الصفحة 160
إلاّ ألقى الشيطان المعرض بعداوته عند فقده في الكتاب الذي اُنزل إليه ذمّه والقدح فيه والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين، ويحكم الله آياته بأن يحمي أولياءه من الضلال والعدوان، ومتابعة أهل الكفر والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالأنعام حتّى قال: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا}(1)(2).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ}(3)

1011/6 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في مناشدته لأهل الشورى:

أنشدتكم بالله أتعلمون أنّ الله أنزل في سورة الحج {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} الآية، فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد، وهم الشهداء على الناس، الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملّة إبراهيم؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله) : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصّة دون هذه الاُمّة، قال سلمان: بيّنهم لنا يا رسول الله، قال: أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي؟ قالوا: اللّهمّ نعم(4).

____________

1 ـ الفرقان: 44.

2- الاحتجاج 1: 608 ح137; تفسير البرهان 3: 102; تفسير نور الثقلين 3: 515.

3 ـ الحج: 77.

4- مناقب ابن شهر آشوب 1: 284 باب الآيات المنزلة فيهم; تفسير نور الثقلين 3: 526.


الصفحة 161

الباب الثالث والعشرون:

سورة المؤمنون

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ}(1)

1012/1 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرني الحسن بن حليم المروزي، أنبأ أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ عبد الله، أنبأ عبد الرحمن المسعودي، أخبرني أبو سنان، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) أنّه سئل عن قوله عزّ وجلّ {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} قال: الخشوع في القلب، وأن تلين كتفك للمرء المسلم، وأن لا تلتفت في صلاتك(2).

{أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(3)

1013/2 ـ ابن بابويه، قال: حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ، قال: حدّثنا الحسن بن

____________

1 ـ المؤمنون: 2.

2- مستدرك الحاكم2: 393; سنن البيهقي2: 279; كنز العمال 2: 473 ح4533; تفسير السيوطي 5: 3.

3 ـ المؤمنون: 10-11.


الصفحة 162
عبد الله التميمي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني سيّدي عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه الحسين، عن عليّ (عليه السلام) قال:

{السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ المُقَرَّبُونَ}(1) فيّ نزلت، وقال في قول الله عزّوجلّ: {أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: فيَّ نزلت(2).

{وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}(3)

1014/3 ـ محمّد بن العباس، عن عليّ بن العباس، عن جعفر الرّماني، عن حسين ابن علوان، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، عن عليّ (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: {وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} قال (عليه السلام) : عن ولايتنا(4).

1015/4 ـ محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد ابن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقدة، عن مقرن، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إلى أن قال (عليه السلام) : إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله، والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون(5).

____________

1 ـ الواقعة: 10-11.

2- تفسير البرهان 3: 109; عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 65.

3 ـ المؤمنون: 74.

4- البحار 24: 22; تفسير فرات: 278 ح378; تفسير البرهان 3: 117.

5- الكافي 1: 184; تفسير الصافي 3: 406.


الصفحة 163

{فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}(1)

1016/5 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ }أي لم يتواضعوا في الدعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب الله لهم(2).

1017/6 ـ أخرج العسكري في (المواعظ)، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} أي لم يتواضعوا في الدعاء، ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم(3).

{إِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ}(4)

1018/7 ـ محمّد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: بعث أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بشر بن عطارد التميمي في كلام بلغه، فمرّ به رسول أمير المؤمنين (عليه السلام) في بني أسد وأخذه، فقام إليه نعيم بن دجاجنة الأسدي فأفلته، فبعث إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأتوه به، وأمر به أن يُضرب، فقال نعيم: أما والله إنّ المقام معك لذلّ، وإنّ فراقك لكفر، فلما سمع ذلك منه قال له: قد عفونا عنك إنّ الله عزّ وجلّ يقول: {إِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} أما قولك: إنّ المقام معك لذلّ فسيّئة اكتسبتها، وأما قولك: وإنّ فراقك لكفر فحسنةٌ اكتسبتها، فهذه بهذه، فأمر أن يخلّى عنه(5).

____________

1 ـ المؤمنون: 76.

2- كنز العمال 2: 473 ح4534.

