342/14 ـ الصدوق، حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق المذكرُ النيسابوري بنيسابور، قال: حدّثني أبو عليّ الحسن بن عليّ الخزرجي الأنصاري السعدي، قال: حدّثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي، قال: كنت مع عليّ ابن موسى الرضا (عليه السلام) حين رحل من نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، فإذا محمّد بن رافع وأحمد بن حرب ويحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه، وعدّة من أهل العلم، قد تعلّقوا بلجام بغلته في المربعة، فقالوا: بحقّ آبائك المطهرين حدّثنا بحديث قد سمعته من أبيك، فأخرج رأسه من العماريّة وعليه مطرف خَزٍّ ذو وجهين، وقال:
حدّثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي الصادق جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي أبو جعفر محمّد بن عليّ باقر علم الأنبياء، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين سيّد العابدين، قال: حدّثني أبي سيّد شباب أهل الجنّة الحسين، قال: حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، قال: سمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقول: قال الله جلّ جلاله: إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدوني، من جاء منكم بشهادة أن لا إله إلاّ الله بالإخلاص دخل في حصني، ومن دخل في حصني أمن من عذابي(2).
343/15 ـ الصدوق، حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل، قال: ثنا أبو الحسين
____________
1- الصواعق المحرقة: 310.
2- توحيد الصدوق، باب ثواب الموحدين: 24; البحار 3: 6; كنز العمال 1: 296 ح1422.
سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن علي يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جلّ جلاله يقول: لا إله إلاّ الله حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي، قال: فلمّا مرّت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها(1).
344/16 ـ الصدوق، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ السكري، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الجوهري البصري، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ ابن الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات لا يشرك بالله شيئاً أحسن أو أساء دخل الجنّة(2).
345/17 ـ سويد بن غفلة، عن زيد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت
____________
1- توحيد الصدوق، باب ثواب الموحدين: 25; عيون أخبار الرضا; البحار 3: 7; ثواب الأعمال للصدوق: 7; معاني الأخبار: 370; روضة الواعظين، باب التوحيد: 42.
2- توحيد الصدوق، باب ثواب الموحدين: 30.
346/18 ـ عن عليّ (عليه السلام) : من كان آخر كلامه لا إله إلاّ الله لم يدخل النار(4).
347/19 ـ عن عليّ (عليه السلام) قال:
أفصح الناس وأعلمهم بالله عزّ وجلّ، أشدّ الناس حبّاً وتعظيماً لحرمة أهل لا إله إلاّ الله(5).
348/20 ـ كتاب الحسين بن سعيد، عن ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد ابن علي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) قال:
استأذن رجل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أوصني، قال: أُوصيك أن لا تشرك بالله شيئاً وإن قُطّعت وحُرّقت بالنار، ولا تنهر والديك، وإن أمراك على أن تخرج من دنياك فاخرج منها، ولا تسبّ الناس، وإذا لقيت أخاك المسلم فالقه
____________
1 ـ النساء: 48.
2 ـ الأنبياء: 103.
3- جامع الأخبار في فضائل الشيعة: 100 ح162.
4- كنز العمال 1: 54 ح167.
5- كنز العمال 1: 300 ح1434.
349/21 ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن التوحيد والعدل، فقال: التوحيد ألاّ تتوهّمه، والعدل ألاّ تتّهمه(2).
350/22 ـ قال علي (عليه السلام) :
من عبد الله بالوهم أن يكون صورة أو جسماً فقد كفر، ومن عبد الإسم دون المعنى فقد عبد غير الله، ومن عبد المعنى دون الإسم فقد دلّ على غائب، ومن عبد الإسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى بوقوع الإسم عليه فعقد به قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته فذلك ديني ودين آبائي(3).
351/23 ـ كان علي صلوات الله عليه إذا بالغ في التحميد يقول:
سبحان من إذا تناهت العقول في وصفه كانت حائرة دون الوصول إليه، وتبارك من إذا عرفت الفطن في تكيّفه لم يكن لها طريق إليه غير الدلالة عليه، وكفى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}(4)(5).
