قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ} سورة السجدة الآية 18

عند الله وفي وعي المؤمنين الملتزمين، لأنَّ الاتفاق في الصفات الذاتية في العلم والقدرة والجمال والمال والجاه ونحوها لا يعني الاتفاق في القيمة، في ما هو التقييم العملي الإنساني في الشخصية  [من وحي القرآن ج18 ص 236]

أقول: إنَّ مما يريب، أنَّ السيد محمد حسين فضل الله لم يتعرَّض لبيان سبب نزول الآية، مع أنَّ الآيةَ في تسمية المولى سبحانه للرجل الذي نزلت الآية فيه بالمؤمن، تُفيد من المدح والتبجيل له ما لا يكاد يخفى، على أنَّ الآية التي بعدها نصٌّ في أنَّ له الجنة نزلاً.

فلم يقل المولى أنه سيدخله الجنة، بل قال {فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً}، وإفادةُ هذا التعبير للاختصاص والتخصيص واضحٌ ظاهر جداً.

وقد تظافرت الأخبار من طرق الخاصة والعامة، على نزول الآية في أمير المؤمنين (عليه السلام) وذاك الفاسق الخاسر الوليد بن عقبة، ومع تنصيص الآية على أنَّ المؤمن المقصود من الآية له الجنة، أفلا يستحق عليٌّ (عليه السلام) أن يُشار في مثل هذه المقامات إلى ما ورد في حقه من مدح من المولى تعالى؟!

فقد أخرج الثعلبي في تفسيره، والواحدي في أسباب النزول، والحاكم الحسكاني في الشواهد، وابن عساكر في تاريخه ـ وهؤلاء من أبناء السُّنة ـ بإسنادهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ والكلام للواحدي ـ قال: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنا أحدُّ منك سناناً وأبسطُ منك لساناً وأملأ للكتيبة منك، فقال له عليٌّ (عليه السلام): أسكت فإنما أنت فاسقٌ، فنزل {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ} قال: يعني بالمؤمن علياً (عليه السلام)، وبالفاسق الوليد بن عقبة.

وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، والبلاذري في انساب الأشراف، وابن عدي في الكامل، وابن المغازلي في مناقبه، والحاكم الحسكاني، وابن عساكر في تاريخ دمشق، والموفق الخوارزمي في المناقب ـ وهم من أبناء السُّنة ـ ومحمد ابن سليمان الكوفي في مناقب أمير المؤمنين، وفرات الكوفي ومحمد بن العباس في تفسيريهما، بإسنادهم عن أبي صالح ـ والكلام للحاكم الحسكاني ـ عن ابن عباس أنَّ الوليد بن عقبة قال لعليٍّ: أنا أبسطُ منك لساناً، وأحدُّ منك سناناً، وأملأُ منك حشواً في الكتيبة، فقال له عليٌّ (عليه السلام): على رسلك فإنك فاسق، فأنزل الله تعالى {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً} يعني علياً {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} والوليد الفاسق.

وأخرج الشاموخي في أحاديثه ـ من أبناء السُّنة ـ وابن عساكر في تاريخه، والحاكم الحسكاني بإسنادهم عن عمرو بن دينار ـ والكلام للشاموخي ـ عن ابن عباس في قول الله تعالى {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} فالمؤمن عليُّ بن ابي طالب (عليه السلام)، والفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وأخرج الحاكم الحسكاني بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) والوليد بن عقبة.

وأخرج ابن جرير الطبري في تفسيره، والحسكاني في شواهده، بإسنادهما عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، والوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وأخرج الحسكاني بإسناده عن عبد الرحمان بن أبي ليلى في قوله تعالى {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ} نزلت في رجلين من قريش، عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام)، والوليد بن عقبة.

وأخرج الحسكاني بإسناده عن أبي قتيبة قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: في قوله تعالى {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً} هو عليٌّ (عليه السلام) {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} الوليد بن عقبة.

وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني، والواحدي، وابن عدي، وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعليِّ بن أبي طالب.... فنزلت {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ} يعني بالمؤمن علياً (عليه السلام)، وبالفاسق الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وقال أيضا: وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) والوليد بن عقبة بن أبي معيط.

وقال: وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله، وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى في قوله {أَفمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} قال: نزلت في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) والوليد بن عقبة، وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} قال: أما المؤمن فعليُّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وأما الفاسق فعقبة بن أبي معيط.

ولنكتفي بإيراد هذا المقدار طلباً للإختصار ، وليرجع الباحث الكريم إلى المصادر التالية
: بحار الأنوار ج22 ص 129 وج23 ص 383 ج 31 ص 154 و379 و646 وج35 ص337 – 338 و343 و349، الأمالي للشيخ الطوسي ص 551، الثاقب في المناقب ص 130 و256، مناقب آل ابي طالب ج 1 ص 293 – 294، الطرائف ص 101، تفسير القمي ج 2 ص 170، تفسير فرات الكوفي ص 327 – 329، التبيان ج 8 ص 305، تفسير مجمع البيان ج 8 ص 109، العمدة ص 352، خصائص الوحي المبين ص 180، تأويل الآيات ج 2 ص 442- 443، التفسير الصافي ج 4 ص 159، التفسير الأصفى ج 2 ص 978، مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي الزيدى المذهب ج 1 ص 138 و 192.

من مصادر أبناء السُّنة: أحاديث الشاموخي ص 45، معاني القرآن ج 5 ص 306 - 307، تفسير جامع البيان ج 21 ص 129، أسباب نزول الآيات ص 235، شواهد التنزيل ج 1 ص 572 إلى581، تفسير القرطبي ج 14 ص 105 ـ 106، تفسير ابن كثير ج 3 ص 470، الدر المنثور ج 5 ص 177 ـ 178، انساب الاشراف ص 148، الكامل ج 6 ص 118، تاريخ بغداد ج 13 ص 322 - 323، تاريخ مدينة دمشق ج 63 ص 235، المناقب للموفق الخوارزمي ص 279، ذخائر العقبى ص 88، نظم درر السمطين ص 92، جواهر المطالب ج 1 ص 219 –220، ينابيع المودة ج 2 ص 176- 177.

العودة