3- تفسير السيوطي 5: 14.

4 ـ المؤمنون: 96.

5- الكافي 7: 268; تفسير نور الثقلين 3: 551.


الصفحة 164

الباب الرابع والعشرون:

سورة النور

{لاَ تَأْخُذُكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ}(1)

1019/1 ـ الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن حمّاد بن زياد، عن سليمان بن خالد، وذكر حديثاً طويلا، ثمّ قال عنه: عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: {لاَ تَأْخُذُكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ} قال: في إقامة الحدود، وفي قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: الطائفة واحد(2).

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}(3)

1020/2 ـ عليّ بن الحسين المرتضى، باسناده عن علي (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: {قُلْ

____________

1 ـ النور: 2.

2- تفسير نور الثقلين 3: 571; تهذيب الأحكام 10: 150.

3 ـ النور: 30.


الصفحة 165
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ} معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكّنه من النظر إلى فرجه، ثمّ قال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(1)(2).

1021/3 ـ أخرج ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب، قال:

مرّ رجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في طريق من طرقات المدينة، فنظر إلى إمرأة ونظرت إليه، فوسوس لهما الشيطان أنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلاّ إعجاباً به، فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط ينظر إليها، إذ استقبله الحائط فشقّ أنفه، فقال: والله لا أغسل الدم حتّى آتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاُعلمه أمري، فأتاه فقصّ عليه قصّته، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): هذا عقوبة ذنبك، وأنزل الله {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ }الآية(3).

{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً}(4)

1022/4 ـ عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي [ (عليه السلام) ] في قول الله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} قال: مالا، {وَآتُوهُمْ مِنْ مَّالِ اللهِ الَّذِي أَتَاكُمْ }قال: حطّوا عنهم الربع، {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} قال: كان أهل الجاهلية يبغين إماؤهم، فنهوا عن ذلك في الإسلام(5).

{وَآتُوهُمْ مِنْ مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ}(6)

1023/5 ـ الحاكم النيسابوري، أخبرنا أبو زكريا العنبري، ثنا محمّد بن عبد

____________

1 ـ النور: 31.

2- رسالة المحكم والمتشابه: 51; وسائل الشيعة 1: 212; البحار 80: 182.

3- تفسير السيوطي 5: 40; كنز العمال 2: 474 ح4538.

4 ـ النور: 33.

5- كنز العمال 2: 475 ح4540.

6 ـ النور: 33.


الصفحة 166
السلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ ابن جريج، حدّثني عطاء بن السائب، أنّ عبد الله بن حبيب أخبره، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)، عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، أنّه قال: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال: يترك للمكاتب الربع(1).

{وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً}(2)

1024/6 ـ أخرج ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} قال: كان أهل الجاهلية يبغين إماؤهم، فنهوا عن ذلك في الإسلام(3).

1025/7 ـ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طريق علي (رضي الله عنه)، عن ابن عباس: {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} قال: لا تكرهوا إماءكم على الزنا، فإن فعلتم فإنّ الله لهنّ غفورٌ رحيم، وإثمهنّ على من يكرههنّ(4).

{اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة}(5)

1026/8 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين (عليه السلام) يكتب بإصبعه ويتبسّم، فقلت له: يا أمير المؤمنين ما الذي يضحكك؟ فقال: عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها، فقلت له: أيّ آية يا أمير المؤمنين؟! فقال: قوله تعالى {اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة} المشكاة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فيها مصباح، أنا المصباح في زجاجة، الزجاجة

____________

1- مستدرك الحاكم 2: 397.

2 ـ النور: 33.

3- تفسير السيوطي 5: 46.

4- تفسير السيوطي 5: 47.

5 ـ النور: 35.


الصفحة 167
الحسن والحسين (عليهما السلام)، كانها كوكب درّي وهو عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، يوقد من شجرة مباركة محمّد بن علي (عليه السلام) ، زيتونة جعفر بن محمّد (عليه السلام) ، لا شرقيّة موسى بن جعفر (عليه السلام) ، ولا غربية عليّ بن موسى (عليه السلام) ، يكاد زيتها يضيء محمّد بن علي (عليه السلام) ، ولو لم تمسسه نار عليّ بن محمّد (عليه السلام) ، نور على نور الحسن بن علي (عليه السلام) ، يهدي الله لنوره من يشاء القائم المهدي (عليه السلام) ، ويضرب الله الأمثال للناس والله بكلّ شيء عليم(1).