352/24 ـ الصدوق، حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري، عن أحمد بن عيسى الكلابي، عن موسى بن إسماعيل بن موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ:
____________
1- البحار 77: 134.
2- نهج البلاغة: قصار الحكم 74; روضة الواعظين، باب التوحيد والعدل: 39.
3- إرشاد القلوب، باب التوحيد 1: 168.
4- الشورى: 11.
5- ارشاد القلوب، باب التوحيد 1: 169.
353/25 ـ روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إنّ الله رفع درجة اللسان فأنطقه بتوحيده من بين الجوارح(3).
354/26 ـ الأشناني، عن ابن مهرويه، عن الفرّاء، عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): التوحيد نصف الدين، واستنزلوا الرزق بالصدقة(4).
355/27 ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن إثبات الصانع؟ فقال: البعرة تدلّ على البعير، والروثة تدلّ على الحمير، وآثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علويّ بهذه اللطافة، ومركز سفلي بهذه الكثافة، كيف لا يدلاّن على اللطيف الخبير(5).
356/28 ـ قال علي (عليه السلام) :
بصنع الله يستدلّ عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالتفكّر تثبت حجّته، معروف بالدلالات، مشهود بالبيّنات(6).
357/29 ـ سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما الدليل على إثبات الصانع؟ قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، وضعف الأركان، ونقض الهمّة(7).
____________
1 ـ الرحمن: 60.
2- البحار 3: 3; تفسير البرهان 4: 270; التوحيد، باب ثواب الموحدين: 28; أمالي الصدوق: 316 المجلس61.
3- كنز الكراجكي: 184; البحار 3: 13.
4- البحار 3: 240; جامع الأخبار، باب التوحيد: 37 ح22; التوحيد، باب التوحيد ونفي التشبيه: 68.
5- جامع الأخبار، باب معرفة الله: 35 ح13; البحار 3: 55.
6- جامع الأخبار، باب معرفة الله: 35 ح14; البحار 3: 55.
7- جامع الأخبار، باب التوحيد: 39 ح28; البحار 3: 55.
الباب الثاني:
في معرفة الله عزّ وجلّ
358/1 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عمّن ذكره، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن حمران، عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : اعرفوا الله بالله، والرسول بالرسالة، واُولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان(1).
359/2 ـ محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي، عن أحمد بن محمّد بن سعيد النسويّ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الله الصغدي بمرو، عن محمّد بن يعقوب بن الحكم العسكري، وأخيه معاذ بن يعقوب، عن محمّد بن سنان الحنظلي، عن عبد الله ابن عاصم، عن عبد الرحمن بن قيس، عن ابن هاشم الرّماني، عن زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمه الله) في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى، وما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه، ثمّ أرشد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي
____________
1- الكافي 1: 85; روضة الواعظين، باب معنى التوحيد والعدل: 30; مصابيح الأنوار 1: 24.
ما عرفت الله عزّ وجلّ بمحمّد (صلى الله عليه وآله) ولكن عرفت محمّداً بالله عزّ وجلّ حين خلقه وأحدث فيه الحدود من طول وعرض، فعرفت أنّه مدبَّرٌ مصنوعٌ باستدلال وإلهام منه وإرادة، كما ألهم الملائكة طاعته وعرّفهم نفسه بلا شبه ولا كيف، الحديث(1).
