{قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ}(2)
861/16 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل في قوله تعالى: {قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ} أي: لعنهم الله أنّى يؤفكون، فسمّى اللعنة قتالا(3).
{يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ}(4)
862/17 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: وقد بيّن الله تعالى قصص
____________
1- تفسير مجمع البيان 3: 15.
2 ـ التوبة: 30.
3- الاحتجاج 1: 588 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 208.
4 ـ التوبة: 32.
863/18 ـ عن علي (عليه السلام) في حديث: وجعل أهل الكتاب المقيمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين بِإِذْنِ رَبِّهَا}(2) أي: يظهر مثل هذا العلم المحتمله في الوقت بعد الوقت، وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم، فأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره(3).
{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ}(4)
864/19 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: فكلّ عمل يجري على غير أيدي أهل الاصطفاء وحدودهم وعهودهم وشرايعهم وسننهم ومعالم دينهم، مردود غير مقبول، وأهله بمحل كفر وإن شملتهم صفة الإيمان، ألم تسمع إلى قول الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} فمن لم يهتد من أهل الايمان إلى سبيل النجاة لم يغن عنه إيمانه بالله مع دفع حق أوليائه، وهبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين(5).
{نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}(6)
865/20 ـ عن أبي معمر السعدي (السعداني)، قال: قال علي (عليه السلام) في قول الله
____________
1- الاحتجاج 1: 586 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 210.
2 ـ إبراهيم: 24-25.
3- تفسير نور الثقلين 2: 226.
4 ـ التوبة: 54.
5- الاحتجاج 1: 582 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 226.
6 ـ التوبة: 67.
فإنّما يعني أنهم نسوا الله في دار الدنيا فلم يعملوا له بالطاعة ولم يؤمنوا به وبرسوله، فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه نصيباً، فصاروا منسيين من الخير (من الجنة)(1).
{وَالسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ}(2)
866/21 ـ الصدوق، بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان: فأنشدكم بالله أتعلمون حيث نزلت {وَالسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ} {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}(3) سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أنزلها تعالى في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله، وعليّ بن أبي طالب وصيّي أفضل الأوصياء؟ قالوا: اللّهمّ نعم(4).
{أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلى شَفَا جُرُف هَار فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}(5)
867/22 ـ أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس في قوله: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلى شَفَا جُرُف هَار فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}قال: بنى قواعده في نار جهنّم(6).
____________
1- تفسير العياشي 2: 96; تفسير البرهان 2: 144; تفسير الصافي 2: 356; البحار 4: 91.
2 ـ التوبة: 100.
3 ـ الواقعة: 10-11.
4- تفسير نور الثقلين 5: 211; كمال الدين، الباب 24: 276; كتاب سليم بن قيس: 147.
5 ـ التوبة: 109.
6- تفسير السيوطي 3: 279.
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبى}(1)
868/23 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الصفّار، ثنا أحمد بن محمّد البرقي، ثنا أبو نعيم وأبو حذيفة، قالا: ثنا سفيان وأخبرني عليّ بن عيسى بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمّد بن زياد، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، عن علي (رضي الله عنه) قال:
سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: لا تستغفر لأبويك وهما مشركان، فقال: أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك، فذكرته للنبي (صلى الله عليه وسلم)فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لاَِبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ}(2)(3).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(4)
869/24 ـ سليم بن قيس الهلالي ـ في حديث المناشدة ـ: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فأنشدتكم الله أتعلمون أنّ الله أنزل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، فقال سلمان: يا رسول الله أعامّة هي أم خاصّة؟ قال: المأمورون فالعامّة من المؤمنين، اُمروا بذلك، وأمّا الصادقون فخاصة لأخي علي والأوصياء من بعده إلى يوم القيامة؟ قالوا: اللّهمّ نعم(5).
____________
1- التوبة: 113.
2- التوبة: 113-114.
3- مستدرك الحاكم 2: 335; تفسير السيوطي 3: 282.
4- التوبة: 119.
5- كتاب سليم بن قيس الهلالي: 150; تفسير البرهان 2: 170.
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ}(1)
870/25 ـ أخرج ابن مردويه، عن أنس، قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ} فقال عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه): يا رسول الله ما معنى أنفسكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أنا أنفسكم نسباً وصهراً وحسباً، ليس فيّ ولا في آبائي من لدنّ آدم سفاح، كلّها نكاح(2).
871/26 ـ أخرج ابن أبي عمر المدني في مسنده، والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الدلائل، وابن عساكر، عن عليّ بن أبي طالب [ (عليه السلام) ] أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي واُمّي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء(3).
