{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم}(2)
819/10 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم }قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصّة ليس في هذه الاُمّة(3).
{لاَ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكَ الاَْبْصَارَ}(4)
820/11 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: وأمّا قوله: {لاَ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكَ الاَْبْصَارَ} فهو كما قال: لا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأوهام، وهو يدرك الأبصار ـ يعني يُحيط بها(5).
{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّات مَعْرُوشَات وَغَيْرَ مَعْرُوشَات}(6)
821/12 ـ أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس
____________
1- تفسير السيوطي 3: 24.
2 ـ الأنعام: 82.
3- كنز العمال 2: 407 ح4369.
4 ـ الأنعام: 103.
5- تفسير الصافي 2: 145; التوحيد، باب ما جاء في الرؤية: 111.
6 ـ الأنعام: 141.
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ}(2)
822/13 ـ عن علي (عليه السلام) في حديث طويل، يقول فيه وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات، وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ} يخبر محمّداً (صلى الله عليه وآله) عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله وللرسول، فقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ}; حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله، {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} يعني بذلك: العذاب في دار الدنيا، كما عذّب القرون الاُولى، فهذا خبر يخبر به النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم، ثمّ قال: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} يعني: من قبل أن تجيء هذه الآية، وهذه الآية طلوع الشمس من مغربها، وإنّما يكتفي أولوا الألباب والحجى وأولوا النهى أن يعلموا أنّه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون(3).
823/14 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل، ومعنى قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} فإنّما خاطب نبيّنا (صلى الله عليه وآله) : هل ينتظر المنافقون والمشركون إلاّ أن تأتيهم الملائكة، فيعاينونهم، أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربّك، يعني بذلك: أمر ربّك، والآيات هي العذاب في دار الدنيا، كما عذّب الاُمم السالفة والقرون الخالية(4).
____________
1- تفسير السيوطي 3: 48.
2 ـ الأنعام: 158.
3- التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 266; تفسير نور الثقلين 1: 780.
4- الاحتجاج 1: 588 ح137; تفسير نور الثقلين 1: 780.
{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(1)
824/15 ـ محمّد بن العباس في تفسيره، عن المنذر بن محمّد، عن أبيه، عن الحسين بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن فضيل بن الزبير، عن أبي الجارود، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا أبا عبد الله هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها هم من فزع يومئذ آمنون، ومن جاء بالسيّئة فكبّت وجوههم في النار؟ قلت: لا، قال: الحسنة مودّتنا أهل البيت، والسيّئة عداوتنا أهل البيت(2).
825/16 ـ محمّد بن العباس، عن عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن عبد الله بن جبلة الكناني، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبي الجارود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
ألا اُخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة، والسيئة التي من جاء بها كُبّ على وجهه في نار جهنّم؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: الحسنة (معرفة الولاية) وحبّنا أهل البيت، والسيئة (إنكار الولاية) وبغضنا أهل البيت(3).
____________
1 ـ الأنعام: 160.
2- البحار 24: 41; تفسير فرات: 312 ح418.
3- البحار 24: 42; تفسير الحبري: 32; تفسير نور الثقلين 4: 104.
الباب السابع:
سورة الأعراف
{اِتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ...}(1)
826/1 ـ عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : قال الله {اِتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ }ففي اتّباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، وفي تركه الخطأ المبين(2).
{فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}(3)
827/2 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه أحوال القيامة: فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى اُممهم، فأخبروا أنّهم قد أدّوا ذلك إلى اُممهم، وتسأل الاُمم فتجحد كما قال: {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ
____________
1 ـ الأعراف: 3.
2- تفسير العياشي 2: 9; تفسير البرهان 2: 4; البحار 23: 102.
3 ـ الأعراف: 6.
{فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}(3)
828/3 ـ ابن بابويه، قال: حدّثنا أبو العباس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (قدس سره) قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة، قال: حدّثني المغيرة بن محمّد، قال: حدّثنا رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بالكوفة (عند) منصرفه من النهروان، وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويعيبه ويقتل أصحابه، فقام خطيباً، إلى أن قال فيها: وأنا المؤذّن في الدنيا والآخرة، قال الله عزّ وجلّ: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} أنا ذلك المؤذّن، وقال: {وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ}(4)وأنا ذلك الأذان(5).
