المائدة: 16
"إنّ حديثنا صعبٌ مستصعبٌ لا يعرف كنههُ إلاّ ثلاث: ملك مقرّب، أو نبيّ مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه بالإيمان".
أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
"إذا حدّثتم بحديث فاسندوه إلى الذي حدّثكم، فإنْ كان حقّاً فلكم وإنْ كان كذباً فعليه".
أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
الإهداء
إنّ هذا الكتاب يحوي نصوصاً | ليس فيها سوى حديث عليّ |
أنا أهديه وهو في الحشر ذُخري | مسند النصّ للإمام عليّ |
إلى سيّدي ومعاذي، وكهفي وملاذي، مولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، عليه من الصلوات أفضلها، ومن التحيّات أزكاها وأطيبها.
مولاي هذه بضاعتي مزجاة فتصدّق عليّ بقبولها إنّ الله يجزي المتصدّقين.
وصلاةً زاكيةً على رسولك الأعظم، الهادي إلى صراطك الأقوم محمد (صلى الله عليه وآله)وعلى آله أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً.
طلائع الكتاب
اللّهمّ إنّا نحمدك وأنت الغنيّ الحميد، ونمجّدك وأنت ذو العرش المجيد، نستمدّ منك الحسنى بالحمد الذي ألهمتَه، ونستزيدُ على ما أنعمت به علينا من الهداية لدينك والتوفيق لسبيلك، ونصلّي على أشرف أنبيائك ورسلك محمّد (صلى الله عليه وآله)الذي أرسلته رحمةً للعالمين، وأنزلت على قلبه الرّوح الأمين.
وعلى أخيه ووصيّه الذي جعلته رِدءاً له وظهيراً، وأبنائه أقلام الحقّ وألسنة الصدق، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم تطهيراً، صلاةً تنجز لهم بها من المقام المحمود موعده، وتعذِب بها من الشرف مورده.
وبعد: فليس للمرء إلاّ ما أفاض، وليس للمدرك إلاّ ما سجّل، وليس للعالم إلاّ ما علّم.
هذا كتاب سجّلتُ فيه ما وقفتُ عليه من أحاديث الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب ـ عليه من الصلوات أفضلها، ومن التحيّات أزكاها وأطيبها ـ وفقهه وفتاويه، وأقضيته، وسائر ما سُجّل عنه من ألوان العطاء المشعّ، والحكمة الهادية في
ولم تكن محاولتي هذه لجمع تراث هذا الإمام العظيم في البداية إلاّ تعبيراً عن اتّجاهي العاطفي والرّوحي والعقيدي العميق، إلى أن أعيش بفكري وقلبي ووجداني مع هذا الإمام، وأتفاعل مع كلّ كلمة منه، وأستضيء بكلّ قبس شعّ به، فقد نشأت مشدوداً إلى عليّ بكياني كلّه، متطلّعاً فيه إلى كلّ ما يصبو إليه الإنسان من مُثُل وقِيَم وقوى جَذب وشَدّ.
يشدّني إليه قبل كلّ شيء أمر الله سبحانه وتعالى بموالاته وحبّه واتّباعه، ونصب رسول الله (صلى الله عليه وآله) له بأمر ربّه عَلَماً لهذه الاُمّة، ومناراً لهذا الدين.
ويشدّني إليه بعد ذلك أنّي وجدته بحراً من العلم لا جزر له، ومعيناً من الحكمة لا ينضب، لم يتردّد في الحقّ لحظة، ولم تختف عن عينه النافذة الحقيقة، في أيّ مشكلة من مشاكل الدين والدنيا، فقد كان المسلمون دائماً يجدون عنده الكلمة الفاصلة والموقف الواضح، عندما تعُييهم المشكلة ويفتقدون القدرة على الحلّ.
