفاعل الروحي والعاطفي معه (ص) كما لو كانت أمّا تتفاعل مع ولدها، دون أن يكون النبي (ص) بحاجة إلى ذلك، ولا كان يعاني من فراغ ملأته عليه. فلماذا هذا الإصرار على أن ينسب للنبي(ص) فراغا في تكوينه النفسي وفي شخصيته النبوية؟!!.

العودة