بيـان:
عن عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق (رحمه الله) قال: سمعت محمّد بن يعقوب يقول: معنى قوله: اعرفوا الله بالله، يعني أنّ الله عزّ وجلّ خلق الأشخاص والألوان والجواهر والأعيان، فالأعيان الأبدان، والجواهر الأرواح، وهو جلّ وعزّ لا يشبه جسماً ولا روحاً، وليس لأحد في خلق الروح الحسّاس الدراك أثر ولا سبب،وهو المتفرّد بخلق الأرواح والأجسام، فمن نفى عنه الشبهين: شبه الأبدان وشبه الأرواح، فقد عرف الله بالله، ومن شبّهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله. قال الصدوق (رحمه الله) القول الصواب في هذا الباب: هو أن يقال: عرفنا الله بالله، لأنّا إن عرفناه بعقولنا فهو عزّ وجلّ واهبها، وإن عرفناه عزّ وجلّ بأنبيائه ورسله وحججه (عليهم السلام) فهو عزّ وجلّ باعثهم ومرسلهم ومتّخذهم حججاً، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عزّ وجلّ محدثها، فبه عرفناه، وقد قال الصادق (عليه السلام) : لولا الله ما عرفناه، ولولا نحن ما عرف الله، ومعناه لولا الحجج ما عرف الله حقّ معرفته، ولولا الله ما عرف الحجج، وقد سمعت بعض أهل الكلام يقول: لو أنّ رجلا وُلد في فلاة من الأرض ولم يرَ أحداً يهديه ويرشده حتّى كبر وعقل ونظر إلى السماء والأرض لدلّه ذلك على أنّ لهما صانعاً ومحدثاً....
|
____________
1- البحار 3: 272; توحيد الصدوق، باب أنّه لا يُعرف إلاّ به: 286، ونفي الحركة عنه تعالى: 183.
361/4 ـ الصدوق، حدّثنا أحمد بن هارون القاضي (الفامي)، وجعفر بن محمّد ابن مسرور، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن بُطة، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي يحدّث عن أبيه (عليه السلام) أنّ رجلا قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أمير المؤمنين بما عرفت ربّك؟ قال (عليه السلام) : بفسخ العزائم ونقض الهمم، لمّا أن هممت فحال بيني وبين همّي، وعزمت فخالف القضاء عزمي، فعلمت أنّ المدبّر غيري، قال: فبماذا شكرت نعماه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عنّي وأبلى به غيري، فعلمت أنّه قد أنعم عليّ فشكرته، قال: فبماذا أحببت لقاءه؟ قال: لمّا رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه علمت أنّ الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه(2).
____________
1- الكافي 1: 86; توحيد الصدوق، باب لا يعرف إلاّ به: 285; روضة الواعظين، في معنى العدل والتوحيد: 30; البحار 3: 270; الفصول المهمة: 42.
2- خصال الصدوق، باب الاثنين: 33; توحيد الصدوق، باب أنه لا يعرف إلاّ به: 288; إرشاد القلوب، باب التوحيد 1: 168; البحار 3: 42.
363/6 ـ العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، أنّ رجلا قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : هل تصف ربّنا نزداد له حبّاً وبه معرفة؟ فغضب وخطب الناس، فقال فيما قال:
عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته، وتقدّمك فيه الرسول من معرفته، فأتمَّ به وأستضيء بنور هدايته، فإنّما هي نعمة وحكمة اُوتيتها، فخذ ما اُوتيت وكُن من الشاكرين، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه، ولا في سنّة الرسول وأئمة الهداة أثره، فَكِل علمه إلى الله، ولا تقدّر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين، واعلم يا عبد الله أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب إقراراً بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا: آمنّا به كلّ من عند ربّنا، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخاً(2).
____________
1- تحف العقول: 349; البحار 5: 75.
2- تفسير العياشي 1: 163; البحار 3: 257; مستدرك الوسائل 12: 247 ح14016; تفسير البرهان 1: 271; مصابيح الأنوار 1: 185 ح26.
الباب الثالث:
في نسبته تعالى الى الكون والزمان
364/1 ـ محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن الله عزّوجلّ أين هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
هو هنا وهنا وفوق وتحت، ومحيط بنا ومعنا، وهو قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَة إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنََما كَانُوا}(1) فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}(2) وذلك قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(3) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه، وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلق في ملكوته، وهو
____________
1 ـ المجادلة: 7.
2 ـ طه: 7.
3 ـ البقرة: 255.
