ـ شرف الدين يثبت كسر الضلع، والسيد فضل الله ينسب إليه نفيه.

ـ شرف الدين يثبت بيت الأحزان، والسيد فضل الله ينسب إليه نفيه.

ـ شرف الدين يثبت كشف البيت والسيد فضل الله ينسب إليه نفيه .

ـ سند مهاجمة الزهراء محل مناقشة في بعض ما ورد.

ـ لم يذكر شرف الدين في المراجعات والنص والاجتهاد أي شيء من ذلك.

 

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"لقد كانت المسألة كلها: أن لدي تساؤلات تاريخية تحليلية في دراستي، كنت أحاول إثارتها في بحثي حول هذا الموضوع.. لا سيما أني كنت قد سمعت من الإمام شرف الدين قدس سره، جواباً عن سؤال حول الموضوع: إن الثابت عندنا أنهم جاؤا بالحطب، ليحرقوا البيت. فقالوا: إن فيها فاطمة، فقال: وان.

ولذلك فقد أجبت عن سؤال حول الموضوع: ان السند محل مناقشة، في بعض ما ورد. ولكنه أمر ممكن..

وعن سؤال حول إسقاط الجنين: أن من الممكن أن يكون طبيعياً.. الخ [ رسالة بعثها إلى السيد جعفر مرتضى العاملي في قم بتاريخ 3/6/1414]

ويضيف على ما تقدم في مورد آخر:

"ولم يذكر السيد عبد الحسين في النص والاجتهاد، ولا في المراجعات أي شيء من هذا الذي يقال ؛ راجعوا.."

ونقول:

إننا نتمنى على الباحث الكريم أن يلاحظ الأمور التالية:

1 ـ لماذا يلجأ السيد فضل الله إلى أقوال الرجال.. وهو لم يزل يعنف السابقين بأنهم قد ارتكبوا أخطاء، ولا سيما في أمور العقيدة، فضلاً عن غيرها، ويريد هو تصحيحها؟!

2 ـ إن ما ذكره لسيد فضل الله عن السيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله لا يمكن قبوله، إذ قد قال السيد عبد الحسين رحمه الله: (وكأني بها، وقد أصلى ضلعها الخطب، ولاع قلبها الكرب، ولعج فؤادها الحزن، واستوقد صدرها الغبن، حين ذهبت كاظمة، ورجعت راغمة، ثم انكفأت إلى قبر أبيها باكية شاكية قائلة.

قد كان بعدك انباء وهنبثة            لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها         واختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبوا

فليت بعدك كان الموت صادفنا لما قضيت وحالت دونك الكثب

ولم تزل ـ بأبي هي وأمي ـ بعد أبيها (ص) ذات غصة لا تساغ، ودموع تترى، من مقلة عبرى، قد استسلمت للوجد، وأخلدت في بيت أحزانها إلى الشجون، حتى لحقت بأبيها، معصبة الرأس، قد ضاقت عليها الأرض. الخ..) المجالس الفاخرةص35

كما أنه رحمه الله قد ذكر في هامش كتابه النص والاجتهاد، وكذلك في أصل الكتاب: أن القوم قد كشفوا بيت فاطمة، فراجع النص والاجتهاد ص19 و20و21 متناً وهامشاً وراجع ط الاعلمى ص82 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص50

3 ـ أضف إلى ما تقدم: أن السيد عبد الحسين شرف الدين حينما يناقش أهل السنة، فهو لا يريد أن يواجههم بكل هذه الطامّات، فان ذلك من شأنه أن يثير عصبيتهم وحفيظتهم، ويبعثهم على العناد، فتفوت الفائدة من الحوار معهم. فلا بد من المداراة لهم، ومحاولة إيصالهم إلى الحق والحقيقة بصورة تدريجية..

4 ـ على أن كتب السيد شرف الدين لا تنحصر في المراجعات، وفي النص والاجتهاد، بل له مؤلفات أخرى، مثل كتاب المجالس الفاخرة. وقد نقلنا عنه النص السابق ذكره..

5 ـ ما معنى قوله: "إن السند محل مناقشة في بعض ما ورد.."

فهل يريد أن يقول: إن بعض ما ورد صحيح، والبعض الآخر فيه مناقشة؟. وما هو الضير في ذلك، مادام أن بعض ما ورد صحيح السند؟!..

وإذا بلغت النصوص الحديثية ، والتاريخية حد التواتر، فما هي الحاجة إلى البحث في صحة السند وضعفه؟!.

6 ـ أما بالنسبة لكون إسقاط الجنين كان طبيعياً، فقد أشرنا إلى بعض ما فيه في مورد آخر من هذا الكتاب.

7 ـ ما معنى أن يستند في أمر خطير كهذا إلى قول واحد أو اثنين أو ثلاثة من المتأخرين، حيث تفردوا بأمر لا شاهد لهم عليه، ويخالفهم فيه آلاف العلماء، بل علماء الأمة بأسرها، وعشرات بل مئات النصوص الصريحة والصحيحة والمتواترة فهل يصح الاعتماد على قول كهذا لتغيير الحقيقة التاريخية، وترك كل ما عداه وتجاهله، واقتلاعه من وجدان الناس؟!

