الصفحة 178
1045/10 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا بني عبد المطلب إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت: يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا(1).

____________

1- كنز العمال 5: 125 ح12345.


الصفحة 179

الباب السابع والعشرون:

سورة النمل

{قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ}(1)

1046/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه أخبر يوماً ببعض الاُمور التي لم تأت بعد، فقيل له: اُعطيتَ يا أمير المؤمنين علم الغيب، فضحك (عليه السلام) وقال: ليس هو بعلم غيب إنّما هو تعلّم من ذي علم، وإنّما علم الغيب علم الساعة وما عدّده الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}(2) الآية، فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو اُنثى، وقبيح أو جميل، وسخيّ أو بخيل، وشقيّ أو سعيد، ومن يكون للنار حطباً أو في الجنان للنبيين مرافقاً، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ الله، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ودعا لي أن يعيه صدري وتُضمّ عليه جوارحي(3).

____________

1 ـ النمل: 65.

2 ـ لقمان: 34.

3- نهج البلاغة: خ128; تفسير الصافي 4: 72.


الصفحة 180

{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ}(1)

1047/2 ـ عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا علي بن أحمد بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي، عن خالد بن مخلّد، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي، عن جابر ابن يزيد، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ألا اُحدّثك ثلاثاً قبل أن يدخل عليّ وعليك داخل؟ قلت: بلى، قال: أنا عبد الله وأنا دابة الأرض صدقها وعدلها وأخو نبيّها، ألا اُخبرك بأنف المهدي وعينه؟ قال: قلت: بلى، فضرب بيده على صدره وقال: أنا(2).

1048/3 ـ وعنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن الحسن الفقيه، عن أحمد بن عبيد ابن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل خبزاً وخلاًّ وزيتاً، فقلت: يا أمير المؤمنين قال الله عزّ وجلّ: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ} فما هذه الدابة؟ قال: هي دابّة تأكل خبزاً وخلاًّ وزيتاً(3).

1049/4 ـ عن الباقر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ولقد اُعطيت الستّ: علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وإنّي لصاحب الكرّات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، والدابّة التي تكلّم الناس(4).

1050/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث بعد أن ذكر الدّجال ومن يقتله، قال: ألا إنّ بعد ذلك الطامّة الكبرى، قيل: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابّة

____________

1 ـ النمل: 82.

2 و 3- تفسير البرهان 3: 210.

4- تفسير الصافي 4: 75; الكافي 1: 197.


الصفحة 181
الأرض من عند الصفا، ومعها خاتم سليمان (عليه السلام) ، وعصى موسى (عليه السلام) ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن، فينطبع فيه: هذا مؤمن حقاً، وتضعه على وجه كلّ كافر، فيكتب: هذا كافر حقاً، حتّى أنّ المؤمن لينادى الويل لك حقاً يا كافر، وإنّ الكافر ينادى طوبى لك يا مؤمن وددت أنّي كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيماً، ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين بإذن الله جلّ جلاله، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل التوبة (ولا عمل يرفع)، ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.

ثمّ قال (عليه السلام) : لا تسألوني عمّا يكون بعد هذا، فإنّه عهد إليّ حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا اُخبر به غير عترتي(1).

1051/6 ـ عن الأصبغ بن نباتة: إنّ عبد الله الكوّاء اليشكري، قام إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين إنّ اُناساً من أصحابك يزعمون أنّهم يردّون بعد الموت؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : نعم تكلّم بما سمعت ولا تزد في الكلام ممّا قلت لهم، قال: قلت: لا اُؤمن بشيء ممّا قلتم، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ويلك إنّ الله عزّ وجلّ ابتلى قوماً بما كان من ذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم التي سمّيت لهم، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثمّ أماتهم بعد ذلك، قال: فكبُر على ابن الكوّاء ولم يهتد له، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ويلك تعلم أنّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه: {وَاخْتَارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا}(2) فانطلق بهم معه ليشهدوا له إذا رجعوا عند الملأ من بني إسرائيل أنّ ربّي قد كلّمني، فلو أنّهم سلّموا ذلك وصدّقوا به لكان خيراً لهم ولكنّهم قالوا لموسى: لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرةً، قال الله تعالى: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ـ يعنى الموت ـ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ

____________

1- تفسير الصافي 4: 75; كمال الدين، باب 47: 527.