365/2 ـ سئل عليٌّ (عليه السلام) أين كان ربّنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ فقال: أين سؤال عن مكان وكان الله ولا مكان(3).
366/3 ـ الرضي: قال الأسقف النصراني لعمر: أخبرني يا عمر أين الله تعالى؟ قال: فغضب عمر، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
أنااُجيبك وسل عمّا شئت، إنّا (كنّا) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم، إذ أتاه ملك فسلّم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين اُرسلت؟ قال: من سبع سماوات من عند ربّي، ثمّ أتاه ملك آخر فسلّم، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين اُرسلتَ؟ قال: من سبع أرضين من عند ربّي، ثمّ أتاه ملك آخر فسلّم فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين اُرسلتَ؟ قال: من مشرق الشمس من عند ربّي، ثمّ أتاه ملك آخر فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أين اُرسلت؟ قال: من مغرب الشمس من عند ربّي، فالله هاهنا وهاهنا، في السماء إله، وفي الأرض إله، وهو الحكيم العليم(4).
367/4 ـ محمد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، رفعه، قال: اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت، فقالوا له: إنّ هذا الرجل عالم ـ يعنون أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ فانطلق بنا إليه نسأله، فأتوه فقيل لهم: هو في القصر، فانتظروه حتّى خرج، فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك، فقال (عليه السلام) : سل
____________
1 ـ الأنعام: 75.
2- تفسير البرهان 4: 90.
3- تفسير مجمع البيان 5: 487; الفصول المهمة: 38.
4- تفسير البرهان 4: 156; خصائص الأئمة: 92.
368/5 ـ وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء حبر من الأحبار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟
فقال له: ثكلتك اُمّك ومتى لم يكن حتّى يُقال متى كان، كان ربّي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته! انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كلّ غاية، فقال: يا أمير المؤمنين أفنبيّ أنت؟ فقال: ويلك إنّما أنا عبدٌ من عبيد محمّد (صلى الله عليه وآله)(2).
369/6 ـ عن عليّ (عليه السلام) أنّه أتاه يهودي فقال له: متى كان ربّنا؟ فتمعّر وجه علي، فقال علي:
لم يكن فكان هو كما كان ولا كينونة، كان بلا كيف، كان ليس قبل ولا غاية، انقطعت الغايات دونه، فهو غاية كلّ غاية، فأسلم اليهودي(3).
370/7 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رأس الجالوت لليهود: إنّ المسلمين يزعمون أنّ عليّاً (عليه السلام) من أجدل الناس وأعلمهم،
____________
1- الكافي 1: 89; توحيد الصدوق، باب التوحيد: 77; البحار 3: 285 و 336 منه أيضاً; جامع الأخبار، باب التوحيد: 37 ح23; الفصول المهمّة: 44.
2- الكافي 1: 90; توحيد الصدوق، باب نفي المكان والزمان: 174 ح3; روضة الواعظين، باب معنى العدل والتوحيد: 36; البحار 3: 283; الاحتجاج 1: 496 ح126; الفصول المهمّة: 44.
3- كنز العمال 1: 407 ح1735; الصواعق المحرقة: 202.
371/8 ـ الصدوق، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد أبو سعيد النسوي، قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن محمّد ابن عبد الله الصغدي بمرو، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب، قالا: حدّثنا محمّد بن سنان الحنظلي، قال: حدّثنا عبد الله ابن عاصم، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان الفارسي، في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة، مع مائة من النصارى بعد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثمّ أرشد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فسأله عنها فأجابه، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن الربّ أين هو وأين كان؟ فقال عليّ (عليه السلام) : لا يوصف الربّ جلّ جلاله بمكان هو كما كان وكان كما هو، لم يكن في مكان، ولم يُزل من مكان إلى مكان، ولا أحاط به مكان; بل كان لم يَزل بلا حدٍّ ولا كيف.