____________
1 ـ التوبة: 128.
2- تفسير السيوطي 3: 294.
3- تفسير السيوطي 3: 294; دلائل النبوّة (أبو نعيم) 1: 65 ح14; المعجم الأوسط 5: 366 ح4725.
الباب العاشر:
سورة يونس
{أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْدَ رَبِّهِمْ}(1)
872/1 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْدَ رَبِّهِمْ}، قال: محمّد (صلى الله عليه وسلم) شفيع لهم (يوم القيامة)(2).
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيَادَةٌ}(3)
873/2 ـ محمّد بن الحسن، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين، قال: قال الله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيَادَةٌ} والحسنى هي الجنّة والزيادة هي الدنيا(4).
____________
1 ـ يونس: 2.
2- كنز العمال 2: 433 ح4424.
3 ـ يونس: 26.
4- أمالي الطوسي، المجلس الأوّل: 26 ح31.
875/4 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيَادَةٌ }قال: الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب، غرفها وأبوابها من لؤلؤة واحدة(2).
{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى}(3)
876/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل وفيه يقول: إسمعوا قولي يهدكم الله إذا قلت، وأطيعوا أمري إذا أمرت، فوالله لئن أطعتموني لا تغووا، وإن عصيتموني لا ترشدوا، قال الله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}(4).
{قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}(5)
877/6 ـ عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} قال (عليه السلام) : فليفرح شيعتنا هو خير ممّا اُعطي عدوّنا من الذهب والفضّة(6).
____________
1- كنز العمال 2: 433 ح4425.
2- كنز العمال 2: 433 ح4427.
3 ـ يونس: 35.
4- كشف المحجّة: 187; تفسير نور الثقلين 2: 303.
5 ـ يونس: 58.
6- تفسير العياشي 2: 124; تفسير البرهان 2: 187; تفسير نور الثقلين 2: 308; تفسير الصافي 2: 407; تفسير القمي 1: 313.
{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ}(1)
878/7 ـ عن علي (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه، وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: وأمّا قوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّة فِي الاَْرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} كذلك ربّنا لا يعزب عنه شيء، وكيف يكون مَن خَلَق الأشياء لا يعلم ما خَلَق، وهو الخلاّق العليم(2).
{أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}(3)
879/8 ـ المفيد، قال: أخبرني أبو عبد الله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد الكاتب، قال: حدّثنا أحمد بن أبي خثيمة، قال: حدّثنا عبد الملك بن داهر، عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس (رحمه الله)قال: سئل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عن قوله تعالى: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فقيل له: من هؤلاء الأولياء؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها حين غرّ الخلق سواهم بعاجلها، فتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، وأماتوا منها ما علموا أنّه سيميتهم، ثمّ قال (عليه السلام) : أيّها المعلل نفسه بالدنيا، الراكض على حبائلها، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها، ألم تر إلى مصارع آبائك في البلاد، ومضاجع أبنائك تحت الجنادل والثرى، كم مرضت بيدك، وعللت بكفيك، يستوصف لهم الأطباء ويستجيب لهم الأحياء، فلم يغن عنهم غناؤك، ولا ينجح فيهم دواؤك(4).
____________
1 ـ يونس: 61.
2- التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 265; تفسير نور الثقلين 2: 308.
3 ـ يونس: 62.
4- أمالي المفيد، المجلس العاشر: 59; تفسير البرهان 2: 190; البحار 69: 319.
881/10 ـ قال علي (عليه السلام) : إنّ أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا، إذا نظر الناس إلى ظاهرها، واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم، وتركوا منها ما علموا أنّه سيتركهم، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا، ودركهم لها فَوتاً، أعداء ما سالم الناس، وسلمٌ ما عادى الناس، بهم عُلِّم الكتاب وبه علموا، وبهم قام الكتاب وبه قاموا، لا يرون مَرجوّاً فوق ما يرجون، ولا مخوفاً فوق ما يخافون(2).
____________
1- تفسير العياشي 2: 124; تفسير البرهان 2: 190; البحار 69: 277; تفسير نور الثقلين 2: 309.
2- البحار 69: 319; نهج البلاغة: قصار الحكم 432.
الباب الحادي عشر:
سورة هود
{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلى أُمَّة مَّعْدُودَة لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ}(1)
882/1 ـ عليّ بن إبراهيم، أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن حسّان، عن هشام بن عمار، عن أبيه، وكان من أصحاب علي (عليه السلام) ، عن عليّ في قوله: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلى أُمَّة مَّعْدُودَة لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} قال (عليه السلام) : الاُمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر(2).