{وَعَلَى الاَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيَماهُمْ}(6)
829/4 ـ عبيد بن كثير، بإسناده عن الأصبغ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
____________
1 ـ المائدة: 19.
2- الاحتجاج 1: 566 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 4.
3 ـ الأعراف: 44.
4 ـ التوبة: 3.
5- تفسير البرهان 2: 17; معاني الأخبار، باب معاني أسماء محمّد وعلي: 59.
6 ـ الأعراف: 46.
830/5 ـ عبيد بن كثير، بإسناده عن حبّة العرني، عن عليّ (عليه السلام) ، إلى أن قال (عليه السلام) : نحن الأعراف من عرفنا دخل الجنّة، ومن أنكرنا دخل النار(2).
831/6 ـ أبو القاسم الحسكاني، بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة، قال: كنت جالساً عند علي (عليه السلام) فأتاه ابن الكوّاء، فسأله عن هذه الآية، فقال (عليه السلام) :
ويحك يا ابن الكوّاء نحن نوقف (نقف) يوم القيامة بين الجنّة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار(3).
832/7 ـ الحسين بن محمّد، عن المعلّى، عن محمّد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين {وَعَلَى الاَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيَماهُمْ} فقال (عليه السلام) :
نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الأعراف الذين لا يُعرف الله عزّوجلّ إلاّ بسبيل معرفتنا، ونحن الأعراف يعرّفنا الله عزّ وجلّ يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنّة إلاّ من عرفنا و (نحن) عرفناه، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه، إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا
____________
1 و 2- البحار 8: 338; تفسير فرات: 142 ح174.
3- البحار 8: 332; تفسير فرات: 142 ح174.
833/8 ـ عبيد بن كثير، معنعناً، عن حبّة العرني، أنّ ابن الكوّاء أتى علياً (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين آيتان في كتاب الله تعالى قد أعيتاني وشككتاني في ديني، قال (عليه السلام) : وما هما؟ قال: قول الله تعالى {وَعَلَى الاَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيَماهُمْ }قال: وما عرفت هذه حتّى الساعة؟ قال: لا، قال: نحن الأعراف من عرفنا دخل الجنّة، ومن أنكرنا دخل النار، قال: وقوله: {وَالطَّيْرُ صَافَّات كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}(2) قال: وما عرفت هذه إلى الساعة، قال: لا، قال: إنّ الله خلق ملائكته على صور شتّى، الخبر(3).
{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هذَا}(4)
834/9 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من آيات الكتاب: وكذلك تفسير قوله عزّ وجلّ: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هذَا }يعني بالنسيان أنّه لم يثبهم كما يثب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسله وخافوه بالغيب، وقد تقول العرب في باب النسيان: قد نسينا فلان فلا يذكرنا، أي انّه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به(5).
____________
1- الكافي 1: 184; البحار 24: 253; مصابيح الأنوار 2: 162 ح53; تفسير فرات: 142 ح174; الخرائج والجرائح 1: 177; اثبات الهداة 1: 114.
2 ـ النور: 41.
3- البحار 24: 254; تفسير فرات: 143 ح175.
4 ـ الأعراف: 51.
5- تفسير نور الثقلين 2: 38; تفسير البرهان 2: 22; الاحتجاج 1: 564 ح137; التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 259.
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(1)
835/10 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مرسلا، أنّه قال: من قرأها ـ أي آية السخرة ـ عند نومه، حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين(2).
{فَلَمَّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً}(3)
836/11 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} قال: أسمع موسى، قال له: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ}قال: وذلك عشية عرفة، وكان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع: قطعة سقطت بين يديه، وهو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة، وبالمدينة ثلاثة: طيبة، واُحد، ورضوى، وطور سيناء بالشام، وإنّما سمّي الطور لأنّه طار في الهواء إلى الشام(4).
