الصفحة 198

الباب الثاني والثلاثون:

سورة الأحزاب

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}(1)

1080/1 ـ محمّد بن العباس، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريّا، عن أحمد بن محمّد بن يزيد، عن سهل بن عامر البجلّي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن جابر، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، عن محمّد بن الحنفية (رضي الله عنه) قال: قال علي (عليه السلام) : كنت عاهدت لله ورسوله أنا وعمّي حمزة وأخي جعفر وابن عمّي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله، فتقدّمني أصحابي وخلفت بعدهم لما أراد الله عزّ وجلّ، فأنزل الله سبحانه فينا: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} أنا المنتظر وما بدّلت تبديلا(2).

____________

1 ـ الأحزاب: 23.

2- تأويل الآيات الظاهرة: 442; تفسير البرهان 3: 301; البحار 35: 410.


الصفحة 199
1081/2 ـ سئل علي (عليه السلام) وهو على المنبر بالكوفة عن قوله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا }فقال: اللّهمّ غفراً هذه الآية نزلت فيّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحرث بن عبد المطّلب، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة قضى نحبه شهيداً يوم اُحد، وأمّا أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذه، وأشار بيده إلى لحيته ورأسه، عهد عهده إليّ حبيبي أبو القاسم (صلى الله عليه وآله) (1).

{إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}(2)

1082/3 ـ محمّد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن زكريّا، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) :

إنّ الله عزّ وجلّ فضّلنا أهل البيت، وكيف لا يكون كذلك والله عزّ وجلّ يقول في كتابه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فقد طهّرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فنحن على منهاج الحق(3).

1083/4 ـ عليّ بن الحسن بن محمّد، عن التلعكبري، عن عيسى بن موسى الهاشمي بسرّ من رأى، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه عليّ (عليه السلام) قال:

دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت اُمّ سلمة وقد نزلت عليه هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

____________

1- الصواعق المحرقة لابن حجر: 207.

2 ـ الأحزاب: 33.

3- تأويل الآيات الظاهرة: 450; البحار 25: 213.


الصفحة 200
يا علي هذه الآية نزلت فيك وفي سبطيّ والأئمة من ولدك، قلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟ قال: أنت يا علي ثمّ إبناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي إبنه، وبعد علي محمّد إبنه، وبعد محمّد جعفر إبنه، وبعد جعفر موسى إبنه، وبعد موسى علي إبنه، وبعد علي محمّد إبنه، وبعد محمّد علي إبنه، وبعد علي الحسن إبنه، وبعد الحسن إبنه الحجّة من ولد الحسن، هكذا وجدت أسماءهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله عزّ وجلّ عن ذلك، فقال: يا محمّد هم الأئمة بعدك مطهّرون معصومون، وأعداؤهم ملعونون(1).

{إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(2)

1084/5 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: فأمّا ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كتاب الله فهو قول الله سبحانه: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ} والباطن قوله: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} أي سلّموا لمن وصّاه واستخلفه عليكم فضله (وفضله عليكم) وما عهده به إليه تسليماً، وهذا ممّا أخبرتك أنّه لا يعلم تأويله إلاّ مَن لطف حسّه وصفا ذهنه وصحّ تميّزه(3).

1085/6 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في صحّته وسلامته: إنّما اُنزلت هذه الآية في الصلاة عليّ بعد قبض الله لي {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ}الآية(4).

____________

1- البحار 36: 336; اثبات الهداة 2: 538.

2 ـ الأحزاب: 56.

3- تفسير نور الثقلين 4: 305; الاحتجاج 1: 596 ح137.

4- تفسير الصافي 4: 202; الكافي 1: 451.


الصفحة 201

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا}(1)

1086/7 ـ الحاكم النيسابوري، حدّثنا عليّ بن حَمشاذ، ثنا محمّد بن شاذان الجوهري، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن علي (رضي الله عنه) في قوله عزّ وجلّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا} قال: صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان أشدّ حبّاً لنا منك وألين لنا منك، فآذوه في ذلك، فأمر الله الملائكة فحملته فمرّوا به على مجالس بني إسرائيل حتّى علموا بموته فدفنوه، ولم يعرف قبره إلاّ الرخم، وإنّ الله جعله أصمّ وأبكم(2).

{إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ}(3)

1087/8 ـ ابن شهر آشوب، عن مقاتل، عن محمّد بن الحنفية، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ} الآية، قال (عليه السلام) :

عرض الله أمانتي على السماوات السبع بالثواب والعقاب، فقلن ربّنا لا تحمّلنا بالثواب والعقاب لكنّنا نحملها بلا ثواب ولا عقاب، وإنّ الله عرض أمانتي وولايتي على الطيور، فأوّل من آمن بها البزاة البيض والقنابر (القبابر)، وأوّل من جحدها البوم والعنقاء، فلعنهما الله تعالى من بين الطيور، فأمّا البوم فلا تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطير لها، وأمّا العنقاء فغابت في البحار لا تُرى، وإنّ الله عرض أمانتي على الأرضين فكلّ بقعة آمنت بولايتي جعلها طيّبة زكيّة، وجعل نباتها وثمرها حلواً عذباً، وجعل ماءها زلالا، وكلّ بقعة جحدت أمانتي وأنكرت ولايتي جعلها

____________

1 ـ الأحزاب: 69.

2- مستدرك الحاكم 2: 579; تفسير الصافي 4: 205; كنز العمال 2: 481; ح4554.

3 ـ الأحزاب: 72.


الصفحة 202
سبخاً، وجعل نباتها مرّاً علقماً، وجعل ثمرها العوسج والحنظل، وجعل ماءها ملحاً اُجاجاً، ثمّ قال: {وَحَمَلَهَا الاِْنْسَانُ} يعني اُمّتك يا محمّد، ولاية أمير المؤمنين وإمامته بما فيها من الثواب والعقاب، {إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً} لنفسه جهولا لأمر ربّه، من لم يؤدّها بحقها فهو ظلوم غشوم(1).

1088/9 ـ الطبرسي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه لبعض الزنادقة، وقد قال:

وأجده يقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولا} فما هذه الأمانة، ومن هذا الإنسان؟ وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟ وأمّا الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب ولا تجوز أن تكون إلاّ في الأنبياء وأوصيائهم; لأنّ الله تبارك وتعالى إئتمنهم على خلقه وجعلهم حججاً في أرضه، فبالسامريّ ومن اجتمع معه وأعانه من الكفّار على عبادة العجل عند غيبة موسى (عليه السلام) ما تمّ انتحال مجلس موسى من الطعام، والاحتمال لتلك الأمانة التي لا ينبغي إلاّ لطاهر من الرجس فاحتمل وزرها ووزر من سلك سبيله من الظالمين وأعوانهم، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله) : من استنّ سنة حق كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن استنّ سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة(2).

____________

1- مناقب ابن شهر آشوب 2: 314 باب انقياد الحيوانات له (عليه السلام) ; تفسير البرهان 3: 342; البحار 23: 281.

2- تفسير نور الثقلين 4: 313; الاحتجاج، في احتجاجه على الزنديق: 574 ح137.


الصفحة 203

الباب الثالث والثلاثون:

سورة سبأ

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ}(1)

1089/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : من بسط يده بالمعروف إذا وجده، يخلف الله له ما أنفق في دنياه، ويضاعف له في آخرته(2).

1090/2 ـ عن علي [ (عليه السلام) ]: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إنّ لكلّ يوم نحساً فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة، ثمّ قال: اقرؤوا موضع الخلف فإنّي سمعت الله تعالى يقول: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ} وإذا لم تنفقوا كيف يخلف(3).

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة أَنْ تَقُومُوا للهِ}(4).

1091/3 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: إنّ الله جلّ ذكره أنزل عزائم الشرايع

____________

1 ـ سبأ: 39.

2- تفسير الصافي 4: 223; الكافي 2: 154.

3- كنز العمال 2: 483 ح4559.

4 ـ سبأ: 46.


الصفحة 204
وآيات الفرائض في أوقات مختلفة، كما خلق السماوات والأرض في ستّة أيام، ولو شاء أن يخلقها في أقلّ من لمح البصر لخلق، لكنّه جعل الأناة والمداراة مثالا لاُمنائه وإيجاباً للحجة على خلقه، فكان أوّل ما قيّدهم به الإقرار بالوحدانية والربوبية، والشهادة بأنّ لا إله إلاّ الله، فلما أقرّوا بذلك تلاه بالإقرار لنبيّه بالنبوّة والشهادة له بالرسالة، فلمّا انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثمّ الصوم ثمّ الحجّ ثمّ الجهاد ثمّ الزكاة، ثمّ الصدقات وما يجري مجراها من مال الفيء، فقال المنافقون: هل بقي لربّك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفرضه، فتذكره لتسكن أنفسنا إلى أنّه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة} يعني: الولاية، فأنزل الله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ}(1) الآية(2).