2 ـ الأعراف: 155.


الصفحة 182
تَشْكُرُونَ}(1) أفترى يا ابن الكوّاء أنّ هؤلاء قد رجعوا إلى منازلهم بعدما ماتوا، فقال ابن الكوّا: وما ذاك ثمّ أماتهم مكانهم، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : ويلك أوليس قد أخبرك في كتابه حيث يقول عزّ وجلّ: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى}(2) فهذا بعد الموت إذ بعثهم وأيضاً مثلهم، يا ابن الكوّا الملأ من بني إسرائيل حيث يقول الله عزّ وجلّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}(3) وقوله عزّ وجلّ في عزير حيث أخبر الله فقال: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِهَا فَقَالَ أَنّى يُحْيِ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}(4)فأماته الله وأخذه بذلك الذنب مائة عام ثمّ بعثه وردّه إلى الدنيا، فقال: كم لبثت؟ فقال: لبثت يوماً أو بعض يوم، قال: بل لبثت مائة عام، فلا تشكنّ يا ابن الكوّا في قدرة الله عزّ وجلّ(5).

{وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ}(6)

1052/7 ـ فرات بن إبراهيم الكوفي، عن محمّد بن أحمد معنعناً، عن علي (عليه السلام) في قوله: {وَهُمْ مِنْ فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ}قال: فقال علي (عليه السلام) :

يا أصبغ، ما سألني أحد عن هذه الآية، ولقد سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما سألتني فقال لي: قد سألت جبرئيل (عليه السلام) عنها فقال: يا محمّد إذا كان يوم القيامة حشرك الله

____________

1 ـ البقرة: 55-56.

2 ـ البقرة: 57.

3 ـ البقرة: 243.

4 ـ البقرة: 259.

5- تفسير الصافي 4: 77; مختصر بصائر الدرجات: 22.

6 ـ النمل: 89.


الصفحة 183
أنت وأهل بيتك ومن يتولاّك وشيعتك حتّى يقفوا بين يدي الله، فيستر الله عوراتهم ويؤمنهم من الفزع الأكبر، بحبّهم لك ولأهل بيتك ولعليّ بن أبي طالب، يا علي شيعتك والله آمنون فرحون يشفعون ويشفعون، ثمّ قرأ {فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ}(1)(2).

____________

1- المؤمنون: 101.

2- تفسير فرات: 311 ح417; البحار 68: 57 وفي 7: 241 منه أيضاً.


الصفحة 184

الباب الثامن والعشرون:

سورة القصص

{وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ}(1)

1053/1 ـ محمّد بن عمر، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن غنم بن حكيم، عن شريح بن مسلمة، عن إبراهيم بن يوسف، عن عبد الجبّار، عن الأعشي الثقفي، عن أبي الصادق، قال: قال علي (عليه السلام) :

هي لنا (أو فينا) هذه الآية {وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}(2).

1054/2 ـ محمّد بن العباس، عن علي بن عبد الله بن أسد، عن إبراهيم بن محمّد، عن يوسف بن كليب المسعودي، عن عمر بن عبد الغفّار، بإسناده عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت علياً (عليه السلام) يقول في هذه الآية وقرأها، قوله عزّ وجلّ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ} فقال: لتعطفنّ (علينا) هذه الدنيا (بعد شمامها)،

____________

1 ـ القصص: 5.

2- البحار 24: 168; تفسير فرات: 313 ح419; أمالي الصدوق، المجلس 72: 387.


الصفحة 185
كما تعطف الضروس على ولدها(1).

1055/3 ـ الحسين بن سعيد، بإسناده إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

من أراد أن يسأل عن أمرنا وأمر القوم، فإنّا وأشياعنا يوم خلق الله السماوات والأرض على سنة موسى وأشياعه، وإنّ عدوّنا وأشياعه يوم خلق الله السماوات والأرض على سنة فرعون وأشياعه، فليقرأ هؤلاء الآيات من أول السورة إلى قوله: {يَحْذَرُونَ}(2)، وإنّي أقسم بالله الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، الذي أنزل الكتاب على محمّد (صلى الله عليه وآله) صدقاً وعدلا ليعطفنّ عليكم هؤلاء عطف الضروس على ولدها(3).