قال: صدقت، فأخبرني عن الربّ أفي الدنيا هو أو في الآخرة؟ قال عليّ (عليه السلام) : لم يَزل ربّنا قبل الدنيا ولا يزال أبداً، هو مدبّرالدنيا وعالم بالآخرة، فأمّاأن تحيط به الدنيا والآخرة فلا، ولكن يعلم ما في الدنيا والآخرة، قال: صدقت يرحمك الله.
____________
1- الكافى 1: 90; توحيد الصدوق، باب نفي المكان والزمان: 175; البحار 3: 286.
قال النصراني: فكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل: ويَحمل عرش ربّك فوقهم يومئذ ثمانية؟ فقال عليّ (عليه السلام) : إنّ الملائكة تحمل العرش، وليس العرش كما تظنّ كهيئة السرير، ولكنّه شيء محدود مخلوق مدبّر، وربّك عزّ وجلّ مالكه لا أنّه عليه ككون الشيء على الشيء، وأمر الملائكة بحمله فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه، قال النصراني: صدقت رحمك الله(1).
372/9 ـ الصدوق، حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد النسوي، قال: حدّثنا أبو نصر أحمد بن محمّد ابن عبد الله الصغدي بمرو، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب، قالا: حدّثنا محمّد بن سنان الحنظلي، قال: حدّثنا عبد الله ابن عاصم، قال: حدّثنا عبدالرحمن بن قيس، عن أبي هاشم الرّماني، عن زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمه الله) في حديث طويل، يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثم أرشد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فسأله عنها فأجابه، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى؟ فدعا عليّ (عليه السلام) بنار وحطب فأضرمه، فلمّا اشتعلت قال عليّ (عليه السلام) : أين وجه هذه النار؟ قال النصراني: هي وجه من جميع حدودها، قال عليّ (عليه السلام) : هذه النار مُدبّرة مصنوعة لا يعرف وجهها، وخالقها لا يشبهها {وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنََما تُوَلُّوْا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}(2) لا تخفى على ربّنا خافية(3).
____________
1- توحيد الصدوق، باب معنى الرحمن على العرش استوى: 316; البحار 3: 334.
2 ـ البقرة: 115.
3- توحيد الصدوق،باب في الزمان والمكان والحركة والسكون: 182.
لا يقال له أين; لأنّه أيّن الأينيّة، ولا يُقال له كيف; لأنّه كيّف الكيفيّة، ولا يقال له ما هو; لأنّه خلق الماهيّة، سبحانه من عظيم تاهت الفطن في تيّار أمواج عظمته، وحصرت الألباب عند ذكر أزليّته، وتحيّرت العقول في أفلاك ملكوته(1).
374/11 ـ روي عن علي (عليه السلام) أنّه قال:
اتّقوا الله أن تمثّلوا بالربّ الذي لا مثل له، أو تشبّهوه بشيء من خلقه، أو تلقوا عليه الأوهام، أو تعملوا فيه الفكر، أو تضربوا له الأمثال، أو تنعتوه بنعوت المخلوقين، فإنّ لمن فعل ذلك ناراً(2).
375/12 ـ روي أنّ علياً (عليه السلام) سئل: أين كان ربّنا قبل أن يخلق سماءاً وأرضاً؟ فقال: أين سؤال عن مكان وكان الله ولا مكان(3).
376/13 ـ روي أنّ بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر، فقال له: أنت خليفة نبيّ هذه الاُمّة؟ فقال: نعم، قال: فإنّا نجد في التوراة أنّ خلفاء الأنبياء أعلم اُممهم، فخبّرني عن الله أين هو أفي السماء هو أم في الأرض؟ فقال له أبو بكر: في السماء على العرش، قال اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، وأراه ـ على هذا القول ـ في مكان دون مكان، فقال أبو بكر: هذا كلام الزنادقة، أعزب عنّي وإلاّ قتلتك، فولّى الرجل متعجّباً يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وما اُجبت به، وإنّا نقول: إنّ الله عزّ وجلّ أيّن الأين فلا أين له، وجلّ عن أن يحويه مكان وهو في كلّ مكان، بغير مماسة ولا مجاورة، يحيط علماً
____________
1- روضة الواعظين، باب معنى العدل والتوحيد: 37; البحار 3: 297.
