الصفحة 28
حدّثته، قالت: كأنّي أنظر إلى علي (رضي الله عنه) على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) البيضاء في شعب الأنصار وهو يقول: أيّها الناس إنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: إنّها ليست أيام صيام إنّها أيام أكل وشرب وذكر(1).

{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ}(2)

711/25 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: غُفر له {وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ} قال: غُفر له(3).

{وَإِذَا تَوَلّى سَعَى فِي الاَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}(4)

712/26 ـ العياشي: عن أبي إسحاق السبيعي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلّى سَعَى فِي الاَْرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} بظلمه وسوء سيرته، والله لا يحبّ الفساد(5).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}(6)

713/27 ـ عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر عترة خاتم النبيين والمرسلين: وهم باب السلم فادخلوا في السلم كافة ولا تتّبعوا خطوات الشيطان(7).

____________

1- تفسير السيوط 1: 235.

2 ـ البقرة: 203.

3- كنز العمال 2: 361 ح4246.

4 ـ البقرة: 205.

5- تفسير العياشي 1: 101; البحار 92: 57; تفسير البرهان 1: 205; الكافي 8: 289.

6 ـ البقرة: 208.

7- تفسير نور الثقلين 1: 206; تفسير العياشي 1: 102; تفسير البرهان 1: 208.


الصفحة 29

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء}(1)

714/28 ـ أخرج الشافعي، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، والبيهقي، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: تحلّ لزوجها الرجعة عليها حتّى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحلّ للأزواج(2).

{وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ}(3)

715/29 ـ عن الأصبغ بن نباتة، قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله: {وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ} انّ السماء والأرض وما فيهما، من خلق مخلوق في جوف الكرسي، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله(4).

716/30 ـ محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السرّ وأخفى، وذلك قوله تعالى: {وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلاَ يَؤُدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(5).

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ}(6)

717/31 ـ أخرج الطيالسي، وابن أبي حاتم، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: الذي حاجّ إبراهيم في ربّه هو نمرود بن كنعان(7).

____________

1 ـ البقرة: 228.

2- تفسير السيوطي 1: 275.

3 ـ البقرة: 255.

4- تفسير العياشي 1: 138; البحار 58: 33; البرهان 1: 242; تفسير القمي 1: 85.

5- الكافي 1: 129; تفسير نور الثقلين 1: 260.

6 ـ البقرة: 258.

7- تفسير السيوطي 1: 331.


الصفحة 30

{أَو كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ}(1)

718/32 ـ أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وصحّحه البيهقي في الشعب، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: {أَو كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَة }قال:

عزير نبيّ خرج الله من مدينته وهو شاب، فمرّ على قرية خربة وهي خاوية على عروشها فقال: أنّى يحيي هذه الله بعد موتها، فأماته الله مائة عام، ثمّ بعثه، فأوّل ما خلق منه عيناه فجعل ينظر إلى عظامه ينظمّ بعضها إلى بعض ثمّ كسيت لحماً ثمّ نفخ فيه الروح، فقيل له: كم لبثت؟ قال: لبثت يوماً أو بعض يوم، قال: بل لبثت مائة عام، فأتى مدينته وقد ترك جاراً له اسكافاً شاباً، فجاء وهو شيخ كبير(2).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}(3)

719/33 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من الذهب والفضة {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الاَْرْضِ} قال: يعني من الحبّ والتمر وكلّ شيء فيه زكاة(4).

720/34 ـ عن عبيدة السلماني، قال: سألت عليّ بن أبي طالب عن قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} الآية، فقال: نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيّد ناحية، فإذا جاء

____________

1 ـ البقرة: 259.

2- تفسير السيوطي 1: 331.

3 ـ البقرة: 267.

4- كنز العمال 2: 365 ح4264.


الصفحة 31
صاحب الصدقة أعطاه من الرديء، فقال الله: {ولاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} يقول: ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتّى يهضم له(1).

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَة}(2)

721/35 ـ ابن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن عمر بن محمّد الجعابي، قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن عبد الله بن محمّد بن العباس الرازي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني سيدي عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وذكر عدّة أحاديث ـ، ثمّ قال: نزلت {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَة} في عليّ (عليه السلام) (3).

{فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(4)

722/36 ـ الطوسي، بإسناده إلى علي (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنّه تلا هذه الآية: {أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}قيل: يا رسول الله مَن أصحاب النار؟ قال: من قاتل عليّاً بعدي، اُولئك هم أصحاب النار مع الكفار، فقد كفروا بالحق لمّا جاءهم(5).