1056/4 ـ عن الحسين بن محمّد القطعي، عن عليّ بن حاتم، عن محمّد بن مروان، عن عبيد بن يحيى الثوري، عن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} قال (عليه السلام) : هم آل محمّد يبعث الله مهديّهم بعد جهدهم فيعزّهم ويذلّ أعدائهم(4).

1057/5 ـ السيد بهاء الدين عليّ بن عبد الحميد (الكريم) الحسيني بإسناده، عن علي (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، قال:

المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب الذين جعلهم الله أئمة، نحن أهل البيت، يبعث الله مهديّهم، فيعزّهم ويذلّ عدوّهم(5).

1058/6 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]، في قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي

____________

1- تأويل الآيات الظاهرة: 407; البحار 24: 170; ربيع الأبرار للزمخشري 1: 580.

2 ـ القصص: 6.

3- البحار 24: 171; تفسير فرات: 314 ح420.

4- اثبات الهداة 7: 10; تفسير نور الثقلين 1: 110.

5- منتخب الأنوار المضيئة: 17; البحار 51: 54; الغيبة: 113; اثبات الهداة 7: 136.


الصفحة 186
الاَْرْضِ} قال: يوسف وولده(1).

{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ}(2)

1059/7 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في قول الله تعالى: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ} إنّ موسى كليم الله حيث سقى لهما ـ أي ابنتي شعيب ـ ثمّ تولّى إلى الظلّ فقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِيرٌ} والله ما سأل الله إلاّ خبزاً يأكله; لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد رَأوا خضرة البقل من صفاق بطنه من هزاله(3).

{إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}(4)

1060/8 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: فأمّا الآيات اللواتي في قريش فهي... إلى قوله: والثالثة قول قريش لنبي الله حين دعاهم إلى الإسلام والهجرة، فقالوا: {إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا} فقال الله: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً أَمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْء رِّزْقاً مِنْ لَّدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}(5).

{وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}(6)

1061/9 ـ الصدوق، حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد القشري، قال: حدّثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي، قال:

حدّثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه

____________

1- كنز العمال 2: 478 ح4546.

2 ـ القصص: 24.

3- تفسير القمي 2: 138; البحار 71: 30.

4 ـ القصص: 57.

5- كشف المحجّة: 175; تفسير نور الثقلين 4: 135.

6 ـ القصص: 77.


الصفحة 187
جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: {وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} قال: لا تنس صحّتك وقوّتك وفراغك وشبابك ونشاطك، أن تطلب بها الآخرة(1).

{تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ}(2)

1062/10 ـ عن زاذان، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان يمشي في الأسواق وحده (وهو دالٌّ) يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمرّ بالبيّاع والبقّال فيفتح عليه القرآن ويقرأ {تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً }ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس(3).

1063/11 ـ أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في مناقبه، قال: حدّثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله المخزومي إملاءاً من كتابه، قال: حدّثنا صالح بن مالك، قال: حدّثنا عبد الغفور، قال: حدّثنا أبو هاشم الرّماني، عن زاذان، قال: رأيت علياً (عليه السلام) يمسك الشِسُوعَ بيده ثمّ يمرّ في الأسواق فيناول الرجل الشِسع، ويرشد الضال ويعين الحمّال على الحمولة، ويقرأ هذه الآية {تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} ثمّ يقول: هذه الآية نزلت في الولاة وذوي القدرة من الناس(4).

____________

1- أمالي الصدوق، المجلس 40: 189; معاني الأخبار: 325; روضة الواعظين، في باب الرضا والشكر لله: 472; البحار 71: 177; وسائل الشيعة 11: 366; مستدرك الوسائل 1: 123 ح159; تفسير الصافي 4: 103; الجعفريات: 176.

2 ـ القصص: 83.

3- تفسير مجمع البيان 4: 269; تفسير نور الثقلين 5: 139; الرياض النضرة 3: 218.

4- غاية المرام 1: 391.