{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ـ إلى قوله ـ بغير حِسَاب}(2)

1027/9 ـ كتاب أبي بكر الشيرازي، بإسناده عن مقاتل، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ـ إلى قوله ـ بِغَيْرِ حِسَاب }قال: هو والله أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ثمّ قال بعد كلام: وذلك أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أعطى علياً (عليه السلام) يوماً ثلاثمائة دينار اُهديت إليه، قال علي (عليه السلام) : فأخذتها وقلت: والله لأتصدّقنّ الليلة من هذه الدنانير صدقة يقبلها الله منّي، فلما صلّيت العشاء الآخرة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذت مائة دينار وخرجت من المسجد، فاستقبلتني إمرأة فأعطيتها الدنانير، فأصبح الناس بالغد يقولون: تصدّق علي الليلة بمائة دينار على امرأة فاجرة، فاغتممت غماً شديداً، فلما صلّيت الليلة القابلة صلاة العتمة أخذت مائة دينار وخرجت من المسجد وقلت: والله لأتصدقنّ الليلة بصدقة يتقبّلها ربّي منّي، فلقيت رجلا فتصدّقت عليه بالدنانير، فأصبح أهل المدينة يقولون: تصدّق علي البارحة بمائة دينار على رجل سارق، فاغتممت غماً شديداً، وقلت: والله لأتصدّقنّ الليلة صدقة يتقبّلها الله منّي، فصلّيت العشاء الآخرة

____________

1- تفسير البرهان 3: 136.

2 ـ النور: 37-38.


الصفحة 168
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ خرجت من المسجد ومعي مائة دينار، فلقيت رجلا فأعطيته إيّاها، فلمّا أصبحت قال أهل المدينة: تصدّق علي البارحة بمائة دينار على رجل غني، فاغتممت غماً شديداً، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخبّرته، فقال لي: يا علي هذا جبرئيل يقول لك: إنّ الله عزّ وجلّ قد قبل صدقاتك وزكّى عملك إنّ المائة دينار التي تصدّقت بها أول ليلة وقعت في يدي امرأة فاسدة فرجعت إلى منزلها، وتابت إلى الله عزّ وجلّ من الفساد، وجعلت تلك الدنانير رأس مالها، وهي في طلب بعل تتزوّج به، وإنّ الصدقة الثانية وقعت في يدي سارق فرجع إلى منزله وتاب إلى الله من سرقته، وجعل الدنانير رأس ماله يتّجر بها، وإنّ الصدقة الثالثة وقعت في يدي غنيّ لم يزكّ ماله منذ سنين، فرجع إلى منزله ووبّخ نفسه وقال: شحّاً عليك يا نفس هذا عليّ بن أبي طالب تصدّق عليّ بمائة دينار ولا مال له، وأنا قد أوجب الله على مالي الزكاة لأعوام كثيرة لم اُزكّه، فحسب ماله وزكّاه، وأخرج زكاة ماله كذا وكذا ديناراً، وأنزل الله فيك: {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ} الآية(1).

{لَيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}(2)

1028/10 ـ الحاكم النيسابوري، حدّثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، ثنا أحمد بن موسى التميمي، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي (رضي الله عنه) في قوله تعالى: {لَيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال: النساء فإنّ الرجال يُستأذنون(3).

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب، باب سخائه 2: 74; البحار 41: 28.

2 ـ النور: 58.

3- مستدرك الحاكم 2: 401; تفسير السيوطي 5: 56.


الصفحة 169

الباب الخامس والعشرون:

سورة الفرقان

{وَقَدِمْنَا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}(1)

1029/1 ـ أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {هَبَاءً مَنْثُوراً} قال: الهباء شعاع الشمس الذي يخرج من الكوّة(2).

1030/2 ـ أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن عليّ ابن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: الهباء ريح الغبار يسطع ثمّ يذهب فلا يبقى منه شيء، فجعل الله أعمالهم كذلك(3).