2- روضة الواعظين، باب معنى العدل والتوحيد: 37; البحار 3: 298.
3- توحيد الصدوق، باب نفي الزمان والمكان: 175; البحار 3: 326.
فقال اليهودي: أشهد أنّ هذا هو الحقّ المبين، وأنّك أحقّ بمقام نبيّك ممّن استولى عليه(1).
377/14 ـ الصدوق، عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد بن رميح، عن أحمد بن جعفر، عن أحمد بن علي، عن محمّد بن عليّ الخزاعي، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهودي يقال له: سبحت (سبخت)، فقال له: يا محمّد جئت أسألك عن ربّك، فإن أجبتني عمّا أسألك عنه أتبعتك وإلاّ رجعت، فقال له: سل عمّا شئت، فقال: أين ربّك؟ فقال: هو في كلّ مكان وليس هو في شيء من المكان بمحدود، قال: فكيف هو؟ فقال: وكيف أصف ربّي بالكيف، والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن يعلم أنّك نبيّ؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا مدر ولا غير ذلك إلاّ تكلّم بلسان عربيّ مبين: يا شيخ أنّه رسول الله، فقال سبحت: تالله ما رأيت كاليوم أبين، ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك رسول الله(2).
____________
1- الاحتجاج 1: 494 ح124; البحار 3: 309; تفسير البرهان 1: 518.
2- البحار 3: 332; التوحيد، باب حديث سبخت اليهودي: 309.
من الذي حضر سجّت (سبحت) الفارسي وهو يكلّم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال القوم: ما حضره منّا أحد، فقال عليّ (عليه السلام) : لكنّي كنت معه وقد جاءه سجّت، وكان رجلا من ملوك فارس، وكان ذرِباً، فقال: يا محمّد أين الله؟ قال: هو في كلّ مكان وربّنا لا يوصف بمكان ولا يزول بل لم يزل بلا مكان ولا يزال، قال: يا محمّد إنّك لتصف ربّاً عليماً عظيماً بلا كيف، فكيف لي أن أعلم أنّه أرسلك؟ فلم يبق بحضرتنا ذلك اليوم حجر ولا مدر ولا جبل ولا شجر إلاّ قال مكانه: أشهد أن لاإله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وقلت أنا أيضاً: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله، فقال: يا محمّد من هذا؟ قال: هو خير أهلي، الحديث(1).
379/16 ـ عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنّا جلوساً عند عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، فأتاه يهودي فقال: يا أمير المؤمنين متى كان الله؟ فقمنا إليه فلهزناه حتّى كدنا نأتي على نفسه، فقال عليّ (عليه السلام) : خلّوا عنه، ثمّ قال: اسمع يا أخا اليهود ما أقول لك باذنك واحفظه بقلبك فإنّما اُحدّثك من كتابك الذي جاء به موسى بن عمران، فإن كنت قد قرأت كتابك وحفظته فإنّك ستجده كما أقول: إنّما يقال متى كان لمن لم يكن ثمّ كان، فأمّا من لم يزل بلا كيف يكون، كان بلا كينونة كائن، لم يزل قبل القبل وبعد البعد، لا يزال بلا كيف ولا غاية ولا منتهى إليه، انقطعت دونه الغايات، فهو غاية كلّ غاية، فبكى اليهودي وقال: والله يا أمير المؤمنين إنّها لفي التوراة هكذا حرفاً حرفاً،
____________
1- البحار 38: 133; التوحيد، باب حديث سبخت اليهودي: 310.
380/17 ـ قال علي (عليه السلام) في وصف الله تعالى: لا يُقال له متى، ولا يُضرب به أمد بحتى، ولا يُبصَر بعين، ولا يُحدّ بأين(2).
____________
1- كنز العمال 1: 407 ح1736.
2- ربيع الأبرار للزمخشري 2: 60.