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}(3)
883/2 ـ عن عبد الله بن معبد، قال: قام رجل إلى علي [ (عليه السلام) ]، فقال: أخبرنا عن
____________
1 ـ هود: 8.
2- تفسير القمي 1: 323; تفسير نور الثقلين 2: 342.
3 ـ هود: 15.
{أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}(2)
884/3 ـ فرات، قال: حدّثني الحسين بن سعيد، معنعناً عن زاذان قال: قال علي (عليه السلام) ذات يوم: والله ما من قريش رجل جرت عليه المواسي، والقرآن ينزل إلاّ وقد نزلت فيه آية تسوقه إلى الجنّة أو تسوقه إلى النار، فقال رجل من القوم: فما آيتك التي نزلت فيك؟ قال: ألم تر أنّ الله يقول: {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} فرسول الله (صلى الله عليه وآله) على بيّنة من ربّه وأنا الشاهد منه اتبعته(3).
885/4 ـ فرات، قال: حدّثني محمّد بن عيسى بن زكريّا الدهقان معنعناً، عن عبّاد بن عبد الله، قال: جاء حاجّ إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} قال: قال علي (عليه السلام) :
ما جرت المواسي على رجل من قريش إلاّ وقد نزل فيه من القرآن طائفة، والله لأن يكونوا يعلمون ما سبق لنا على لسان النبي الاُمّي (صلى الله عليه وآله) أحبّ إليّ من أن يكون لي ملأ هذه الرحبة ذهباً وفضّة، وما بي أن يكون القلم وقد جفّ بما قد كان، ولكن لتعلموا والله أنّ مثلنا في هذه الاُمّة كمثل سفينة نوح، ومثل باب حطّة في بني إسرائيل(4).
____________
1- كنز العمال 2: 435 ح4430.
2 ـ هود: 17.
3- تفسير فرات: 187 ح238; تفسير الحبري: 278.
4- تفسير فرات: 189 ح243; تفسير البرهان 2: 213; كنز العمال 2: 435 ح4429.
ما أحد من قريش إلاّ وقد نزلت فيه آية وآيتان، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين ما نزلت فيك؟ قال: ويلك أما تقرأ سورة هود، {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}، قال رزيق: يعني نفسه(1).
887/6 ـ فرات، قال: حدّثني الحسين بن الحكم معنعناً، عن عباد بن عبد الله الأسدي، قال: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول وهو على المنبر:
والله ما جرت المواسي على رجل من قريش إلاّ نزلت فيه آية وآيتان، قال: فقال رجل من القوم: ما نزلت فيك آية؟ قال: فغضبت ثمّ قال: أما أنّك لولا أنّك سألتني على رؤوس القوم ما حدّثتك، هل تقرأ سورة هود ثمّ قرأ {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} فرسول الله (صلى الله عليه وآله) على بيّنة من ربّه وأنا الشاهد منه(2).
888/7 ـ أخرج ابن مردويه، عن علي (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : {أَفَمَنْ كَانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ} أنا، {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} قال: علي(3).
889/8 ـ فرات: حدّثني الحسين بن سعيد معنعناً، عن زاذان، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول:
لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها، لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بانجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، بقضاء يزهر يصعد إلى الله، والله ما نزلت آية في ليل أو في نهار ولا سهل ولا جبل ولا برٍّ ولا بحر، إلاّ وقد عرفت أي ساعة نزلت، وفيمن نزلت، وما من قريش رجل جرى عليه المواسي إلاّ وقد نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنّة أو تقوده
____________
1- تفسير فرات: 191 ح245; كنز العمال 2: 439 ح4441.
2- تفسير فرات: 190 ح244; تفسير البرهان 2: 214.
3- تفسير السيوطي 3: 324.