الصفحة 188
1064/12 ـ قال علي بن موسى بن طاووس: رأيت في تفسير الطبرسي، عند تفسير هذه الآية، قال: وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:

إنّ الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها(1).

{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلى مَعَاد}(2)

1065/13 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلى مَعَاد} قال: معادنا إلى الجنّة(3).

{كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ}(4)

1066/14 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل وفيه: وأمّا قوله: {كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ} فالمراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه; لأنّه من المحال أن يهلك الله كلّ شيء ويبقى الوجه، هو أجلّ وأعظم من ذلك، وإنّما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنّه قال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ}(5) ففصل بين خلقه ووجهه(6).

____________

1- سعد السعود: 88; تفسير نور الثقلين 4: 144; تفسير مجمع البيان 4: 269.

2 ـ القصص: 85.

3- كنز العمال 2: 478 ح4547.

4 ـ القصص: 88.

5 ـ الرحمن: 26-27.

6- الاحتجاج 1: 598 ح137; تفسير نور الثقلين 5: 192; تفسير الصافي 4: 109; تفسير البرهان 3: 242.


الصفحة 189

الباب التاسع والعشرون:

سورة العنكبوت

{ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ}(1)

1067/1 ـ محمّد بن العباس، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه، عن حصين بن مخارق، عن عبيد الله (عبد الله) بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي، عن أبيه (عليه السلام) قال:

لمّا نزلت {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} قال: قلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي إنك مبتلى بك، وإنك مخاصم فأعدّ للخصومة(2).

1068/2 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال:

لمّا أنزل الله قوله: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ

____________

1 ـ العنكبوت 1-2.

2- تأويل الآيات الظاهرة: 419; البحار 24: 228; مناقب ابن شهر آشوب، باب ما يتعلّق بمناقبه (عليه السلام) 3: 203; تفسير البرهان 3: 244; غاية المرام: 404.


الصفحة 190
يُفْتَنُونَ} علمت أنّ الفتنة لا تنزل ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أظهرنا، فقلت: يا رسول الله وما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال: يا علي إنّ اُمّتي سيفتنون من بعدي، إلى أن قال: أبشر فإنّ الشهادة من ورائك، ثمّ قال: يا علي وإنّ القوم سيفتنون بأموالهم ويمنّون بدينهم على ربّهم(1).

1069/3 ـ ابن ميثم، في بحث وصف الايمان والمراد به، قال: وقام إليه رجل فقال: أخبرنا عن الفتنة وهل سألت عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال (عليه السلام) :

لمّا أنزل الله سبحانه {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ }علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أظهرنا، فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها؟ فقال: يا علي إنّ اُمّتي سيفتنون من بعدي، فقلت: يا رسول الله أوليس قد قلتَ لي يوم اُحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين، وحيزت عني الشهادة، فشقّ ذلك عليّ، فقلت لي: أبشر فإنّ الشهادة من ورائك، فقال لي: إنّ ذلك لكذلك فكيف صبرك إذن؟ فقلت: يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر، وقال: يا علي إنّ القوم سيفتنون بأموالهم ويمنّون بدينهم على ربّهم، ويتمنّون رحمته ويأمنون سطوته ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية، فيستحلّون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهديّة، والربا بالبيع، فقلت: يا رسول الله فبأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة رِدّة أم بمنزلة فتنة؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : بمنزلة فتنة(2).

1070/4 ـ ابن ميثم، قد روى كثير من المحدّثين عنه (عليه السلام) ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:

إنّ الله قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كنت على جهاد المشركين، قال: فقلت: يا رسول الله وما هذه الفتنة التي كتب الله عليّ فيها الجهاد؟ قال: فتنة قوم يشهدون

____________

1- اثبات الهداة 2: 8.

2- شرح النهج لابن ميثم 3: 363; تفسير الصافي 4: 110; البحار 32: 241; نهج البلاغة: خ156.