8 ـ هذا كله.. عدا عن أن من غير المعقول: أن يُسِرّ السيد شرف الدين بهذه الحقيقة الخطيرة جداً إلى فتى يافع، ويترك جهابذة العلماء فلا يشير إليهم بشيء من ذلك، لا من قريب ولا من بعيد. ثم هو لا يسجل ذلك في أي من كتبه، بل يسجل ما يخالفه حسبما تقدم.

9 ـ والأغرب من ذلك أن يتذكر  السيد فضل الله هذا النص الذي تفرد بنقله عن السيد شرف الدين (قده)، ولا ينساه، ولا يبدل حرفاً ولا كلمة، رغم ما نشهده منه من نسيان لأبسط الأمور، وأقربها إلى حياته حتى إنه لينسى مقدار عمره حسبما عرفناه نفسه..

 

حول لقائه مع السيد عبد الحسين شرف الدين (رحمه الله)

 

ينقل عن السيد عبد الحسين شرف الدين في أوائل الخمسينات خبراً يتعلق بالهجوم على بيت الزهراء عليها السلام وحين يسأله البعض عن مقدار عمره حينئذ يجيب بقوله 22 أو 23 سنة .

 نقول: إنه إذا كانت ولادته في سنة 1936 [ تحدي الممنوع – صفحة 19 ] فإن عمره لا بد أن يكون أقل من ذلك بكثير .

وقد أشاعوا : أن ذلك يمثل إتهاماً لذلك القائل بالكذب ، وتلك جريمة كبيرة وخطيرة بنظر هؤلاء (المقصود هنا الذين واجههوه من العلماء)

ونقول (أي بلسان العلماء المتصدين له ) :

 

أولاً:

إن اللغة التي تحدثنا بها هي لغة الخطأ والصواب، وإصابة الواقع وعدمها، أما دوافع وأسباب وقوع المخطئ في خطأه فذلك ليس من اهتماماتنا، والمخطئ هو المسؤول عن تبرير ما يصدر منه، ولم نتحدث باللغة الأخلاقية أو الشرعية. من حيث كون ذلك من مفردات الكذب أو الصدق، الذي يعني أنه قصد أن يخبر بغير الواقع من دون سبب أو عذر، أو لم يقصد ذلك.

ثانياً:

إننا إنما كنا نناقش طبيعة الدقة في النقل من حيث القدرة على ضبط التعابير في قضية مضى عليها أكثر من (40) عاما،

 

لأن هذا النقل يشكل إحدى ركائز الاستدلال عند السيد فضل الله على نفي مسألة الهجوم على بيت الزهراء (ع) وما تبع ذلك من تفاصيل، وهو الذي يقول: "عندما يريد الإنسان أن يتذكر طفولته من خلال هذا التاريخ الذي أصبح ـ إلى حد ما ـ تاريخا سحيقا يرقى إلى أكثر من خمسين سنة، فمن الطبيعي أن لا يتذكر الإنسان كل ملامحه التفصيلية [ تحدي الممنوع: ص 23]  وهو كلام واقعي سليم.

وقد وجدنا صدق هذا القول في العديد من القضايا ليس في قضية السيد شرف الدين وحسب، وإنما في موارد أخرى أيضا، ونذكر هنا خصوص الموارد التي وقع الخطأ فيها في عمره ولا نتعرض لسواها. إلا في مورد واحد، لتكون نموذجا يحكي عما عداه، فنقول:

1 ـ لقد سئل السيد فضل الله عن عمره حين خروجه من المدرسة والالتحاق بالحوزة: "كم كان عمرك في ذلك الوقت؟! ".

فأجاب: "كنت في عمر الحادية عشرة.." [أسئلة وردود من القلب ص13]

 

ولكنه في مورد آخر يتحدث عن نفسه، فيقول: ".. ومن خلال ذلك بدأت طلب العلم الديني في سن مبكرة جدا، أظن أنها كانت سن التاسعة من عمري"[ تحدي الممنوع ص 26 ]

2 ـ وفي مورد آخر يقول: ".. أستطيع القول: إنني انتسبت إلى الحوزة الدينية حوالي سنة (1363ه‍ـ) وكان عمري آنذاك إحدى عشرة سنة.." [ تحدي الممنوع: ص 43]

والفرق واضح بين العبارتين فهو تارة يقول: إن عمره كان تسع سنوات وأخرى يقول: كان عمره إحدى عشرة سنة، وتارة يظن وأخرى يجزم.

ثم نجد الفرق كذلك في مضمون العبارة الثانية، حيث إنه إذا كانت ولادته هي سنة 1354ه‍. راجع: [ تحدي الممنوع: ص 19] إن عمره حينئذ هو تسع سنوات، لا إحدى عشرة سنة، كما ذكره هو في نفس هذا النص.