890/9 ـ الطبرسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه يقول (عليه السلام) لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده يخبر أن يتلو نبيّه شاهد منه، وكان الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره، قال (عليه السلام) وأمّا قوله: {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} فذلك حجة الله أقامها الله على خلقه، وعرفهم أنه لا يستحق مجلس النبي (صلى الله عليه وآله) إلاّ من يقوم مقامه ولا يتلوه إلاّ من يكون في الطهارة مثله بمنزلته، لئلاّ يتّسع لمن ماسّه رجس الكفر في وقت من الأوقات انتحال الإستحقاق بمقام الرسول، وليضيق العذر على من يعينه على إثمه وظلمه، إذ كان الله قد حظّر على من ماسّه الكفر تقلّد ما فرضه إلى أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم (عليه السلام) : {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(2) أي المشركين; لأنه سمّى الشرك ظلماً بقوله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(3) فلمّا علم إبراهيم (عليه السلام) أنّ عهد الله تبارك وتعالى اسمه بالإمامة لا ينال عبدةَ الأصنام قال: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الاَْصْنَامَ}(4)واعلم أنّ من آثر المنافقين على الصادقين، والكفّار على الأبرار فقد افترى على الله إثماً عظيماً; إذ كان قد بيّن في كتابه الفرق بين المحق والمبطل، والطاهر والنجس، والمؤمن والكافر، وإنه لا يتلو النبيّ عند فقده إلاّ من حلّ محلّه صدقاً وعدلا، وطهارةً وفضلا(5).
____________
1- تفسير فرات: 188 ح239; البحار 35: 387; بصائر الدرجات: 152.
2 ـ البقرة: 124.
3 ـ لقمان: 13.
4 ـ إبراهيم: 35.
5- الاحتجاج 1: 590 ح137; تفسير نور الثقلين 2: 346.
{حَتّى إِذا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ}(1)
891/10 ـ عن الأعمش، رفعه إلى علي (عليه السلام) في قوله: {حَتّى إِذا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} فقال: أما والله ما هو تنّور الخبز، ثمّ أومأ بيده إلى الشمس فقال: طلوعها(2).
892/11 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) {وَفَارَ التَّنُّورُ} قال: طلع الفجر، قيل له: إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك(3).
893/12 ـ أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن علي {وَفَارَ التَّنُّورُ }قال: تنّور الصبح(4).
{إِنَّ رَبِّي عَلى صِرَاط مُسْتَقِيم}(5)
894/13 ـ عن أبي معمر السعدي، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: {إِنَّ رَبِّي عَلى صِرَاط مُسْتَقِيم}: يعني أنّه على حق، يجزي بالإحسان إحساناً وبالسيّئ سيّئاً، ويعفو عمّن يشاء ويغفر سبحانه وتعالى(6).
{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ}(7)
895/14 ـ أخرج أبو الشيخ، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، أنّه خطب فتلا هذه الآية {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} قال: كان مكفوفاً فنسبوه إلى الضعف {وَلَوْلاَ
____________
1 ـ هود: 40.
2- تفسير العياشي 2: 147; تفسير البرهان 2: 222; البحار 11: 335.
3 و 4- تفسير السيوطي 3: 329.
5 ـ هود: 56.
6- تفسير العياشي 2: 151; تفسير البرهان 2: 224; البحار 6: 7; الفصول المهمة للحرّ العاملي: 96; تفسير الصافي 2: 456; تفسير نور الثقلين 2: 374.
7 ـ هود: 91.
____________
1- تفسير السيوطي 3: 348.
الباب الثاني عشر:
سورة يوسف
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ}(1)
896/1 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} قال: طمعت فيه، فقامت إلى صنم مكلّل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه، فقال: أيّ شيء تصنعين؟ فقالت: أستحي أنا من إلهي أن يراني على هذه السوءة، فقال يوسف: تستحيين من صنم لا يأكل ولا يشرب، ولا أستحي أنا من إلهي الذي هو قائم على كلّ نفس بما كسبت، ثمّ قال: لا تنالينها منّي أبداً، وهو البرهان(2).
{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}(3)
897/2 ـ روي أنّ رجلا قرأ على أمير المؤمنين (عليه السلام) {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}قال: ويحك أيّ شيء يعصرون، يعصرون الخمر؟ فقال
____________
1 ـ يوسف: 24.
2- كنز العمال 2: 440 ح4442; تفسير السيوطي 4: 13.
3 ـ يوسف: 49.
898/3 ـ قال أبو عبد الله (عليه السلام) : قرأ رجل على أمير المؤمنين (عليه السلام) {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} فقال (عليه السلام) : ويحك أيّ شيء يعصرون؟ يعصرون الخمر؟ قال الرجل: يا أمير المؤمنين كيف اقرأها؟ فقال: إنما نزلت "عام يغاث الناس وفيه يعصرون" أي: يمطرون بعد سنيّ المجاعة، والدليل على ذلك قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءاً ثَجَّاجاً}(3)(4).
____________
1- النبأ: 14.
2- البحار 92: 61.
3- النبأ: 14.
4- تفسير القمي 1: 346; تفسير نور الثقلين 5: 492.