____________

1 ـ المائدة: 55.

2- الاحتجاج 1: 601 ح137; تفسير الصافي 4: 225.


الصفحة 205

الباب الرابع والثلاثون:

سورة فاطر

{وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلى بَلَد مَّيِّت}(1)

1092/1 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن العرزمي رفعه، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) وسئل عن السحاب أين يكون، قال:

يكون على شجرة على كثيب على شاطئ البحر تأوي إليه، فإذا أراد الله عزّوجلّ أن يرسله، أرسل ريحاً فأثارته، ووكّل به ملائكته يضربوه بالمخاريق وهو البرق فيرفع، ثمّ قرأ هذه الآية {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلى بَلَد مَّيِّت} الآية، والملك اسمه الرعد(2).

____________

1 ـ فاطر: 9.

2- الكافي 8: 218; تفسير البرهان 3: 358.


الصفحة 206

{إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ أَنْ تَزُولاَ}(1)

1093/2 ـ فرات، قال: حدّثني جعفر بن أحمد، معنعناً عن سلمان، عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام ذكره في علي (عليه السلام) ، فذكره سلمان لعلي (عليه السلام) فقال:

والله يا سلمان لقد حدّثني بما أخبرك به، ثمّ قال: يا علي والله لقد سمعت صوتاً من عند الرحمن لم يُسمع يا علي مثله قط، ممّا يذكرون من فضلك حتّى لقد رأيت السماوات تمور بأهلها، حتّى أنّ الملائكة ليتطلّبون إليّ من مخافة ما تجري به السماوات من المور، وهو قول الله عزّ ذكره: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِّنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} فما زالت إلاّ يومئذ تعظيماً لأمرك، حتّى سمعت الملائكة صوتاً من عند الرحمن: اسكتوا يا عبادي إنّ عبداً من عبيدي ألقيت عليه محبّتي وأكرمته بطاعتي، واصطفيته بكرامتي، فقالت الملائكة: الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن، فمن أكرم على الله منك، والله إنّ محمّداً وجميع أهل بيته لمشرّفون مبتشرون يباهون أهل السماء بفضلك، يقول محمّد (صلى الله عليه وآله) : الحمد لله الذي أنجز لي وعده في أخي وصفييّ وخالصتي من خلق الله، والله ما قمت قدّام ربّي قطّ إلاّ بشّرني بهذا الذي رأيت، وأنّ محمّداً لفي الوسيلة على منبر من نور يقول: الحمد لله الذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب ولا يمسّنا فيها لغوب، والله يا علي إنّ شيعتك ليؤذن لهم عليكم في الدخول في كلّ جمعة، وإنّهم لينظرون إليكم من منازلهم يوم الجمعة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجم في السماء، وإنّكم لفي أعلا عليّين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه، والله ما بلغها أحد غيركم، ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : والله لاُبارز الأرض الذي

____________

1 ـ فاطر: 41.


الصفحة 207
تسكن إليه، والله لا تزال الأرض ثابتة وكنت عليها، وإذا لم يكن لله في خلقه حاجة رفعني الله إليه، والله لو فقدتموني لمارت بأهلها موراً لا يردّهم إليها أبداً، الله الله أيّها الناس إيّاكم والنظر في أمر الله، والسلام على المؤمنين والحمد لله ربّ العالمين(1).

____________

1- تفسير فرات: 350 ح478; البحار 40: 62.


الصفحة 208

الباب الخامس والثلاثون:

سورة يس

{يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}(1)

1094/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد سأله بعض الزنادقة عن آي من القرآن، فكان فيما قال له (عليه السلام) : قوله {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} فسمّى الله النبيّ (صلى الله عليه وآله) بهذا الإسم حيث قال: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}(2).

1095/2 ـ محمّد بن العباس بن مروان المعروف بابن الجُحّام، قال: حدّثنا محمّد ابن القاسم، عن حسين بن حكم، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن عياش، عن سليم (سليمان) بن قيس، عن علي (عليه السلام) قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إسمه يس، ونحن الذين قال الله: {سَلاَمٌ عَلى آلِ يَاسِينَ}(3)(4).