{وَعَاداً وَثَمُودا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً}(4)

1031/3 ـ عن أبي مجلز، قال: قال رجل لعلي بن أبي طالب [ (عليه السلام) ]: أنا أنسب

____________

1 ـ الفرقان: 23.

2 و 3- تفسير السيوطي 5: 66.

4 ـ الفرقان: 38.


الصفحة 170
الناس، قال: إنّك لا تنسب الناس، قال: بلى، فقال له علي: أرأيت قوله تعالى: {وَعَاداً وَثَمُودا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً} أرأيت قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوح وَعَاد وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللهُ}(1)فسكت(2).

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}(3)

1032/4 ـ الصدوق، بإسناده إلى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم، أنا الصهر، يقول الله عزّ وجلّ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}(4).

{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}(5)

1033/5 ـ قال علي (عليه السلام) : ليس في المأكول والمشروب سرف وإن كثر(6).

{أُولئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}(7)

1034/6 ـ فرات، قال: حدّثني أحمد بن علي بن عيسى الزهري، معنعناً عن

____________

1 ـ إبراهيم: 9.

2- كنز العمال 2: 476 ح4544.

3 ـ الفرقان: 54.

4- تفسير نور الثقلين 4: 23; معاني الأخبار، باب معاني أسماء محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) : 59.

5 ـ الفرقان: 67.

6- تفسير التبيان 7: 506.

7 ـ الفرقان: 70.


الصفحة 171
الأصبغ بن نباتة، قال: توجّهت نحو أمير المؤمنين (عليه السلام) لاُسلّم عليه فلم ألبث أن خرج، فقمت قائماً على رجلي فاستقبلته، فضرب بكفّه إلى كفّي فشبّك أصابعه في أصابعي، فقال لي: يا أصبغ، قلت: لبّيك وسعديك يا أمير المؤمنين، فقال: إنّ وليّنا وليّ الله فإذا مات كان في الرفيق الأعلى، وسقاه من نهر أبرد من الثلج وأحلى من الشهد، فقلت: جعلت فداك يا أمير المؤمنين وإن كان مذنباً؟ قال: نعم، ألم تقرأ كتاب الله: {أُولئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً}(1).

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن}(2)

1035/7 ـ عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن} قال: نزلت هذه الآية والله خاصّة في أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، كان أكثر دعائه يقول: "ربّنا هب لنا من أزواجنا" يعني فاطمة (عليها السلام)، "وذريّاتنا" الحسن والحسين، "قرة أعين" قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والله ما سألت ربّي ولداً نضير الوجه، ولا سألت ولداً حسن القامة، ولكن سألت ربّي وِلداً مطيعين لله، خائفين وجلين منه، حتّى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرّت به عيني(3).

____________

1- تفسير فرات: 293 ح396; الاختصاص: 66.

2 ـ الفرقان: 74.

3- البحار 24: 132; مناقب ابن شهر آشوب، باب الاستدلال على إمامتهما 3: 380; تفسير الصافي 4: 27.


الصفحة 172

الباب السادس والعشرون:

سورة الشعراء

{طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}(1)

1036/1 ـ عن ابن الحنيفة، عن علي (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) : لما نزلت طسم، قال: الطاء طور سيناء، والسين الاسكندرية، والميم مكة، وقال: الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) (2).

{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ}(3)

1037/2 ـ الطوسي، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل، قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاثمائة، قال: حدّثنا محمّد بن حميد الرازي، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل الأبرش، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفّار بن

____________

1 ـ الشعراء: 1-2.

2- تفسير نور الثقلين 4: 45.

3 ـ الشعراء: 214.