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الاَْلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْء مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْء}(5)
837/12 ـ أخرج ابن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)قال: كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح(6).
____________
1 ـ الأعراف: 54.
2- دار السلام 3: 90; المصباح للكفعمي: 229.
3 ـ الأعراف: 143.
4- كنز العمال 2: 411 ح4378.
5 ـ الأعراف: 145.
6- تفسير السيوطي 3: 120.
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ}(1)
838/13 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: إنّا سمعنا الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} قال: وما نرى القوم إلاّ قد افتروا فرية، وما أراها إلاّ ستصيبهم(2).
{وَمَا ظَلَمُونَا وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(3)
839/14 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : وأمّا قوله: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فهو تبارك اسمه أجلّ وأعزّ من أن يظلم، ولكنّه قرن اُمناءه على خلقه بنفسه، وعرف الخليقة جلالة قدرهم عنده، وأنّ ظلمهم ظلمه بقوله: {وَمَا ظَلَمُونَا }ببغضهم أوليائنا ومعونة أعدائهم عليهم {وَلكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }إذ حرموها الجنّة وأوجبوا عليها دخول النار(4).
{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}(5)
840/15 ـ عن يعقوب بن يزيد، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} قال: يعني اُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) (6).
____________
1 ـ الأعراف: 152.
2- كنز العمال 2: 412 ح4380.
3 ـ الأعراف: 160.
4- الاحتجاج 1: 600 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 88.
5 ـ الأعراف: 181.
6- البحار 24: 144; تفسير العياشي 2: 43; مجمع البيان 4: 239; تفسير البرهان 2: 52; تفسير الصافي 2: 256.
الباب الثامن:
سورة الأنفال
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الاَْدْبَارَ}(1)
841/1 ـ محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي حمزة، عن عقيل الخزاعي، إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات يقول: تعاهدوا الصلاة، إلى أن قال: ثمّ إنّ الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تَوَلُّوهُمُ الاَْدْبَارَ}(2).
842/2 ـ محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد الكوفي، عن ابن جمهور، عن أبيه،
____________
1 ـ الأنفال: 15.
2- الكافي 5: 36; تفسير نور الثقلين 2: 138.
{لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لاََسْمَعَهُمْ}(2)
843/3 ـ عن عليّ (عليه السلام) في قوله تعالى: {لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لاََسْمَعَهُمْ}: سبق في علمه تعالى أنّهم لا يؤمنون، فختم على قلوبهم وسمعهم، ليوافق قضاؤه عليهم علمه فيهم، ألا تسمع قوله تعالى: {لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لاََسْمَعَهُمْ}(3).
بيـان:
أقول: بيّن (عليه السلام) أنّ الختم والطبع على قلوبهم وقع بالاختيار منهم، لا أن يكونوا مقهورين في ذلك، وقوله (عليه السلام) : "ليوافق علمه فيهم" ليس هذا العلم من العلة التامة للطبع والختم حتّى يستلزم الجبر، كما ذهب إليه جمع لقوله (عليه السلام) في صدر الرواية: "ليوافق قضاؤه عليهم علمه" فحكمه (عليه السلام) بأنّ ذلك من مقتضياته، والقضاء بنحو الاقتضاء لا العلة التامة، يدفع هذا الإشكال.
|
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}(4)
844/4 ـ قال (عليه السلام) : لا يقولنّ أحدكم اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة; لأنّه ليس أحد إلاّ وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من معضلات الفتن فإنّ
____________
1- الكافي 5: 42; تفسير نور الثقلين 2: 138.
2 ـ الأنفال: 23.
3- تفسير مواهب الواهب 1: 93.
4 ـ الأنفال: 28.
{اَلاْنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً}(2)
845/5 ـ فرات، قال: حدّثني الحسن بن العباس، معنعناً عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال علي (عليه السلام) : لا يكون الناس في حال شدّة إلاّ كان شيعتي أحسن الناس حالا، أما سمعتم الله يقول في كتابه: {اَلاْنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} فخفّف الله عنهم ما لا يخفّف عن غيرهم(3).
