{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}(1)
1114/6 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمّا نزلت هذه الآية: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} قلت: يا ربّ أتموت الخلائق كلّهم ويبقى الأنبياء؟ فنزلت {كُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(2)(3).
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ}(4)
1115/7 ـ الطوسي، بالإسناد عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله عزّ وجلّ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} قال (عليه السلام) : الصدق ولايتنا أهل البيت(5).
{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا}(6)
1116/8 ـ عن ابن سيرين، قال: قال علي [ (عليه السلام) ]: أيّ آية أوسع؟ فجعلوا يذكرون آيات القرآن {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ}(7) الآية ونحوها، فقال علي: ما في القرآن آية أوسع من {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا }
____________
1 ـ الزمر: 30.
2 ـ العنكبوت: 57.
3- كنز العمال 2: 491 ح4578.
4 ـ الزمر: 32.
5- أمالي الطوسي، مجلس 23: 264; كشف الغمة، في ذكر مناقبه وفضائله (عليه السلام) : 119; البحار 24: 37.
6 ـ الزمر: 53.
7 ـ النساء: 110.
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}(2)
1117/9 ـ الصدوق، فيما علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه: نحن الخزّان لدين الله، ونحن مصابيح العلم، إذا مضى منّا عَلَمٌ بدا عَلَم، لا يضلّ من تبعنا ولا يهتدي من أنكرنا، ولا ينجو من أعان علينا عدوّنا، ولا يعان من أسلمنا، فلا تتخلّفوا عنّا لطمع دنياً وحطام زائل عنكم وتزولون عنه، فإنّ من آثر الدنيا على الآخرة واختارها علينا، عظمت حسرته غداً وذلك قول الله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}(3).
1118/10 ـ الصدوق، بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : أنا الهادي وأنا المهدي، وأنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل، وأنا ملجأ كلّ ضعيف، ومأمن كلّ خائف، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنّة، وأنا حبل الله المتين، وأنا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده، وأنا جنب الله الذي يقول: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ} وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة، وأنا باب حطّة، من عرفني وعرف حقّي فقد عرف ربّه; لأنّي وصيّ نبيّه في أرضه وحجّته على خلقه لا ينكر هذا إلاّ رادّ على الله ورسوله(4).
____________
1- كنز العمال 2: 492 ح4581.
2 ـ الزمر: 56.
3- الخصال، حديث الأربعمائة: 631; تفسير نور الثقلين 4: 494.
4- التوحيد، باب معنى جنب الله: 164; تفسير نور الثقلين 4: 494.
1120/12 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل، وفيه: وقد زاد جلّ ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه (عليهم السلام): {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} تعريفاً للخليقة قربهم، ألا ترى أنّك تقول: فلان إلى جنب فلان إذا أردت أن تصف قربه منه، وإنّما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدّلون من إسقاط أسماء حججه منه، وتلبيسهم ذلك على الاُمّة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على ما أحدثوه فيه(2).
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً}(3)
1121/13 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً }حتّى إذا جاؤوها وجدوا عند باب الجنّة شجرة تخرج من أصلها عينان، فعمدوا إلى إحداهما فكأنّما اُمروا بها فاغتسلوا ـ وفي رواية فتوضّوا بها ـ فلا تشعث رؤوسهم بعد ذلك أبداً، ولا تغيّر جلودهم أبداً، فكأنّما اُدهنوا بالدهان، وجرت عليهم نضرة النعيم، ثمّ عمدوا إلى الاُخرى فشربوا منها فطهرت أجوافهم فلا يبقى في بطونهم قذى ولا أذى ولا سوء إلاّ خرج، وتتلقّاهم الملائكة على باب الجنّة (سلام عليكم
____________
1- الكافي 1: 145; تفسير نور الثقلين 4: 494.
2- الاحتجاج 1: 595 ح137; تفسير نور الثقلين 4: 495.
3 ـ الزمر: 73.
____________
1 ـ الأعراف: 43.
2- كنز العمال 14: 646 ح39774.
الباب التاسع والثلاثون:
سورة غافر
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}(1)
1122/1 ـ محمّد بن العباس، أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، رفعه إلى الأصبغ ابن نباتة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنزل عليه فضلي من السماء وهي هذه الآية {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} وما في الأرض يومئذ مؤمن غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا(2).
