482/21 ـ قال علي (عليه السلام) : سراج المؤمن معرفة حقّنا(1).
483/22 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعت أبي يحدّث عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنّه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول لأصحابه يوماً: ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعان وجاره جائع، فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال: من فضل طعامكم، ومن فضل تمركم ورزقكم، تطفئون بها غضب الرب(2).
484/23 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فإنّ أبي محمّد بن علي، حدّثني عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه كان يقول:
من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم القيامة، يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، وحشره الله في صورة الذرّ، لحمه وجسده وجميع أعضائه حتّى يورده مورده(3).
485/24 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه، وآمنه يوم الفزع الأكبر، وآمنه من سوء المنقلب، ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة من إحداها الجنّة، ومن كسا أخاه المؤمن من عري كساه الله من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها، ولم يزل يخوض في رضوان الله مادام على المكسوّ منها سلكٌ، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه من طيّبات الجنّة، ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم رّيه، ومن أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين، ومن حمل أخاه المؤمن رحله حمله الله على ناقة من نوق الجنّة وباهى به الملائكة المقرّبين يوم القيامة، ومن زوّج أخاه المؤمن إمرأة يأنس بها
____________
1- البحار 68: 18; الخصال، حديث الأربعمائة 3: 633.
2- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 329; البحار 75: 362.
3- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 331; البحار 75: 363.
486/25 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال:
أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يُصدَّق في مقالته ولا ينتصِف به من عدوّه، وعلى أن لا يشفي غيظه إلاّ بفضيحة نفسه; لأن كلّ مؤمن ملجَم وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة، أخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته، في فيه ويحسده، والشيطان يغويه ويُمعيه، والسلطان يقفو أثره ويتبّع عثراته، وكافر بالذي هو به مؤمن، يرى سفك دمه ديناً وإباحة حريمه غنماً، فما بقاء المؤمن بعد هذا(2).
487/26 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: نزل جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد إنّ الله يقرائك (يقراء عليك) السلام، يقول: اشتققت للمؤمن إسماً من أسمائي، سمّيته مؤمناً، فالمؤمن منّي وأنا منه، من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة(3).
488/27 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال يوماً: يا علي لا تناظر رجلا حتّى تنظر في سريرته، فإن كانت سريرته حسنة، فإنّ الله عزّ وجلّ لم يكن ليحذل وليّه، وإن كانت سريرته رديئة فقد يكفيه مساويه، فلو
____________
1- رسالة الغيبة من رسائل الشهيد الثاني: 331; البحار 75: 363.
2- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 331; البحار 75: 364.
3- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332; البحار 75: 364.
489/28 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها اُولئك لا خلاق لهم(2).
490/29 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال:
من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اُذناه ما يشينه، ويهدم مروّته فهو من الذين قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(3)(4).
491/30 ـ وعنه (عليه السلام) ، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال:
من روى عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروّته وثَلبِه، أوبقه الله بخطيئه حتّى يأتي بمخرج ممّا قال، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً، ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل البيت (عليهم السلام) سروراً، ومن أدخل على أهل البيت سروراً فقد أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سروراً، ومن أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)سروراً، فقد سرّ الله ومن سرّ الله فحقيق أن يدخله الجنة(5).
492/31 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
المؤمنون هم الذين عرفوا إمامهم، فذبلت شفاهم، وغشيت عيونهم، وشحبت (بهخت) ألوانهم حتّى عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين، فهم عباد الله الذين مشوا على الأرض هوناً، واتّخذوها بساطاً، وترابها فراشاً، فرفضوا الدنيا وأقبلوا
____________
1 و 2- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332; البحار 75: 365.
3- النور: 19.
4- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332; البحار 67: 365; جامع الأخبار، باب ايذاء المؤمن: 415 ح1152.
5- رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332; البحار 75: 365.