ويشدّني إليه إضافة إلى هذا وذاك، أنّي رأيت هذا الإنسان الأمثل فريداً في مظلوميّته، كما هو فريد في إيمانه وعلمه ومنزلته عند ربّه ونبيّه، وأيّ مظلوميّة يمكن أن تصل إلى مستوى ظلامة هذا الإمام العظيم الذي قام الإسلام على ساعديه، وكان يحمل في كلّ معركة من معارك هذا الدين الحنيف دمه على كفه، باذلا نفسه مضحياً بحياته في سبيل بناء هذا الدين وإقامة دعائمه على هذه الأرض، لم يتردّد لحظة في العطاء، ولم يلتفت مرّة إلى الوراء; بل كان أبداً ودائماً ذلك الحارس الأمين الذي بدأ ليلة المبيت على فراش النبيّ قصد الفداء، وظلّ فدائياً لا يعرف لحياته ثمناً أو قيمةً بين يدي الرسالة والقائد حتّى مكّن الله تعالى لدينه في هذه الأرض فانتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وقامت لهذا الدين الذي بنيت قواعده
أجل إن كان للتضحية الإنسانية ـ الفاضلة ـ كتاب، فأعمال علي صلوات الله عليه عنوان لذلك الكتاب المشعّ بأضواء الخلود، وإن كان لمبادئ السماء التي جاء بها محمّد (صلى الله عليه وآله) تعبير عملي على وجه الأرض، فعليّ هو تعبيرها الحيّ على مدى الدهر والأجيال، وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد خلّف في اُمّته علياً والقرآن، فإنّما جمع بينهما ليكون القرآن تفسيراً لفظياً لمعاني عليّ العظيم، ولتكون معاني عليّ اُنموذجاً لمثل القرآن الكريم، وإن كان الله تعالى قد جعل عليّاً نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في آية المباهلة، فلأجل أن يفهم المسلمون أنّه امتداد طبيعي لمحمّد (صلى الله عليه وآله) وشعاع متألّق من روحه العظيمة.
وإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد خرج من مكة مهاجراً خائفاً على نفسه، وخلّف عليّاً على فراشه ليموت بدلا عنه، فمعنى ذلك أنّ المبدأ المقدّس هو الذي كان يرسم للعظيمين خيوط حياتهما، وإن كان لابدّ للقضية الإلهيّة من شخص تَظهر به، وآخر يموت في سبيلها، فيلزم أن يبقى رجلها الأول لتحيى به، ويقدم رجلها الثاني نفسه قرباناً لتحيى به أيضاً.
وإن كان عليّ هو الذي أباحت له السّماء خاصّة النوم في المسجد والدخول فيه جنباً، فمفهوم هذا الإختصاص أنّ في معانيه معنى المسجد; لأنّ المسجد رمز السّماء الصامت في دنيا المادّة، وعليّ هو الرمز الإلهيّ الحيّ في دنيا الروح والعقيدة.
وإن كانت السماء قد امتدحت فتوّة عليّ وأعلنت عن رضاها عليه إذ قال المنادي: "لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ" فإنّها عنت بذلك أنّ فتوّة عليّ وحدها هي القوّة المعدّة لتركيز العقيدة القرآنية على وجه الأرض، وأنّها وحدها هي الرجولة الكاملة التي لا يرتفع إلى مداها إنسان، ولا ترقى إلى اُفقها بطولة الأبطال وإخلاص المخلصين.
وبالرغم من كلّ ما لاقاه هذا الإمام العظيم من غَبن وحَيف وظلم، فإنّه كان مستقرّ النفس مطمئن الضمير ثابت اليقين; لأنّه لم يعمل لأجل أمجاد الأرض وثناء هذه الأرض، وإنّما عمل لأجل أمجاد السماء ورضوان من الله أكبر، ولهذا خرّ صريعاً في بيت ربّه وهو يقول: "فُزت وربّ الكعبة" ولو كان يعمل لأمجاد الأرض لكان أتعس إنسان عليها.
ولئن تعدّدت مظاهر المظلومية لهذا الإمام الممتحن، فلقد امتدّت بعض هذه المظاهر إلى مجالات البحث العلمي أيضاً، فلم يجد التراث العظيم الذي خلّفه هذا الإمام ما يستحقّ من ضبط واستيعاب وتنويه من قبل الباحثين.