____________
1- نهج البلاغة: قصار الحكم 93.
2 ـ الأنفال: 66.
3- تفسير فرات: 155 ح193; تفسير العياشي 2: 68; تفسير البرهان 2: 93.
الباب التاسع:
سورة التوبة
{وَإِنَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ}(1)
846/1 ـ ابن شهر آشوب، عن تفسير القشيري، أنّ رجلا قال لعلي صلوات الله عليه: يا ابن أبي طالب فمن أراد منّا أن يلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الأمر من بعد انقضاء الأربعة فليس له عهدٌ؟ قال علي (عليه السلام) : بلى لأنّ الله تعالى قال: {وَإِنَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} الآية(2).
{وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ}(3)
847/2 ـ قرأ علي (عليه السلام) يوم البصرة: {وَإِنْ نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا
____________
1 ـ التوبة: 6.
2- مناقب ابن شهر آشوب 2: 127; تفسير البرهان 2: 106.
3 ـ التوبة: 12.
848/3 ـ عليّ بن إبراهيم: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الجمل: ما قاتلت هذه الفئة الناكثة إلاّ بآية من كتاب الله، يقول الله: {وَإِنْ نَّكَثُّوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ}(2).
849/4 ـ الحميري، حدّثني محمّد بن عبد الحميد; وعبد الصمد بن محمّد، جميعاً، عن حنّان بن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: دخل عليّ اُناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزبير، فقلت لهم: كانا من أئمّة الكفر، إنّ علياً (عليه السلام) يوم البصرة لمّا صفّ الخيول، قال لأصحابه: لا تعجلوا على القوم حتّى أعذر فيما بيني وبين الله عزّ وجلّ وبينهم، فقام إليهم فقال: يا أهل البصرة هل تجدون عليّ جوراً في حكم الله؟ قالوا: لا، قال: فحيفاً في قسم؟ قالوا: لا، قال: فرغبت في دنياً أخذتها لي ولأهل بيتي دونكم فنقمتم عليّ فنكثتم بيعتي؟ قالوا: لا، قال: فأقمت فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم؟ قالوا: لا، قال: فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث؟ إنّي ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلاّ الكفر أو السيف، ثمّ ثنّى إلى أصحابه فقال: إنّ الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَإِنْ نَّكَثُّوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفى محمّداً بالنبوّة إنّهم لأصحاب هذه الآية، وما قوتلوا منذ نزلت(3).
____________
1- مناقب ابن شهر آشوب، باب ما ظهر منه في حرب الجمل 3: 147; اثبات الهداة 2: 61.
2- تفسير القمي 1: 283; تفسير نور الثقلين 2: 188.
3- قرب الاسناد: 96 ح327; تفسير نور الثقلين 2: 188; البحار 32: 185; تفسير العياشي 2: 77.
851/6 ـ عن أبي الطفيل، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يوم الجمل وهو يحضّ (يحرّض) الناس على قتالهم، يقول: والله ما رُمي أهل هذه الآية بكنانة قبل يوم: {قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} فقلت لأبي الطفيل: ما الكنانة؟ قال: السهم يكون موضع الحديد فيه عظم تسمّيه بعض العرب: الكنانة(2).
852/7 ـ عن الحسن البصري قال: خطبنا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) على هذا المنبر وذلك بعدما فرغ من أمر طلحة والزبير وعائشة، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ قال: يا أيّها الناس والله ما قاتلت هؤلاء إلاّ بآية تركتها في كتاب الله، إنّ الله يقول: {وَإِنْ نَّكَثُّوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} أما والله لقد عهد إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا علي لتقاتلنّ الفئة الباغية، والفئة الناكثة، والفئة المارقة(3).
853/8 ـ عن أبي عثمان مولى بني أقصى، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول: عذرني الله من طلحة والزبير بايعاني طائعين غير مكرهين، ثمّ نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته، والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت حتّى قاتلتهم: {وَإِنْ نَّكَثُّوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} الآية(4).
____________
1- أمالي الطوسي: 131 ح207; تفسير نور الثقلين 2: 189.