1123/2 ـ محمّد بن العباس، عن علي بن عبد الله بن أسد، بإسناده إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام) : لقد مكثت الملائكة سبع سنين وأشهراً لا يستغفرون إلاّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولي، وفينا نزلت هذه الآيات {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} إلى قوله تعالى: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ
____________
1 ـ غافر: 7.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 515; البحار 24: 208.
{اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلٌّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْم الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}(3)
1124/3 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث تفسير الحروف قال: والميم ملك الله يوم لا ملك غيره، ويقول الله عزّ وجلّ: لمن الملك اليوم، ثمّ تنطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه، فيقولون: لله الواحد القهّار، فيقول الله جلّ جلاله: {اَلْيَوْمَ تُجْزى }الآية(4).
{فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب}(5)
1125/4 ـ حديث طويل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، يقول فيه: وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: وأمّا قوله عزّ وجلّ: {فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب} فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قال الله عزّ وجلّ: لقد حقّت كرامتي ـ أو قال: مودّتي ـ لمن يراقبني ويتحابّ بجلالي، إنّ وجوههم يوم القيامة من نور على منابر من نور، عليهم ثياب خضر، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ليسوا أنبياء ولا شهداء ولكنّهم تحابّوا بجلال الله، ويدخلون الجنّة بغير حساب نسأل الله أن يجعلنا
____________
1 ـ غافر: 8.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 515; البحار 24: 209.
3 ـ غافر: 17.
4- التوحيد، باب تفسير حروف المعجم: 234; تفسير الصافي 4: 337.
5 ـ غافر: 40.
{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}(2)
1126/5 ـ قال الصادق (عليه السلام) : المفوّض أمره إلى الله في راحة الأبد والعيش الدائم الرغد، والمفوّض حقّاً هو العالي عن كلّ همَّة دون الله تعالى، كما قال أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: رضيت بما قسم الله لي، وفوّضت أمري إلى خالقي، كما أحسن الله ممّا مضى كذلك يحسن فيما بقي، وقال الله عزّ وجلّ في المؤمن من آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ}.
والتفويض خمسة أحرف (تفوىض) لكلّ حرف منها حكم: فمن أتى بأحكامه فقد أتى به، و (التاء) من تركه التدبير في الدنيا، و (الفاء) من فناء كلّ هّمة غير الله تعالى، و (الواو) من وفاء العهد وتصديق الوعد، و (الياء) اليأس من نفسك واليقين من ربّك، و (الضاد) من الضمير الصافي لله والضرورة إليه، والمفوّض لا يصبح إلاّ سالماً من جميع الآفات ولا يمسي إلاّ معافاً بدينه(3).
{وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}(4)
1127/6 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} قال: بعث الله عبداً حبشياً نبيّاً، فهو ممّن لم يقصص على محمّد(5).
____________
1- التوحيد، باب الرد على الثنويه: 268، تفسير نور الثقلين 4: 520.
2 ـ غافر 44-45.
3- تفسير نور الثقلين 4: 520; مصباح الشريعة: 175.
4 ـ غافر: 78.
5- كنز العمال 2: 494 ح4584.
الباب الاربعون:
سورة فصلت
{رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا}(1)
1128/1 ـ الحاكم النيسابوري، حدّثنا عليّ بن محمّد القرشي، ثنا الحسن بن علي، ثنا مصعب بن المقدام، ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مالك بن حصين، عن أبيه، عن علي (رضي الله عنه) في قوله تعالى: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} قال: إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه(2).
____________
1 ـ فصلت: 29.
2- مستدرك الحاكم 2: 312; كنز العمال 2: 496 ح4588.
الباب الحادي والاربعون:
سورة الشورى
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرَثَ الاْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}(1)
1129/1 ـ أخرج ابن أبي الدنيا، وابن عساكر، عن علي (رضي الله عنه) قال: الحرث حرثان: فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة الباقيات الصالحات(2).
{قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}(3)
1130/2 ـ عبيد بن كثير، عن الحسين بن نصر، عن أيّوب بن سليمان الفزاري، عن أيّوب بن عليّ بن الحسين بن السمط، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لمّا نزلت {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} قال جبرئيل: يا محمّد إنّ لكلّ دين أصلا ودعامةً وفرعاً وبنياناً،
____________
1 ـ الشورى: 20.
2- تفسير السيوطي 6: 5.
3 ـ الشورى: 23.
1131/3 ـ عن زاذان، عن عليّ (عليه السلام) قال: فينا في آل حم آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كل مؤمن، ثمّ قرأ هذه الآية(2).
{وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الاَْرْضِ}(3)
1132/4 ـ أخرج الحاكم وصحّحه، والبيهقي، عن علي (رضي الله عنه) قال: إنّما اُنزلت هذه في أصحاب الصُفّة {وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الاَْرْضِ} وذلك أنّهم قالوا: لو أنّ لنا فتمنّوا الدنيا(4).
{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبَِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير}(5)
1133/5 ـ عن علي (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : خير آية في كتاب الله هذه الآية، يا علي ما من خدش عود ولا نكبة قدم إلاّ بذنب، وما عفا الله عنه في الدنيا فهو أكرم من أن يعود فيه، وما عاقب عليه في الدنيا فهو أعدل من أن يثني على عبده(6).
1134/6 ـ عن علي [ (عليه السلام) ] قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرأ آية ثمّ فسّرها، وما أحبّ أنّ لي بها الدنيا وما فيها
____________
1- البحار 23: 247; تفسير فرات: 397 ح528.
2- تفسير مجمع البيان 5: 29; الصواعق المحرقة لابن حجر: 259 وفي ص136 منه أيضاً.
3 ـ الشورى: 27.
4- تفسير السيوطي 6: 8.
5 ـ الشورى: 30.
6- تفسير مجمع البيان 5: 31.
1135/7 ـ أحمد، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري، أنبأنا الأزهر بن راشد الكاهلي، عن الخضر بن القوّاس، عن أبي مُخيلة، قال علي (رضي الله عنه):
ألا اُخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى، وحدّثنا بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبَِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير} وساُفسّرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله تعالى أكرم من أن يُثنّي عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا، فالله تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه(2).
1136/8 ـ عن أبي سخلة، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه): أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قرأ هذه الآية وقال: ما عفا الله عنه فهو أعزّ وأكرم من أن يعود إليه في الآخرة، وما عاقب عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يعيد العذاب عليه في الآخرة(3).
{وَمَا كَانَ لِبَشَر أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب}(4)
1137/9 ـ حديث طويل عن علي (عليه السلام) ، يقول فيه وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: فأمّا قوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَر أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب }ما ينبغي لبشر أن يكلّمه الله إلاّ وحياً، وليس بكائن إلاّ من وراء حجاب أو يرسل
____________
1- كنز العمال 2: 497 ح4590.
2- مسند أحمد 1: 85; تفسير السيوطي 6: 9.
3- تفسير الرازي 27: 173.
4 ـ الشورى: 51.
____________
1- التوحيد، باب الردّ على الثنوية: 264; تفسير نور الثقلين 4: 588.
الباب الثاني والاربعون:
سورة الزخرف
{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضُ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(1)
1138/1 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : من تصدّى بالإثم أعشى عن ذكر الله تعالى، ومن ترك الأخذ عمّن أمره الله بطاعته قُيِّضَ له شيطان فهو له قرين(2).
{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}(3)
1139/2 ـ أخرج ابن مردويه، عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي، قال: قرأ عليّ ابن أبي طالب (رضي الله عنه) هذه الآية {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} قال: ذهب نبيّه(صلى الله عليه وسلم)وبقيت نقمته في عدوّه(4).
____________
1 ـ الزخرف: 36.
2- تفسير الصافي 4: 391; الخصال، حديث الأربعمائة: 624.
3 ـ الزخرف: 41.
4- تفسير السيوطي 6: 18.
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}(1)
1140/3 ـ محمّد بن العباس بن مروان المعروف بابن الجُحّام، حدّثنا محمّد بن القاسم، عن حسين بن حكم، عن حسين بن نصر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام) قال: قوله عزّ وجلّ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} فنحن قومه، ونحن المسؤولون(2).
1141/4 ـ محمّد بن العباس، قال: حدّثني محمّد بن القاسم، عن حسين بن نظر، عن أبيه، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي (عليه السلام) قال: قوله عزّوجلّ: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} قال: إيّانا عنى، ونحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون(3).
1142/5 ـ أخرج ابن عدي، وابن مردويه، عن علي، وابن عباس، قالا: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرض نفسه على القبائل بمكة ويعدهم الظهور، فإذا قالوا: لمن الملك بعدك أمسك فلم يجبهم بشيء; لأنّه لم يؤمر في ذلك بشيء، حتّى نزلت {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} فكان بعدُ إذا سئل قال: لقريش فلا يجيبوه حتّى قبلته الأنصار على ذلك(4).