____________

1- كنز العمال 2: 365 ح4265.

2 ـ البقرة: 274.

3- تفسير البرهان 1: 257.

4 ـ البقرة: 275.

5- أمالي الطوسي، المجلس 13: 363 ح763; تفسير نور الثقلين 1: 266.


الصفحة 32

{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ}(1)

723/37 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} فذلك سرائرك وعلانيتك يحاسبكم به الله، فإنّها لم تنسخ ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة، يقول: إنّي اُخبركم بما أخفيتم في أنفسكم ممّا لم تطّلع عليه ملائكتي، فأمّا المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدّثوا به أنفسهم وهو يقول: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} يقول: يخبركم، وأمّا أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب، وهو قوله: {وَلكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}(2)(3).

724/38 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} أحزنتنا، قلنا: يحدّث أحدنا نفسه فيحاسب ولا يدري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر، فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}(4)(5).

725/39 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} إنّ هذه الآية عرضت على الأنبياء والاُمم السالفة فأبوا أن يقبلوها من ثقلها، وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على اُمّته فقبلوها، فلمّا رأى الله عزّ وجلّ منهم القبول على أنّهم لا يطيقوها، قال: أمّا إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها، وقد عرضتها على الاُمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها اُمّتك، فحقّ عليّ أن أرفعها عن

____________

1 ـ البقرة: 284.

2 ـ البقرة: 225.

3 ـ تفسير السيوطي 1: 375.

4 ـ البقرة: 286.

5 ـ كنز العمال 2: 374 ح4287.


الصفحة 33
اُمّتك، وقال: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا}(1) فظهر أنّ ما لا يدخل تحت الوسع لا يؤاخذ به(2).

{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(3)

726/40 ـ عن الكاظم، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حديث يذكر فيه مناقب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إنّه لمّا اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة، حتّى انتهى إلى ساق العرش، فدنى بالعلم فتدلّى فدلّي له من الجنّة رفرف أخضر، وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربّه عزّ وجلّ بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان قاب قوسين بينه وبينها أو أدنى، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، فكان فيما أوحى إليه الآية التي في سورة البقرة، قوله تعالى: {للهِِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ}(4) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن

____________

1 ـ البقرة: 285-286.

2- الحقائق للفيض الكاشاني: 57.

3 ـ البقرة: 285-286.

4 ـ البقرة: 284.


الصفحة 34
آدم إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمّداً وعرضت على الاُمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على اُمّته فقبلوها، فلمّا رأى الله عزّ وجلّ منهم القبول، على أنّهم لا يطيقونها.

فلمّا أن صار إلى ساق العرش كرّر عليه الكلام ليفهمه فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} فأجاب (صلى الله عليه وآله) مجيباً عنه وعن اُمّته فقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ} فقال جلّ ذكره: لهم الجنّة والمغفرة على أن فعلوا ذلك، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ، أمّا إذا فعلت ذلك بنا فـ {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}ـ يعني المرجع في الآخرة ـ قال: فأجابه الله جلّ ثناؤه وقد فعلت ذلك بك وباُمّتك، ثمّ قال عزّ وجلّ: أما إذا قبلت الآية بتشديدها وعظم ما فيها، وقد عرضتها على الاُمم فأبوا أن يقبلوها وقبلتها اُمّتك، فحقّ عليَّ أن أدفعها عن اُمّتك، وقال: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ} من خير {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ }من شرٍّ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لما سمع ذلك: أمّا إذا فعلت ذلك بي وباُمّتي فزدني، قال: سَل، قال: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال الله تعالى: لست اُآخذ اُمّتك بالنسيان والخطأ لكرامتك عليّ.

وكانت الاُمم السالفة إذا نسوا ما ذكّروا به فتحت عليهم أبواب العذاب، وقد رفعت ذلك عن اُمّتك، وكانت الاُمم السالفة إذا أخطأوا اُخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه، وقد رفعت ذلك عن اُمّتك لكرامتك عليّ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : اللّهمّ إذا أعطيتني ذلك فزدني، قال الله تعالى له: سَل، قال: {رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} يعني بالإصر الشدائد التي كانت على من كان قبلنا، فأجابه الله إلى ذلك، فقال الله تبارك اسمه: قد رفعت عن اُمّتك الآصار التي كانت على الاُمم السالفة، كنت لا أقبل صلاتهم إلاّ في بقاع معلومة من الأرض اخترتها لهم وإن

الصفحة 35
بعدت، وقد جعلت الأرض كلّها لاُمّتك مسجداً وطهوراً، فهذه من الآصار التي كانت على الاُمم التي قبلك فرفعتها عن اُمّتك.