2- تفسير العياشي 2: 78; تفسير البرهان 2: 107; تفسير نور الثقلين 2: 189; البحار 8: 422.
3- تفسير العياشي 2: 78; تفسير نور الثقلين 2: 189; تفسير البرهان 2: 107; البحار 8: 443.
4- تفسير العياشي2:79; تفسير نورالثقلين2:190; تفسيرالبرهان2:107; تفسير الصافي 1: 686; البحار 8: 443.
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ}(1)
854/9 ـ عليّ بن إبراهيم، أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نزلت في علي والعباس وشيبة، قال العباس: أنا أفضل لأنّ سقاية الحاج بيدي، وقال شيبة: أنا أفضل لأنّ حجابة البيت بيدي، وقال عليّ (عليه السلام) : أنا أفضل فإنّي آمنت قبلكما، ثمّ هاجرت وجاهدت، فرضوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأنزل الله: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخَرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ ـ إلى قوله: ـ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}(2).
855/10 ـ الفخر الرازي، افتخر طلحة بن شيبة، والعباس، وعليّ، فقال طلحة: أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ولو أردت بِتُّ فيه، قال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، قال علي: أنا صاحب الجهاد، فأنزل الله تعالى هذه الآية(3).
856/11 ـ ومن ذلك ما روي من تفاخر العباس بأنّ السقاية بيده، وتفاخر شيبة بأنّ المفتاح بيده، إلى أن قال علي (عليه السلام) : وأنا قطعت خرطوم الكفر بسيفي، فصاد الكفر مُثلة فأسلمتم، فشقّ ذلك عليهم، فنزل قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ }الآية(4).
857/12 ـ أخرج ابن جرير، عن محمّد بن كعب القرطبي، قال: افتخر طلحة بن شيبة، والعباس، وعليّ بن أبي طالب، فقال طلحة: أنا صاحب البيت معي مفتاحه، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، فقال علي (عليه السلام) : ما أدري ما تقولون لقد صلّيت إلى القبلة قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ
____________
1 ـ التوبة: 19.
2- البحار 22: 288; تفسير القمي 1: 284.
3- تفسير الرازي 16: 11.
4- تفسير الرازي 32: 76.
858/13 ـ أخرج أبو نعيم في (فضائل الصحابة)، وابن عساكر عن أنس، قال: قعد العباس وشيبة صاحب البيت يفتخران، فقال له العباس: أنا أشرف منك، أنا عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيّ أبيه، وساقي الحجيج، فقال شيبة: أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه، أفلا إئتمنك كما إئتمنني، فاطلع عليهما علي (رضي الله عنه) فأخبراه بما قالا، فقال علي (رضي الله عنه): أنا أشرف منكما، أنا أوّل من آمن وهاجر، فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبروه فما أجابهم بشيء، فانصرفوا فنزل عليه الوحي بعد أيّام، فأرسل إليهم فقرأ عليهم {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} إلى آخر العشر(2).
859/14 ـ فرات، معنعناً عن الحارث، قال: دخل أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في المسجد الحرام فإذا شيبة بن عبد الدار، والعباس بن عبد المطلب يتفاخران، والعباس يقول: نحن خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيدينا عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج، وشيبة يقول: نحن خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أيدينا مفاتيح الكعبة نفتحها إذا شئنا ونغلقها إذا شئنا، فقال لهما عليّ (عليه السلام) : ألا أدلّكما على من هو خير منكما؟ قال: ومن هو؟ قال: الذي ضرب رؤوسكما بالسيف حتّى أدخلكما في الإسلام قهراً، فقام العباس مغضباً حتّى أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله فأخبره بالخبر، فاغتمّ من ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فهبط عليه جبرئيل فقال: السلام عليك يا محمّد، فقال: وعليك السلام يا جبرئيل، فقال: قل يا محمّد {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إلى آخر الآية، قال: قم أخرج فهذا الرحمن يخاصمك في عليّ بن أبي طالب(3).
____________
1 و 2- تفسير السيوطي 3: 219.
3- تفسير فرات: 165 ح209.