بينما سُلِّطَت الأضواء على ما أثر عن آخرين ممّن ليس لهم مثل عطاء الإمام وغزارة حكمته، حتّى بأن ختم جملة من أرباب الحديث أن ليس للإمام عليّ صلوات الله عليه إلاّ خمسمائة حديث فقط واُلّفت مسانيد جمّة: كمسند أحمد بن حنبل، ومسند أبي داود، ومسند أبي عاصم الشيباني، ومسند محمّد بن يحيى المدني، ومسند يعقوب الدوسي، ومسند أبي هريرة، ومسند القرطبي، ومسند أبي حنيفة، ومسند الحافظ بن أبي شيبة، إلى كثير وكثير من تلكم المسانيد، وقد استعرض أربابها نزراً يسيراً من أحاديث الإمام عليّ صلوات الله عليه لم يتجاوز تقديرهم لها عن بضع مئات، وأغفلوا الجزء الأكبر من تراثه الشريف، ولم يؤدّوا بذلك الأمانة العلمية، مع العلم بأنّ أحاديثه صلوات الله عليه قد بلغت عدداً أكبر لايبلغه
"هذا هو عليّ (رضي الله عنه) الذي لو كان قد حفظ كلّ يوم عن النبيّ ـ وهو الفطن اللبيب الذكي ربيب النبيّ ـ حديثاً واحداً، وقد قضى معه رشيداً أكثر من ثلث قرن ـ لبلغ ما كان يجب أن يرويه حوالي 12 ألف حديث على الأقلّ، هذا إذا روى حديثاً واحداً في كلّ يوم، فما بالك لو كان قد روى كلّ ما سمعه، ولقد كان له حقّ في روايتها، ولا يستطيع أحد أن يماري فيها، ولكن لم يصح عنه كما جاء بكتاب الفصل إلاّ نحو خمسين حديثاً".
|
وقال الشيخ محمّد أبو زهرة (وهو من كبار شيوخ الأزهر المعروفين) قال في كتابه "الإمام الصادق" ص162 ط أحمد علي فچير:
"يجب علينا أن نقرّ هنا أن فقه عليّ وفتاويه وأقضيته لم ترو في كتب السنة... وكان أكثر الصحابة اتّصالا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد رافق الرسول وهو صبيّ قبل أن يبعث، واستمرّ معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنّة أضعاف ما هو مذكور فيها. وإذا كان لنا أن نتعرّف على السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويّات عليّ وفقهه فإنّا نقول: إنّه لابدّ أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار عليّ في القضاء والإفتاء; لأنّه ليس من المعقول أن يلعنوا عليّاً فوق المنابر وأن يتركوا العلماء يتحدّثون بعلمه وينقلون فتاويه وأقواله للناس، وخصوصاً ما كان يتّصل منها بأساس الحكم الإسلامي...".
|
"عليّ بن أبي طالب الذي لازم النبيّ (صلى الله عليه وآله) منذ طفولته إلى آخر يوم من أيّام الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يروى عنه إلاّ خمسون حديثاً!!... عليّ الذي تربّى في حجر الرسول، وكان منه بالمنزلة الخصيصة، يتّبعه اتّباع الفصيل إثر اُمّه ويرفع له كلّ يوم نميراً من علمه وأخلاقه، لا يروي عن النبي إلاّ خمسين حديثاً!! وأبو هريرة الذي لم يصحب النبي إلاّ نحو ثلاث سنوات لا يراه فيها إلاّ قليلا والحين بعد الحين، يروي عنه 5374 حديثاً!... ولو أخذنا بهذا القياس وجب أن يروي الإمام 18216 حديثاً; لأنّه لازم النبي (صلى الله عليه وآله) رشيداً أكثر من ثلث قرن. ومن هنا نعلم أنّ السرّ الوحيد لقلّة الرواية عن الإمام عليّ صلوات الله عليه هو ما أشار إليه الشيخ أبو زهرة، هو عداء الأمويين وموقفهم من الإمام وممّن يذكره بخير. فقد عاقبوا من يروي منقبة من مناقبه، أو ينقل حديثاً عنه، وتتّبعوا تلاميذه وخاصّته في كلّ مكان، كميثم التمّار، وعمرو بن الحمق الخزاعي، ورشيد الهجري، وحجر بن عدي، وكميل بن زياد وغيرهم وغيرهم، وقتلوهم الواحد بعد الآخر، ونكّلوا بهم شرّ التنكيل كي لا يتسرّب عن طريقهم أثر من آثار عليّ. أجل; لقد بذل الأمويون أقصى الجهود واستعملوا التقتيل والتنكيل، وسلكوا السبل ليقضوا القضاء الأخير على كلّ أثر يتّصل بعليّ من قريب أو بعيد إلاّ السبّ واللعن... وقتلوا خاصّته كي لا يرووا شيئاً عنه، ولكن يأبى الله إلاّ أن يُتمّ نوره". إنتهى.
|
ملتقطاً جواهرها من معادنها، جامعاً لنصوصها الشريفة من مظانها، جاعلا لكلّ حديث باباً وعنواناً يختصّ به: ولم أزل على هذا ونحوه ـ أكثر من عشرين سنة ـ أضع خطط العمل ومناهجه حتّى استقامت السبل ووضح المنهج واستنار.