وكانت الاُمم السالفة إذا أصابهم من نجاسة قرضوه من أجسادهم، وقد جعلت الماء لاُمّتك طهوراً، فهذا من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك.

وكانت الاُمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أَرسلت عليه ناراً فأكلته فرجع مسروراً، ومن لم أقبل منه ذلك رجع مثبوراً، وقد جعلت قربان اُمّتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافاً مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا، وقد رفعت ذلك عن اُمّتك، وهي من الآصار التي كانت على الاُمم السالفة قبلك.

وكانت الاُمم السالفة صلاتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار، وهي من الشدائد التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك، وفرضت عليهم صلاتهم في أطراف الليل والنهار، وفي أوقات نشاطهم.

وكانت الاُمم السالفة قد فرضت عليهم خمسين صلاة في خمسين وقتاً، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك وجعلتها خمساً في خمسة أوقات، وهي إحدى وخمسون ركعة، وجعلت لهم أجر خمسين صلاة.

وكانت الاُمم السالفة حسنتهم بحسنة وسيّئتهم بسيّئة، وهي من الآصار التي كانت عليهم، فرفعتها عن اُمّتك وجعلت الحسنة بعشر والسيّئة بواحدة.

وكانت الاُمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة ثمّ لم يعملها لم تُكتب له وإن عملها كتبت له حسنة وإنّ اُمّتك إذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشراً، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك.

وكانت الاُمم السالفة إذا همّ أحدهم بسيّئة فلم يعملها لم تُكتب عليه وإن

الصفحة 36
عملها كُتبت عليه سيّئة وإنّ اُمّتك إذا همّ أحدهم بسيّئة ثمّ لم يعملها كُتبت له حسنة وهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك.

وكانت الاُمم السالفة إذا أذنبوا كتبت ذنوبهم على أبوابهم، وجعلت توبتهم من الذنوب أن حرّمت عليهم بعد التوبة أحبّ الطعام إليهم، وقد رفعت ذلك عن اُمّتك وجعلت ذنوبهم فيما بيني وبينهم، وجعلت عليهم ستوراً كثيفة، وقبلت توبتهم بلا عقوبة، ولا اُعاقبهم بأن اُحرّم عليهم أحبّ الطعام إليهم.

وكانت الاُمم السالفة يتوب أحدهم من الذنب الواحد إلى الله مائة سنة أو ثمانين سنة أو خمسين سنة ثمّ لا أقبل توبته دون أن اُعاقبه في الدنيا بعقوبة، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن اُمّتك، وإنّ الرجل من اُمّتك ليذنب عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة أو مائة سنة ثمّ يتوب ويندم طرفة عين فأغفر ذلك كلّه.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : اللّهمّ إذا أعطيتني ذلك كلّه فزدني، قال: سَل، قال: {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قال تبارك اسمه: قد فعلت ذلك باُمّتك، وقد رفعت عنهم عظم بلايا الاُمم، وذلك حكمي في جميع الاُمم أن لا اُكلّف خلقاً فوق طاقتهم، قال النبي (صلى الله عليه وآله) : {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا} قال الله عزّ وجلّ: قد فعلت ذلك بتائبي اُمّتك، ثمّ قال: {فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قال الله جلّ اسمه: إنّ اُمّتك في الأرض كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون وهم القاهرون، يَستخدمون ولا يُستخدمون، لكرامتك عليّ، وحقٌّ عليَّ أن اُظهر دينك على الأديان حتّى لا يبقى في شرق الأرض وغربها دينٌ إلاّ دينك أو يؤدّون إلى أهل دينك الجزية(1).

____________

1- الاحتجاج 1: 521 ح127; تفسير الصافي 1: 311.


الصفحة 37

"وأقيموا الحجّ والعمرة للبيت"

727/41 ـ أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن علي (رضي الله عنه) أنه قرأ "وأقيموا الحجّ والعمرة للبيت"، قال: هي واجبة مثل الحجّ(1).

____________

1- تفسير السيوطي 1: 208.


الصفحة 38

الباب الثالث:

سورة آل عمران

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}(1)

728/1 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس قال: المحكمات ناسِخُهُ، وحَلالُهُ وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به، والمتشابهات منسوخة ومقدّمه ومؤخّره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به(2).