____________

1- يس: 1-3.

2- تفسير البرهان 4: 3; الاحتجاج 1: 597 ح137.

3- الصافات: 130.

4- تأويل الآيات الظاهرة: 489; غاية المرام: 382; تفسير الحبري: 358.


الصفحة 209

{وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ـ إلى قوله ـ وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين}(1)

1096/3 ـ ذكر ابن عباس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أنا والله الإمام المبين، اُبيّن الحقّ من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).

1097/4 ـ عن عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض غزواته، فمررنا بواد مملوء نَملا، فقلت: يا أمير المؤمنين ترى يكون أحد من خلق الله يعلم كم عدد هذا النمل؟ قال: نعم يا عمّار أنا أعرف رجلا يعلم كم عدده وكم فيه ذكر وكم فيه اُنثى، فقلت: من ذلك يا مولاي الرجل؟ فقال: يا عمّار ما قرأت في سورة يس: {وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين} قلت بلى يا مولاي، قال: أنا ذلك الإمام المبين(3).

1098/5 ـ عن أبي ذر رضوان الله عليه، قال: كنت سائراً في أغراض أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ مررنا بواد ونمله كالسيل سار، فذهلت ممّا رأيت، فقلت: الله أكبر جلّ محصيه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تقل ذلك يا أبا ذر ولكن قل: جلّ باريه، فوالذي صوّرك إني احصي عددهم، وأعلم الذكر من الاُنثى بإذن الله عزّ وجلّ(4).

1099/6 ـ علي بن إبراهيم {وَكُلَّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين} ذكر ابن عباس، عن أمير المؤمنين أنّه قال: أنا والله الإمام المبين، اُبيّن الحق من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (5).

____________

1 ـ يس: 10-12.

2- تفسير البرهان 4: 5.

3- غاية المرام: 516، البحار 4: 176، تفسير البرهان 4: 7.

4- غاية المرام: 516، تفسير البرهان 4: 7، تأويل الظاهرة: 480.

5- تفسير القمي 2: 212; تفسير نور الثقلين 4: 379.


الصفحة 210

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(1)

1100/7 ـ قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لابنه محمّد بن الحنفية (رضي الله عنه): وقال الله عزّ وجلّ: {اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فأخبر عنها أنّها تشهد على صاحبها يوم القيامة(2).

1101/8 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، يقول فيه: وقوله: {اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فإنّ ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً، والكفر في هذه الآية البراءة، يقول: يتبرّأ (فيبرأ) بعضهم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}(3) وقول إبراهيم خليل الرحمن: {كَفَرْنَا بِكُمْ}(4) يعني: تبرّأنا منكم، ثمّ يجتمعون في مواطن اُخر فيستنطقون فيه، فيقولون: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}(5) وهؤلاء خاصّة هم المقرّون في دار الدنيا بالتوحيد، فلم ينفعهم إيمانهم مع مخالفتهم رسله، وشكّهم فيما أتوا به من ربّهم، ونقضهم عهوده في أوصيائه واستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذّبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله: {أُنْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ}(6) فيختم الله على أفواههم ويستنطق الأيدي

____________

1 ـ يس: 65.

2- تفسير نور الثقلين 4: 391; من لا يحضره الفقيه 2: 627 ح3215.

3 ـ إبراهيم: 22.

4 ـ الممتحنة: 4.

5 ـ الأنعام: 23.

6 ـ الأنعام: 24.


الصفحة 211
والأرجل والجلود، فتشهد بكلّ معصية كانت منه، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم، فيقولون لجلودهم: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْء}(1)(2).

____________

1- فصلت: 21.

2- الاحتجاج 1: 564 ح137; تفسير نور الثقلين 4: 392; البحار 7: 118; التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 260.


الصفحة 212

الباب السادس والثلاثون:

سورة الصافات

{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ}(1)

1102/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب من اشتبه عليه من الآيات، قال: ولقد أعلمتك أنّ ربّ شيء من كتاب الله تأويله على غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر، وسأُنبّؤك بطرف منه فيكفي إن شاء الله، من ذلك قول إبراهيم: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ} فذهابه إلى ربّه توجّهه إليه عبادةً واجتهاداً وقربةً إلى الله جلّ وعز، ألا ترى أنّ تأويله على غير تنزيله(2).