فكان هذا الكتاب هو حصيلة ذلك الجهد، وقد سمّيته (والأسماء تنزل من السّماء) بـ "مسند الإمام علي (عليه السلام) " واستهدفت فيه الجمع، تاركاً تمييز الصحيح والحسن والضعيف من الروايات والأحاديث إلى الباحثين.
ولا أدّعي الإحاطة التامّة بكلّ ما صدر عن الإمام صلوات الله عليه فقد خفي عنّي الكثير وغاب ما هو أكثر، وإنّما هي محاولة أرجو أن تكون نواة لعمل أتمّ وبحث أوسع وأشمل في المستقبل، تضاعف فيه الجهود لإحراز نجاح أكبر في هذا السبيل.
ومن الجدير بالذكر أنّي لم أستعرض ما صدر عنه صلوات الله عليه من خطب ورسائل وكلمات قصار; لأنّ السلف الصالح من علمائنا الأعلام رضوان الله عليهم قد كفونا مؤونة ذلك، فأفردوا لها كتباً خاصة بها، كما وأنّي أعرضت عن طائفة من الأحاديث التي لا تتناسب ومكانة الإمام صلوات الله عليه، وما أعطاه من مقاييس لقبول الحديث عنه وأحسبها من دسائس المناوئين له في عصره أو غير عصره للحطّ من كرامته، وهي بمنظر لكلّ بصير، وكما لا تخفى على الفطن الذي ينظر إليها بعين مجرّدة وقديماً قيل:
الذنب في العين لا في الشمس مشرقة | إن أنكرت مقلة الخفاش لئلاها |
هذا جهدي ومهما كان فيه من نقص أو خطأ فإنّ عبير الإمام وعطر نفحاته المنتشرة في هذا الكتاب يغلب ذلك، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه اُنيب.
كما وأنّي أعلم أيضاً: أنّ باب الانتقاد مفتوح، ورايات الاعتراض تلوح، فسبحان من تفرّد بالكمال، وتنزّه عن شوائب النقص.
ونسأله تعالى أن يكفّ عنه ألسنة الحاسدين، وأقلام المغترين، إنّه على ذلك قدير.
المؤلف
مبحث
العقل والجهل
في العقل والجهل
1/1 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضّل بن صالح، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ صلوات الله عليه، قال: هبط جبرئيل على آدم (عليه السلام) فقال: يا آدم إنّي اُمرتُ أن اُخيّرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين، فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل، والحياء، والدين، فقال آدم: إنّي قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه، فقالا: يا جبرئيل إنّا اُمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج(1).
2/2 ـ وعنه، عن أبي عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام ابن الحكم، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) : يا هشام كان أمير
____________
1- الكافي 1: 10; روضة الواعظين، باب ماهية العقول وفضلها: 3; إرشاد القلوب، باب الحياء: 111; البحار 1: 86; وسائل الشيعة 11: 160; إحياء الاحياء 1: 173.
3/3 ـ يا هشام إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول:
إنّ من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سُئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شيء فهو أحمق(2).
4/4 ـ إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يجلس في صدر المجلس إلاّ رجلٌ فيه هذه الخصال الثلاث، أو واحدة منهنّ، فمن لم يكن فيه شيء منهنّ فجلس فهو أحمق(3).
5/5 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : العقل غطاء ستير، والفضل جمال ظاهر، فاستر خلل خلقك بفضلك، وقاتل هواك بعقلك تسلم لك المودّة، وتظهر لك المحبّة(4).
6/6 ـ وعنه، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ قلوب الجهّال تستفزّها الأطماع، وترتهنها المنى، وتستعلقها الخدائع(5).
____________
1- الكافي 1: 18; البحار 1: 140; وسائل الشيعة 11: 145; مجموعة ورام: 286.
2- الكافي 1: 19.
3- الكافي 1: 19; البحار 1: 141.
4- الكافي 1: 20; وسائل الشيعة 11: 162; إحياء الاحياء 1: 173.
5- الكافي 1: 23.
من استحكمت لي فيه خصلة من خصال الخير احتملته عليها واغتفرتُ فَقد ما سواها، ولا اغتفر فَقدَ عقل ولا دين; لأنّ مفارقة الدين مفارقة الأمن، فلا يتهنّأ بحياة مع مخافة، وفَقدَ العقل فقد الحياة، ولا يقاس إلاّ بالأموات(1).