{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}(5)
1143/6 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث: وأمّا قوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ
____________
1 ـ الزخرف: 44.
2- تفسير الحبري: 364; تأويل الآيات: 545; غاية المرام: 385; بشارة المصطفى: 194; البحار 23: 186; مستدرك الوسائل 17: 269 ح2130; كنز الفوائد: 292.
3- تفسير البرهان 4: 146.
4- تفسير السيوطي 6: 18.
5 ـ الزخرف: 45.
{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}(2)
1144/7 ـ فرات، قال: حدّثني سعيد بن الحسين بن مالك، قال: حدّثنا الحسن ـ يعني ابن عبد الواحد ـ، قال: حدّثنا الحسن، عن يحيى بن أبي يعلى، عن الصباح بن يحيى، عن الحارث بن حضيرة، عن ربيعة بن ناجد، قال: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول: فيَّ نزلت هذه الآية {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}(3).
1145/8 ـ فرات، قال: حدّثنا الحسين بن أحمد بن يوسف، قال: حدّثني يوسف ابن عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي (عليه السلام) قال:
جئت إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو في ملأ من قريش، فنظر إليّ ثمّ قال: يا علي إنّما مثلك في هذه الاُمّة كمثل عيسى بن مريم أحبّه قوم فأفرطوا، وأبغضه قوم فأفرطوا،
____________
1- الاحتجاج1: 584 ح137; تفسير الصافي 4: 393; اثبات الهداة 2: 49; تفسير نور الثقلين 4: 607.
2 ـ الزخرف: 57.
3- تفسير فرات: 403 ح538; كنز العمال 2: 501 ح4597.
1146/9 ـ فرات، قال: حدّثنا أحمد بن قاسم، قال: أخبرنا عبادة ـ يعني ابن زياد ـ قال: حدّثنا محمّد بن كثير، عن الحارث بن حضيرة، عن أبي الصادق، عن ربيعة ابن ناجذ، عن علي (عليه السلام) قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي إنّ فيك مثل من عيسى بن مريم، إنّ اليهود أبغضوه حتّى بهتوا، وإنّ النصارى أحبّوه حتّى جعلوه إلهاً، ويهلك فيك رجلان محبّ مفرط، ومبغض مُفتر، قال المنافقون: ما يألوا ما رفع بضبع ابن عمّه، جعله مثلا لعيسى بن مريم، وكيف يكون هذا، وضجّوا ما قالوا: فأنزل الله {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}(2).
{الاَْخِلاّءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}(3)
1147/10 ـ أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وحميد بن زنجويه في (ترغيبه)، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في (شعب الإيمان)، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في قوله: {الاَْخِلاّءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} قال: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، توفّي أحد المؤمنين فبشّر بالجنّة، فذكر خليله، فقال: اللّهمّ إنّ خليلي فلاناً كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشرّ، وينبؤني أنّي ملاقيك، اللّهمّ فلا تضلّه بعدي حتّى تريه ما أريتني
____________
1- تفسير فرات: 403 ح539; تفسير البرهان 4: 152; تفسير الصافي 4: 396; البحار 9: 151; كنز العمال 2: 500 ح4596.
2- تفسير فرات: 404 ح540; البحار 35: 322.
3 ـ الزخرف: 67.
وإذا مات أحد الكافرين بشّر بالنار، فيذكر خليله، فيقول: اللّهمّ إنّ خليلي فلاناً كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير وينبؤني أنّي غير ملاقيك، اللّهمّ فلا تَهدِهِ بعدي حتّى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت عليّ، فيموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيُقال: ليثنِ كلّ واحد منكما على صاحبه، فيقول كلّ واحد منهما لصاحبه: بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل(1).
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلهٌ وَفِي الاَْرْضِ إِلهٌ}(2)
1148/11 ـ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه: وقوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلهٌ وَفِي الاَْرْضِ إِلهٌ} وقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَـمَا كُنْتُمْ}(3) وقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}(4) فإنّما أراد بذلك استيلاء اُمنائه بالقدرة التي ركّبها فيهم على جميع خلقه وإنّ فعلهم فعله(5).
____________
1- تفسير السيوطي 6: 21.
2 ـ الزخرف: 84.
3 ـ الحديد: 4.
4 ـ المجادلة: 7.
5- الاحتجاج 1: 589 ح137; تفسير نور الثقلين 5: 258; تفسير الصافي 4: 401.