 

3 ـ وفي قصة متفجرة بئر العبد المعروفة، التي هي حدث  بل منعطف تاريخي هام جدا في حياة السيد فضل الله بل هي نقطة "البروز الأكبر" له على حد تعبير بعض مادحيه نراه:

يقول:

"لقد تعرضت لأكثر من محاولة اغتيال قبل المحاولة الفاشلة التي تعرضت لها في منطقة بئر العبد عام 1984 ميلادية" [ تحدي الممنوع: ص 87 ]

ويقول:

"أما بالنسبة لانفجار بئر العبد عام 1984 الذي حاولوا اغتيالي من خلاله الخ.." [ تحدي الممنوع: ص 88]

مع أن انفجار بئر العبد إنما كان في 8 ـ 3 ـ 1985 وهو الذي أودى بحياة 80 شخصاً. وكتاب تحدي الممنوع إنما طبع سنة (1992) أي بعد سبع سنوات فقط من حدوث هذه المجزرة، وقد نسي السيد فضل الله تاريخ أعظم حدث واجهه في حياته، فكيف لا ينسي حدثا مضى عليه أكثر من أربعين سنة حول موضوع ليس من إهتماماته ـ على حد قوله كما أشرنا إليه في العديد من المناسبات.

4 ـ ونجده يقول في مورد آخر: "بدأنا نصدر مجلة خطية باسم (الأدب). وكنا نحررها في سن العاشرة، أو الحادية عشرة في ذلك الوقت، وكنا نكتب عددا كلما زاد مشترك [ تحدي الممنوع: ص28]

ثم هو يقول:

"في ذلك الوقت أصدرنا مجلة مكتوبة اسمها (الأدب) وكتبت فيها موضوعين، واستكتبنا بعض الأشخاص، وكنا نحاول لدى كل مشترك جديد أن نكتب، ونصدر نسخة جديدة. وكان المرحوم السيد مهدي يحسن الكتابة جيدا. أصدرنا خمسة أعداد من هذه المجلة ما بين أعوام 1949 و 1950."

 

أما لو كانت ولادته سنة 1935 م. أو سنة 1934 م. ـ كما علم مما تقدم متنا وهامشا ـ فإن عمره سيزيد سنة أو سنتين ليصبح 14 ـ 15 سنة أو 15 ـ 16 سنة.

وعلى جميع التقادير، فإن قوله: إن عمره كان حين إصدار تلك المجلة في سن العاشرة أو الحادية عشرة ـ ليس دقيقا.

وإذا كان مراد ذلك كله هو ـ كما قال هو نفسه ـ أن ذلك أصبح إلى حد ما تاريخا سحيقا فمن الطبيعي أن لا يتذكر الإنسان كل ملامحه التفصيلية.

فليكن ما ذكره عن الإمام السيد شرف الدين، هو الآخر بعض هذا الماضي السحيق الذي يصعب تذكر تفاصيله بدقة، تغير في تغيير حقائق التاريخ، من وجهة نظر السيد شرف الدين على الأقل.

الفرق بين الهجري والميلادي:

والملفت هنا: أن بعضهم قد اتهمنا بسوء الفهم، لأجل عدم تمييزنا ـ بزعمه ـ بين التاريخ الهجري الذي قصده البعض في مدة عمره حين سمع من السيد شرف الدين، وبين التاريخ الميلادي الذي قصده السيد فضل الله في كلامه في تحديد سنة اللقاء في مسألة السيد شرف الدين نفسها.

ونقول:

إن من الواضح: أن كل ثلاثة وثلاثين سنة ميلادية تزيد السنة الهجرية عليها سنة واحدة فقط.

فهذه النظرية التي ابتدعها هذا القائل، لا تستطيع أن تحل الإشكال في هذه المفردات التي أشرنا إليها لكون الفارق كبيرا، ولكون عدد السنوات فيما بين الحدين كثيرا. وقد حددت بالكلمات والحروف لا بالأرقام.

 

10 ـ إن قولهم لعمر، حين الهجوم على البيت: إن فيها فاطمة. فأجاب: وإن.. إنما ذكر في كتاب: الإمامة والسياسة، ولم يذكر لهذا النص سند. وغير هذا النص اكثر تداولاً، واصح سنداً، واكثر عدداً، مما يعد بالعشرات.. فلماذا اعتبر السيد شرف الدين ـ لو صح النقل عنه ـ خصوص هذا النص هو الثابت. ويترك كل ما عداه..

11 ـ هل يقصد السيد شرف الدين بقوله المنسوب إليه: (عندنا) طائفة الشيعة، أم يقصد نفسه؟ فان كان يقصد طائفة الشيعة، فإن الشيخ الطوسي وكاشف الغطاء قد صرحا بإجماع الشيعة خلفاً عن سلف على خلاف ذلك.

وإن كان يقصد نفسه، فلا بد أن نسأله عن الأدلة التي جعلته يختار هذا النص التاريخي المرسل، المروي في خصوص ذلك الكتاب المشار إليه آنفاً، ويترك ما عداه مما حفلت به المصادر الكثيرة والمتنوعه .

العودة