الصفحة 191
أن لا إله إلاّ الله وأني رسول الله وهم مخالفون للسنّة، فقلت: يا رسول الله فعلامَ اُقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟ قال: على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر، فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني بالشهادة فأسأل الله أن يجعلها لي بين يديك، قال: فمن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، أما أنّي وعدتك بالشهادة وتُستشهد (و) تضرب على هذا فتخضب هذه فكيف صبرك إذن؟ فقلت: يا رسول الله ليس هذا بموطن صبر هذا موطن شكر، قال: أجل أصبتَ فأعدّ للخصومة فإنك مخاصم، فقلت: يا رسول الله لو بيّنت لي قليلا، فقال: إنّ اُمّتي ستفتن من بعدي فتتأوّل القرآن وتعمل بالرأي وتستحلّ الخمر بالنبيذ، والسُحت بالهدية، والربا بالبيع، وتحرّف الكتاب عن مواضعه، وتغلب كلمة الضلال، فكن جليس بيتك حتّى تقلّدها فإذا قلّدتها جاشت عليك الصدور وقلّبت لك الاُمور، (فقال:) فقاتل حينئذ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فليست حالهم الثانية دون حالهم الاُولى، فقلت: يا رسول الله فبأيّ المنازل هؤلاء المفتونين أبمنزلة فتنة أم بمنزلة ردّة؟ فقال: بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله أيدركهم العدل منّا أم من غيرنا؟ قال: بل منّا، فبنا فُتِح وبنا يُختم، وبنا ألّف الله بين القلوب بعد الشرك، فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله(1).

1071/5 ـ عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثني أبي، عن محمّد بن الفضل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: انطلق بنا نبايع لك الناس، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أتراهم فاعلين؟ قال: نعم، قال: فأين قوله: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * ولَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا

____________

1- شرح النهج لابن ميثم في بحث صفة أهل القبور في القيامة 3: 365.


الصفحة 192
سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لاَت}قال: من أحبّ لقاء الله جاءه الأجل، {وَمَنْ جَاهَدَ} أمال نفسه عن اللذّات والشهوات والمعاصي {فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}(1)(2).

{مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لاَت}(3)

1072/6 ـ عن علي (عليه السلام) ، وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: وقوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لاَت} يعني بقوله: من كان يؤمن بأنّه مبعوث فإنّ وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه، فإنّه يعني بذلك البعث(4).

{يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}(5)

1073/7 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه وقد ذكر قوله تعالى: {يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} والكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضكم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}(6) وقول إبراهيم خليل الرحمن: {كَفَرْنَا بِكُمْ}(7) يعني تبرّأنا منكم(8).

____________

1- العنكبوت: 1-6.

2- تفسير القمي 2: 148; غاية المرام: 404.

3- العنكبوت: 5.

4- التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 267; تفسير نور الثقلين 4: 153.

5- العنكبوت: 25.

6- إبراهيم: 22.

7- الممتحنة: 4.

8- التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 260; تفسير نور الثقلين 5: 301.


الصفحة 193

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ}(1)

1074/8 ـ عن الباقر (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم، أنا المحسن بقول الله عزّوجلّ: {إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ}(2).

1075/9 ـ محمّد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن عمرو بن محمّد بن زكي (زكريا)، عن محمّد بن الفضل، عن محمّد بن شعيب، عن قيس بن الربيع، عن منذر الثوري، عن محمّد بن الحنفية، عن أبيه علي (عليه السلام) قال: يقول الله عزّ وجلّ: {وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْـمُحْسِنِينَ} فأنا ذلك المحسن(3).

____________

1 ـ العنكبوت: 69.

2- تفسير الصافي 4: 123; معاني الأخبار، باب معاني أسماء محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) : 59.

3- تأويل الآيات الظاهرة: 424; البحار 24: 190; تفسير البرهان 3: 257.


الصفحة 194

الباب الثلاثون:

سورة الروم

{ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ}(1)

1076/1 ـ محمّد بن العباس، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم قراءةً، عن عليّ بن إبراهيم المصلّي، عن الفضيل بن إسحاق، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عبادة، عن عليّ (عليه السلام) قال: قوله {ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ} فينا وفي بني اُميّة(2).

____________

1 ـ الروم: 1-2.

2- تفسير البرهان 3: 257.