493/32 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
المؤمن وقور عند الهزاهز، ثبوت عند المكاره، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، الناس منه في راحة ونفسه منه في تعب، العلم خليله، والعقل قرينه، والحلم وزيره، والصبر أميره، والرفق أخوه، واللين والده(2).
494/33 ـ محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن اُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول ـ وأتاه رجل فقال له: ما أدنى ما يكون به العبد مؤمناً، وأدنى ما يكون به العبد كافراً، وأدنى ما يكون به العبد ضالا؟ فقال له (عليه السلام) : قد سألت فافهم الجواب: أمّا أدنى ما يكون به العبد مؤمناً أن يعرّفه الله تبارك وتعالى نفسه، فيقرّ له بالطاعة، ويعرّفه نبيّه (صلى الله عليه وآله) فيقرّ له بالطاعة، ويعرّفه إمامه وحجّته في أرضه وشاهده على خلقه فيقرّ له بالطاعة، قلت له: يا أميرالمؤمنين وإن جهل جميع الأشياء إلاّ ما وصفت؟ قال: نعم إذا اُمر أطاع وإذا نُهي انتهى.
وأدنى ما يكون به العبد كافراً من زعم أنّ شيئاً نهى الله عنه، إنّ الله أمر به ونصبه ديناً يتولّى عليه، ويزعم أنّه يعبد الذي أمر به وإنّما يعبد الشيطان.
وأدنى ما يكون به العبد ضالا; أن لا يعرف حجة الله تبارك وتعالى وشاهده
____________
1- مطالب السؤول: 53; البحار 78: 25.
2- مطالب السؤول: 54; البحار 78: 27.
495/34 ـ محمد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمّد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين إنّ ناساً زعموا أنّ العبد لا يزني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، ولا يأكل الربا وهو مؤمن، ولا يسفك الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل عليّ هذا وحرج منه صدري حين أزعم أنّ هذا العبد يصلّي صلاتي ويدعو دعائي، ويناكحني واُناكحه ويورثني وأوارثه، وقد خرج من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
صدقت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: والدليل عليه كتاب الله خلق الله عزّ وجلّ الناس على ثلاث طبقات، وأنزلهم ثلاث منازل، وذلك قول الله عزّ وجلّ في الكتاب: {أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ... وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ... وَالسَّابِقُونَ}(3).
____________
1 ـ النساء: 59.
2- الكافي 2: 414; مستدرك الوسائل 1: 79 ح24; تفسير البرهان 1: 382; البحار 69: 16.
3 ـ الواقعة: 8 ـ 10.
ثمّ ذكر أصحاب الميمنة: وهم المؤمنون حقاً بأعيانهم، جعل الله فيهم أربعة أرواح: روح الايمان، وروح القوّة وروح الشهوة، وروح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتّى تأتي عليه حالات، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال (عليه السلام) : أمّا أولاهنّ فهو كما قال الله عزّ وجلّ: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْم شَيْئاً}(3) فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، وليس بالذي يخرج من دين الله; لأنّ الفاعل به ردّه إلى أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلاة وقتاً ولا يستطيع التهجّد بالليل ولا بالنهار، ولا القيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضرّه شيئاً، ومنهم من ينتقص منه روح القوّة فلا يستطيع جهاد عدوّه ولا يستطيع طلب المعيشة، ومنهم من ينتقص
____________
1 ـ البقرة: 253.
2 ـ المجادلة: 22.
3 ـ النحل: 70.
فأمّا أصحاب المشأمة: فهم اليهود والنصارى، يقول الله عزّ وجلّ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} يعرفون محمّداً والولاية في التوراة والانجيل كما يعرفون أبنائهم في منازلهم، {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أنّك الرسول إليهم، {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}(1) فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم الله بذلك، فسلبهم روح الايمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوّة، وروح الشهوة، وروح البدن، ثمّ أضافهم إلى الأنعام فقال: {إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالاَْنْعَامِ}(2) لأنّ الدابة إنما تحمل بروح القوّة وتعتلف بروح الشهوة، وتسير بروح البدن، فقال السائل: أحييت قلبي بإذن الله يا أمير المؤمنين(3).