8/8 ـ وعنه، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن بن موسى، عن موسى بن عبد الله، عن ميمون بن عليّ، عن أبي عبد الله قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله(2).
9/9 ـ وعنه، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:
بالعقل استُخرج غور الحكمة، وبالحكمة استُخرج غور العقل، وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح(3).
10/10 ـ عن علي (عليه السلام) قال:
التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلّص وقلّة التربّص(4).
11/11 ـ الصدوق، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزي المقري، قال: حدّثنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني، قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفي، قال: حدّثنا أبو زيد عيّاش بن يزيد بن الحسن بن عليّ الكحّال مولى زيد بن عليّ، قال: أخبرنا يزيد بن الحسن، قال: حدّثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن
____________
1 و 2- الكافي 1: 27.
3 و 4- الكافي 1: 28.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله عزّ وجلّ خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه، الذي لم يطّلع عليه نبيّ مرسل، ولا ملك مقرّب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينيه، والحكمة لسانه، والرأفة همّه، والرحمة قلبه، ثمّ حشّاه وقوّاه بعشرة أشياء: باليقين والايمان والصدق والسكينة، والاخلاص والرِّفق والعطية، والقنوع والتسليم والشكر، ثمّ قال عزّ وجلّ: أدبر فأدبر، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: تكلّم فقال: الحمد لله الذي ليس له ضدّ ولا نِدّ ولا شبيه ولا كفو ولا عديل ولا مثل، الذي كلّ شيء لعظمته خاضع ذليل، فقال الربّ تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحسن منك، ولا أطوع لي منك، ولا أرفع منك، ولا أشرف منك، ولا أعزّ منك، بك اُؤاخذ وبك اُعطي، وبك اُوحّد، وبك اُعبد، وبك اُدعى، وبك اُرتجى، وبك اُبتغى، وبك اُخاف، وبك اُحذر، وبك الثواب وبك العقاب.
فخرّ العقل عند ذلك ساجداً فكان في سجوده ألف عام، فقال الربّ تبارك وتعالى: إرفع رأسك وسَل تُعط، واشفع تُشفّع، فرفع العقل رأسه فقال: إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه، فقال الله عزّ وجلّ لملائكته: اُشهدكم أنّي قد شفّعته فيمن خلقته فيه(1).
12/12 ـ روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا، أن يكون له أربع ساعات من النهار: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي أهل العلم الذين يبصّرونه أمر دينه وينصحونه،
____________
1- خصال الصدوق، باب العشرة; معاني الأخبار: 312; إرشاد القلوب للديلمي، باب العقل: 197; البحار، كتاب العقل 1: 107; مستدرك الوسائل 11: 203 ح12745; تفسير الرازي 1: 284.
13/13 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
صدر العاقل صندوق سرّه، لا غِنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، اعقلوا الخير إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإنّ روّاد العلم كثيرون ورعاته قليلون، لا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير، وليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمّة لمعاش، أو خصومة في معاد، أو لذّة في غير محرّم، ما استودع الله امرءاً عقلا إلاّ استنقذه به يوماً ما(2).
14/14 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : عقول النساء في جمالهنّ، وجمال الرجال في عقولهم(3).
15/15 ـ أخرج البخاري، والبيهقي، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: إنّ العقل في القلب، والرحمة في الكبد، والرأفة في الطحال، والنفس في الرئة(4).
16/16 ـ أبو نعيم الحافظ، قال: حدّثنا محمّد بن الفتح، ثنا الحسن بن أحمد بن صدقة، ثنا محمّد بن عبد النور الخزاز، ثنا أحمد بن المفضل الكوفي، ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): يا عليّ إذا تقرب الناس إلى خالقهم في أبواب البرّ، فتقرب إليه بأنواع العقل تسبقهم بالدرجات والزلفى عند الناس في الدنيا وعند الله في الآخرة(5).
17/17 ـ العطار، عن أبيه، عن سهل، عن محمّد بن عيسى، عن البزنطي، عن
____________
1- روضة الواعظين، باب ماهية العقول: 4; البحار 1: 131.
2- روضة الواعظين، باب ماهيّة العقول: 4.
3- معاني الأخبار: 234; البحار 1: 82; روضة الواعظين، باب ماهية العقول: 4.
4- تفسير السيوطي 6: 109; شعب الايمان 4: 161 ح4662; صحيح البخاري 7: 21.
5- حلية الأولياء 1: 18; كنز العمال 3: 202 ح7121.