{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ}(3)

729/2 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} يعني أهل الشك، فيحملون المحكم على المتشابه، والمتشابه على المحكم، ويلبسون، فلبّس الله عليهم، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} قال: تأويله يوم القيامة لا يعلمه إلاّ الله(4).

____________

1 ـ آل عمران: 7.

2- تفسير السيوطي 2: 4.

3 ـ آل عمران: 7.

4- تفسير السيوطي 2: 5.


الصفحة 39
730/3 ـ أخرج ابن النجار في (تاريخ بغداد)، عن علي (رضي الله عنه)، أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال في خطبته: أيّها الناس قد بيّن الله لكم في محكم كتابه ما أحلّ لكم وما حرّم عليكم، فأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه، وآمنوا بمتشابهه واعملوا بمحكمه واعتبروا بأمثاله(1).

{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}(2)

731/4 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: اعلم أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الإقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا}، فمدح الله عزّ وجلّ اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه منهم رسوخاً، فاقتصر على ذلك، ولا تقدّر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين(3).

{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(4)

732/5 ـ ابن السني، حدّثنا أبو جعفر بكر، حدّثنا محمّد بن زنبور المكّي، حدّثنا الحارث بن عمير، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب(رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إنّ فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الاِْسْلاَمُ} و {قُلِ اللّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ

____________

1- تفسير السيوطي 2: 6.

2 ـ آل عمران: 7.

3- تفسير الصافي 1: 319; العياشي 1: 163; تفسير البرهان 1: 271; البحار 3: 257.

4 ـ آل عمران: 18.


الصفحة 40
تَشَاءُ وَتُنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ـ إلى قوله ـ بِغَيْرِ حِسَاب}(1) (هنّ) معلقات (بالعرش) ما بينهنّ وبين الله حجاب، لما أراد الله أن ينزلهنّ تعلقن بالعرش، قلن: يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك، فقال الله: وعزّتي حلفت لا يقرؤكنّ أحد من عبادي دبر كلّ صلاة ـ يعني المكتوبة ـ إلاّ جعلت الجنّة مثواه على ما كان فيه، وإلاّ أسكنته حظيرة القدس، وإلاّ نظرت إليه بعيني المكنونة كلّ يوم سبعين نظرة، وإلاّ قضيت له كلّ يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلاّ أعذته من كلّ عدوٍّ ونصرته منه ولا يمنعه من دخول الجنّة إلاّ الموت(2).

{لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونُ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}(3)

733/6 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس قال: نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفّار ويتّخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلاّ أن يكون الكفّار عليهم ظاهرين أولياء فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين، وذلك قوله: {إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}(4)(5).

{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(6)

734/7 ـ أخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، أنّ علياً (رضي الله عنه) قال للحسن: قم فاخطب الناس، قال: إنّي أهابك أن أخطب وأنا

____________

1 ـ آل عمران: 26-27.

2 ـ عمل اليوم والليلة (ابن السني): 48 ح125; تفسير السيوطي 2: 12.

3 ـ آل عمران: 28.

4 ـ آل عمران: 28.

5 ـ تفسير السيوطي 2: 16.

6 ـ آل عمران: 33-34.


الصفحة 41
أراك، فتغيّب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه، فقام الحسن (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وتكلّم، ثمّ نزل، فقال علي (رضي الله عنه): {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْض وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(1).

{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}(2)

735/8 ـ عن علي (عليه السلام) قال: إنّ الله أوحى إلى عمران إنّي واهب لك ذكراً سوياً مباركاً يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدّث عمران امرأته حنّة بذلك وهي اُمّ مريم، فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاماً، فلما وضعتها قالت: ربّ إنّي وضعتها اُنثى وليس الذكر كالاُنثى، لا تكون البنت رسولا، يقول الله تعالى: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} فلمّا وهب الله لمريم عيسى كان هو الذي بشّر به عمران ووعده إيّاه، فإذا قلنا في الرجل منّا شيئاً وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك(3).

{وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ}(4)

736/9 ـ أخرج ابن جرير، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس في قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}يقول: أدّوا فرائضي {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ} يقول: فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا يبخسون منه شيئاً ولا ينقصونه(5).

____________

1- تفسير السيوطي 2: 18.

2 ـ آل عمران: 36.

3- تفسير الصافي 1: 330; مجمع البيان 1: 435 عن أبي عبد الله (عليه السلام) .

4 ـ آل عمران: 57.