496/35 ـ عن علقمة بن قيس، قال: رأيت علياً على منبر الكوفة وهو يقول:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن، ولا يشرب الرجل الخمر وهو مؤمن، فقال: يا أمير المؤمنين من زنى فقد
____________
1 ـ البقرة: 146-147.
2 ـ الفرقان: 44.
3- الكافي 2: 281; بصائر الدرجات، باب أرواح الأنبياء والأوصياء: 469 ح6; وسائل الشيعة 11: 253; تفسير البرهان 1: 238; تفسير الصافي 1: 200; البحار 25: 64; تفسير نور الثقلين 5: 205.
____________
1- كنز العمال 1: 406 ح1733.
الباب السادس:
في نسبة الإسلام وقواعده
497/1 ـ محمد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
لأنسبنّ الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلاّ بمثل ذلك: إنّ الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هوالتصديق، والتصديق هو الاقرار، والإقرار هو العمل، والعمل هو الأداء، إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربّه فأخذه، إنّ المؤمن يرى يقينه في عمله، والكافر يرى إنكاره في عمله، فوالذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم فاعتبروا إنكار الكافرين والمنافقين بأعمالهم الخبيثة(1).
498/2 ـ عن ماجيلويه، عن عمّه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى
____________
1- الكافي 2: 45; تفسير القمي 1: 100; معاني الأخبار: 185; روضة الواعظين، في فصل التوحيد: 43; تفسير البرهان 1: 274; وسائل الشيعة 11: 141; البحار 68: 311.
لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي ولا ينسبها أحد بعدي: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو التصديق، والتصديق هو اليقين، واليقين هو الأداء، والأداء هو العمل، إنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه ولم يأخذه عن رأيه، أيها الناس دينكم دينكم تمسّكوا به لا يزيلكم أحد عنه، لأنّ السيّئة فيه خير من الحسنة في غيره; لأنّ السيّئة فيه تُغفر والحسنة في غيره لا تُقبل(1).
499/3 ـ أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمّد بن علي، وأبي الخزرج، عن سفيان بن إبراهيم الحريري، عن أبيه، عن أبي الصادق، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول:
أثافيّ الإسلام ثلاث لا تنفع واحدة منهن دون صاحبتها: الصلاة، والزكاة، والولاية(2).
500/4 ـ عليّ بن الحسين المرتضى، نقلا عن (تفسير النعماني) باسناده، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال:
وأمّا ما فرضه الله عزّ وجلّ من الفرائض في كتابه: فدعائم الإسلام وهي خمس دعائم، وعلى هذه الفرائض بُني الإسلام، فجعل سبحانه لكلّ فريضة من هذه الفرائض أربعة حدود لا يسع أحداً جهلها: أوّلها الصلاة، ثمّ الزكاة، ثمّ الصيام، ثمّ الحج، ثمّ الولاية، وهي خاتمتها، والحافظة لجميع الفرائض والسنن، الحديث(3).
501/5 ـ محمد بن يعقوب،عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عبد العظيم ابن عبد الله الحسني، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ، عن أبيه، عن جدّه (عليهما السلام) قال: قال
____________
1- البحار 68: 311; الكافي 2: 45.
2- محاسن البرقي 1: 445 باب الشرائع; البحار 68: 386; الكافي 2: 18.
3- رسالة المحكم والمتشابه: 62; وسائل الشيعة 1: 18.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ الله خلق الإسلام فجعل له عرصة، وجعل له نوراً، وجعل له حصناً، وجعل له ناصراً، فأمّا عرصته فالقرآن، وأمّا نوره فالحكمة، وأمّا حصنه فالمعروف، وأمّا أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبّوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم، فإنّه لما اُسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل (عليه السلام) لأهل السماء، استودع الله حبّي وحبّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة، ثمّ هبط بي إلى أهل الأرض فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله عزّ وجلّ حبّي وحبّ أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني اُمّتي، فمؤمنوا اُمّتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة، ألا فلو أنّ الرجل من اُمّتي عبد الله عزّوجلّ عمره أيّام الدنيا ثمّ لقي الله عزّ وجلّ مبغضاً لأهل بيتي وشيعتي ما فرّج الله (ما قدح الله) صدره إلاّ عن النفاق(1).