{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم}(3)

1103/2 ـ أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن عليّ (رضي الله عنه) في قوله:

____________

1 ـ الصافات: 99.

2- تفسير الصافي 4: 274; التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 266.

3 ـ الصافات: 107.


الصفحة 213
{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم} قال: كبش أبيض أعين أقرن، قد ربط بسمرة في أصل ثبير(1).

1104/3 ـ أخرج البخاري في تاريخه، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى(2).

{سَلاَمٌ عَلى آلِ يَاسِينَ}(3)

1105/4 ـ الصدوق، بإسناده إلى علي (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: {سَلاَمٌ عَلى آلِ يَاسِينَ} يس محمّد (صلى الله عليه وآله) ونحن آل يس(4).

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبُّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}(5)

1106/5 ـ روى الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) قال: من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليكن آخر كلامه {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبُّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(6)(7).

____________

1 و 2- تفسير السيوطي 5: 284.

3 ـ الصافات: 130.

4- تفسير نور الثقلين 4: 374; أمالي الصدوق، مجلس 72: 381; معاني الأخبار: 122.

5 ـ الصافات: 180.

6 ـ الصافات: 180-182.

7- تفسير مجمع البيان 4: 463.


الصفحة 214

الباب السابع والثلاثون:

سورة ص

{وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}(1)

1107/1 ـ ابن بابويه، عن أبيه، قال: حدّثنا سعد بن عبد الله، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إبراهيم بن ميمون، عن مصعب، عن سعد، عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} قال: نصيبهم من العذاب(2).

{قُلْ هُوَ نَبَؤٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ}(3)

1108/2 ـ محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير أو غيره، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

____________

1 ـ ص: 16.

2- معاني الأخبار، باب معنى الكواشف: 225; تفسير البرهان 4: 42.

3 ـ ص: 67-68.


الصفحة 215
قلت له: جعلت فداك إنّ الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ}(1) قال: ذلك لي إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم اُخبرهم لكن اُخبرك بتفسيرها، قلت: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} قال: فقال: هي في أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: ما لله آيةٌ هي أكبر منّي، ولا لله نبأ أعظم منّي(2).

____________

1 ـ النبأ: 1-2.

2- الكافي 1: 207; تفسير البرهان 4: 63.


الصفحة 216

الباب الثامن والثلاثون:

سورة الزمر

{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الاَْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج}(1)

1109/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: قال: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الاَْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج} فإنزاله ذلك خلقه إيّاه(2).

{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا}(3)

1110/2 ـ محمّد بن الحسن، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى محمّد بن أبي بكر وأهل مصر، قال (عليه السلام) : قد قال الله تعالى: {يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى

____________

1 ـ الزمر: 6.

2- تفسير نور الثقلين 4: 476; الاحتجاج 1: 588 ح137.

3 ـ الزمر: 10.


الصفحة 217
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب} فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم في الآخرة(1).

{لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ}(2)

1111/3 ـ عليّ بن إبراهيم قوله: {لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} الآية، فإنّه حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن إسحاق، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تفسير هذه الآية فقال: لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك الغرف بناها الله لأوليائه بالدرّ والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب على كلّ باب منها ملك موكّل به، وفيها فرش مرفوعة، الحديث(3).

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانَ مَثَلا}(4)

1112/4 ـ الصدوق، بإسناده عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم، أنا السَلَم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول الله عزّ وجلّ: {وَرَجُلا سَلَماً لِرَجُل}(5).

1113/5 ـ روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني، بالإسناد عن علي (عليه السلام) أنّه قال: أنا ذلك الرجل السَلَم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (6).

____________

1- أمالي الطوسي، المجلس الأوّل: 26 ح31; تفسير البرهان 4: 71.

2 ـ الزمر: 20.

3- تفسير القمي 2: 246; تفسير نور الثقلين 5: 217.

4 ـ الزمر: 29.

5- تفسير نور الثقلين 4: 485; معاني الأخبار: 60، البحار 24: 163، تفسير البرهان 4: 75.

6- تفسير نور الثقلين 4: 485; مجمع البيان 4: 497.