الصفحة 195

الباب الحادي والثلاثون:

سورة لقمان

{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير}(1)

1077/1 ـ الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بسطام بن مرّة، عن إسحاق ابن حسّان، عن الهيثم بن واقد، عن عليّ بن الحسين العبدي، عن سعد الاسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، أنّه سأل أمير المؤمنين عن قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير} فقال (عليه السلام) : الوالدان اللّذان أوجب الله لهما الشكر هما اللّذان ولدا العلم، وورّثا الحكم، وأمر الناس بطاعتهما(2).

{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}(3)

1078/2 ـ قال أبو جعفر (عليه السلام) : حدّثني عبد الله بن العباس، وجابر بن عبد الله

____________

1 ـ لقمان: 14.

2- البحار 23: 270; الكافي 1: 428; تفسير البرهان 3: 244.

3 ـ لقمان: 20.


الصفحة 196
الأنصاري، وكان بدريّاً اُحديّاً شجريّاً ممّن محض من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مودّة أمير المؤمنين (عليه السلام) قالوا: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر، وأبو عبيدة، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن، ورجلان من قرّاء الصحابة من المهاجرين عبد الله بن اُمّ عبد، ومن الأنصار، اُبيّ بن كعب وكانا بدريّين، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان حتّى أتى على هذه الآية {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} الآية، وقرأ اُبيّ من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه السلام) : {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَات لِكُلِّ صَبَّار شَكُور}(1) قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أيّام الله نعماؤه وبلاؤه ومثُلاته سبحانه، ثمّ أقبل (صلى الله عليه وآله) على من شهد من أصحابه، فقال: إنّي لأتخوّلكم بالموعظة تخوّلا مخافة السأمة عليكم، وقد أوحى إليّ ربّي جلّ وتعالى أن اُذكّركم بالنعمة وأنذركم بما أقتصّ عليكم من كتابه وتلا: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} الآية، ثمّ قال لهم: قولوا الآن قولكم ما أوّل نعمة رغّبكم الله فيها وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعاً، فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش والرياش والذرّية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عزّ وجلّ به من أنعمه الظاهرة.

فلمّا أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عليّ (عليه السلام) فقال: يا أبا الحسن قل فقد قال أصحابك، فقال: وكيف لي بالقول فداك أبي واُمّي، وإنّما هدانا الله بك؟ قال: ومع ذلك فهات، قل ما أوّل نعمة بلاك الله عزّ وجلّ وأنعم عليك بها؟ قال: أن خلقني جلّ ثناؤه ولم أكُ شيئاً مذكوراً، قال: صدقت، فما الثانية؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيّاً لا ميتاً، قال: صدقت، فما الثالثة؟ قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب، قال: صدقت، فما الرابعة؟ قال: أن جعلني متفكّراً

____________

1 ـ ابراهيم: 5.


الصفحة 197
واعياً لا بلهة ساهياً، قال: صدقت، فما الخامسة؟ قال: أن جعل لي شواعر أدرك ما ابتغيت بها وجعل لي سراجاً منيراً، قال: صدقت، فما السادسة؟ قال: أن هداني (لدينه) ولم يضلّني عن سبيله، قال: صدقت فما السابعة؟ قال: أن جعل لي مردّاً في حياة لا انقطاع لها، قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: أن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً، قال: صدقت، فما التاسعة؟ قال: أن سخّر لي سماءه وأرضه وما فيهما من خلقه، قال: صدقت، فما العاشرة؟ قال: أن جعلنا سبحانه ذُكراناً (قوّاماً على حلائلنا) لا اُناثاً، قال: صدقت، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله يا نبيّ الله فطابت وتلا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}(1)، فتبسّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: لتهنك الحكمة، ليهنك العلم يا أبا الحسن، فأنت وارث علمي والمبيّن لاُمّتي ما اختلفت فيه من بعدي، من أحبّك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممّن هدي إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هداك وأبغضك (وتخلاّك) لقي الله يوم القيامة لا خلاق له(2).

{إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ}(3)

1079/3 ـ أخرج ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: لم يعم على نبيّكم(صلى الله عليه وسلم) إلاّ الخمس من سرائر الغيب، هذه الآية في آخر لقمان إلى آخر السورة(4).

____________

1 ـ النحل: 18.

2- أمالي الطوسي، مجلس 17: 491 ح1077; البحار 70: 20.

3 ـ لقمان: 34.

4- تفسير السيوطي 5: 169.