502/6 ـ وعنه، عليّ بن إبراهيم، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، جميعاً عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السرّاج، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وبأسانيد مختلفة، عن الأصبغ بن نباتة، وروى غيره، أنّ ابن الكوّاء سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن صفة الإسلام والايمان والكفر والنفاق؟ فقال (عليه السلام) :
أمّا بعد فإنّ الله تبارك وتعالى شرّع الإسلام وسهّل شرايعه لمن ورده، وأعزّ أركانه لمن حاربه، وجعله عزّاً لمن تولاّه، وسلماً لمن دخله، وهدىً لمن ائتمّ به، وزينة لمن تجلّله، وعذراً لمن انتحله، وعروة لمن اعتصم به، وحبلا لمن استمسك به، وبرهاناً لمن تكلّم به، ونوراً لمن استضاء به، وعوناً لمن استغاث به، وشاهداً لمن
____________
1- الكافي 2: 46; وسائل الشيعة 11: 142; البحار 68: 341.
فذلك الحق، سبيله الهدى ومأثرته المجد، وصفته الحسنى، فهو أبلج المنهاج، مشرق المنار، ذاكي المصباح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، سريع السبقة، أليم النقمة، كامل العدة، كريم الفرسان.
فالايمان منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والدنيا مضماره، والموت غايته، والقيامة حلبته، والجنّة سبقته، والنار نقمته، والتقوى عدّته، والمحسنون فرسانه.
فبالايمان يستدلّ على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالدنيا تجوز القيامة، وبالقيامة تزلف الجنة، والجنّة حسرة أهل النار، والنار موعظة المتّقين، والتقوى سنخ الايمان(1).
503/7 ـ قال كميل بن زياد: سألت أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قواعد الإسلام ما هي؟ فقال:
قواعد الإسلام سبعة: فأوّلها العقل وعليه بُنيَ الصبر، والثاني صون العرض وصدق اللّهجة، والثالثة تلاوة القرآن على جهته، والرابعة الحبّ في الله والبغض في الله، والخامسة حق آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ومعرفة ولايتهم، والسادسة حق الاخوان
____________
1- الكافي 2: 49; البحار 68: 349; دستور معالم الحِكَم ومأثور مكارم الشِيَم: 114 في الطبعة المذكورة في الفهارس السائل هو عبّادُ بن قيس مع اختلاف كثير بينه وبين المتن.
قلت: يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حدّ الاستغفار؟ قال: يا ابن زياد التوبة، قلت: بَس؟ قال: لا، قلت: فكيف؟ قال: إنّ العبد إذا أصاب ذنباً يقول: أستغفر الله بالتحريك، قلت: وما التحريك؟ قال: الشفتان واللسان، يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة، قلت: وما الحقيقة؟ قال: تصديق في القلب وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه.
قال كميل: فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين؟ قال: لا، قال كميل: فكيف ذاك؟ قال: لأنّك لم تبلغ إلى الأصل بعد.
قال كميل: فأصل الاستغفار ما هو؟ قال: الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه، وهي أوّل درجة العابدين، وترك الذنب والاستغفار إسمٌ واقع لمعان ست: أوّلها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود أبداً، والثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم، والرابع أن تؤدي حقّ الله في كلّ فرض، والخامس أن تذيب اللحم الذي نبت على السحت والحرام، حتّى يرجع الجلد إلى عظمه، ثمّ تنشأ فيما بينهما لحماً جديداً، والسادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذّات المعاصي(1).
504/8 ـ سليم بن قيس الهلالي، برواية أبان بن أبي عيّاش، عنه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنّه قال:
إنّ جبرئيل أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صورة آدميّ، فقال له: ما الإسلام؟ فقال: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصيام شهر رمضان، والغسل من الجنابة، الخبر(2).