5- تفسير السيوطي 2: 37.


الصفحة 42

{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}(1)

737/10 ـ عن المنذر، قال: حدّثنا علي (عليه السلام) قال: لمّا نزلت هذه الآية {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الآية، قال: أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما (عليهما السلام)، فقال رجل من النصارى: لا تفعلوا فيصيبكم عَنَت فلم يدعوا(2).

{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً}(3)

738/11 ـ عن عبد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً} لا يهودياً يصلّي إلى المغرب، ولا نصرانياً يصلّي إلى المشرق، {وَلكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} يقول: كان حنيفاً مسلماً على دين محمّد (صلى الله عليه وآله) (4).

739/12 ـ عن عبيد الله الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً} لا يهوديّاً يصلّي إلى المغرب، ولا نصرانياً يصلّي إلى المشرق، ولكن كان حنيفاً مسلماً، (يقول كان على دين محمّد)(5).

{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}(6)

740/13 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به،

____________

1 ـ آل عمران: 61.

2- تفسير العياشي 1: 177; تفسير البرهان 1: 290.

3 ـ آل عمران: 67.

4- تفسير العياشي 1: 177; تفسير نور الثقلين 1: 352; تفسير البرهان 1: 290; البحار 6: 652.

5- تفسير العياشي 1: 177; تفسير الصافي 1: 346; البحار 12: 11; تفسير البرهان 1: 291.

6 ـ آل عمران: 68.


الصفحة 43
ثمّ تلا هذه الآية قال: إنّ وليّ محمّد (صلى الله عليه وآله) من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإنّ عدوّ محمّد (صلى الله عليه وآله) من عصى الله وإن قربت قرابته(1).

{وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}(2)

741/14 ـ عن أبي معمّر السعدي، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله {وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يعني لا ينظر إليهم بخير، أي لا يرحمهم(3).

{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي}(4)

742/15 ـ عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل، قال له المأمون: يا أبا الحسن بلغني أنّ قوماً يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد؟ فقال الرضا (عليه السلام) : حدّثني أبي موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله لا ترفعوني فوق حقي فإنّ الله تعالى اتّخذني عبداً قبل أن يتخذني نبياً، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَر أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(5).

وقال علي (عليه السلام) : يهلك فيّ إثنان ولا ذنب لي: محبّ مفرط، ومبغض مفرط، وإنّا

____________

1- مجمع البيان 1: 458; تفسير الصافي 1: 347.

2 ـ آل عمران: 77.

3- تفسير العياشي 1: 180; البحار 4: 10; تفسير البرهان 1: 293.

4 ـ آل عمران: 79.

5 ـ آل عمران: 79-80.


الصفحة 44
لنبرأ إلى الله تعالى ممّن يغلو فينا، ويرفعنا فوق حدّنا، كبراءة عيسى بن مريم (عليه السلام) من النصارى(1).

{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مَصَدِّقٌ}(2)

743/16 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الله أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبيّنا أن يخبروا اُممهم بمبعثه ويبشّروهم به ويأمروهم بتصديقه(3).

744/17 ـ عن علي (عليه السلام) أنّه قال: لم يبعث الله نبياً، آدم ومن بعده إلاّ أخذ عليه العهد، لئن بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، وأمره أن يأخذ العهد بذلك على قومه(4).

745/18 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: لم يبعث الله نبيّاً، آدم فمن بعده إلاّ أخذ عليه العهد في محمّد (صلى الله عليه وسلم) لئن بعث وهو حيّ ليؤمننّ به ولينصرنّه، ويأمره فيأخذ العهد على قومه ثمّ تلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لِمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَاب وَحِكْمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مَصَدِّقٌ }الآية، إلى قوله: {قَالَ فَاشْهَدُوا} يقول: فاشهدوا على اُممكم بذلك {وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} عليكم وعليهم، {فَمَنْ تَوَلَّى} عنك يا محمّد بعد هذا العهد من جميع الاُمم {فَأُولئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(5) هم العاصون في الكفر(6).

746/19 ـ في كتاب (الواحدة) عن الباقر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الله

____________

1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ، باب الردّ على الغلاة والمفوّضة 2: 201; تفسير نور الثقلين 1: 357; البحار 25: 134.

2 ـ آل عمران: 81.

3 و 4- مجمع البيان 1: 468; تفسير الصافي 1: 351.

5 ـ آل عمران: 82.

6- كنز العمال 2: 377 ح4296; تفسير السيوطي 2: 48.