الصفحة 173
القاسم، قال: أبو الفضل، وحدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان الياعدي (الباغندي) واللفظ له، قال: حدّثنا محمّدبن الصباح الجرجرائي، قال: حدّثني سلمة بن سالم الجعفي، عن سليمان الأعمش، وأبي مريم، جميعاً، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ} دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا عليّ إنّ الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، قال: فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصَمِتُّ على ذلك، وجاءني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد إنك إن لم تفعل ما اُمِرت به عذّبك ربك عزّ وجلّ، فاصنع لنا يا علي صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عساً من لبن، ثمّ اجمع بني عبد المطلب حتّى اُكلّمهم واُبلّغهم ما اُمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم أجمع وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلمّا اجتمعوا له، دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلمّا وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذمة من اللحم فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة، ثمّ قال: خذوا بسم الله، فأكل القوم حتّى صدروا ما لهم بشيء من الطعام حاجة وما أرى إلاّ مواضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس عليٍّ بيده أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم، ثمّ جئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعاً، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلمّا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشدّ ما سحركم صاحبكم، فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: من الغد يا عليّ إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن اُكلّمهم، فعدّ لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثمّ اجمعهم لي، قال: ففعلت، ثمّ جمعتهم

الصفحة 174
فدعاني بالطعام فقرّبته لهم ففعل كما فعل بالأمس، وأكلوا حتّى ما لهم به من حاجة، ثمّ قال: اسقهم فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعاً، ثمّ تكلّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله عزّ وجلّ أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤمن بي ويوازرني على مري فيكون أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي (فيكم) من بعدي، قال: فأمسك القوم وأحجموا عنها جميعاً، قال: فقمت وإنّي لأحدثهم سناً (...)، فقلت: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك على ما بعثك الله به، قال: فأخذ بيدي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع(1).

1038/3 ـ البيهقي، وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبّار، ثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق، قال: فحدّثني من سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه)قال:

لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ * وَاخْفضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(2) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عرفت أني أن بادأت بها قومي رأيت منهم ما أكره، فصمِتُّ عليها، فجاءني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد إنّك إن لم

____________

1- أمالي الطوسي، مجلس 24: 581; علل الشرائع: 171; تفسير فرات: 301 ح406; تفسير البرهان 3: 190; البحار 18: 181; السيرة الحلبية 1: 457; تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام علي 1: 101.

2 ـ الشعراء: 214، 125.


الصفحة 175
تفعل ما أمرك به ربّك، عذّبك ربّك، ثمّ ذكر قصّة في جمعهم وإيذاءهم إيّاه(1).

1039/4 ـ ابن سعد، أخبرنا عليّ بن محمّد، عن يزيد بن عياض، عن جعدُبة الليثي، عن نافع، عن سالم، عن علي (رضي الله عنه)قال:

أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) خديجة وهو بمكة، فاتّخذت له طعاماً، ثمّ قال لعليّ (رضي الله عنه): اُدع لي بني عبد المطلب، فدعا أربعين، فقال لعلي: هلمّ طعامك، قال علي: فأتيتهم بثريدة إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها، فأكلوا منها جميعاً حتّى أمسكوا، ثمّ قال: إسقِهم فسقيتهم بإناء هو ريّ أحدهم فشربوا منه جميعاً حتّى صدروا، فقال أبولهب: لقد سحركم محمّد، فتفرّقوا ولم يدعهم، فلبثوا أيّاماً ثمّ صنع لهم مثله، ثمّ أمرني فجمعتهم فطعموا، ثمّ قال لهم (صلى الله عليه وآله) : من يؤازرني على ما أنا عليه، ويجيبني على أن يكون أخي وله الجنّة؟ فقلت: أنا يا رسول الله، وإنّي لأحدثهم سنّاً وأحمشهم ساقاً، وسكت القوم، ثمّ قالوا: يا أبا طالب ألا ترى ابنك؟ قال: دعوه فلن يألُوَ ابن عمّه خيراً(2).

1040/5 ـ عن عليّ (عليه السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب، فيهم رهط كلّهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مدّاً من الطعام، فأكلوا حتّى شبعوا، قال: فبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ، ثمّ دعا بغمر فشربوا حتّى رووا وبقي الشراب كأنّه لم يشرب منه، ولم يمسّ، فقال: يا بني عبد المطلب إنّي بُعِثت إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي، قال: فلم يقم إليه أحد، فلمّا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي(3).

____________

1- سنن البيهقي 9: 7.

2- طبقات ابن سعد 1: 187; تفسير السيوطي 5: 97.