____________
1- تحف العقول، باب قواعد الاسلام: 133; وسائل الشيعة 11: 361.
2- كتاب سليم: 57; مستدرك الوسائل 1: 70 ح5.
مبحث
القرآن وفضله
الباب الأول:
في القرآن وفضل قراءته وآدابها
505/1 ـ محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) : كان في وصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: اعلموا أنّ القرآن هدى النهار ونور الليل المظلم على ما كان من جُهد وفاقة(1).
506/2 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه ذكر القرآن فقال:
ظاهره عمل موجوبٌ، وباطنه علم مكنون محجوب، وهو عندنا معلومٌ مكتوب(2).
507/3 ـ محمد بن يعقوب، عن محمّد بن أحمد، وعدّة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، جميعاً، عن جعفر بن محمّد بن عبيد الله، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله (عليه السلام)
____________
1- الكافي 2: 600; إحياء الإحياء 2: 215.
2- دعائم الإسلام 1: 53.
البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزّ وجلّ فيه، تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، وإنّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزّ وجلّ فيه، تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين(1).
508/4 ـ عن عليّ (عليه السلام) :
ادّخروا لبيوتكم نصيباً من القرآن; فإنّ البيت إذا قرئ فيه إنسيٌ على أهله، وكثر خيره وكان سكانه مُؤمِني الجن، واذا لم يقرأ فيه أوحش على أهله وقلّ خيره، وكان سكّانه كفرة الجن(2).
509/5 ـ قال عبد الله بن أحمد: حدّثني عمرو بن محمّد الناقد، حدّثنا عمر بن عثمان الرّقي، حدّثنا حفص أبو عمر، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من قرأ القرآن فاستظهره شفع في عشرة من أهل بيته قد وجبت لهم النار(3).
510/6 ـ قال عبد الله: حدّثني محمّد بن بكار، حدّثنا حفص بن سليمان ـ يعني أبا عمر القاري ـ، عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من تعلّم القرآن فاستظهره وحفظه أدخله الله الجنّة وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار(4).
511/7 ـ صعصعة، عن علي: خير الدواء القرآن(5).
____________
1- الكافي 2: 610; وسائل الشيعة 4: 850; إحياء الإحياء 2: 220.
2- كنز العمال 1: 523 ح2341.
3- مسند أحمد بن حنبل، مسند علي (عليه السلام) 1: 148.
4- مسند أحمد بن حنبل، مسند علي (عليه السلام) 1: 149.
5- الجامع الصغير للسيوطي 1: 618.
513/9 ـ عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال في أثناء كلام طويل: وأمّا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفّتين لا ينطق، وإنّما تتكلّم به الرجال(2).
514/10 ـ أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الأزدي الكوفي، عن عثمان العبدي، عن جعفر بن محمّد بن علي، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، (وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من ذكر الله تعالى)، وذكر الله أكبر أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنّة من النار(3).
515/11 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
لقارئ القرآن في الصلاة قائماً بكلّ حرف يقرأه مائة حسنة، وقاعداً خمسين حسنة، ومتطهّراً في غير الصلاة خمسة وعشرون حسنة، وعلى غير طهارة عشر حسنات، أما أني لا أقول: المر حرف بل له بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر، وبالراء عشر(4).
516/12 ـ محمّد بن الحسين الرضي الموسوي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال:
وتعلّموا القرآن فإنّه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور،
____________
1- تفسير السيوطي 2: 37.
2- تفسير نور الثقلين 5: 5; ارشاد القلوب، في جوابه على اليهود: 359.
3- محاسن البرقي 1: 221; مستدرك الوسائل 4: 259 ح4639; البحار 92: 19; جامع الأخبار: 115 ح204.
4- إرشاد القلوب، باب فضل صلاة الليل: 94; وسائل الشيعة 4: 848; عدة الداعي، باب فضيلة القرآن: 287.