3- كشف الغمة في ذكر المؤاخاة 1: 334; اثبات الهداة 3: 439; مسند أحمد1: 159; الرياض النضرة 3: 124.


الصفحة 176
1041/6 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال:

لمّا أنزل الله عزّ وجلّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ} جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب على فَخِذِ شاة وقدح من لبن، وإنّ فيهم يومئذ عشرةً، ليس منهم رجلٌ إلاّ يأكل الجَذَعَة ويشرب الفَرْق، وهم بِضْعٌ وأربعون رجلا، فأكلوا حتّى صَدَروا وشربوا حتّى ارتووا، وفيهم يومئذ أبو لهب، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا بني عبد المطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكّامها، إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلاّ جعل له وصيّاً ووزيراً ووارثاً وأخاً ووليّاً، فأيّكم يكون وصيّي ووارثي ووليّي وأخي ووزيري؟ فسكتوا، فجعل يعرض ذلك عليهم رجلا رجلا ليس منهم أحد يقبله حتّى لم يبق منهم أحد غيري، وأنا يومئذ من أحدثهم سنّاً، فعرض عليّ، فقلت: أنا يا رسول الله، فقال: نعم أنت يا علي، فلمّا انصرفوا قال لهم أبو لهب: لو لم تستدلّوا على سحر صاحبكم إلاّ بما رأيتم، أتاكم بفخذ شاة وقدح من لبن فشبعتم ورَويتم، وجعلوا يهزءون ويقولون لأبي طالب: قد قُدِّمَ ابنُك اليوم عليك(1).

1042/7 ـ روي أنّ ابن الكوّا، قال: لعليّ (عليه السلام) بما كنت وصيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) من بين بني عبد المطلب؟ قال: إذن ما الخير (الخبر) تريد؟ لما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ} جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن أربعون رجلا، فأمرني فأنضجتُ له رجل شاة وصاعاً من طعام، أمرني فطحنته وخبزته، وأمرني فأدنيته، قال: ثمّ قدّم عشرة من أجلّتهم، فأكلوا حتّى صدروا وبقي الطعام كما كان، وإنّ منهم لمن يأكل الجذعة ويشرب الفَرق، فأكلوا منها كلّهم أجمعون، فقال أبو لهب: سحركم صاحبكم، فتفرّقوا عنه، ثمّ دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثانية، ثمّ قال: أيّكم يكون أخي ووصيي ووارثي؟ فعرض عليهم فكلّهم يأبى، حتّى انتهى إليّ وأنا أصغرهم سناً، فقلت: أنا فرمى إليّ بنعله (بنفله)، فلذلك كنت وصيّه من بينهم(2).

____________

1- دعائم الإسلام 1: 15.

2- الخرائج والجرائح 1: 92، البحار 18: 44.


الصفحة 177
1043/8 ـ الطالقاني: عن الجلودي، عن المغيرة بن محمّد، عن إبراهيم بن محمّد الأزدي، عن قيس بن الربيع، وشريك بن عبد الله، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ} أي رهطك المخلصين، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب، وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا، فقال: أيّكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي؟ وعرض عليهم ذلك رجلا رجلا كلّهم يأبى ذلك حتّى أتى عليّ، فقلت: أنا يا رسول الله، فقال: يا بني عبد المطلب هذا أخي ووارثي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي، فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام(1).

1044/9 ـ حدّثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، أنّ رجلا قال لعلي (عليه السلام) : يا أمير المؤمنين لِمَ ورثت ابن عمك دون عمك؟ قالها ثلاث مرّات حتّى استراب الناس ونشروا آذانهم، ثمّ قال:

جمع رسول الله أو دعا رسول الله بني عبد المطلب، كلّهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق، قال: فصنع لهم مُدّاً من طعام فأكلوا حتّى شبعوا، قال: وبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ ولم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب إنّي بعثت إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي، فلم يقم إليه أحد، قال: فقمت وكنت أصغر القوم سناً، فقال: اجلس، قال: ثمّ قال ثلاث مرّات، كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس، حتّى كانت الثالثة ضرب يده على يدي، فقال: فلذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي(2).

____________

1- البحار 18: 178; علل الشرائع: 170.

2- تفسير الحبري: 348.